تونس.. صراع الهوية

تعيش معركة استنزاف بين إسلاميين وعلمانيين لتشكيل واقع جديد بعد ثورة الربيع

TT

إلى أين تسير تونس الجديدة؟ بعد أن تعاقبت صيحات الفزع التي تحذر من مخاطر الصراعات التي تشق نخبها وساستها ومجتمعها المدني بسبب التناقضات الآيديولوجية والسياسية والحزبية بين قطبي العلمانية والحداثة والانفتاح من جهة والهوية العربية الإسلامية من جهة ثانية.

هل تسير تونس نحو القطيعة والمواجهة؟ هل تتعمق الهوة بين «المعسكرين الحداثي العلماني والسلفي؟» هل يدخل المجتمع التونسي نحو حرب استنزاف طويلة أكثر تعقيدا بين فرقائها الحزبيين والسياسيين أم ينجح صناع القرار فيها في بناء مسار توافقي عقلاني وسطي جديد؟ كلها أسئلة تبحث عن إجابات على أرض الواقع السياسي التونسي حاليا.

* عندما تشكلت أول حكومة ائتلافية في تونس من بين أعضاء المجلس الوطني التأسيسي المنتخب في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، كان الرهان الأكبر بالنسبة لزعماء تونس ما بعد زين العابدين بن علي، هو تقديم نموذج للعالم العربي والإسلامي أساسه «التوافق السياسي بين التيارين الإسلامي والعلماني».

نموذج يثبت أن الدول العربية يمكن أن تتأقلم مع النماذج الغربية العصرية للتعددية والتداول على السلطة مثلما تأقلمت معها الدول ذات الأغلبية الإسلامية من خارج الوطن العربي مثل تركيا وإندونيسيا.

لكن تعاقب الأحداث والاضطرابات السياسية والاجتماعية والأمنية في تونس ما بعد الثورة كشفت أن التناقضات داخل المجتمع التونسي ونخبه، أعمق من أن يجمدها إعلان رسمي من أعلى هرم السلطة المؤقتة التي تتكون من تحالف هش بين رموز تيارين يتصارعان في تونس منذ مرحلة ما قبل استقلال تونس عن فرنسا عام 1956، وخصوصا منذ بروز جماعات الإسلام السياسي أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات.

المتابعون لتطور الأوضاع في «تونس الحديثة» يرون أن رموز هذين التيارين انخرطا في «حرب استنزاف شاملة وطويلة» ومواجهات لفظية ومادية وصدامات كان «الغالب» فيها دوما خلال الحقبة السابقة «العلمانيون» و«الحداثيون» أي التيار الأول بزعامة الحبيب بورقيبة الذي تبنى مقولات العلمانيين الفرنسيين والغربيين وكان متأثرا كثيرا بمنهج الزعيم التركي العلماني المتشدد مصطفى كمال أتاتورك.

يقول المؤرخ والخبير في التيارات السياسية التونسية المعاصرة الدكتور محمد ضيف الله لـ«الشرق الأوسط»، إن «نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي والفريق الذي حكم تونس ما بين 1987 و2011 ورث عن بورقيبة ورفاقه توجها علمانيا معارضا بقوة لتيارات الإسلام السياسي». بل اعتمد بن علي وحلفاؤه الليبراليون واليساريون في الحقبة الأولى من حكمه في سياسة استئصال واجتثاث المنابع لتيار الإسلام السياسي بمكوناته. لكن رغم كل الضربات التي تلقاها التيار الإسلامي في عهدي بورقيبة وبن علي ثم من قبل النخب العلمانية بعد 14 يناير (كانون الثاني) 2011، عاد بقوة إلى السطح مستفيدا من عوامل كثيرة من أبرزها انهيار الهياكل العليا في مؤسسات رئاسة الجمهورية والأمن الوطني والحزب الحاكم الذي قاد البلاد خلال العقود الماضية.

