الغزو الإيراني.. للعراق

ما فشلت طهران في تحقيقه بالحرب مع العراق حققته بعد الغزو الأميركي

TT

دخل عام 2003 التاريخ، بوصفه عاما للغزو الأميركي على العراق.

ولكن بعد عشر سنوات يدخل العام نفسه التاريخ بأثر رجعي، ليكون عاما لبدء تاريخ جديد من العلاقة مع إيران والعراق. فبعد قرون من الخلاف على التاريخ وعقود من صراع على الجغرافيا، وحرب امتدت لعشر سنوات، جاء عام 2003 ليسطر عهدا جديدا.

ودخلت الدبابات الأميركية بغداد عصر يوم التاسع من أبريل (نيسان) عام 2003 بعد رحلة بدأت من أم قصر يوم العشرين من مارس (آذار). وعصر التاسع من أبريل تولت دبابة أميركية ضخمة وبترتيب مقصود من قبل جماعة المؤتمر الوطني العراقي بزعامة أحمد الجلبي الذي كان فصيل المعارضة الأوسع نفوذا وقربا من الإدارة الأميركية آنذاك، إسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس في قلب بغداد.

وعلى الرغم من الدلالة الرمزية لمثل هذا الحدث فإن تداعياته الواقعية بدأت تأخذ أشكالا وصيغا مختلفة فيما بعد. لم يكن مثل هذا الحدث (الاحتلال العسكري لدولة مستقلة وذات عمق تاريخي موغل في القدم) مألوفا لأغلب دول المنطقة، ومنها إيران التي وإن فرحت لسقوط نظام عدوها اللدود صدام حسين الذي خاض معها حربا طاحنة استمرت ثمانية أعوام (1980 - 1988) إلا أنها كانت في غاية القلق على الخطوة الأميركية التالية.

وبعد شهور مما وصف أولا على أنه «تحرير» من نظام ديكتاتوري شمولي و«سقوط» لعاصمة الرشيد بغداد، بدأت الولايات المتحدة تغوص في المستنقع العراقي. وكلما غاص الأميركيون في هذا المستنقع كان الإيرانيون أكثر جيران العراق تنفسا للصعداء واستثمارا لذلك وفرحا به.

والأسباب وراء ذلك معروفة.. ويجملها الكاتب والمفكر العراقي حسن العلوي (نائب مستقل في البرلمان العراقي)، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، في عوامل تاريخية، تعود إلى مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وهي الفترة التي تحولت فيها إيران إلى التشيع، وكان لديها إشكال مع العراق وقتها وهو أن كل أئمة إيران الشيعية مدفونون في العراق ما عدا الإمام الثامن علي بن موسى الرضا الذي دفن في إيران بقرار من الخليفة المأمون حيث كان «الرضا» وليا للعهد آنذاك.

ويضيف العلوي في قراءته التشخيصية للعلاقة بين العراق وإيران أن «المزارات الدينية هي في الواقع إشكال إيران أكثر مما تفكر في العراق كوطن، والسبب في ذلك أن إيران لا تفكر على مستوى الجغرافيا في العراق إلا لجهة صلتها بالتاريخ».

وإلا فإن إيران أكثر تطورا على مستوى الاقتصاد والموارد من العراق، لذلك فإنها تسعى إلى ترسيخ عقيدتها بالتشيع.

ويضيف العلوي أسبابا أخرى لتصور شكل هذه العلاقة المعقدة منها «الحرب العراقية - الإيرانية حيث إن إيران ظلت تنظر للعراق كخصم تستفيد منه في حالة الضعف ولذلك فإنها تمكنت من بناء قوة بعد الحرب مع العراق حيث ليس لديها شعور بالنكسة ولم تكتب جريدة إيرانية واحدة عن خسارتها في الحرب وبينما دخل العراق الكويت بعد حربه مع إيران دخلت إيران روسيا ولكن بحثا عن اكتساب مصادر قوة جديدة على مستوى العلماء».

وبعد سقوط نظام صدام حسين تحول العراق من وجهة نظر العلوي إلى «دولة ضعيفة وهو ما جعل معظم دول جواره الجغرافي تحصل على مكاسب مختلفة ولكن إيران هي الأوسع نفوذا ولها في ذلك مبررها العقائدي (التشيع) كما أن معظم الحركات الإسلامية العراقية التي تحكم الآن نشأت وترعرعت في إيران».

