التيارات الجهادية في تونس.. سلطة السلاح

لا تعترف بسلطة الدولة وترفض الاحتكام إلى القانون.. والمواجهة قد تكون خيارا لا مفر منه

TT

لم يعد وجود التيار السلفية الجهادي في تونس، ظاهرة عابرة، سرعان ما ستخرج منها سالمة ومعافاة، ولكن الأحداث الأخيرة التي وقعت في جبال الشعانبي، والمواجهات التي وقعت بين جماعة أنصار الشريعة السلفية والأمن التونسي، يوم الأحد الماضي، وتهديد الحكومة باستخدام القوة في مواجهة هؤلاء المتشددين، تنذر بخطر داهم، وحالة من التعقيد، قد لا تبدو نهاية لها قريبة في الأفق. فالترويكا الحاكمة ومن خلفها أحزاب الحوار الوطني، التي تزيد على 30 حزبا، تريد من السلطات عدم التسامح مع هذه الجماعات، بل ويطالبون بوضعها في قائمة الإرهاب. وفي المقابل لا تعترف التيارات السلفية التي تحمل السلاح، بسلطة الدولة وتصف حكامها بـ«الطواغيت».

خلال سنوات طويلة مضت كان الحديث عن سلفية تحتكم إلى القوانين وتعترف بالسلطة المركزية. أما الآلاف ممن اختاروا منهم رفع السلاح، فوضعوا وراء القضبان. وأحصت منظمات حقوقية تونسية أكثر من ثلاثة آلاف شاب تونسي اعتقلهم نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ورمى بهم في غياهب السجون. وتمكن الكثير منهم من مغادرة الأقبية المظلمة بعد إقرار العفو التشريعي العام في 19 فبراير (شباط) 2011، وهو ما وفر الإطار القانوني لعودة «المحاربين» أو لنقل «الجهاديين» من مناطق التوتر في العالم العربي والإسلامي ومن بلدان غربية إلى تونس وبداية النشاط السياسي العلني.

وبعد أكثر من سنتين من نجاح الثورة بدا أن الطابع المسالم للمجتمع التونسي قد غاب وتأثر بشعارات سياسية آتية من كل صوب وحدب ولم تعد هناك سيطرة للشيوخ التونسيين على أبنائهم ومريديهم. وسيطر الخطاب المتشدد على الساحة السياسية في صفوف اليمين واليسار بعد أن اتهم بعض القيادات السياسية الدينية حركة النهضة بممارسة ما بات يعرف في تونس بـ«الإسلام لايت» أي أن يحكم حزب إسلامي التونسيين دون أن يعتمد على الشريعة كمصدر أساسي للتشريع. وقد دفع هذا الأمر بالشباب التونسي للبحث عن ملجأ مختلف ووجدوا في التيارات المتشددة الملاذ الذي وفر لهم الحماية الاجتماعية وأخرجهم من وضعية دونية إلى وضعية فوقية مكنت السلفية الجهادية من موقع متميز داخل التركيبة الاجتماعية التونسية.

وفي هذا السياق قال محمد الصالح الحدري الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (حزب إسلامي) لـ«الشرق الأوسط» إن «التيارات السلفية استغلت تردد حركة النهضة في حسم كثير من الملفات العالقة من بينها هوية التونسيين في الفصل الأول من الدستور، وعدم الحسم في موضوع علاقتها بالأحزاب العلمانية مما جعلها لا تتخذ مواقف جريئة على حد قوله وابتعدت بالتالي عن انتظار قواعدها باعتماد الشريعة كمصدر للتشريع وهذا أدى إلى تخلي بعض الشباب التونسي عن مناصرته لها والالتحاق بقيادات التيارات السلفي التي أبقت على ثوابتها ولم تغير مواقفها» على حد تعبيره.

