فيليب غوردون.. رجل المهام المتعددة

المبعوث والمستشار الجديد لأوباما لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج.. هل ينجح فيما فشل فيه الآخرون؟

TT

خلال الأيام الماضية، اختاره الرئيس الأميركي باراك أوباما، مستشارا جديدا في البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج، ويرافقه اليوم في زيارته المنطقة، التي تبدأ من إسرائيل، والضفة الغربية.

بات فيليب غوردون، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية خلال السنوات الـ4 الماضية، يجمع حاليا بين أكثر من وظيفة داخل البيت الأبيض؛ «مبعوث» و«مستشار» ومسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض. وهو ما لم يحدث من قبل.

وحسب بيان البيت الأبيض، سيكون غوردون مسؤولا أمام أوباما مباشرة عن شمال أفريقيا والخليج أيضا. وبهذا، لن يكون فقط مسؤولا عن الصراع العربي - الإسرائيلي، مثل موفدين رئاسيين سابقين. هذه المرة، ستغطي الوظيفة دول «ربيع العرب»، وإيران، وعملية السلام، وأمن الخليج.

وأضافت المصادر أن اسم المنصب الجديد يوضح تغييرات في المنطقة في نظر الرئيس أوباما، الذي يميل إلى وضع مشكلة فلسطين جزءا من مشكلات ومواضيع أخرى تهم الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وقال توم دونيلون، مستشار أوباما للأمن القومي، في البيان الذي أصدره البيت الأبيض، إن غوردون «عضو أساسي» في فريق السياسة الخارجية لأوباما. ووصفه بأنه «الشخص الأمثل» في تنسيق السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وأضاف دونيلون: «عمله مع حلفائنا الأوروبيين، وشركائنا، كان أساسيا في صياغة السياسة الخارجية، وفي معالجة القضايا في العالم، بما في ذلك ليبيا، وسوريا، وإيران، وأن عمل غوردون في مجالات الأمن الدولي، والاقتصاد الدولي، والشؤون الأوروبية، والشرق الأوسط، يجعل منه الشخص الأمثل لتنسيق سياستنا في أوقات التحديات الكبرى».

لم تكن صدفة أن صار غوردون مساعدا لوزيرة الخارجية في سنة 2009. هذا مجال تخصصه منذ أن كان طالبا في جامعة أوهايو في الثمانينات. نال بكالوريوس في اللغة الفرنسية والفلسفة. ثم انتقل إلى جامعة جونز هوبكنز، فرع واشنطن العاصمة، قسم الدراسات الدولية العليا، ونال ماجستير ودكتوراه في العلاقات الدولية. وخلال إدارة الرئيس السابق كلينتون، عمل في مجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض، في القسم الأوروبي، ثم خبيرا في الشؤون الأوروبية والعالمية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الدولية (لندن)، ومعهد الدراسات الأوروبية في فونتينبلو (فرنسا)، والجمعية الألمانية للشؤون الخارجية (بون)، ومعهد بروكنغز (واشنطن).

عندما كان في بروكنغز، ترجم كتاب الرئيس الفرنسي ساركوزي: «شهادة: فرنسا وأوروبا في القرن الحادي والعشرين». ومن الكتب التي ألفها خلال 10 سنوات تقريبا «التحدي الفرنسي: التعود على العولمة» و«فرنسا في عصر العولمة» و«فرنسا وألمانيا والتحالف الأوروبي».

غير أنه كتب أيضا عن الشرق الأوسط، وخاصة من وجهة نظر أوروبية، مثل كتابه «هلال الأزمة: الاستراتيجية الأميركية الأوروبية في الشرق الأوسط».

وخلال حملة أوباما للانتخابات الرئاسية سنة 2008، ومع آخرين في معهد بروكنغز، عمل مستشارا في الشؤون الخارجية. وبعد فوز أوباما، اختاره مساعدا لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون للشؤون الأوروبية. ويشرف هذا المنصب على 50 دولة في أوروبا، وآسيا، بالإضافة إلى حلف الناتو، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية.

وخلال هذه السنوات، عمل في مجال الشرق الأوسط في نطاق عمله الأوروبي، وأشرف على تعاون أميركا وأوروبا في الانسحاب من العراق، وفي حرب أفغانستان، ثم خطة الانسحاب منها، وفي مواجهة «ربيع العرب»، وبرنامج التسلح النووي الإيراني، ومشكلة فلسطين، وغيرها.

