جون كيري.. أمام «لحظة الحقيقة»

استمر مثل «وزير خارجية ظل» في مجلس الشيوخ لأعوام طويلة.. فهل يخرج إلى العلن؟

TT

يبدو على نحو كبير أن يعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، ترشيح السيناتور جون كيري لمنصب وزير الخارجية، ربما في وقت مبكر، من الأسبوع المقبل، وفق ما كشفته وسائل إعلام أميركية يوم الاثنين.

وإذا صدقت التوقعات فإن كيري 69 عاما، عضو مجلس الشيوخ من ولاية ماساتشوستس، ومرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة عام 2004، لن يكون غريبا على الموقع، فخبرته الطويلة ومهاراته في بناء علاقات جيدة مع رؤساء الدول، الذين قابل عددا كبيرا منهم على مر الأعوام، بحكم رئاسته للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ستعينه كثيرا في مهمته. كما أنه سينضم إلى إدارة كان هو أحد راسمي استراتيجيات سياستها الخارجية بالفعل، وله يد طولى في التعامل مع الشرق الأوسط، المضرب، وإيران التي تقترب بشدة من الحصول على قدرات نووية.

ويجيء الترشيح بعد قرار السفيرة في الأمم المتحدة، سوزان رايس، سحب ترشيحها لهذا المنصب، والذي أعلنته على مضض لأنها كانت، تريد الوزارة بعد أن كانت مساعدة وزيرة قبل 10 سنوات تقريبا، في إدارة الرئيس بيل كلينتون، وسفيرة في الأمم المتحدة لأربع سنوات منذ بداية رئاسة أوباما.

ويحقق التعيين بالنسبة لكيري طموحا يعود إلى سنوات سابقة، فقد ظل يرشح لمنصب وزير الخارجية منذ 20 عاما، دون أن يحوز على المنصب، كان آخرها عندما انتخب أوباما للمرة الأولى في عام 2008، حيث قاد حينذاك الجهود للتصديق على معاهدة الحد من السلاح وأجرى سلسلة من المهمات الهادئة نيابة عن الرئيس وتحديدا أثناء الأزمة مع أفغانستان وباكستان. لكنه يبدو الآن أمام «لحظة الحقيقة»، فالمنصب يبدو قاب قوسين أو أدنى.

ويؤكد زملاء كيري في مجلس الشيوخ أنه سيتجاوز لجنة التصديق بالمجلس. وقد بدأ السيناتور جون ماكين، الجمهوري عن ولاية أريزونا، في المزاح مع كيري بدعوته «سيادة الوزير». وكلا الرجلين كان ممن شاركوا في حرب فيتنام وعملا سويا في ظل إدارة بيل كلينتون مع غطاء سياسي لمنح الاعتراف الدبلوماسي لفيتنام. وقال ماكين عن كيري مؤخرا إنه من المتوقع أن يفوز بعدد كبير من أصوات الجمهوريين في التصديق على تعيينه.

ورغم أن الافتراضات كلها ترجح كفة كيري لمنصب الخارجية، لكن مسؤولي البيت الأبيض قالوا: إن الأمر لم يحسم كلية لأن القائمة التي تتم دراستها في الوقت الراهن، تضم آخرين مهمين.

ويبين سجل كيري تركيزا واضحا على السياسة الخارجية، وربما هو أكثر عضو في مجلس الشيوخ تخصصا فيها. ويشبهه في جانب الجمهوريين السيناتور رتشارد لوغار، الذي كان لسنوات أيضا رئيسا للجنة العلاقات الخارجية. وإذا اشتهر لوغار بالاعتدال وسط الجمهوريين، فإن كيري اشتهر أيضا بالاعتدال وسط الديمقراطيين، خاصة في قضايا الشرق الأوسط، والحرب ضد الإرهاب، وتأييد إسرائيل، ومعاداة إيران.

في سنة 2009. بعد أن صار أوباما رئيسا، وبعد أن اختار هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، وبعد أن أعلن أنه يريد تحسين العلاقات مع العالم الإسلامي، ظهر اسم كيري ليكون حلقة الوصل مع إيران، بصورة خاصة، ومع العالم الإسلامي، بصورة عامة. وذلك لأن كلينتون، السيناتور من نيويورك (حيث معقل الجالية اليهودية) لم تكن تريد أن تظهر على رأس حملة التصالح مع العالم الإسلامي، وهي الحملة التي أعلن أصدقاء إسرائيل، منذ البداية، أنهم يعارضونها.