وخلافا لما نشر من تقارير حول انتماء شباب تونس إلى السلفية الجهادية داخل تونس نفسها، فإن دراسة أعدتها وزارة الداخلية التونسية أظهرت أن الجهاديين التونسيين قد انتشروا في مناطق كثيرة من العالم. وأكدت نفس الدراسة أن أكثر من 1094 جهاديا تونسيا موزعين على عدة بلدان عربية تعرف توترات سياسية من بينهم 566 تونسيا يقاتلون في صفوف الجيش الحر في الحرب السورية المفتوحة. كما بلغ عدد التونسيين الذين انخرطوا في الجماعات الجهادية العراقية نحو 326 مقاتلا منذ بداية الحرب هناك سنة 2003. ويتدرب قرابة 123 تونسيا في الوقت الحالي في معسكرات تابعة للتنظيمات الجهادية في ليبيا. وينشط 25 جهاديا ضمن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الجزائر. كما انضم 30 تونسيا حسب الدراسة نفسها إلى الجماعات الجهادية في مالي وقد لقي ستة منهم حتفهم في المواجهات الأخيرة. ويشارك حاليا 24 جهاديا ضمن صفوف تنظيم القاعدة في اليمن، ولا يزال قرابة 24 تونسيا يقاتلون في العراق وقد اعتقلت السلطات العراقية العشرات منهم.

وتؤكد كل هذه الأرقام أن التيار السلفي الجهادي قد استغل مناخ الحريات بعد الثورة لإعادة الانتشار في بلدان الربيع العربي وتشير كثير المعطيات لوجود تنسيق قوي بين تلك التيارات لإيمانها بنفس المبادئ التي من بينها حمل السلاح ضد السلطة القائمة.

وفي الداخل التونسي يقدر بعض المختصين في الجماعات الإسلامية عدد المنتمين للتيار الجهادي في تونس بنحو أربعة آلاف جهادي، وهو ما يعني أن «خزان» التيار الجهادي ممتد ولا يمكن حصره البتة في مجموعة محدودة العدد مقدرة بما بين 50 و100 عنصر منتشر في غابات الشعانبي وسط غرب تونس وذلك بعد زرع مجموعة من الألغام في طريق قوات الأمن والجيش. ولم ينفع التشكيك المتواصل في قدرة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على الاستقرار على الأراضي التونسية في جعلها بعيدة عن مرمى التيار الجهادي، حيث أظهرت تقارير أمنية تونسية أن العناصر الإرهابية المستقرة في الجبال الصعبة التضاريس في أعلى قمة جبلية بتونس (نحو 1.5 كلم على سطح الأرض) تمتلك من المدخرات والمؤونة والأسلحة ما يجعلها قادرة على تهديد أمن تونس وربما بقية البلدان المجاورة.

وحسب تقرير للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين (مقرها تونس) وتضمن تحليلا لملفات 1208 سلفيين تونسيين تم اعتقالهم بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب المعروف بقانون 2003، فإن الشريحة العمرية للمنضمين إلى التيار السلفي الجهادي صغيرة السن وهي عموما تتراوح بين 25 و30 عاما، وتنخفض أحيانا لتصل إلى 19 عاما، وينحدر 46 في المائة من مناطق شمال تونس (تونس الكبرى، بنزرت، جندوبة، وباجة)، و31 في المائة من وسط البلاد (القيروان، سيدي بوزيد، سليانة، القصرين، المهدية، المنستير، سوسة، صفاقس)، و23 في المائة من الجنوب (قفصة، توزر، قابس، مدنين، تطاوين، قبلي).

وفي هذا الشأن، قالت منيرة الرزقي، الباحثة التونسية المختصة في علم الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط»، إن المنتمين للتيار الجهادي لا يرون العالم وفق ما نراه ولهم منطق خاص في النظر لمختلف المجتمعات. وأضافت أن عمليات غسل دماغ خضع لها الكثير منهم قبل التحاقهم بساحات الجهاد سواء في الخارج أو في الداخل. وأشارت إلى صعوبات قد لا تكون في تعامل قوات الأمن والجيش مع عناصر مسلحة محدودة العدد، لكن المشكلة في تبني الشباب للفكر الجهادي ووجود الآلاف مما يسمى بـ«الخلايا النائمة» ممن اقتنعوا بهذا الفكر وهم مستعدون للدفاع عن معتقدهم بكل الطرق بما فيها استعمال السلاح والخروج عن شرعية الدولة.