وحسب المراقبين السياسيين في تونس فإن نتائج انتخابات أكتوبر 2011 وكل استطلاعات الرأي التي سبقتها والتي عقبتها وكذلك «المواجهات الحزبية والسياسية في مدن تونس وقراها خلال العامين الماضيين» أكدت أن هذا التيار الجديد بات يستقطب قطاعا عريضا من النخب السياسية والنشطاء، وما لا يقل عن نصف المجتمع.

وقد أعاد الجناح الحزبي والسياسي الإسلامي الراديكالي (أو الإخواني) تشكيل نفسه منذ مطلع 2011 مستفيدا من رصيد المجتمع الديني ومن تراكمات داخل الأوساط الشعبية والنخب لصالح «الإسلام السياسي» تحت تأثير بعض الدعاة والواعظين وثلة من علماء جامع الزيتونة ومشايخها ونشطاء قوميين عرب وإسلاميين من أبرزهم إمام جامع عقبة بن نافع سابقا الشيخ عبد الرحمن خليف والشيخ محمد الصالح النيفر الزيتوني اللذين تمردا منذ مطلع الستينات على الزعيم بورقيبة واضطهدا لأنهما عارضا مواقفه من صوم رمضان ومن إغلاق الجامعة الزيتونية، وثم قادة الجماعة الإسلامية وحركة الاتجاه الإسلامي ثم حزب النهضة بزعامة الشيخين راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو.

ضمن هذا المشهد العام يتساءل التونسيون.. إلى أين تسير تونس الجديدة؟ بعد أن تعاقبت صيحات الفزع التي تحذر من مخاطر الصراعات التي تشق نخبها وساستها ومجتمعها المدني بسبب التناقضات الآيديولوجية والسياسية والحزبية بين قطبي العلمانية والحداثة والانفتاح من جهة والهوية العربية الإسلامية من جهة ثانية.

* المسلمون علمانيون بالضرورة؟

* قسم كبير من مثقفي تونس العلمانيين والمعارضين بقوة للتيار السلفي يعتبرون أن الدولة يجب أن تكون علمانية أي أن ترفض الخلط بين الدين والسياسة لأن الإسلام ليس دين الدولة بل دين غالبية المواطنين المسلمين وهم علمانيون في غالبيتهم بالضرورة لأنهم ضد توظيف الدين في اللعبة السياسية على حد تعبير العميد السابق لكلية الآداب الدكتور علي المحجوبي والأمين العام لحزب نداء تونس الدكتور الطيب البكوش وهما من أبرز زعامات التيار العلماني واليسار الاشتراكي في تونس.

وفي الوقت الذي يعلن فيه عدد من قادة حركة النهضة وتيار الإخوان المسلمين انبهارهم بتجربة التوافق السياسي الإسلامي العلماني في تركيا وبسياسات حزب العدالة والتنمية التركي ذي الميول الإسلامية، يستدل خصومهم مثل الجامعي والناشط اليساري علي المحجوبي أو رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي زعيم حزب نداء تونس - مقولات الزعيم التركي رجب الطيب أردوغان التي تدافع عن علمانية الدولة وعن الهوية الإسلامية لغالبية الشعب التركي «الدولة علمانية والمجتمع مسلم». وحسب هؤلاء فإن الصراعات السياسية في تونس ما بعد الثورة بين الحداثيين العلمانيين والإسلاميين السلفيين، محورها سياسي والخلافات حول المشروع المجتمعي. وخصوصا حول النظرة إلى دور المرأة ومكاسبها والحريات العامة والفردية ومن بينها الاختلاط وحرية اللباس وتناول المشروبات الكحولية والسباحة بملابس قصيرة في الشواطئ والحق في الإفطار لغير الصائمين، على حد تعبير الناشط الحقوقي اليساري صالح الزغيدي الكاتب العام للجمعية التونسية للدفاع عن العلمانية.