وتقول مصادر إخبارية أميركية إن غوردون سيكون مبعوثا رئاسيا لـ«الشرق الأوسط» من نوع جديد؛ فأولا: يتخصص في الشأن الأوروبي، وتتأثر نظرته الأميركية بالنظرة الأوروبية لمشكلات الشرق الأوسط. وثانيا: سيكون أقرب إلى الرئيس من أي مبعوث رئاسي سابق، لأنه يعمل داخل البيت الأبيض. وثالثا: يعتبر دبلوماسيا أكثر من سياسي، بالمقارنة مع مبعوثين سابقين، مثل السيناتور السابق جورج ميتشل.

وأشارت المصادر إلى أن غوردون لن يكون غريبا على البيت الأبيض، لأنه عمل فيه خلال إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون. وعندما كان هناك، عُرفت عنه الرغبة في التعاون مع الآخرين، خاصة لأن أجواء البيت الأبيض لا تخلو من منافسات لقرب الجميع من الرئيس. وإذا اختار الرئيس أوباما سوزان رايس، السفيرة في الأمم المتحدة، مستشارة له للأمن القومي، لن تكون غريبة على غوردون الذي تعاون معها عندما كان في الخارجية. لكن، لم تُعرف بعد تفاصيل التنسيق بين الوظيفتين، لأن مستشار الرئيس لـ«الشرق الأوسط» في الماضي كان يعمل تحت رئاسة مستشاره للأمن الوطني.

في كتابه «هلال الأزمة: الاستراتيجية الأميركية الأوروبية في الشرق الأوسط»، تحدث غوردون عن قضايا كثيرة تتعاون فيها الولايات المتحدة وأوروبا. وأشار إلى مشكلتي أرمينيا وتركيا، وأرمينيا وأذربيجان.

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن التأثير الأوروبي كان واضحا في دور غوردون في التوسط، باسم الولايات المتحدة، بين أرمينيا وأذربيجان اللتين ظلتا تتنازعان منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، ونيلهما استقلالهما. وكان غوردون قال إن «محاولاتنا المشتركة، مع شركائنا الدوليين، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي، في القوقاز، نجحت في تحقيق تقدم كبير. لكن لا يزال الجدل حول الأراضي والإصلاحات السياسية والاقتصادية يعرقل تسوية نهائية».

وأضاف، في خطاب بجلسة فرع لجنة الشؤون الأوروبية، التابعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: «تزيد الولايات المتحدة تفاعلها مع مجموعة (مينسك) لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، لتساعد أذربيجان وأرمينيا في تسوية النزاع بينهما». وأكد حقيقة أن النزاع، المعروف باسم «نزاع قره باغ»، إشارة إلى المنطقة الجبلية المتنازع عليها، اندلع بين جمهوريتي جنوب القوقاز؛ أذربيجان وأرمينيا، عام 1988.

لكن غوردون، في جلسة مجلس الشيوخ، تحاشى الحديث عن المطامع الأرضية لأرمينيا في أذربيجان. ربما حتى لا يفسد دوره كوسيط بين الدولتين. ولم يقل حقيقة أن نسبة 20 في المائة من الأراضي الأذربيجانية، خاصة إقليم قره باغ، و7 مناطق صغيرة مجاورة، تظل تحت احتلال القوات المسلحة لأرمينيا. غير أن غوردون أعرب عن أمله في تحقيق تقدم أكثر، وأشار إلى تقدم كان حدث عام 1994.

وحسب تصريحات غوردون، يتوقع أن يستمر في معالجة هذه المشكلة لأنها، جغرافيا، تقع في الشرق الأوسط، ولىنها مرتبطة بقضايا أخرى. وقال: «تربط الولايات المتحدة بين جهودها في مناطق كثيرة، منها: القوقاز الجنوبية، والشرق الأدنى، والبرنامج النووي الإيراني والقضايا الإقليمية الأخرى، في تنسيق مستمر في نطاق التعاون القائم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي».

وهناك أيضا دور غوردون في محاولات الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا. وتحدث عنه في كتابه «هلال الأزمة»، وأشار إلى أن هذا نزاع أقدم من الذي مع أذربيجان، لأنه يعود إلى استعمار تركيا لأرمينيا لمئات السنين، بما في ذلك تمرد الأرمن، واتهامهم لتركيا بأنها ارتكبت مذبحة لهم في ذلك الوقت.