في السنة التالية، نشرت تقارير بأن أوباما سيوفد كيري إلى إيران. لكن، بسبب انتقادات مسبقة، وبسبب تصريحات فسرت بأنها مجرد «بالونة اختبار»، لم يذهب.

صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت: إن كيري سيزور إيران. لكنها لم تحصل على تأكيد منه. ثم جاء تلفزيون «فوكس» وقال: إن كيري «إذا ذهب، سيكون أعلى مسؤول أميركي يزور إيران منذ ثورة 1979». ثم قال مسؤول في البيت الأبيض «تناسب هذه الزيارة ما يمكن أن يقوم به رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ (كيري)». وأضاف المصدر: «هذه زيارة بمبادرة من كيري، وليس للبيت الأبيض صلة بها».

في ذلك الوقت، قالت مصادر إخبارية أميركية إن الرئيس أوباما لا يريد أن يتورط في تأييد الزيارة تأييدا مباشرا. وذلك خوفا من زيادة حملة قادة الحزب الجمهوري ضده بأنه يتساهل مع حكومة إيران. وفي نفس الوقت، لا يريد أوباما أن يقفل الباب أمام اتصالات دبلوماسية مع إيران، خاصة مع نهاية الفترة التي كان حددها أوباما لقبول ردود إيجابية على مبادراته التي بدأت بعد شهور قليلة من دخوله البيت الأبيض.

وفي النهاية، تراجع أوباما، ليس فقط عن اليد التي مدها ليصافح الإيرانيين، ولكن، أيضا، عن اليد التي مدها ليصافح كل العالم الإسلامي، وذلك بسبب ضغوط أصدقاء إسرائيل، وبسبب فشله في إيقاف بناء إسرائيل لمستوطنات في القدس والضفة الغربية.

والآن، وبعد الأخبار التي قالت: إن أوباما سيختار كيري وزيرا للخارجية، عاد موضوع تحسين العلاقات مع إيران (وأيضا، مع بقية العالم الإسلامي). ومرة أخرى، هب أصدقاء إسرائيل. يوم الاثنين، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية على لسان مسؤول إسرائيلي كبير قوله «صحيح أن كيري يعتبر صديقا لإسرائيل، لكنه ليس كغيره من الأميركيين الذين يظهرون مواقفهم الداعمة مع إسرائيل في مجلس الشيوخ، علنا وبصورة مباشرة ومتكررة». وأضاف المسؤول إن مواقف كيري من القضية الفلسطينية «واضحة»، أي أنها ضد السياسة الإسرائيلية. وأن انتقادات كيري للمستوطنات اليهودية في القدس والضفة الغربية «حادة جدا».

وقالت مصادر أميركية إن سبب القلق الإسرائيلي هو أن تكون أولى خطوات كيري في المنطقة دعم القضية الفلسطينية. وأن إسرائيل، وأصدقائها في الكونغرس، يتوقعون أن يسعى كيري لتحريك «عملية السلام» التي ظلت شبه مجمدة، وذلك بممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل.

غير أن كيري ليس جديدا على إسرائيل، ولا يمكن اعتباره عدوا لها. وكان زارها كثيرة. رغم أنه، خلال لقاءاته مع قادتها السياسيين والأمنيين لم يخف انتقادات لسياسة تشجيع الاستيطان، وخاصة سياسة الحكومة الحالية ورئيسها بنيامين نتنياهو. وخلال زيارة نتنياهو لواشنطن عام 2009. تعرض لهجوم شديد من كيري سبب له الإحراج، وذلك على خلفية مشاريع البناء الاستيطاني.

ليس سرا أن كيري معتدل أيضا في موضوع أفغانستان. لا يريد انسحابا أميركيا من أفغانستان يتركها في أيدي طالبان، لكنه ليس متحمسا للرئيس الأفغاني حميد كرزاي. وكان كيري قال، في العام الماضي في مقابلة في تلفزيون «سي إن إن»: «مشكلة أفغانستان أكثرها عن عدم وجود حكومة فعالة، وأقلها عن قدرة القوات الأميركية على تحقيق انتصارات حاسمة ضد طالبان».

وفي العام الماضي أيضا، قال كيري، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»: «ركز كل محلل ومعلق على حقيقة أن أكثر من عامل يساعد حركة طالبان هو فساد حكومة أفغانستان. أكثر من أي شيء آخر، أنا أعتبر أن حكومة أفغانستان هي المشكلة».

