يوميات العاصمة.. دمشق

سكانها «معتقلون» في منازلهم مساء.. وهائمون نهارا.. والتواصل بالـ«سكايب»

TT

عند رأس جثمان شقيقها، جلست نادية مكتسية بالسواد تندب حظها وما آلت إليه أحوال عائلتها النازحة من ريف حمص إلى ريف دمشق.

كانت مهددة للمرة الثانية بالنزوح إلى جهة غير معروفة. بحرقة خاطبت شقيقها المسجى: «لو كنا في بلدتنا هل كانت جنازتك ستقتصر على بضعة رجال؟ لو كنا بين أهلنا هل كان إخوتنا سيتأخرون عن الركوع عند قدميك؟ أما كانت البلدة بكاملها ستشيع زين الرجال؟ يا حرقة قلبي عليك.. يا حرقة قلبي على بلدنا».

شقيق نادية عمره 50 عاما توفي في ريف دمشق بعد تعرضه لأزمة قلبية، كان بالإمكان إنقاذه، فقد تم نقله فورا إلى مشفى قريب، لكن عدم توفر التجهيزات عجل بموته، وكانت «لوعة أخرى».

تقول نادية: «تضاف إلى لوعة النزوح وعدم تمكن باقي أفراد العائلة من حضور التشييع»، فهو ابن عائلة معروفة في منطقته، لكنه في ريف دمشق غريب لا يعرفه أحد، حتى الأقارب الموجودون في دمشق لم يتمكنوا من الحضور، معظم الطرق مغلقة، واشتباكات عنيفة تدور في أكثر من حي.

اللوعة الأخرى التي تحدثت عنها نادية، أن الدفن سيكون بعيدا عن مسقط الرأس وبأقل قدر من الإجراءات والتكاليف: «الموت في العاصمة مكلف جدا». تقول بألم: «قدرنا الموت غرباء في بلدنا».. تكمل نادية وتجهش بالبكاء: «علينا أن نتم كافة الإجراءات بأسرع وقت ممكن وقبل حلول المساء».

غيرت الصالات العامة للمناسبات مواعيدها من ساعات المساء إلى ساعات ما بعد الظهر؛ بسبب الأوضاع الأمنية التي تسوء ليلا. ليس هذا وحسب، بل إن كثيرا من التقاليد تم الاستغناء عنها؛ كإقامة ولائم الرحمة التي استعيض عنها بدفع تبرعات للمحتاجين، أو إرسال طعام للنازحين في المدارس والحدائق العامة.

وبحسب نادية تم إبلاغ الأهل والمعارف بوفاة شقيقها عبر شبكة الإنترنت، فأنشأوا صفحة لتقبل التعازي، واستخدموا رسائل الموبايل القصيرة للأغراض ذاتها.

رند ومضر تزوجا الشهر الماضي، أقاما في منزل العائلة وسط العاصمة، لم يفكرا في الاستقلال ببيت خاص بهما. تقول رند: «لا أريد إضاعة المال لشراء بيت كبير في ضواحي دمشق» رغم قدرة زوجها المالية الجيدة، «خشية أن يدمر بالقصف»، لا سيما أن شقيقتها فقدت بيتها بالقصف في مدينة حرستا الصيف الماضي.

وتضيف رند: «شقيقتي وزوجها وضعا كل حصاد السنوات الطويلة لإنشاء المنزل، لكنه تحول في لحظة إلى كومة ركام، وصارت شقيقتي لاجئة في دولة مجاورة».

في ظروف الحرب.. لم تتغير عادات وطقوس الأتراح فقط، بل الأفراح ومراسم الزواج أيضا، وقد باتت تقتصر على أفراد أسرتي العروسين فقط، لم تعد هناك «ليال ملاح»، وبطاقات دعوة فاخرة، ولا هدايا تذكارية للمدعوين، وإنما حفلات مختصرة، تقام وقت الظهيرة لبضع ساعات تنتهي قبل حلول المساء، وليلة واحدة في الفندق بدلا من أسبوع أو شهر عسل، فالوضع الأمني، والمآسي التي يعيشها الشعب السوري عموما، لا تتيح التعبير عن الفرح على الملأ ولا التفاخر ببذخ الأعراس.