ويكشف العلوي ما يبدو وكأنه واحد من أسرار الحرب الأميركية على العراق قائلا إن «إيران التي استفادت اليوم من نتائج الغزو الأميركي على العراق كانت قد ساندت الغزو حيث حصل اتفاق إيراني - أميركي عن طريق الدكتور أحمد الجلبي بأن تكون إيران داعمة للتغيير على الطريقة الأميركية وقد ذهب الجلبي إلى إيران ليدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ».

* نفوذ من ثقب الإبرة:

دعمت إيران فكرة التغيير في العراق دون أن يتغير خطابها تجاه أميركا بوصفها الشيطان الأكبر. لكن ما إن سحب هذا «الشيطان» جنوده بنهاية عام 2012، حتى ظهرت طهران كوريث شرعي للتركة الأميركية، وظهر للعلن أول اعتراف بالتغيير الذي حدث في العراق، واستقبلت طهران كل زعماء العراق، كما زار رئيسها أحمدي نجاد ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رافسنجاني بغداد فضلا عن كل وزراء خارجيتها ورؤساء مجلس الشورى.

واتسع النفوذ.. ونطاق السياحة الدينية بشكل غير مسبوق (3000 زائر رسمي يوميا) في وقت ارتفع فيه معدل التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 11 مليار دولار سنويا.

ومع أن هناك من يربط بين حجم التبادل التجاري والنفوذ لجهة القول إن تركيا يجب أن تكون الأكثر نفوذا لأن حجم تبادلها التجاري مع العراق يربو على الـ18 مليار دولار سنويا فإنه بالعودة إلى رؤية العلوي بأن إيران لا تقيم وزنا للعلاقة الاقتصادية مع العراق ولا تعول عليها لكونها متطورة اقتصاديا، فإن هناك من يرى الأمر بطريقة مختلفة لجهة أن النفوذ الإيراني في العراق لم يعد اليوم مثلما كان عليه قبل عشر سنوات.

فالنفوذ الإيراني الذي كان الأوسع من نوعه خلال الأعوام الأولى من التغيير فإنه اليوم لا يبدو كذلك نظرا لما تعانيه إيران الآن من أوضاع سياسية واقتصادية تجعلنا يمكن أن ننظر إلى هذا النفوذ من ثقب إبرة.

الكاتب والخبير العراقي بالشؤون الإيرانية سرمد الطائي يطرح رؤيا مختلفة قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «شيعة العراق كانوا مصابين بالدوار في ظل نظام قمعي هو نظام صدام حسين، لكن الآن بعد عشر سنوات اختلف الأمر بالنسبة لشيعة العراق حيث أصبحوا أثرياء وأقوياء ويحكمون بينما الآن الأمر يختلف بالنسبة لشيعة إيران الذين يعانون العقوبات الدولية وعملتهم شبه منهارة حيث صار الآن شيعة إيران هم من يحتاج شيعة العراق لا العكس».

ويمضي الطائي في تفسير فرضيته قائلا «لا ننسى المعادلات الإقليمية والدولية مثل انهيار أهم حلفاء إيران وهو النظام السوري ولذلك فإن رجلا طالما يوصف بأنه أسطوري مثل الجنرال قاسم سليماني كان حتى قبل سنوات يرسل أبو مهدي المهندس إلى العراق ليحل في ظرف ساعات أعقد مشكلة بينما اليوم نجد زعماء مثل عمار الحكيم أو مقتدى الصدر يتكلمون بشكل واضح في نقد السياسات الإيرانية كما أن الصدر يسكن بيروت الآن وليس قم مثلما كان عليه قبل بضع سنوات، ويعقد صفقاته في أربيل لا في قم»، معتبرا أن «هذا التغيير ليس أمرا سهلا ومحصلته أن العراق مهما مرت به ظروف معينة لن يكون لقمة سائغة في فم إيران على الرغم من أنه لا ينكر أن هناك نفوذا إيرانيا وتدخلا في الشأن العراقي مثل آخرين من دول الجوار ودول المنطقة، ولكن علينا أن لا ننظر إلى الأمور من زاوية واحدة بل من زوايا مختلفة وبالتالي فإن المعطيات تقول إن هذا النفوذ يتراجع فإيران لم تجبر الآن كل الشيعة أن يكونوا مع المالكي في مجلس الوزراء».