وكان غوردون تحدث، في السنة الماضية، في الاجتماع السنوي للمجلس التركي في الولايات المتحدة، الذي يجمع أميركيين من أصل تركي، وتطرق إلى العلاقات بين أرمينيا وتركيا. وقال إن تطبيع العلاقات الأرمينية التركية سيترك أثرا إيجابيا على تطور المنطقة.

وقال: «ليست هذه المنطقة في حاجة إلى حدود مغلقة وعقبات. إنها في حاجة إلى حدود مفتوحة، وإلى علاقات دبلوماسية قوية وعالية المستوى». وذكر غوردون أنه ما زال هناك وقت، وأنهم يأملون إلى درجة كبيرة في أن تركيا ستتخذ الخطوات للتصديق على المذكرات الأرمينية التركية.

وعن المشكلات في هذه المنطقة، قال غوردون: «نعتبر أنه على الولايات المتحدة وأوروبا العمل معا لإنهاء النزاعات في أوروبا، ودعم الدول الإقليمية للتوصل إلى الديمقراطية والسلام والتنمية».

وتقول مصادر إخبارية أميركية إن جهود غوردون في الشرق الأوسط يمكن أن تستفيد من علاقته السابقة مع روسيا، واتصالاته المكثفة وزياراته الكثيرة إلى موسكو. لكن، حتى في آخر تصريح له، اعترف غوردون بأن سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا تواجه تقلبات ومشكلات، وقال: «لا تزال هناك صعوبات»، لكنه أضاف: «على كل حال، يمكننا القول إن عملنا مع روسيا قد يدعم أمن أميركا وأولوياتها الدولية». ولا بد أنه يقصد أن روسيا يمكن أن تساعد، خاصة في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، حيث تتعرض المصالح الأميركية، من وقت لآخر، إلى الخطر.

وعلى الرغم من أن غوردون سيكون موفدا إلى دول «ربيع العرب»، لا يتوقع أن يشترك مباشرة في جهود إنهاء الحرب الأهلية في سوريا، وسيترك ذلك لزملائه السابقين في رئاسة الخارجية، مثل ريتشارد بيرنز، نائب الوزير، غير أنه، في الوقت نفسه، سيعمل من داخل البيت الأبيض لحل المشكلة. ولهذا، يقدر على أن يستفيد من خبرته السابقة مع الروس. ويمكن أن يتعاون مع بيرنز، ولن يكون ذلك صعبا عليهما، لأنهما تعاونا في ظل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

وبالنسبة لإيران، ظل غوردون يشترك في وضع وتنفيذ المقاطعات الأميركية والدولية، وخاصة في دفع الدول الأوروبية للاشتراك في هذه المقاطعات. وكان قد سئل عن هذا الموضوع خلال استجواب في الكونغرس في الشهر الماضي عن إيران، مع أخبار بأن الاتحاد الأوروبي يواجه ضغوطا أميركية لسد ثغرات في القوانين المصرفية تستغلها إيران.

وكان 36 عضوا من مجلس الشيوخ أرسلوا رسالة إلى الاتحاد الأوروبي دعت لإغلاق «ثغرة مهمة في سياسة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في العقوبات» المفروضة على إيران. أرسلوا الخطاب إلى هيرمان فان رومبوي، رئيس المجلس الأوروبي، الجهاز التشريعي للاتحاد الأوروبي. وركز الخطاب على برنامج «تارغيت 2»، عن نظام مدفوعات عبر الحدود الدولية يستعمله البنك المركزي الأوروبي، وقال أعضاء مجلس الشيوخ إن إيران تستغل البرنامج لتسيير معاملاتها التجارية في أوروبا وخارج أوروبا.

وقالت الرسالة: «نحن ننشادكم بشدة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لقطع قدرة إيران على استخدام أرصدتها من اليورو لإفشال العقوبات المفروضة عليها».

وفي استجواب الكونغرس، قال غوردون إنه يعمل مع «أصدقائنا الأوروبيين» لحل المشكلة. وكان واضحا أنه لا يريد أن يعتقد الأوروبيون أن الأميركيين يضغطون عليهم. ويقود حملة الكونغرس السيناتور مارك كيرك (جمهوري من ولاية إلينوي). ووقع على الخطاب قادة من الحزبين منهم: الجمهوريان ماركو روبيو، وسوزان كولينز، والديمقراطيان ديان فينشتاين وتشارلز شومر.