تقول رند: «لا نعرف ما تخبئ لنا الأيام المقبلة، ربما نهاجر نحن أيضا إذا وصل القصف إلى قلب دمشق، سنضطر حتما للهجرة، لذا قررنا ادخار ما لدينا من مال في حال زادت الأوضاع سوءا».

أما مضر المتفق مع عروسه على «ادخار القرش الأبيض لليوم الأسود» يقف على الباب، فيشير إلى أنه منذ أكثر من شهرين لم يتمكن من الوصول إلى مكان عمله جنوب العاصمة، وأن وضعه المادي يتراجع مع تقدم الأزمة: «الحياة تزداد صعوبة يوما بعد آخر، ولم يعد بالإمكان البقاء طويلا هنا».

ويشرح كيف يقضي ساعات يومه متنقلا من طابور البنزين، إلى طابور المازوت، وصولا إلى طابور الخبز: «يوميا أهدر أكثر من ست ساعات لتحصيل أساسيات العيش». ورغم أن لديه وظيفة فإنه يعتبر نفسه «عاطلا عن العمل»، ولولا شقيقه المغترب في دولة عربية لم يجد وعائلته ما يلبي حاجاتهم اليومية.

أسعار السلع والضروريات الحياتية الأساسية ارتفعت عشرة أضعاف خلال الأشهر الأخيرة، ليلتهم رواتب الموظفين والعاملين بالدولة والذين يعدون الفئة الوحيدة التي ما تزال تتقاضى رواتبها بانتظام نسبي. فثمة مناطق في حمص وحلب لم يتقاضَ الموظفون رواتبهم فيها بسبب الأوضاع الأمنية، أما من يحصل على الراتب فلا يكفيه ثمنا للخبز.

لا يوجد ضابط للأسعار، وخاصة الخبز المسعر رسميا بـ15 ليرة للكيلو الواحد، (9 أرغفة) (الدولار يعادل 90 ليرة تقريبا)، بينما يباع في السوق السوداء بأسعار تتراوح ما بين 50 ليرة و100 ليرة أحيانا.

وينسحب الغلاء على كل المواد الأساسية؛ من مواد غذائية وأدوية ومحروقات. ومع تدهور الوضع الاقتصادي تفاقم عدد السوريين المحتاجين للمساعدات.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة فإن هناك أكثر من أربعة ملايين شخص بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة. ويعمل برنامج الغذاء العالمي على تأمين الطعام لنحو 2.5 مليون شخص على أمل أن تسمح السلطات السورية بتوريد الوقود اللازم لتسهيل عملية إيصال المواد الغذائية إلى المتضررين في مختلف أنحاء البلاد. لكن ريثما توافق السلطات وينجح البرنامج في أداء مهامه يصرف السوريون جل وقتهم لتأمين الحد الأدنى من المستلزمات، فلم تعد هناك طقوس للترفيه والترويح عن النفس، وارتياد المقاهي والمطاعم والمسارح والسينما.. كل ذلك بات ترفا مفتقدا في مدينة كانت حتى اندلاع الأحداث تضج بصخب الحياة، وتحولت إلى مدينة أشباح ليلا تتردد في طرقاتها أصوات المدافع وإطلاق النار، وخلف جدران البيوت يقبع السكان يترقبون بصيص أمل بانفراج الأزمة.

يقول مضر: «الوقت ككل شيء في دمشق، يمر سريعا بزخم المعاناة اليومية، وبطيئا جدا بثقله وخوائه.. الأزمة سرقت سنتين من عمرنا لم نفعل فيهما شيئا سوى انتظار الفرج، فعندما يحل المساء نلتزم المنزل كالمعتقلين».. يضحك: «حتى شهر العسل بدل أن نمضيه في رحلة إلى منطقة جميلة من مناطق بلادنا، أمضيناه في بيت العائلة على ضوء الشموع والشواحن بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء».