فرضية الطائي بدت صامدة إلى حد ما حتى عندما طرح القيادي في ائتلاف دولة القانون سامي العسكري وهو مقرب من زعيم الائتلاف ورئيس الوزراء نوري المالكي رؤية أخرى سواء لأسباب نمو النفوذ الإيراني وللكيفية التي يتعامل معه المالكي بوصفه الشيعي الأول في العراق على مستوى المنصب والمسؤولية (رئيس وزراء لدورتين من 2006 حتى اليوم). يقول العسكري لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك شتائم وتهما لإيران بأنها تتدخل في الشأن العراقي وأن غالبية هذه التهم تأتي من الأشقاء العرب وما أريد أن أقوله هنا أن العرب هم من أتاح لإيران أن يكون لها نفوذ في العراق حيث إن غياب العرب فسح المجال لإيران التي حضرت بقوة».

ويضيف العسكري قائلا «علينا أن لا ننظر إلى التدخل الإيراني من زاوية سلبية فقط فالعرب وإن غابوا عن العراق لجهة عدم الاعتراف بنظامه الجديد فإنهم انهمكوا على قدم وساق في إرسال المزيد من المجرمين تحت بند المجاهدين إلى العراق لقتل أبنائه بينما إيران تعاملت مع الواقع الجديد بما في ذلك الوجود الأميركي في العراق وفق رؤية براغماتية حيث كانت أول من اعترف بالوضع الجديد».

وردا على سؤال للعسكري بوصفه مقربا من صانع القرار السياسي في العراق حول مدى تدخل إيران في القرار السياسي يقول العسكري إن «هذا الأمر غير صحيح تماما وهناك الكثير من الأدلة التي تدحضه وكنت شاهدا على بعضها منها مثلا أن إيران كانت ترفض أن يوقع المالكي اتفاقية مع الولايات المتحدة ووقفت ضدها بقوة ولكن المالكي وقع الاتفاقية ولو كانت إيران هي التي تصنع القرار العراقي أو حتى تؤثر فيه لمنعت المالكي من توقيع الاتفاقية مع واشنطن».

ويضرب العسكري مثلا آخر بأن «إيران كانت تريد من المالكي أن يترك البصرة عندما أوقف المالكي هناك ميليشيا مقتدى الصدر عند حدها حيث ولد ذلك انزعاجا لدى الإيرانيين». ويكشف العسكري الذي كان في واشنطن مؤخرا أن «نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أخبرنا في اجتماع خاص أن المالكي رجل وطني حيث إنه لا يخضع لإيران ولا يخضع لنا». ويختم العسكري رؤيته قائلا إن «العرب وبعد أن عجزوا عن مواجهة إسرائيل وجدوا في إيران عدوا بمواصفات جيدة وإيران لأسباب عقائدية تملك مواصفات العداوة».

* نصر بلا حرب لكن المفكر والسياسي العراقي المعروف الدكتور غسان العطية لديه رؤية لطبيعة النفوذ أو الغزو الإيراني للعراق تجمع بين ما هو سياسي وما هو أكاديمي. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يقول الدكتور العطية إن «ما فشلت إيران في تحقيقه خلال 8 سنوات من الحرب مع العراق حققته بعد الاحتلال الأميركي للعراق دون إطلاق رصاصة واحدة. ومع أن الانتصار الأميركي كان سهلا لكن الولايات المتحدة الأميركية فشلت في مرحلة ما بعد سقوط النظام حيث ارتكبت الإدارة الأميركية أخطاء وخطايا كثيرة في العراق».

ويضيف العطية أن «الولايات المتحدة لجأت إلى نظام المحاصصة الطائفية والإثنية وتعاملت مع منتصرين ومهزومين. فالإسلام الشيعي من موقع قوة والطرف الآخر مهزوم (في إشارة إلى العرب السنة) والطرف الكردي من موقع المنتصر بينما الطرف الآخر العربي يستجيب لتطلعاته وكل واحد يحمل أجندة مختلفة». ويضيف العطية أن «الرقم العربي العراقي تم تغييبه تماما حيث لا يوجد حل إلا من خلال الرقم الرابع حيث يوجد رقم شيعي وسني وكردي ولذلك لا بد أن يكون هناك الرقم الرابع ويعتمد على نفسه وتتم تقويته».