ويتهم صالح الزغيدي وأنصاره مثل سمير الطيب القيادي في حزب «المسار الاجتماعي» (الحزب الشيوعي سابقا) قيادات التيارات السلفية والإسلامية وخصوصا قيادة حركة النهضة بمحاولة التأسيس لدولة استبداد ديني تخلف دولة الاستبداد السياسي والفساد المالي لمرحلة ما قبل الثورة.

ويساند هذا التمشي رموز بارزون للتيار العلماني مثل إياد الدهماني القيادي في الحزب الجمهوري بزعامة أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي. ويعتبر إياد الدهماني أن الاستبداد الديني سيكون أسوأ من النظام السابق الذي نخره الاستبداد السياسي.

* التوافق بين الإسلاميين والعلمانيين؟

* لكن تصريحات «القيادات السياسية المعتدلة في حركة النهضة مثل رئيس الحكومة الجديد علي العريض ومستشاره السياسي البارز المحامي نور الدين البحيري ترفض شيطنة العلمانيين للتيار الإسلامي.

في هذا السياق أورد علي العريض أن الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين وظف خلال العقود الماضية من قبل أنظمة الاستبداد لتقسيم المجتمع التونسي على أسس عقائدية ودينية وليس على أسس مواطنين يحكم لصالحهم أو ضدهم حسب حقوق وواجبات يضبطها القانون ومن بينها الحقوق والواجبات السياسية والاقتصادية.

ورفض زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، تهمة توريط تونس ما بعد الثورة في حرب استنزاف غير عقلانية بين الإسلاميين والعلمانيين، ويعتبر أن نقطة القوة المركزية في التجربة الديمقراطية التونسية الجديدة السعي للتوافق السياسي الوطني بين مختلف الفرقاء الحزبيين والسياسيين حول حكومة تضم في نفس الوقت إسلاميين وعلمانيين متحزبين ومستقلين.

ويستدل العجمي الوريمي مسؤول قطاع الثقافة في قيادة حزب النهضة الإسلامي بتنازل حزب الإسلاميين الفائزين بالأغلبية في الانتخابات عن مواقع مركزية في الدولة بما في ذلك منصب رئيس الجمهورية وحقائب السيادة في الحكومة.

كما يستدل عبد العزيز التميمي - عضو مجلس الشورى في حركة النهضة - بقرار حركته تجنب الصدام مع كل العلمانيين المعارضين لتطبيق الأحكام الشرعية في تونس حتى لا يقسم البلد إلى علمانيين معارضين للحدود وإسلاميين لهم توجهات سلفية يدعمون تطبيق الحدود ويتمسكون على التنصيص على ذلك في الدستور.

وينوه الدكتور رضوان المصمودي رئيس مركز الإسلام والديمقراطية بتونس وواشنطن بعدم إصرار قيادة النهضة على أن يتضمن الدستور الجديد فصلا يفرض تطبيق الشريعة والإحكام الشرعية.

* ربيع أم شتاء؟

* لكن ماذا عن تخوفات نشطاء مئات الجمعيات النسائية والحقوقية وعشرات الأحزاب العلمانية من المد السلفي والأصولي في تونس ومن ما تقول إنه استبدال الاستبداد السياسي بآخر ديني؟

وكيف يمكن تفسير تجمع عدد كبير من قادة النخبة في تونس ومن زعامات الأحزاب اليسارية والليبرالية وتلك التي خرجت من رحم حزب بورقيبة وبن علي في جبهة سياسية موسعة تحت عنوان «التحالف من أجل تونس» ترفع شعارا مركزيا واضحا: التحضير لجبهة انتخابية كبيرة ضد التيار الإسلامي عامة وحركة النهضة خاصة.. حتى لا يتحول الربيع العربي في تونس إلى شتاء أصولي؟

زياد الدولاتلي مسؤول المكتب السياسي والعلاقات الدولية في مجلس الشورى التابع لحزب حركة النهضة يرفض «شيطنة الإسلاميين ويسجل أن ضحايا القمع من الإسلاميين لم يثاروا من جلاديهم رموز النظام العلماني رغم استلامهم السلطة وانهيار مؤسسات السيادة في العهد السابق.