ويضيف: «عندما تكون هناك كهرباء، كل واحد منا يسارع إلى جهاز اللاب توب ليضيع عدة ساعات بالتواصل مع الأهل في مناطق أخرى داخل البلاد وخارجها، حتى إني أتواصل مع عروسي الجالسة قبالتي في الصالون عبر النت وأتبادل معها الغزل والهدايا من الأغاني والصور الطريفة.. نقوم بذلك وسط أفراد العائلة المشغولين أيضا، إما بالتلفزيون أو النت».

باسل ابن خالة مضر، يعيش منذ فترة طويلة في أوروبا، تواصلنا معه عبر الـ«سكايب»، أخبرنا كيف أخرج والديه العجوزين إلى أوروبا للعلاج، هربا من القصف الذي اشتد على منطقة قدسيا بريف دمشق خلال الصيف الماضي. يقول: «في البداية عانت والدتي كثيرا من الغربة، وافتقدت صديقاتها في الحارة، وحديث شقيقاتها بالساعات على الهاتف». ثم أنشأ لها حسابا على الـ«سكايب» لتتواصل معهن. يقول: «كل صباح تعد القهوة وتسألني أن أفتح لها الـ(سكايب)».

يلفت باسل إلى أن والدته فرحت بالتواصل مع شقيقاتها عبر الـ«سكايب» (صوت وصورة)، ولكنه لم يشفِ غليلها؛ كونها وصديقاتها المسنات لا يمكنهن استخدامه دون مساعدة الأبناء والأحفاد، ما يعني أن هؤلاء سيسمعون أحاديث الجدات، ولن يتمكن من النميمة على راحتهن.

بسخرية يؤكد باسل: «أمي تعاني من الرقابتين الأمنية والاجتماعية». ومع ذلك يمكن اعتبار الـ«سكايب» وبرامج الاتصال «واتس أب» و«فايبر» أنها باتت واحدة من احتياجات السوريين الأساسية في ظروف استثنائية شتتت أفراد العائلة الواحدة في عدة أنحاء.

«حياتنا لم تتغير 180 درجة وحسب، بل باتت محكومة بالفوضى، والشعب السوري عموما في انتظار المجهول.. لا يعرف متى يداهمه الموت».. تقول رند: «كل الاحتمالات واردة لذا لا يمكننا وضع مخطط لما علينا فعله حتى ولو بعد ساعة».

جلال (24 عاما)، اكتفى بذكر اسمه الأول، طالب جامعي في السنة الأخيرة، بحث عن آلية لتغيير إيقاع حياته، فبعد نزوحه من حمص واختفاء شقيقه منذ أكثر من 8 أشهر، وإصابة شقيقه الآخر بداء جلدي، ومرض والديه، قلت ساعات نومه، اهتدى إلى طريقة ليريح رأسه من التفكير والقلق، بأن يحدد وقتا لوقف التفكير، بأداء الصلاة قبل الذهاب إلى النوم.

يقول: «فقدت الكثير من وزني، ومن قدرتي على التركيز.. الأسبوع الماضي غبت عن الوعي في الشارع، وأخيرا اهتديت إلى القناعة بأن الاستمرار بالقلق قد يؤدي بي إلى الجنون، هذا إن لم أكن قد أصبت بالجنون فعلا.. قررت إراديا التوقف عن القلق والبحث عن طرق نفسية لإنقاذ نفسي، ولأتمكن من إعانة أهلي. كانت أول خطوة العودة لمتابعة دراستي الجامعية».

متابعة الدراسة الجامعية، أو ما قبل الجامعية، باتت هي أيضا إحدى المشقات الكبرى التي يعانيها الطلاب في سوريا، فأكثر من 600 مدرسة باتت خارج الخدمة، عشرات المدارس تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين.

«دارين» أم لديها 3 أطفال في مراحل الدراسة. تمضي وقتها بحالة قلق عليهم، منذ خروجهم صباحا وحتى عودتهم، وفي كل لحظة تتوقع اتصالا من المدرسة كي تذهب لإعادتهم، بسبب سقوط قذيفة أو نشوب اشتباكات قريبة منهم.

