العريض.. الآمال والتحديات

حكم عليه بالإعدام مرتين وزج به في سجون بن علي.. ليخرج وزيرا في وزارة أذاقته التعذيب

TT

زج به الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في السجن، في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1990، وفي اليوم نفسه من عام 2010، أضرم محمد البوعزيزي، النار في جسده ليؤجج الثورة التونسية، وفي التاريخ نفسه، من عام 2011 عين وزيرا للداخلية في أول حكومة لحزبه النهضة الذي يقوده راشد الغنوشي.

تسلم علي العريض، القيادي في النهضة، والسجين السياسي السابق، مهامه على رأس وزارة الداخلية، وكاد من شدة ارتباكه وقتها، أن ينزل إلى موقعه السابق في سراديب التعذيب بوزارة الداخلية، التي ذاق ويلاتها لسنوات مريرة، لولا أن تدخل المستشارين وموظفي الوزارة، الذين أكدوا له أن مكتبه فوق في الطوابق العليا لمبنى الوزارة وليس في السراديب السفلى المعدة لتعذيب المعارضين وإذاقتهم أشد أنواع الممارسات اللاإنسانية في سراديب لا ترى النور.

ويروي علي العريض نفسه المشهد قائلا إنه «عندما دخلت مبنى وزارة الداخلية، وجدت نفسي أعيد سيناريو 1990 عندما كنت موثوقا وأنا أنزل إلى سراديب وزارة الداخلية، ولم أفق سوى على أصوات المستشارين والضباط يشيرون علي بأن مكتبي فوق.. مكررينها عدة مرات فوق فوق».

وبعد نحو السنة من إدارته لوزارة الداخلية، وجد نفسه من جديد أمام أحد تحديات مهمة وجديدة وهو يشرف على رئاسة الحكومة بعد استقالة حمادي الجبالي القيادي في نفس حركة النهضة.

وينقسم الشارع التونسي مثل النخبة تماما في تقييم رئيس الوزراء التونسي الجديد، علي العريض، الذي يركن إليه مهمة إخراج البلاد من عنق الزجاجة إلى بر الأمان، وتحقيق أهداف الثورة. ويتساءل كثيرون هل يستطيع هذا الرجل الخمسيني، الذي حكم عليه بالإعدام مرتين في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أن ينقذ الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في فترة زمنية لا تزيد على العشرة أشهر، هي الموعد الذي حدده العريض نفسه لعمل حكومته.

وأجاب العريض أثناء الإعلان عن تشكيلة الحكومة، وكذلك أثناء عرض حكومته على المجلس الوطني التأسيسي، على أسئلة الشارع والنخبة في ما يخص الدستور، والانتخابات، ومدة عمل الحكومة، لكن البعض يعتقد أن الفشل هو ما ينتظره بالنظر للتحديات الجسيمة وانقسام الوسط السياسي، وارتفع سقف المطالب الجماهيرية، ومن بينها تحقيق الأمن والاستقرار، والتنمية، وتوفير العمل للعاطلين. وهي مطالب عجزت عن تحقيقها الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال وآخرها حكومة الباجي قايد السبسي. وبالنظر إلى الفترة التي تفصل عن نهاية العام، والمنتظر أن تتحقق فيها المطالب المعلنة، فإن كثيرين يرون أن مهمة العريض تكون أشبه بالمهمة المستحيلة، لكنها ستكون الفترة الأهم (ربما) في تاريخ تونس. هذه الفترة هي المنعرج الحقيقي لنقل تونس من أوضاع مضطربة إلى الاستقرار، عبر جسر انتقالي ينقل البلاد من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، أو الارتداد إلى حكم استبداد أشد وطأة على التونسيين مما عاشته البلاد طيلة نصف قرن.