ويعتبر الإسلامي عماد الحمامي عضو المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان الانتقالي) أن الإعلان عن مسار واضح للإنصاف والمصالحة الوطنية الشاملة خطوة ستتحقق قريبا وهي خيار استراتيجي ورسالة سياسية وطنية توافقية واضحة لا لبس فيها من قبل المعتدلين في التيارين العلماني والإسلامي على أن ربيع تونس لن يتحول إلى شتاء أصولي سواء كانت هذه الأصولية إسلامية أو علمانية.

واستدل عماد الحمامي وزياد الدولاتلي بكون حكومة التوافق الحالية بين الإسلاميين والعلمانيين لم تمنح أي حصانة للإرهابيين عندما رفعوا شعارات سلفية دينية ولم تمنع السياحة والشواطئ والسفور.. إيمانا منها بكون الحرية هي القدرة على السير في أكثر من اتجاه. كما اعتبر حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة ورئيس حكومة الائتلاف الثلاثي المستقيل أن وجود إسلاميين وعلمانيين معتدلين في السلطة أكبر ضمانة لمنع المتشددين السلفيين والإرهابيين والمجرمين من أن يحولوا ربيع تونس إلى شتاء أصولي.. رغم التخوفات الصادرة عن تيار عريض من النخب والجمعيات النسائية والحقوقية التونسية وزعاماتها مثل السيدة سعيدة قراش والمحامين اليساريين عبد الستار بن موسى والمختار الطريفي.

ويعتبر راشد الغنوشي أن العلمانيين أنواع والسلفيين أنواع والإسلاميين مدارس كثيرة في تونس.. وقد نجح الحوار مع أنصار السلفية العلمية رغم اعتراضات كثير من العلمانيين فيما لم تترد الحكومة في التعامل بصرامة مع أنصار جماعات السلفية الجهادية القريبة من القاعدة. وبعيدا عن تهويل البعض لعدد من الظواهر ومحاولة آخرين التقليل منها فإن نقاط استفهام غامضة تفرض نفسها في ظل الاستقطاب الثنائي الواضح للحياة السياسية في تونس بين تيار علماني مؤثر في النخب والمجتمع المدني وآخر إسلامي له عمق شعبي كبير: هل تسير تونس نحو القطيعة والمواجهة؟ هل تتعمق الهوة بين المعسكرين الحداثي العلماني والسلفي؟ هل يدخل المجتمع التونسي نحو حرب استنزاف طويلة أكثر تعقيدا بين فرقائها الحزبيين والسياسيين أم ينجح صناع القرار فيها في بناء مسار توافقي عقلاني وسطي جديد؟

هذا النفس التفاؤلي تلمسه عند عدد كبير من قادة التيار العلماني المتحالف مع حركة النهضة الإسلامية، مثل خالد بن مبارك القيادي في حزب المؤتمر والوزير المستشار الأول لدى رئيس الجمهورية الانتقالي المنصف المرزوقي.

يقول بن مبارك: «القابلية للديمقراطية موجودة في كل الشعوب والمجتمع التونسي أثبت أنه مؤهل لأن يقود تجربة ديمقراطية نموذجية في المنطقة».

* شروط العلمانيين:

* لكن هذا النفس المتفائل لا يجد صداه في أوساط تيار عريض من العلمانيين سواء كانوا من بين المتشددين في عدائهم لتيار الإسلامي السياسي مثل قادة الجبهة الشعبية بزعامة حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي التروتسكي أو الواقعيين الذين يقرون بأن لا مفر للحداثيين من التوافق مع الإسلاميين المعتدلين.

لكن هؤلاء البراغماتيين - مثل الدكتور الطيب البكوش - الأمين العام لاتحاد نقابات العمال سابقا وأمين عام حزب نداء تونس حاليا - يقدمون شروطهم للتوافق السياسي المنشود.