وقبل سنة، كان غوردون تعاون مع السيناتور كيرك، عندما قاد السيناتور حملة فرض عقوبات على إيران في مجال النفط. وهي الحملة التي أيدها مجلس الشيوخ بأغلبية مائة عضو مقابل لا شيء. وعمل غوردون على ضمان اشتراك الأوروبيين في هذه العقوبات. وقبل سنتين، تعاون غوردون أيضا مع السيناتور كيرك عندما قاد السيناتور حملة ضد شركة «سويفت» البلجيكية التي تشرف على الاتصالات الإلكترونية بين البنوك. وكانت الشركة تسمح لبنوك إيرانية باستعمال شبكتها في المعاملات المالية. وقبل صدور مشروع قانون من الكونغرس، تراجعت «سويفت»، وحذفت إيران من قائمة الدول التي تشترك في شبكتها. في ذلك الوقت، ركزت مصادر إخبارية أميركية على دور غوردون.

وفي الشهر الماضي، في مؤتمر صحافي في بروكسل، تحدث غوردون عن الضغوط الأميركية والأوروبية على إيران، حتى لا تنتج قنبلة نووية. وقال: «لدينا سياسة ذات مسارين نحو إيران. وأنا أود أن أوضح بجلاء أننا عاقدو العزم في المسارين. في مسار، ما دامت إيران لا تتقيد بتعهداتها تجاه المجتمع الدولي، وقرارات مجلس الأمن بخصوص برنامجها للتخصيب النووي، نحن مصممون على مواصلة حشد الدعم الدولي لزيادة الثمن الذي تدفعه إيران بسبب إحجامها عن التقيد بالتزاماتها».

وأضاف غوردون: «لكن في الوقت ذاته، نحن صادقون في رغبتنا في تسوية هذه (القضية) دبلوماسيا، وأعتقد أن الرئيس أوباما كان واضحا كل الوضوح حينما أعلن أننا جاهزون للتفاوض».

لا شك أن غوردون، في منصبه الجديد، سيركز على الموضوع الإيراني. وتعتقد مصادر إخبارية أميركية أنه، في المستقبل إذا قل التوتر بين إيران وأميركا، سيقوم باتصالات مباشرة باسم الرئيس أوباما مع الدول العربية لتفسير أي تغيير في السياسة الأميركية نحو إيران.

ولا بد أن اتصالاته تشمل إسرائيل أيضا. وكان قال في مؤتمر بروكسل الصحافي، ردا على سؤال حول تصريحات إسرائيلية بأن ضرب إيران سيأتي لا محال: «لا أود أن أتكهن بما قد تقوم به إسرائيل. لكن صار واضحا أن الكلام عن مثل هذا العمل يعرب عما يعرفه الجميع، وهو تزايد المخاوف في جميع أنحاء المنطقة، وفي إسرائيل. هذا هو ما يعتبره الإسرائيليون تهديدا محتملا لوجودهم. وهو سبب مقنع لزيادة جهودنا في أوساط المجتمع الدولي لنبين لإيران أن ثمة طريقا مختلفا إلى الأمام، وهو طريق الدبلوماسية. ولنظهر لها كذلك أنه إذا فشل المسار الدبلوماسي فهي تجازف بمخاطر حقيقية بزيادة عزلتها».

* رأي إيجابي:

* قال بوب براكنيل، خبير في كلية الحرب البحرية، إنه يتابع غوردون منذ أن كتب كتابه عن التحالف بين الولايات المتحدة والأوروبيين لغزو العراق. وقال إن غوردون من أكثر المتحمسين للتحالف، لكنه لم يكن متحمسا للطريقة التي عالج بها التحالف الصراع مع الرئيس العراقي صدام حسين.

وأضاف أن غوردون يختلف عن خبراء أميركيين في العلاقات الأميركية الأوروبية، مثل روبرت كاغان، الذي، منذ غزو العراق، وحتى اليوم، يرفع شعار «الأوروبيون من الزهرة، والأميركيون من المريخ»، كدليل على اختلاف وجهات النظر بين الجانبين. وكان كاغان، ولا يزال، من أكثر الخبراء الأميركيين تطرفا في الدعوة إلى الحلول العسكرية، خاصة في المشكلات التي تواجهها الولايات المتحدة في العالم الثالث.