ويرى العطية أن «هناك اليوم تحولا في الشارع العربي في العراق فمن صعد على أكتاف السنة لم يحقق ما كان قد وعد به وكذلك من صعد على أكتاف الشيعة من السياسيين وهو ما جعل كل طرف من هذه الأطراف يسعى لكسب تأييد من خارج العراق فالقيادات الإسلامية الشيعية اعتمدت على إيران ولهذا السبب ازداد النفوذ الإيراني. حتى إن هذا النفوذ امتد للأكراد بل وحتى لشخصيات وأحزاب عربية سنية».

ويؤكد العطية أن «الإدارة الأميركية اعترفت أنها ارتكبت أخطاء في العراق وبالتالي لم يعد أمام عرب العراق الذين يشكلون نسبة 80% من السكان أن يستعيدوا وحدتهم لأن العراق الآن مهدد بالتقسيم ولا حل إلا بهذه الوحدة التي هي الطريق لهذا الإنقاذ ولكن مما يؤسف له أن كل دول المنطقة لا تزال تتعامل معنا إثنيا وطائفيا».

* ماذا يقول الأميركيون تؤكد إيما سكاي الباحثة بمعهد جامعة بيل جاكسون للشؤون الدولية أن إيران هي الدولة الأكثر نفوذا في العراق اليوم بلا منازع. وتملك سكاي خبرة عميقة في الشأن العراقي، فقد عملت في العراق من عام 2003 إلى عام 2004 منسقا لمحافظة كركوك ومن عام 2007 إلى عام 2010 مستشارة سياسية للجنرال ريموند أوديرنو القائد العام للقوات الأميركية في العراق آنذاك.

وتضيف أن العراق وإيران خاضا حربا دموية لمدة ثماني سنوات، وكانت النتيجة هي لجوء النخبة العراقية إلى القوى الخارجية للحصول على الدعم فيما يتعلق بالانقسامات الداخلية، ولم يكن ذلك في تفكير الولايات المتحدة عندما أطاحت بنظام صدام حسين المناهض لإيران في عام 2003. لكن الولايات المتحدة فشلت في الاستفادة من نجاحها في إسقاط نظام صدام حسين وبناء نظام سياسي جديد بين النخب العراقية، وأدت الحرب الأميركية على العراق إلى انهيار الدولة وخلق وضع يسمح بتمكين النخبة الشيعية المنفية من الوجود بقوة على حساب السنة وممثلي التيار الصدري الذين بقوا في العراق منذ عهد صدام. وكانت النتيجة هي التمرد والحرب الأهلية.

وتقول سكاي «بدا فشل الولايات المتحدة واضحا خلال المفاوضات المطولة بعد انتخابات عام 2010 حيث لعبت إيران دورا حاسما في ضمان اختيار رئيس الوزراء نوري المالكي لرئاسة الوزراء لمرة ثانية. وفي المقابل انحصر تركيز الولايات المتحدة على انسحاب القوات الأميركية من العراق في الوقت المحدد مما طغى على التركيز في الانتقال إلى علاقة استراتيجية طويلة الأمد مع العراق. وفشلت الولايات المتحدة في إبرام اتفاقية تحدد وضع القوات الأميركية في العراق مما أعطى الانطباع أن إيران طردت الولايات المتحدة من العراق».

وحول مستقبل العراق في ظل هذا النفوذ الإيراني الكبير تقول سكاي «إن مستقبل العراق سيظل يشهد حالة من عدم الاستقرار وسوف تتحدد معالم هذا المستقبل من خلال الديناميكيات الداخلية العراقية، وتأثيرات الصراع في سوريا الذي أصبح جزءا من صراع إقليمي واسع في المنطقة».

وتضيف سكاي «ما زالت الولايات المتحدة تملك القدرة على التأثير، وهذا يعتمد على ما إذا كانت ستستمر في تقديم الدعم غير المشروط لرجل الشيعة القوي في العراق، أم تسعى لتحقيق التوازن بين مختلف الطوائف في العراق للمحافظة على وحدة البلاد، ومنع العودة إلى عصور الاستبداد، من خلال فرض ضغوط على كافة الأطراف».

وتؤكد أن تراجع الدور الأميركي في تحقيق ذلك سيكون له آثار على الشعب العراقي الذي عانى في ظل حكم صدام حسين من القهر والحرب الأهلية ولا يزال يأمل في حياه أفضل.