وفي افتتاحية عن الموضوع في ذلك الوقت، ركزت «واشنطن بوست» على آراء كيري. وقالت: إنه يهتم كثيرا بأفغانستان، وزارها مرات كثيرة. وربما هو أكثر مسؤول أميركي في واشنطن قابل الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.

وفي بداية هذه السنة، في مقابلة مع تلفزيون «إي بي سي»، حذر كيري بأن «الكونغرس صار يزيد قلقا على مصداقية حكومة الرئيس كرزاي». وأضاف: «نريد أن يكون كرزاي مصلحا حقيقيا. لكننا، في الوقت الحالي، لا نراه هكذا. ويجب أن نكون قلقين على ذلك».

في عام 2009. كان كيري قام بدور رئيسي في إزالة الغموض حول انتخابات الرئاسة التي لم يفز فيها كرزاي في المرة الأولى. ثم اتهم كرزاي دولا غربية بأنها تريد التخلص منه. وأيضا، قام كيري بدور رئيسي في إقناع قادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس بقبول قرار الرئيس باراك أوباما، في نفس العام، بإرسال مزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان.

خلال حملة العداء من جانب الجمهوريين للسفيرة رايس، لم يخفوا أنهم يرفضونها، لكنهم يؤيدون كيري وزيرا للخارجية. واعتبروه «واحدا منا»، كما قال واحد منهم. لهذا، لا يوجد شك في أن أوباما، إذا رشح كيري، لن يجد غير التأييد من جانب الجمهوريين. وقالت مصادر إخبارية أميركية إن تأييد الجمهوريين لكيري جزء من صفقات مع الرئيس أوباما. أولا: يسحب أوباما ترشيح رايس، لكي يؤيد الجمهوريون كيري. ثانيا: يقدم أوباما تنازلات، ويقدم الجمهوريون تنازلات، في محادثات مواجهة «حافة الهاوية الاقتصادية» (احتمال هزة في الاقتصاد الأميركي إذا لم يتفق أوباما والجمهوريون مع بداية العام الجديد).

ثالثا: يخفف الجمهوريون الحملة ضد أوباما (وضد هيلاري كلينتون) في موضوع الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي مقابل اعتراف أوباما (وكلينتون) بالتقصير، ومقابل عدم تحميل أوباما (وكلينتون) مسؤولية شخصية.

وقالت المصادر الإخبارية الأميركية إنها ليست صدفة أن صدر، يوم الأربعاء، تقرير اللجنة المستقلة حول الهجوم على بنغازي. انتقد التقرير الخارجية، من دون أن ينتقد وزيرة الخارجية. وأشار إلى «قصور جسيم» في الإجراءات الأمنية لحماية القنصلية والدبلوماسيين الأميركيين في ليبيا. ولم تكن صدفة أن اللجنة المستقلة أرسلت نسخة من التقرير إلى كلينتون للمراجعة، وأيضا إلى أعضاء وموظفي اللجان في الكونغرس التي تشرف على وزارة الخارجية، وعلى ميزانيتها. ولم يحدد التقرير اسم أي من الموظفين أو الدبلوماسيين بأنه تجاهل واجباته. ويوضح هذا أن التقرير لن يكن سببا في إجراءات وعقوبات على أحد، وبالتالي، لن يحمل وزيرة الخارجية، أو رسميين كبارا، مسؤولية ما حدث.

غير أن التقرير أشار إلى سفارات وأقسام، من دون الإشارة إلى أسماء. ومنها الإشارة إلى مكتب الأمن الدبلوماسي، وقسم الشرق الأدنى في الوزارة. واستنتج بأن «هناك إخفاقات نظامية في القيادة، وعدم كفاءة في الإدارة في المستويات العليا داخل مكتبين في وزارة الخارجية مما أدى إلى نقص الترتيبات الأمنية في قسم المهمات الخاصة، والتي لم تكن كافية بالنسبة لبنغازي. ولم تكن قادرة على التعامل مع الهجوم الذي وقع في القنصلية».

ماذا يعني هذا بالنسبة لكيري؟ يعني أنه سيصير وزيرا للخارجية بعد نهاية مشكلة الهجوم على القنصلية. وكجزء من صفقات اشترك في وضعها مع قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس.

في عام 1943. ولد كيري في ايرورا (ولاية كولورادو) في أحد مستشفيات المدينة بينما كان والده، ريتشارد كيري، تطوع في السلاح الجوي الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية. وبعد مولد الطفل، عادت العائلة إلى مسقط رأس العائلة في ولاية ماساتشوستس. وفي الولاية، درس المراحل الأولية. ثم ذهب إلى جامعة ييل (ولاية كونيتيكت) حيث درس العلوم السياسية.