وشن الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التي تقود عملية الانتقال الديمقراطي هجوما عنيفا على التيار السلفي على الرغم من تأكيده على وجو سلفيين مسالمين في محاولة على ما يبدو للتفرقة بين شقين من السلفيين وهما السلفية العلمية التي لا تتبنى حمل السلاح والسلفية الجهادية التي لا تتوانى في استعمال كل الوسائل لدفع المجتمع نحو تطبيق الشريعة بحذافيرها ولو كان ذلك باستعمال العنف والإكراه. وقال الغنوشي في آخر ندوة صحافية خصصها لأحداث جبل الشعانبي التي وجه فيها الاتهام إلى التنظيمات الجهادية، إنه لا جدوى من التحاور مع التيارات المتشددة في الوقت الحاضر وهو ما قرئ على أنه «ضوء أخضر» لفتح مواجهة كبرى مع التيارات السلفية المتشددة. وقال الغنوشي إن المحافظة على السلم الاجتماعي وعلى دماء المسلمين مسائل مبدئية على السلفيين احترامها وهي الفيصل بين مختلف الأطراف.

ومن ناحيته وصف عبد الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» السلفيين المتطرفين بـ«الغزاة» وبالعجز عن العيش في سلام بين التونسيين وقال إن «كل من يجاهد الدولة ويحاربها هو من الغزاة»، وأضاف موضحا «من يسلك هذا الطريق سيؤدي به إلى الجحيم بسبب المعتقدات الخاطئة والمغلوطة» على حد تعبيره.

وتختلف رؤية القيادات السلفية حول عملية التعاطي مع الواقع السياسي التونسي بعد الثورة ففي حين ترى قيادات سلفية من التيار الجهادي التكفيري أن المجتمع مكون من «الطواغيت» التي يجب مقاومتها بكل الوسائل بما فيها حركة النهضة التي تعتبرها تلك القيادات تيارات «متأسلمة» وليست مسلمة. وفي هذا الشأن لم توافق بعض القيادات المسالمة دعوات «أبو عياض» زعيم «أنصار الشريعة» لاستعمال القوة في مقاومة النظام والخروج على السلطات القائمة، فقد طالب البشير بن حسن باتباع منهج السلف المعتمد على الرفق والرحمة وحب الخير بعيدا عن منهج التهييج والعنف. وقال إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقال إن من له القدرة على نصحهم ومحاورتهم فعليه عدم التخاذل في ذلك.

ويقول التونسي الهادي يحمد المختص في الجماعات الجهادية إن الحديث عن وجود 50 ألفا من أتباع تنظيم «أنصار الشريعة» مبالغ فيه وهو رقم غير دقيق وقال إن الرقم القريب للمنطق لا يزيد على 15 ألف مناصر هم النواة الصلبة لهذا التيار السلفي المتشدد. ويرى أن المتعاطفين مع هذا التيار قد يكونون أكثر والأمر نسبي حسب الأحداث ففيما بات يعرف بـ«غزوة السفارة» الأميركية في أدبياتهم، جلب الهجوم متدينين ومصلين لا صلة لهم بالتفكير المتشدد وذلك بالنظر لموضوع الفيلم المسيء للرسول عليه الصلاة والسلام والإسلام الذي جلب أعدادا كبرى جاءت تدافع عن دين المسلمين.

وقال يحمد إن قرار وزارة الداخلية التونسية منع مؤتمر أنصار الشريعة في القيروان ثم في حي التضامن في ضواحي العاصمة التونسية قد أوقع أنصار الشريعة في مطب صعب وأظهر أنه في حالة ضعف ولا يقدر على محاربة الدولة في هذه الفترة بالذات.

وفسر التونسي اعلية العلاني المختص في الجماعات الإسلامية انتشار الأفكار المتشددة ووجود قبول في الأحياء الشعبية التونسية وفي أوساط محدودة الثقافة، بالمعاناة منذ عقود من التهميش الاجتماعي والاقتصادي، وضرب مثالا على ذلك أحياء حي التضامن القريب من العاصمة وخاصة دوار هيشر غرب تونس العاصمة الذي تحول إلى أحد معاقل التيار السلفي الجهادي، وفسر ذلك بالحاجة إلى الانتماء وإلى تحقيق الذات وكذلك بعمليات غسل الدماغ المتكررة والوعود التي تلحق بالجهادي. وأشار إلى أن تلك الأحياء المتكاثرة تمثل بيئة مثالية لامتداد الظاهرة السلفية وانتشارها بين الطبقات المهمشة.

