الهند.. التغيرات «المنتظرة»

مع اقتراب «معركة» انتخابات الربيع «الحامية الوطيس».. يفجر «بهارتيا جاناتا» قنبلة «ناريندرا مودي»

TT

سبعة أشهر ما زالت تفصل عن المعركة الكبرى المتمثلة في الانتخابات الوطنية الهندية، إلا أن حمى هذه الانتخابات بدأت تشتعل في الساحة السياسية في بلد يحتضن أكبر ديمقراطية في العالم من حيث التعداد السكاني.

فالمشهد السياسي الآن ينبئ بتغيرات عديدة تلوح في الأفق، من بينها، أن الحزبين الكبيرين، وهما «المؤتمر الوطني» الحاكم، و«بهارتيا جاناتا» المعارض، لم يعودا كما كانا في السابق.. فـ«مياه كثيرة تجري الآن تحت الجسر»، بفقدان بعض قواعدهما الجماهيرية لصالح أحزاب أقاليمية صغيرة، بدأت ترسم لنفسها موطنا جديدا على الساحة السياسية، وهو تغير قد يكون بداية لتحولات كبيرة. كما أن ترشيح حزب «بهارتيا جاناتا»، لهندوسي مناهض للمسلمين لخوض غمار انتخابات الربيع على منصب رئاسة وزراء الهند، ينذر بانتخابات دموية. وفي الضفة الأخرى، هناك أزمة زعامة داخل المؤتمر الوطني الحاكم بعد مرض زعيمته سونيا غاندي، واحتمال اختيار ابنها راؤول مرشحا للانتخابات في مواجهة مرشح «جاناتا» المخضرم الهندوسي المتطرف ناريندرا مودي.

وهذه الخطوة تشعل منافسة بين رؤيتين مغايرتين تماما في الهند، لما يتوقع أن تكون معركة انتخابية حامية الوطيس.

بات التحالف التقدمي المتحد الحاكم بقيادة المؤتمر الوطني الآن على درجة بالغة من السوء، ويجسد مودي، وهو أحد أكثر السياسيين محل الخلاف في تاريخ البلاد، في الجانب الآخر شيئا جديدا للحزب القومي الهندوسي.. أولا، فهو لا يعتبر جزءا من ناد أو نخبة، فقد تدرج في المناصب، ولم يولد مثل راؤول غاندي، الجيل الرابع من سلالة نهرو - غاندي، وفي فمه ملعقة ذهب.. كان يكسب قوت يومه من إدارة مقهى، لذا فالناخب الهندي يرى فيه جديدا.

ويعد مودي، رئيس حكومة ولاية غوجارات الواقعة غرب الهند، هندوسيا متعصبا يفتقر للتسامح واتهم بجرائم قتل جماعي. وبدأ مودي يقلل من خطبه المطولة المعادية للمسلمين ولجأ بدلا منها إلى رسالة مختلفة معتمدة على سجل في غوجارات يعترف المعارضون أنفسهم بأنه رائع. غير أن منتقدين له يزعمون أن حزبه القومي الهندوسي قد أفاد من العنف في الماضي بين الهندوس والمسلمين، مستغلا إياه في محاولات إخفاء الفروق التاريخية للهندوس من حيث الطبقة الاجتماعية، وحملهم على التصويت ككتلة على طول خطوط دينية.

وعلى نحو ليس محض مصادفة، اندلعت احتجاجات ضخمة الأسبوع الماضي في أوتار براديش، أشهر ولايات الهند وأهمها على المستوى السياسي، بعد أن تداول مشرع من الحزب المنتمي إليه مودي، مقطع فيديو مزيفا لاثنين من الهندوس يعدمان على يد مجموعة من المسلمين.. وقُتل 44 شخصا وتم تشريد 42 ألفا بسبب نهب القرى.

أسويني كي راي، أستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة جواهر لال نهرو، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «منتقدي مودي رفعوا قدره من خلال التشهير الدائم به. إنهم جعلوا منه بطلا». وأشار إلى أن مودي يشتهر بتركيزه وطهارة يده وعمله انطلاقا من هدف.. «المشكلة ليست أن الناخبين الهنود لا يقيمون سلطة الأسرة؛ بل إنهم سئموا وضجروا من سلالة نهرو - غاندي»، حسبما يشير راي.