وفي سنة 1968، في قمة التدخل العسكري الأميركي في فيتنام، جاء دوره للاشتراك في الحرب. وعمل قائد فرقة بحرية تستعمل زورق «سويفت»، وتجوب نهر ميكونغ تبحث عن الثوار الفيتناميين. وأبلى بلاء حسنا في فيتنام، وحصل على ميداليتين، فضية وبرونزية، وثلاثة أوسمة «بيريل هارتز» (قلوب بنفسجية)، كدليل على شجاعته.

لكنه، بعد نهاية فترة عمله العسكري الإجباري، وبعد أن رفض تمديد فترته، عاد إلى الولايات المتحدة، وصار من قادة معارضة التدخل العسكري الأميركي في فيتنام. وكتب مرة بأن الحكومة الأميركية يجب أن تحاكم بتهمة «جرائم الحرب» في فيتنام.

ثم عاد للدراسة في جامعة بوسطن (ولاية ماساتشوستس) حيث درس القانون. ثم عمل مساعدا للمدعي العام لمقاطعة في نفس الولاية (من عام 1977 إلى عام 1979). ثم عمل محاميا في بوسطن (من عام 1979 إلى عام 1982).

ثم قرر دخول الميدان السياسي. وبعد مناصب محلية في بوسطن، صار نائب حاكم ولاية ماساتشوستس عام 1983. وانتخب في مجلس الشيوخ لأول مرة عام 1984. وأعيد انتخابه عام 1990. ثم عام 1996. ثم عام 2002، ثم عام 2008.

في عام 1992، بعد أن فاز كلينتون بالرئاسة الأولى، ظهر اسم السيناتور كيري من المرشحين ليصير وزيرا للخارجية. لكن، كان الاسم الأقوى هو وارين كريستوفر، الذي قاد حملة كلينتون الانتخابية، وطبعا، كسب المنصب.

وفي عام 1996، مع بداية رئاسة كلينتون الثانية، ظهر اسم كيري مرة أخرى من المرشحين ليصير وزيرا للخارجية، وهذه المرة فضل كلينتون ترشيح امرأة: مادلين أولبرايت. وخلال كل هذه السنوات، ظل كيري من قادة مجلس الشيوخ، ومن قادة لجنة العلاقات الخارجية. كان مثل «وزير خارجية ظل»، ينتظر دوره.

وفي عام 2004 مع بداية حملة الانتخابات الرئاسية، رشح الحزب الديمقراطي كيري منافسا للرئيس جورج بوش الابن. وفاز بوش بالرئاسة الثانية، بعد حملة دعائية قوية ضد كيري اتهمته بما يشبه «الخيانة» عندما كان يحارب في فيتنام. لأنه عارض الحرب، ولأنه، كما قالت الحملة، لا يستحق الأوسمة التي حصل عليها خلال قيادة للزورق «سويفت» على نهر الميكونغ.

وعاد كيري إلى الكونغرس. وفي عام 2008، بعد أن فاز أوباما بالرئاسة، مرة أخرى ظهر اسم كيري من المرشحين لوزارة الخارجية. وهذه المرة فضل أوباما هيلاري كلينتون، التي كانت نافسته للترشيح باسم الحزب الديمقراطي. وتعمد أوباما اختيارها بسبب توتر في العلاقات بينهما، وبسبب شبه انشقاق داخل الحزب الديمقراطي بين أنصار أوباما وأنصار كلينتون. كما أن زوجها، بيل كلينتون، بعد تردد (أيضا، بسبب التوتر الشخصي بين زوجته وأوباما) تحمس لتكون زوجته وزيرة للخارجية.

واستمر كيري رئيسا للجنة العلاقات الخارجية، حتى جاءت الفرصة الحالية، بعد فوز أوباما بالرئاسة الثانية، وبعد أن أعلنت هيلاري كلينتون أنها لا تريد الاستمرار في المنصب.

في البداية، بدا وكأن كيري سيفقد هذه الفرصة، أيضا. وذلك عندما ظهر نجم سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة. لكن، لسوء حظ رايس، ولحسن حظ كيري، هاجم إرهابيون القنصلية الأميركية في بنغازي في سبتمبر (أيلول) الماضي، وقتلوا السفير الأميركي في ليبيا، وثلاثة أميركيين كانوا معه في القنصلية.