وتتالت الدعوات المنبهة خلال الفترة الأخيرة إلى وجود سلفية موازية أساسها عناصر منحرفة وأصحاب سوابق عدلية وعاطلون عن العمل كلهم انضموا إلى التيارات السلفية التي اتضح أنها تتحكم في موارد مالية مهمة وبإمكانها توفير كثير من الامتيازات لمنتسبيها من بينها التجارة في شوارع المدن دون التعرض لهم من قبل قوات الأمن.

وفي هذا الشأن، قال رضا بلحاج المتحدث باسم حزب التحرير(حزب ينادي بعودة الخلافة) لـ«الشرق الأوسط» إن التيار السلفي «مفضوح وغير متجانس ومرتع للاختراق من قبل كل الخصوم»، وأضاف بلحاج أن عملية الاختراق يمكن أن تتمّ بانتحال الصفة والشكل والهيئة، وأشار إلى بعض التصريحات المحلية التي أكدت اختراق التيارات المتشددة على غرار تأكيد وصول حاويات من اللحى الاصطناعية إلى تونس والاتهامات الموجهة لبعض عناصر التنظيم السلفي بالانحراف.

وقال بلحاج إن بعض عناصر التيار السلفي قد انتحلت هويات غير هوياتها في أحداث جبال الشعانبي وسط غربي تونس على غرار هوية الغريسي المتهم في تلك الأحداث والذي أكدت الجزائر أنه ليس من مواطنيها خلافا لما بينه شكله وأكد أن الهدف من كل ذلك هو إما تشويه التيارات الإسلامية وضربها من الداخل خدمة لأجندات معينة أو للتمعش والاستفادة من الصدقات والأموال في إطار الأجواء الإسلامية. وأشار إلى التستر باللحى الاصطناعية والنقاب بعد القيام بعمليات إجراميّة وهذه ممارسات بعيدة عن أخلاق السلف الصالح على حد تعبيره.

واستدرك بلحاج ليؤكد على اتباع نفس سياسة نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي في تشويه الدين واللباس الشرعي، وقال إن التيارات الإسلامية عامة والسلفيين على وجه الخصوص أشخاص يهمهم الشأن العام ولهم أفكار واضحة ورؤية مختلفة للواقع وهم مستعدون للحوار وللفهم وللمحاسبة.

من جهتها قالت البرلمانية سعاد عبد الرحيم عضوة المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) عن حركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» إن عملية الاختراق للتيارات الإسلامية والسلفية باتت يقينا وأمرا لا يمكن أن يرقى إليه الشك وأشارت إلى بعض أصحاب السوابق العدلية المنتمين إلى هذه التيارات قد التحقوا بها للتكفير عن ذنوبهم، على حد تعبيرها، وتحقيق منافع شخصية وأشارت كذلك إلى أن اختلاط هذه المجموعات بالأصيلين من التيارات يشكل خطرا على المجتمع التونسي مما قد يجعل ظاهرة التدين تتراجع بعد ظهور عدّة أحداث عنف نسبت إلى التيار السلفي الجهادي.

وعلى مستوى الواقع السياسي التونسي بعد الثورة وقبلها، لم تكن التنظيمات السلفية ناشطة خلال فترة حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، وقلص من تحركاتهم ومن أنشطتهم السياسية عبر إقرار قانون مكافحة الإرهاب المؤرخ يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) 2003 وزج بأكثر من ثلاثة آلاف شاب سلفي في السجون حسب المنظمة التونسية «حرية وإنصاف» الحقوقية المستقلة.