لم يكن أحد يتصور أن يصبح علي العريض الذي صدر ضده حكم بالسجن لمدة 15 عاما، قضى منها 10 سنوات في غرفة منفردة، فرضت فيها عليه العزلة التامة، وحكم عليه بالإعدام مرتين، الرجل الأول يتمكن من إدارة إحدى الوزارات المهمة في معظم بلدان العالم وما بالك إذا كان الأمر في بلد ثائر كل مكوناته في حالة غليان. وعلى الرغم من الانتقادات الكثيرة التي طالت أداءه في وزارة الداخلية، فإن قيادات من المعارضة قبل أعضاء الحكومة يقرون بصرامة وعزم علي العريض في تنفيذ أصعب المخططات والبرامج وأنه يعيش على وقع أحد الأمثال الشعبية التونسية المعروفة «الدوام ينقب الرخام”. وجاء الآن الدور على رئاسة الحكومة.

يقول محمد البراهمي القيادي بـ«حركة الشعب» (حزب قومي عربي تأسس بعد الثورة) إنه رأى أن العريض رجل وفاقي في أغلب الأحيان واعتبره رجلا وفاقيا وهو الاختيار الأفضل بالنسبة لحركة النهضة، وتجربته في الداخلية ستعطيه فرصة لمعالجة ملفات صعبة خلال فترة رئاسته للحكومة خلفا لحمادي الجبالي.

وتقر المعارضة بتحول علي العريض في مدة زمنية وجيزة من قيادي في حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بأيديولوجيتها ومرجعيتها المحافظة، إلى رجل دولة له الكفاءة والقدرة الفائقة على التعامل مع أصعب الملفات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية. وعلى الرغم من الانتقادات الكثيرة التي طالت فترة إشرافه على وزارة الداخلية، فان التونسيين قد شهدوا خلال الفترة التي تولاها على وزارة الداخلية تحسنا تدريجيا للانفلات الأمني والاعتصامات والاحتجاجات التي عرفتها البلاد بعد الثورة. وتمكن من التفرقة الجيدة بين اللجوء إلى القوة للجم الانفلات الأمني واحترام وحماية حقوق الإنسان فيما يشبه العامل التاريخي مع «شعرة معاوية”.

يقول بلقاسم حسن الأمين العام لحزب الثقافة والعمل المعارض عن علي العريض رئيس الحكومة الجديد هو”مناضل إسلامي بارز عرف الكثير من الاضطهاد والمعاناة اشتهر بقدراته التنظيمية الكبيرة وبمحبة إطارات حركة النهضة له. حافظ على بساطته وعلى هدوئه وأكد بدوره قدرة فائقة على خدمة الشأن العام دون أن يفقده المنصب صدق المناضل. واكب علي العريض مؤسسات حركة النهضة وخصوصا المؤتمر ومجلس الشورى منذ أوائل الثمانينات. وأشرف بين سنة 1982 وسنة 1986 على لجنة مشروع الأولويات الذي أفرز ورقات أساسية في بلورة مشروع الحركة من بينها تقييم مسار الحركة منذ النشأة حتى سنة 1984. ووضع الاستراتيجية المؤقتة للحركة التي أجابت على أولويات الحركة وتصورها لمنهج التغيير وبلورة طبيعتها كحركة سياسية مدنية سلمية، إلى جانب تحديد معالم الرؤية التنظيمية لحركة النهضة.

تولى العريض عدة مسؤوليات في صلب حزب حركة النهضة بعد الثورة، ومنها رئيس الهيئة التأسيسية للحركة وظل في هذه المهمة حتى انعقاد المؤتمر التاسع للحركة الذي تم في يوليو (تموز) 2012. عرف العريض في الأوساط السياسية التونسية بقدراته التنظيمية العالية، والعمل بروح الفريق، لذلك لم تعرف تسميته رئيسا للوزراء اعتراضا صريحا من أي سياسي تونسي، وإن انتقد بعضهم بعض قراراته خاصة في مسألة تعامل وزارة الداخلية مع أحداث مدينة سليانة يوم 27 نوفمبر 2012 واستعمال الشرطة لخراطيم المياه لتفرقة المتظاهرين المطالبين بالتشغيل والتنمية، وقبلها أحداث السفارة الأميركية يوم 14 سبتمبر (أيلول) من نفس السنة.

وقال عنه عبد الرءوف العيادي رئيس حركة وفاء المعارضة لـ«الشرق الأوسط» علي العريض شخصية مناضلة لا يمكن أن نبدي اعتراضا على تعيينه على رأس الحكومة ونتمنى أن يتبنى في برنامجه الحكومي مشروع المحاسبة والمصالحة.