وأيضا، لسوء حظ رايس، وحسن حظ كيري، جاء الهجوم خلال الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية. وقاد حملة الجمهوريين ضد إدارة أوباما المرشح الجمهوري ميت رومني. خاصة بعد نشر أخبار بأن الخارجية الأميركية (وربما البيت الأبيض) علمت في وقت مبكر بدور منظمة «أنصار الشريعة» في الهجوم.

وكان تلفزيون «سي إن إن» كشف، في ذلك الوقت، أن ثلاث رسائل إلكترونية عن دور «أنصار الشريعة» وصلت إلى المسؤولين في واشنطن عبر البريد الإلكتروني، وأشارت الرسائل إلى تورط جماعة «أنصار الشريعة». وأنه بعد ساعتين من الهجوم، أعلنت الجماعة مسؤوليتها على صفحتها في موقع «فيس بوك» وموقع «تويتر». وقالت رسالة من الرسائل الأميركية الثلاثة: «تعلن أنصار الشريعة مسؤوليتها عن هجوم بنغازي على موقعيها في فيس بوك وتويتر».

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض، غاي كارني، قال، في اليوم التالي للهجوم: «لا توجد دلالات على أن هذا الهجوم كان مخططا له في وقت سابق». وظهرت سوزان رايس في التلفزيون، وقالت نفس الشيء تقريبا.

وفي الشهر الماضي، عندما ظهرت أخبار بأن الرئيس أوباما سيرشح رايس وزيرة للخارجية، لم ينس الجمهوريون تصريحاتها مباشرة بعد الهجوم على القنصلية في بنغازي. وعندما اضطرت رايس لسحب اسمها، جاء، أخيرا، دور كيري ليصير وزيرا للخارجية.

بالإضافة إلى إعلان هيلاري كلينتون أنها لا تريد الاستمرار في الخارجية، وهو الإعلان الذين فتح الباب أما كيري، أعلن آخرون رغباتهم في عدم البقاء في مناصبهم في الولاية الثانية لأوباما. من بين هؤلاء: وزير الخزانة تيموثي غايتنر، ووزير الدفاع ليون بانيتا.

ولحقيبة الدفاع، كما تقول مصادر إخبارية أميركية، ينوي أوباما ترشيح سيناتور سابق من جيل كيري وشارك في حرب فيتنام أيضا: السيناتور الجمهوري السابق عن ولاية نبراسكا تشاك هيغيل (66 عاما).

وتتوقع مصادر أميركية أن يسهل انتماء هيغيل إلى الحزب الجمهوري في تسهيل الموافقة على تعيينه من قبل زملائه السابقين في مجلس الشيوخ.

إذا صار هيغيل وزيرا للدفاع، سيكون سندا لكيري في وضع سياسة خارجية معتدلة. ولم يكن سرا أن هيغيل انتقد استراتيجية الرئيس السابق جورج بوش الابن في العراق. وأيضا، انتقد عدم ضغط بوش على إسرائيل لوقف بناء المستوطنات.

تزوج كيري مرتين، كلتاهما من امرأة غنية:

في عام 1970، تزوج جوليا ثورن (من فلاديلفيا)، وتطلقا عام 1984، بعد أن اشتكت الزوجة من انشغال زوجها بالعمل السياسي. وله منها بنتان: واحدة منتجة أفلام ومسلسلات تلفزيونية. والثانية طبيبة.

وفي عام 1995. تزوج تيريزا هاينز، الأرملة التي توفي زوجها عضو مجلس الشيوخ جون هاينز عندما تحطمت طائرة كان فيها. وترك لها إمبراطورية الأغذية المشهورة «هاينز» للمعلبات والفواكه والخضراوات. وقدرت مصادر إخبارية أميركية ثروة الزوجة بثلاثة مليارات دولار تقريبا. غير أن كيري نفسه تحدر من أسرة ثرية، واستثمر في شركات وبنوك، وقدرت المصادر ثروته بعدة ملايين.

ولهذا، هو أغنى عضو في مجلس الشيوخ، وسيصير، إذا رشحه أوباما وأيده الكونغرس، أغنى وزيرة خارجية. وأيضا، سيصير أول وزير رجل أبيض منذ ست عشرة سنة. بعد مادلين أولبرايت، وكولين باول، وكونداليزا رايس، وهيلاري كلينتون. الأول منذ وارين كريستوفر الذي، في سنة 1992، فاز عليه ليكون وزيرا للخارجية، في سلسلة منافسات خسرها، حتى جاءت هذه المنافسة الأخيرة، بعد عشرين سنة، وقد يكسبها.