تثني دارين على مديرة المدرسة الواقعة في حي المزة لتعاملها المميز مع الظروف القاهرة. تقول إن مديرة المدرسة لا تتشدد بشأن حضور الطلاب، وفي حال عدم ذهابهم تخصص وقتا إضافيا لتعويضهم عما فاتهم، حيث ألزمت المدرسين بإعداد تقرير يلخص ما تعلمه الأولاد خلال اليوم، يزود به أهالي التلاميذ المتخلفين عن الحضور عبر الهاتف.

أما الجامعات الخاصة، وجميعها في ريف دمشق، فقد نقلت مقراتها إلى قلب العاصمة واستأجرت صالات الفنادق وبعض المباني الحكومية، كما تحولت بعض الفنادق الرخيصة إلى سكن لطلاب الجامعات الخاصة، وبالتالي تضاعفت تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة على نحو فاحش.

في المقابل فإن الجامعات الحكومية لا تقل فيها المعاناة بسبب انعدام الأمن وسيطرة الأجهزة الأمنية عليها. عشرات الطلاب توقفوا عن متابعة الدراسة بسبب اعتقال الطلاب الموالين للنظام لزملائهم من المعارضة والتنكيل بهم. في الشهر الماضي سجلت ثلاث حالات وفاة تحت التعذيب في جامعة دمشق، التي كانت تعد بين الجامعات المعترف بها دوليا.

التغيير والفوضى التي عصفت بحياة السوريين، عصفت أيضا بأنماط تفكيرهم وبرؤيتهم للحياة، فهذا الشعب العاشق للاستقرار والذي اعتاد التقشف من أجل الادخار وتأمين سكن ودخل يؤمن العيش الكريم، يبدو الآن قد فقد كل ما جناه خلال تلك العقود الماضية، وعززت الفوضى المتنامية فقدان الأمل بتعويضها، وراح الكل يعيد النظر في قناعاته، فلم يعد امتلاك البيت حلما، بل المحافظة على حياته سالما هو الهاجس الأول، والبقاء في منزله الهاجس الثاني، والأكثر قلقا، ولعل أقسى ما يعانيه السوريون هو النزوح.

«ليس هناك ما هو أصعب من مغادرة منزلك واللجوء إلى منازل الآخرين، لعل الموت تحت القصف أرحم».. يقول عماد الدين (65 عاما) وهو موظف متقاعد، نزح مع عائلته من مخيم اليرموك إلى حي مساكن برزة، ليسكن مع عائلة صهره في شقة من غرفتين وصالة.

«ظننا أن نزوحنا لن يدوم أكثر من أسبوعين، صار لنا ثلاثة أشهر، خلالها لم أعرف النوم، مع أن معظم ساعات اليوم أقضيها في الفراش بسبب انقطاع الكهرباء».

يستفيض عماد الدين بالحديث عن معاناتهم: «كم هو سقيم شعورك بأنك تتبادل مشاعر النفور الضمنية مع المحيطين بك طوال الوقت، هذا الالتصاق الإجباري وفقدان الخصوصية لا يدع أي مجال للمودة.. أحيانا كثيرة أندم لخروجي من بيتي في المخيم وأسأل نفسي: ترى ألم يكن من الأفضل لو مت تحت القصف؟ ضاع عمري وأنا أبني بيتا لعائلتي.. الآن أنا مشرد أنتظر مساعدات الآخرين».

المعاناة النفسية لا تقتصر على النازحين في الداخل، تبدد الأحوال شمل الجميع، حتى الذين لم يغادروا منازلهم بعد في المناطق الهادئة نسبيا؛ كأحياء الصالحية والمهاجرين وعين الكرش والسبع بحرات والقصاع، وغيرها من أحياء وسط العاصمة.