تولى علي العريض حقيبة وزارة الداخلية في حكومة حمادي الجبالي بداية من 24 ديسمبر من سنة 2011 على إثر فوز حركة النهضة في انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان)، وواصل مهامه إلى أن رشحه مجلس الشورى لحركة النهضة يوم 22 فبراير (شباط) الماضي، رئيسا للحكومة الجديدة خلفا لحكومة حمادي الجبالي المستقيلة. وحصل علي العريض على أكثر من 50 في المائة من أصوات أعضاء مجلس الشورى المكون من 150 عضوا في مرحلة أولى، قبل أن ترتفع النسبة إلى 60 خلال الجولة الثانية من التصويت.

وكانت مؤسسة «ذي أتلانتك كاونسل» وهي مركز بحوث أميركي مقره واشنطن قد أصدرت تقريرا عن الوضع في تونس بعنوان «تونس في ظل حكومة العريض سوف تواصل مسار الانتقال الديمقراطي». وكان ذلك بعد أيام من الإعلان عن تعيين علي العريض رئيسا للحكومة التونسية. وقالت إن رئيس الحكومة المكلف قد تولى مهامه في مناخ سياسي أكثر استقطابا من المناخ الذي تولي فيه سلفه مهامه في ديسمبر 2011.

وأضاف التقرير أن تكليف العريض يعني اعتماد حركة النهضة سياسة أقل ليونة ولكنه لا يعني نهاية الديمقراطية في تونس. وأعرب الجانب الأميركي عن اعتقاده بأن علي العريض سيكون أكثر تمسكا بمواقفه من الجبالي ولكنه ليس من الواضح إلى أي حد أو في أي المجالات بالذات سيكون ذلك. وأضاف أن «أحد دروس الأزمة الأخيرة هي أن مجلس الشورى هو الذي يملك زمام تسيير سياسات حركة النهضة بشكل كامل ومن ثمة فهو يملك في كثير الحالات زمام تسيير سياسات الحكومة». وهذا الأمر قد تكون له انعكاساته خلال الفترة القصيرة التي سيقضيها على رأس الحكومة.

وقد اختار مجلس الشورى علي العريض ليس لأنه متصلب مثلما وصفه الكثيرون في وسائل الإعلام الدولية، وإنما لأنه جزء من المؤسسة السياسية لحركة النهضة وهو يحظى باحترام كبير في مجلس الشورى.

والذين لا يشعرون بالارتياح حيال تسمية علي العريض، رئيسا للوزراء يتحدثون عن تقييمهم لفترة توليه وزارة الداخلية ومن هؤلاء القيادي في الحزب الجمهوري نجيب الشابي «نحن نعرف أن أحداث 9 يناير (كانون الثاني) 2012 وقعت في فترة تولي علي العريض حقيبة الداخلية، حيث استخدمت الشرطة وسائل القمع من عصي وغاز مسيل للدموع لأن المتظاهرين تحدوا قرار منع التظاهر، كما وقعت في عهد العريض، أحداث السفارة الأميركية، وفي عهده حدثت أحداث سليانة التي تعرض فيها المتظاهرون للرش الناري». ويقول الشابي: «أحترم علي العريض شخصيا وقد عرفته منذ زمن طويل، وعندما التقينا أثناء المشاورات التي أجراها مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ذكرته بلقاءاتنا، لكنه أشار إلى أننا نعرف بعضنا منذ الثمانينات وذكرني بلقاء جمعنا مع صحافية فرنسية إبان ملاحقة النظام السابق لحركة النهضة».

ويؤكد الشابي، على أن «تغيير وزراء السيادة خطوة جيدة، وبقي الإسراع في إعداد الدستور، وتشكيل اللجنة العليا المستقلة للانتخابات، وضرورة الاهتمام بالملفات التي لا تقبل التأجيل وفي مقدمتها الحالات الاجتماعية الصعبة». وإن كان الشابي متفائلا حيال القضايا الدستورية، فإنه يرى بأن الوضع الاجتماعي، وغلاء الأسعار، وحل مشكلة البطالة، وإتمام إنجازات المشاريع المبرمجة في ميزانيتي 2012 و2013 تبقى رهن الإرادة السياسية، ورضا المعارضة، وإقناع قطاعات واسعة بتمشي حكومة علي العريض.