حسب البكوش المصطلحات السياسية المستخدمة من قبل قيادات النهضة والعلمانيين - مثل الديمقراطية والتعددية والهوية - مشتركة ولكن الدلالات مختلفة مما يفسر الاختلافات.

وإذا سلمنا أن الانتقال الديمقراطي يعني الانتقال من حال الديمقراطية إلى حال منشودة من الديمقراطية أي أن لأي يؤدي إلى انتقال من استبداد إلى آخر.. فضلا عن أن يكون كما يعتبر كثير من العلمانيين أن من بين المخاوف التي يثيرها الخطاب السياسي لقياديين بارزين في التيار الإسلامي والترويكا التعالي على الخصوم والمنافسين السياسيين انطلاقا من مفهوم خاطئ للشرعية يثير جدلا في مرحلة الانتقال الديمقراطية بسبب الخلط بين الشرعية الانتخابية - شرعية صناديق الاقتراع - والشرعية التوافقية التي لا مجال لتجاهلها في المراحل الانتقالية والاستثنائية مثل تلك التي تمر بها تونس منذ عامين.. فضلا عن الحاجة إلى أن تكتسب الأغلبية شرعية الأداء والإنجازات.. وهي مقياس قد يدعم الشرعية الانتخابية وقد يضعفها.

في نفس السياق يعتبر علي المحجوبي العميد الأسبق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية أن أخطر ما يهدد وحدة تونس مجتمعا ونخبا الاختلاف في مفهوم العلاقة بين الدين والسياسة وعدم اتهام العلمانيين سياسيا بكونهم ملاحدة وزنادقة وكفار بسبب سلوكياتهم الليبرالية وملابس النساء أو الخلافات حول بعض بنود مشروع الدستور وخلط بعض الإسلاميين القياديين بين العقيدة الإسلامية وتوظيف المعتقدات الدينية والمقدسات المشتركة في اللعبة السياسة والانتخابية.

* عنق الزجاجة؟

* تكشف المواقف المتباينة لرموز التيارين العلماني والإسلامي عمق التناقضات.. وأن البلد مقسم فعلا لمعسكرين كبيرين.. الأول محوره الدين والهوية، والثاني السلوكيات الليبرالية وحقوق المرأة ومكاسب الدولة الحديثة في عهد بورقيبة وبن عل.

العقلاء والوسطيون يقرون أن البلد في حاجة ملحة لتعميق التفكير.. وتوسيع مجالات الحوار المباشر عوض استخدام ورقة الشارع وتبادل الضغط عبر وسائل الإعلام والمظاهرات والاعتصامات وحملات العنف اللفظي والمادي.. والتشويه والتشويه المضاد.

قد ينتصر منطق الوسطية في بلد في رصيده أكثر من 3 آلاف عام من الانفتاح على الآخر: منذ انفتاح إمبراطورية قرطاج على ثقافات اليونان وروما إلى مراحل تحقيق المغاربيين توازنا بين هويتهم البربرية والشمال أفريقية وانتمائهم للفضاء الثقافي والحضاري الجديد العربي الإسلامي.

كما تلعب لصالح تونس أوراق كثيرة من بينها أنها شهدت منذ مطلع القرن التاسع عشر نهضة فكرية وثقافية وسياسية.. وكانت أول بلد عربي يسن دستورا وقوانين مدنية لتنظيم الدولة.. وخلال حقبة النضال ضد الاحتلال الفرنسي وبعده وفقت نخب تونس بين هويتها العربية الإسلامية ومكاسب الثقافات الغربية.. وبعد إعلان الاستقلال مباشرة تبنت تونس استراتيجية لم تتبنها غالبية الدول العربية إذ خصصت ثلث موازنة الدولة للتعليم وخصوصا لتعلم ثقافات أوروبا ودفع المجتمع التونسي نحو التقدم بنسق سريع.