ويقول تيد غالن كاربنتر الباحث بمعهد كاتو ومؤلف كتاب «نحو سياسة خارجية حكيمة لأميركا» إن «أنصار الحرب الأميركية على العراق لم يتوقعوا أن تكون نهاية تلك الحرب الطويلة والمؤلمة لأميركا في العراق هي إفساح مجال أكبر للنفوذ الإيراني في العراق بحيث تصبح طهران هي المستفيد الرئيسي من تلك الحرب. ويكره قادة الولايات المتحدة ذلك لكن عليهم أن يعترفوا أن إيران هي لاعب كبير في منطقة الخليج وصاحبة النفوذ الأكثر تأثيرا في العراق».

ويؤكد كاربنتر أن الولايات المتحدة قدمت لطهران خدمة كبيرة من خلال إزاحة النخبة السياسية السنية وإفساح الطريق للتحالف الشيعي الكردي الذي يسيطر الآن على الشؤون السياسية العراقية، واعتبر ذلك الخطر الأكبر الذي كان ينبغي للإدارة الأميركية في عهد الرئيس بوش النظر إليه بجدية قيل الإقدام على غزو العراق.

ويوضح الباحث بمعهد كاتو أن الإدارة كانت تعتقد أن حليف طهران الرئيسي في العراق هو رجل الدين الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر، لكن من المفارقة أن القوات الموالية لحكومة المالكي المدعومة من الولايات المتحدة هي القوات التي تعد المصدر الرئيس للنفوذ الإيراني في العراق مثل حزب الدعوة، والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، والميليشيات التابعة له، وعلاقة طهران مع تلك الفصائل أكثر اتساعا مما هي عليه مع ميليشيات مقتدى الصدر.

ويشير مايكل إيزنشتات مدير مركز الدراسات الأمنية والعسكرية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أن تقييم النفوذ الإيراني الحالي في العراق يؤكد أن طهران هي الفائز في الحرب على العراق سواء من خلال نفوذها السياسي القوي داخل الحكومة العراقية التي تضم عددا من أقرب حلفاء طهران إضافة إلى نفوذها الديني والإعلامي، واستغلالها للفوضى التي أعقبت الربيع العربي في تعزيز وجودها ونشر نفوذها في المنطقة.

* مظاهر لقوة النفوذ الإيراني في العراق

* على المستوى التجاري والاقتصادي.. ارتفع معدل التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 11 مليار دولار سنويا. وتعد إيران في الوقت الحاضر أكبر شريك تجاري للعراق.

* بلغت الصادرات الإيرانية غير النفطية إلى العراق 1.8 مليار دولار في عام 2007 ووصلت إلى 2.3 مليار دولار في عام 2008 وتضاعفت في عام 2010.

* المجالات الرئيسة للتجارة هي قطاعات البناء والمواد الغذائية الصناعية. وتستورد البصرة وحدها ما يصل قيمته إلى 45 مليون دولار من السلع مثل السجاد ومواد البناء وغيرها.

* على المستوى السياحي هناك أكثر من 40 ألف إيراني يزورون العتبات الشيعية في العراق كل عام بما يشكل دعما للاقتصاد العراقي من خلال دخل السياحة.

* على المستوى الدبلوماسي، إيران لديها سفارة في بغداد وأربع قنصليات في البصرة والسليمانية أربيل وكربلاء. العراق لديه سفارة في طهران وثلاث قنصليات في كرمنشاه والأهواز ومشهد.

* على المستوى الأمني، يشار إلى وجود نفوذ كبير لفيلق القدس الإيراني، وقائده قاسم سليماني.

* من بين العلامات على النفوذ الإيراني الممر الجوي بين إيران ودمشق من خلال العراق والذي تقدم طهران من خلاله المساعدة للأسد في مواجهة المعارضة السورية. ويقول باحثون أميركيون لـ«الشرق الأوسط»، إنه كان أمل واشنطن أن تحقق علمانية ديمقراطية في العراق ويصبح العراق حصنا ضد كل الإرهاب الراديكالي المتمثل في تنظيم القاعدة وإيران. ويصبح العراق حليفا في الاستراتيجية الأميركية لعزل إيران، وكان هذا التوقع ساذجا لأن قادة الولايات المتحدة كانوا بطيئين في التكيف مع الواقع السياسي في المنطقة.