الوزير لدى رئيس الوزراء، ووزير العدل السابق، نور الدين البحيري، يرى بأن علي العريض نجح وهو على رأس وزارة الداخلية وإن شاء الله سينجح وهو رئيس للوزراء. وتابع: «هناك الكثير مما قاله علي العريض، فالجادون يذكرون جملته الشهيرة الموجهة للشعب، هناك من يخدم الشعب وهناك من يخدم بالشعب، (أي يلعب بالشعب) بينما الآخرون يبحثون عن التعابير حمالة الأوجه والتي يفسرونها كما يشاؤون، فكل إناء بما فيه ينضح، وكل يفسرها حسب اهتماماته».

ويعتقد البحيري أن علي العريض كان جادا عندما حاول جاهدا أن يلفت أنظار المعارضة والشعب لما تتطلبه المرحلة في خطاب إعلان الحكومة عندما قال: «بلادنا في حاجة لربح الوقت بحاجة إلى العمل، بحاجة إلى الانضباط بحاجة لادخار جهودها في الإنتاج وفي التعليم وفي الصحة. بحاجة لوحدة وطنية قوية بحاجة لأن يعي كل مواطن وكل مواطنة إمكانيات هذه البلاد والمراحل التي تمر بها ومسؤوليته الوطنية في الحفاظ على أمنها واستقرارها، ووحدة ترابها ووحدتها الاجتماعية وكذلك في تحقيق أهداف الثورة وبالوعي بأن الديمقراطية مطلب حقيقي يجب الصبر عليه ويجب عدم الضيق به حتى ثماره».وأردف: «الديمقراطية لا تعطي ثمارها إلا بعد بضع الوقت».

وأوضح البحيري أن 51 في المائة من حكومة علي العريض، هي من الكفاءات المستقلة، وبعضها تم اقتراحه من خارج حزب حركة النهضة، حتى نبعد أي شبهة عن الانتخابات القادمة التي يجب أن تجرى في إطار الشفافية وقال إن تحييد وزارات السيادة كان مطلب المعارضة، وما فعلناه كان من أجل وطننا ومن أجل أن تمر المرحلة الانتقالية الثانية بكل سلام وتتأسس فيها المؤسسات التي ستحقق أهداف الثورة. ولا يرى البحيري بأن كل شيء تحقق بل حققنا قدرا كبيرا مما نريد في ما يتعلق بتركيبة الحكومة التي تتركب من 3 أحزاب رئيسية وعدد كبير من المستقلين.

وكان العريض قد تحدث في خطاب التكليف عن فترة عمل الحكومة وأشار إلى وجود اتفاق ضمني في هذا الخصوص تدارسنا فترة عمل الحكومة وهي نهاية العام، هذه الحكومة لمدة يكون أقصاها نهاية 2013 وحول موعد الانتخابات قال العريض: «كما تعلمون تحديد التاريخ من مشمولات المجلس الوطني التأسيسي ولكن كل المقاربات داخل الأحزاب والشخصيات المكونة للحكومة ستكون بين أكتوبر ونوفمبر القادمين وأتوقع أن لا تتجاوز شهر نوفمبر والأفضل في أكتوبر وعلى كل حال سيتم تحديد التاريخ الأسبوع القادم».

البحيري أشاد بموقف علي العريض من العنف «عندما يواجه علي العريض العنف الذي تقوم به جهة يطلق عليه رجل دولة ويمتدح، وعندما يواجه عنفا آخر يقال عنه ما يقال، نحن لا نؤمن بازدواجية المعايير» وأضاف: «علي العريض أكد أن أي وزير يدخل الحكومة يجب أن يلبس جبة الدولة ويفكر في مصلحة الدولة».

وأن كل من يتطاول على الدولة ويخرق قوانينها أو أي شكل من أشكال التنظيم الموازي أو النيل منها سنتصدى له بكامل الجدية دون استثناء، نتصدى بالقانون في كنف القانون. وأنه لا بد من استتباب الأمن وأن تكون الدولة محترمة وهيبتها مصانة، والقانون فوق الجميع.