أم خالد (50 عاما) تسكن في الصالحية، ورغم قناعتها بأن أي سوء لن يصيب قلب الشام، فإنها لا تكتم قلقها من ازدياد الوضع الاقتصادي سوءا، وبدأت ببرنامج تخزين للمواد الضرورية، مع ترشيد للمصروفات، لا سيما بعد توقف تحويل الأموال من الخارج للسوريين الشهر الماضي، حيث كان يرسل صهرها مبلغا شهريا لإعانة العائلة ككل. تقول: «الآن أعتمد أنا وزوجي على راتبينا، وهما بالكاد يغطيان احتياجاتنا الأساسية، لذا استبعدت اللحوم من طعامنا واكتفيت بوجبة واحدة شهريا، وألجأ غالبا لتحضير وجبات نباتية صحية لا تحتاج كثيرا للخبز، كما أرشد في استخدام الغاز، فربما افتقدناه في الأيام القليلة المقبلة كما نفتقد البنزين. أمس ترددت شائعات عن توقف معمل الغاز في منطقة عدار بعد سيطرة الجيش الحر على المنطقة».

وتضيف أم خالد: «اختصرنا أيضا استخدام السيارة في التنقلات القريبة واستبدلنا بها السير على الأقدام».. تضحك وهي تعدل منديلها وتعلق ساخرة: «طريقة مثالية لحياة صحية وصديقة للبيئة». كما تم الاستغناء عن تبادل الزيارات مع الأهل والأصدقاء، واقتصرت اللقاءات على النت عندما يكون متاحا والكهرباء متوفرة، حيث يتجاوز عدد ساعات انقطاعها خمس ساعات يوميا.

أما ارتياد المطاعم والمقاهي، فتقول أم خالد: «إنها باتت من عادات الماضي السعيد. جميع المقاهي خاوية وتغلق عند الثامنة مساء».

كلام أم خالد يشير بشكل غير مباشر إلى قدرة السوريين السريعة على التأقلم وإيجاد بدائل وحلول سريعة للمشكلات الحياتية في ظل حالة الحرب. ومع هذا يبدو الوضع في قلب العاصمة أفضل منه في مناطق أخرى لا تتوفر فيها أي بدائل.. ثمة مناطق عادت لاستخدام خشب الأبواب والأثاث للتدفئة والطبخ، وفي مناطق ريفية أخرى عادت صناعة الجلة (روث الحيوانات) لتزدهر كمواد للوقود، وباتت تتصدر قوائم أسعار السلع إلى جانب الشمع وبطاريات شحن الروترات!! كل شيء تراجع في سوريا إلى الخلف مائة عام، ولولا وجود وسائل الاتصال الرقمي لعادت صورة سوريا اليوم إلى نحو قرن.

ومع ذلك تؤكد الناشطة آمال الشامي: «كل ما نعانيه من صعوبات معيشية يهون أمام الانفلات الأمني والقصف الممنهج والقتل والخطف»، لافتة إلى أن النظام يقوم بالتضييق على السوريين بشكل «متعمد ومدروس»، وتزيد واثقة «أنه يريد تركيع الشعب الذي تمرد على الأبد الأسدي.. ولكن هذا الشعب لن يركع، وما زال قادرا على الصمود». وبحسب إحصائيات المعارضة فقد قتل في سوريا خلال عامين أكثر من 60 ألف شخص، ونزح وهجر أكثر من مليونين، بينما هناك 160 ألف معتقل ومفقود.. واقتصاديا خسرت البلاد نحو 70 مليار دولار تقريبا.

هذا وغيره ما يجعل نادية التي فقدت شقيقها وتخشى على أشقائها المحاصرين في ريف حمص، لا تتفق مع الناشطة آمال وتقول: «للصبر حدود.. من يستطيع أن يتحمل كل هذا الظلم والدمار والخوف والفوضى؟». وتتابع: «تعبنا ومللنا.. يوميا هناك أخبار سيئة عن شاب أو صبية فقدوا أو اعتقلوا. يوميا تطالعنا جثث مجهولة في الشوارع. يوميا أصوات القصف لا تتوقف ولا تهدأ». كل هذا يضاف إلى «الغلاء الفاحش في المواد الغذائية، وفقدان الأشياء الأساسية، وبالأخص الأدوية والمحروقات».

وتضيف: «لم نعد نحتمل، والأوضاع تسير نحو الأسوأ.. الأسبوع الماضي سقطت عدة قذائف (هاون) على الحي الذي نسكنه.. لم نعد نعرف إلى أين نلجأ، لم يعد هناك مكان نلجأ إليه».