إلا أن الثورة التونسية أحيت ما كان يعرف بـ«الخلايا» النائمة وأعادت إلى مسرح الأحداث السياسية الكثير من القيادات الجهادية التي كانت تنشط في الخارج (أوروبا وأفغانستان والعراق على وجه الخصوص) ومن بينها «أبو عياض» الذي أسس سنة 2000 تجمع الجهاديين التونسيين في جلال آباد (في أفغانستان)، وهو حسب المتخصصين في الجماعات الإسلامية تلميذ أبو قتادة الفلسطيني، السجين حاليا في بريطانيا بتهمة تهديد الأمن القومي. وللسلفية الجهادية قيادات شابة من بينها أبو أيوب التونسي إلى جانب القيادة الشرعية ممثلة في الشيخ الخطيب الإدريسي (سيدي بن عون ولاية - محافظة - سيدي بوزيد - وسط تونس)، وهو سجين سابق اتهم في عهد بن علي بالإفتاء بجواز القيام بعمليات عسكرية ضد النظام فيما بات يعرف في تونس بأحداث سليمان التي جدت نهاية سنة 2006 وبداية 2007. عقد تنظيم أنصار الشريعة في شهر مايو (أيار) سنة 2011 أول ملتقى له حضره أكثر من 15 ألف مناصر وضم أغلب الطيف الجهادي التونسي، ونظم تحت شعار «اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا». كما عقد التنظيم مؤتمره الثاني في مايو (أيار) سنة 2012 في مدينة القيروان وحضره زهاء 5000 شخص، وتخلله استعراض للرياضات القتالية بالأيدي والعصي والسيوف.

وشارك «أنصار الشريعة في تونس» في الكثير من التحركات العنيفة وتتهمه قوات الأمن بالوقوف وراء عدد كبير من أعمال العنف والاحتجاج في الشوارع وتحدي عناصر الأمن وذلك على غرار الهجوم على السفارة الأميركية بالعاصمة التونسية احتجاجا على بث فيلم مسيء للإسلام في 14 سبتمبر (أيلول) الماضي. وتقول قيادات من التيار السلفي إن السلطات التونسية تعتقل حاليا قرابة 400 من عناصر هذا التنظيم السلفي.

وبشأن العلاقة بين حركة النهضة التي ظلت محظورة لمدة فاقت الأربعين سنة والتيارات السلفية الجهادية التي طفت على السطح بعد نجاح الثورة التونسية، قال اعلية العلاني المتخصص في الجماعات الإسلامية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن حركة النهضة التي أعلنت مدنيتها واختارت صناديق الاقتراع للحكم والتداول على السلطة لم يعد بإمكانها تأجيل المواجهة مع المتطرفين، واعتبر أن الحوار الجدي والمعمق بين التيارات الإسلامية وبقية الأطراف السياسية مسألة حيوية وقد يكون المؤتمر الوطني حول مكافحة التطرف والإرهاب من بين الوسائل المهمة لتجاوز حال اللاحرب واللاسلم التي تسود المجتمع التونسي في الوقت الحالي. وأشار إلى غياب الثورة الثقافية التي تقود إلى ثورة سياسية واجتماعية في حالة تونس وقال إن غياب تلك الأرضية الثقافية والرؤية المناسبة للنمط الاجتماعي المناسب هو الذي أدى على حد تقييمه إلى الوضع السياسي والاجتماعي الحالي الذي يسوده التذبذب وتسيطر عليه عقلية التجاذب.

* حقائق...

* تنقسم السلفية في تونس إلى شقين أساسيين يختلفان من حيث الخطاب والممارسة هما: السلفية العلمية (معترف بها وتمارس عملها السياسي)، والسلفية الجهادية التي ترفض سلطة الدولة.

* التيارات السلفية المتشددة موجودة بكثافة في الأحياء الشعبية التونسية التي ترتفع فيها نسب البطالة والفقر والجريمة. وتجد السلفية الجهادية معقلا أساسيا لها في أحياء «التضامن» الواقع في الضاحية الغربية للعاصمة التونسية وهو يشمل مجموعة من الأحياء التي تفرعت وتوالدت عنه في فترة وجيزة. وتوجد خلايا ناشطة في حي «دوار هيشر» و«البودرية» و«حي خالد بن الوليد» و«حي الانطلاقة».

* ينشط السلفيون الجهاديون في أحياء عشوائية أيضا المحيطة بأكبر المدن التونسية من بينها سوسة وبنزرت ومدن الجنوب التونسي.

* يقدر المختصون عدد العناصر الجهادية في تونس ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف، ويشيرون إلى تنامي المتعاطفين معها بشكل ملحوظ.