لعلي العريض تاريخ مع السياسة حيث قام بدور قيادي بعد المحاكمة التاريخية لقيادات حركة النهضة سنة 1981 على إثر تقدم الحركة بطلب الاعتراف الرسمي بها من قبل نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. وقد صدر حكم غيابي بالإعدام في حق العريض، وألقي عليه القبض بعد انقلاب 7 نوفمبر 1987 الذي قاده الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وفي إطار تهدئة الأجواء السياسية التي كانت مشحونة آنذاك أصدر بن علي عفوا عن القيادات النهضوية، التي وجدت نفسها أمام مصير أكثر قمعا في عام 1990، عندما كان علي العريض يشغل مهمة الناطق الرسمي باسم حركة النهضة. وألقي القبض على علي العريض، وحوكم ضمن الآلاف من قيادات حركة النهضة ومناضليها في ضائقة 1992، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 15 عاما، قضى منها 10 سنوات في غرفة منفردة، فرضت فيها عليه العزلة التامة. لقد نجا العريض من الإعدام مرتين، سنة 1987 وسنة 1990، وتمت تسميته مرتين وزيرا للداخلية سنة 2011 ورئيسا للوزراء عام 2013، ولا يعرف ماذا يخبئ التاريخ لعلي العريض، وما إذا كان سيكون على موعد مع الرئاسة سواء في 2014 أو 2019.

* محطات في حياة العريض

* ولد علي العريض رئيس الحكومة التونسية الرابعة بعد الثورة يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1955 بمدينة جرجيس بالجنوب الغربي التونسي وهو يبلغ الآن 58 سنة وهو بذلك يعد أصغر رؤساء الحكومات الأربع الذين تم تعيينهم منذ الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي (محمد الغنوشي عمره 74سنة، الباجي قائد السبسي عمره 87 سنة وحمادي الجبالي لا يزيد عمره على 64 سنة).

* تربى العريض في منطقة عرفت بالمحافظة المبدئية على مجموعة من القيم والتقاليد الأصيلة، وهو ابن المرحوم المقاوم عبد اللطيف العريض.

ولا تزال منطقة جرجيس تعيش على نفس الوتيرة المحافظة وتعتمد العائلات هناك على إنتاج غابات الزيتون. كما تعرف المنطقة بإنتاج الإسفنج، من أعماق البحر وهو عمل شاق يتطلب المخاطرة للوصول إلى أفضل قطعه. وعلى الرغم من موقع جرجيس على ساحل البحر، فإن الطابع المحافظ لا يزال مسيطرا على سلوك أغلبية العائلات.

* أتم العريض دراسته الجامعية بتونس العاصمة وتخرج مهندسا في البحرية التجارية، وهو أحد أهم قادة حركة النهضة منذ تأسيسها في السبعينات من القرن الماضي. قام بدور قيادي بعد محاكمة قيادة الحركة سنة 1981 في عهد الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة وحكم ضده بالإعدام غيابيا سنة 1987، وألقي عليه القبض بعد استحواذ الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي على السلطة في 7 نوفمبر 1987 ليصدر عليه نفس الحكم بالإعدام. لكن حكم الإعدام لم ينفذ ضده ثم صدر في حقه عفوا فيما بعد.

* تولى العريض الأمانة العامة لحركة النهضة إلى أن ألقي عليه القبض في ديسمبر سنة 1990، وحوكم ضمن قيادات الحركة على أثر قرار نظام بن علي التخلص من الحركة الإسلامية واتهامها سنة 1992 بتدبير محاولة انقلابية ضده بالتعاون مع مجموعة من العسكريين. وحكم عليه بخمسة عشر عاما سجنا قضى منها عشرة أعوام في زنزانة انفرادية. وبعد خروجه من السجن، عاد إلى الظهور والمشاركة باسم حركته في هيئة 18 أكتوبر (تشرين الأول) للحقوق والحريات التي جمعت إسلاميين ويساريين وليبراليين وقوميين.