وقال براكنيل إن غوردون، على الرغم من انتقاداته لبعض السياسات الأوروبية الأميركية المشتركة، يؤمن بأن الجانبين يشتركان في هوية تاريخية وثقافية واحدة. غير أن غوردون يعترف بالجذور التاريخية الأعمق للأوروبيين بالمقارنة مع الجذور الأميركية. ولهذا، يرى غوردون أن الأميركيين يقدرون على الاستفادة من الخبرة الأوروبية القديمة، خاصة في مشكلات العالم الثالث، وأن غوردون يشير دائما إلى أن دولا أوروبية كثيرة انتقدت التدخل العسكري الأميركي في فيتنام، وأن الولايات المتحدة وقعت في المأزق الأوروبي (الفرنسي) نفسه هناك في خمسينات القرن الماضي، عندما تدخلت هناك، وأن الولايات المتحدة يجب أن تستفيد، على المدى البعيد، من الدروس الأوروبية التاريخية.

* رأي سلبي:

* غاري شميت، الخبير في معهد «أميركان إنتربرايس» المحافظ في واشنطن والمعلق في مجلة «ويكلي ستاندارد» المحافظة، شن هجوما عنيفا على غوردون. وكتب أنه ينحاز إلى الآراء الأوروبية، والتفسيرات الأوروبية للتاريخ، وخاصة عند الحديث عن قضايا العالم الثالث. وأشار إلى أن غوردون، عندما كان خبيرا في معهد «بروكنغز» في واشنطن، وهو معهد معتدل بالمقارنة مع معهد «أميركان إنتربرايس»، كان منحازا ضد الرئيس السابق بوش الابن في مشكلات بوش مع الأوروبيين، خاصة بعد غزو العراق. وأيضا، انضم غوردون إلى الأوروبيين في نقد انسحاب بوش من اتفاقية كيوتو لحماية البيئة. وأيضا، انتقد عطف بوش على أرمينيا في نزاعها مع تركيا، وموضوع إبادة الأرمن على أيدي الأتراك مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

وأيضا، انتقد شمت غوردون في آرائه عن الشرق الأوسط، وقال إنه يعارض الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وإنه عارض غزو العراق. وأشار إلى كتاب غوردون عن دور التحالف الأميركي الأوروبي في غزو العراق.

* من أقواله

* في «هلال الأزمة»: «تشكل المنطقة الممتدة من باكستان إلى لبنان أكبر تحدٍّ لأمن أوروبا وأمن الولايات المتحدة. لكن، لفترة طويلة، ظل كل جانب يعالجها بطريقة خاصة. جاء وقت التعاون لمواجهة هذه التحديات».

* في «كسب تركيا»: «لا بد من (غراند بارغين)، أي مساومة: عظيمة، بين الأتراك والأكراد، تضع نهاية حاسمة لصراع استمر قترة طويلة، وأثر على الدول الأخرى التي فيها أكراد، مثل: إيران والعراق وسوريا. وعلى ضوء ذلك، العودة إلى موضوع إدخال تركيا في الاتحاد الأوروبي».

* في «سياستنا نحو العراق»: «(بعد) الانسحاب من العراق، لا بد أن نحافظ على قوات كافية في المنطقة حتى نمنع أي دولة من الاعتداء على دولة أخرى، وحتى نمنع الإرهاب من إيجاد قاعدة له في المنطقة».

* في «التحالف النووي مع الهند»: «في عالم مثالي، لا بد من العمل على وقف انتشار الأسلحة النووية حتى يكون العالم أكثر سلاما. لكن، واقعيا، إذا لم نتعاون مع الهند نوويا، فسنؤذي مصالح الهند، وسنؤذي مصالحنا».

* في «سياسة أوباما الخارجية»: «يفهم أوباما والديمقراطيون أن فشل السياسة الخارجية لبوش لم يكن بسبب التنفيذ، ولكن بسبب اعتقادات وإطارات خطأ. لهذا، يقدم أوباما، ليس فقط فرصة لتغيير سياستنا الخارجية، ولكن، أيضا، استراتيجية فكرية جديدة ومتكاملة».

* في «الحلفاء في الحرب»: «منذ قبل الحرب العالمية الثانية، كانت السياسة الأوروبية في الشرق الأوسط مختلفة، بل متناقضة، مع السياسة الأميركية. ثم جاء قرار الرئيس بوش بالتدخل في العراق وزاد الانقسامات. الآن، لا بد من سياسة أوروبية أميركية متعاونة».

* في «التحدي الفرنسي»: «في سنة 1999، اعتقل الفرنسي راعي الخراف جوزي بوف بعد أن حاول تدمير مطعم (ماكدونالد) الأميركي في جنوب فرنسا.. هذا يمثل صراع فرنسا للمحافظة على هويتها في ظل العولمة».