وسرعان ما اتضح أيضا أن رئيس الوزراء مانموهان سينغ عامل مؤثر (سلبا) بالنسبة لحزب المؤتمر. ويؤثر تصنيف ائتماني متدن لحكومته على المستوى الوطني، على مصائر حزب المؤتمر في أربع ولايات تجرى بها الانتخابات في الشهرين المقبلين وهي ماديا براديش، وراجستان، وتشهاتيسجاره، ودلهي.

وخلص استطلاع رأي واستبيان أجرته مؤسسة «سي فوتر آند تايمز ناو» إلى أن حزب «المؤتمر» لن يفوز في أي من الولايات الأربع. وفي حالة ما إذا تحولت هذه المؤشرات إلى نتائج فعلية بالنسبة لحزب «بهارتيا جاناتا»، فسيكون مرشحه لمنصب رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، المتقدم على راؤول غاندي ومانموهان سينغ وسونيا غاندي في هذه الاستطلاعات، هو من سيحصل على النوع المطلوب من جرعة التحفيز التي يحتاجها المتنافس لخوض المعركة الكبرى أمام حزب المؤتمر في عام 2014، وهي معركة الانتخابات البرلمانية.

يشير التاريخ السياسي للهند إلى أنه منذ عام 1984، لم يكن هناك صوت وطني موحد، كما لم يجرِ تشكيل حكومة من حزب واحد. ويقول المحلل السياسي ريخا تشوداري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه سيكون من الممتع لو تحدى ناريندرا مودي هذا الاتجاه.

كان النجاح الكبير لحزب «بهارتيا جاناتا» في عامي 1998 و1999 عندما شكل الائتلاف الحاكم. دخل «بهارتيا جاناتا» الانتخابات العامة عام 1998 مع ثمانية حلفاء سياسيين رئيسين. وبعد الانتخابات، تم اكتساح منافس آيديولوجي آخر، هو حزب «تيلوغو ديسام»، وولدت أول حكومة بقيادة «بهارتيا جاناتا». تشكل التحالف الديمقراطي الوطني على أساس الاتفاق على إسقاط جميع مطالب الهندوتفا (المعتقدات الهندوية)، وفي الانتخابات العامة، ما قبل انتهاء المدة، التي عقدت بعد عام، قفز مزيد من الأحزاب، من بينها «درافيدا مونيترا كازهاغام» الملحد وحزب المؤتمر الوطني «جامو وكشمير»، على شعار «بهارتيا جاناتا».

وقال الصحافي مانيش تشيبر: «في واقع الأمر، لقد قضى وجود مودي على القمة على الإنجاز الوحيد الذي أتى بحزب (بهارتيا جاناتا) إلى السلطة، وتشكيل الائتلاف.. اليوم عاد حزب (بهارتيا جاناتا) للعزلة التي كان عليها قبل عام 1998 التي قوضت جهوده لتشكيل الحكومة، والتي انتهت عندما تخلى عن الشيء نفسه الذي ميز الحزب؛ برنامج الهندوتفا الأساسي»، حسبما أوضح الصحافي مانيش تشيبر.

اليوم، يملك حزب «بهارتيا جاناتا» حليفين فقط، «شيف سينا» و«أكالي دال»، وكلاهما تتوافق آيديولوجيته مع آيديولوجية الحزب. لكن على عكس الوضع في عام 1996، حينما كان حزب «بهارتيا جاناتا» مرعوبا من فكرة أن يتم تجنبه، في عام 2013، يفخر بكونه وحيدا. المؤشرات تفيد بأن أي شريك محتمل يمكن أن يأتي لحزب «بهارتيا جاناتا» بشروط الحزب، النقيض التام للفترة من عام 1996 إلى 1998 حينما بحث حزب «بهارتيا جاناتا» عن شركاء بحسب الشروط التي حددها الأخير.

بحسب شيكار غوبتا، رئيس تحرير مجموعة «إنديان إكسبريس» فقد «شهد صعود الائتلاف في السياسات الهندية انهيار السقف الزجاجي وأجج طموح الجميع لشغل منصب رئيس الوزراء. وفي نظام ديمقراطي على أية حال، لا توجد عقوبة على الحلم».

ولكي لا يتم إهمالهم، فقد بدأ القادة غير المنتمين لحزب المؤتمر وحزب «بهارتيا جاناتا» يؤهلون أنفسهم للوظيفة الكبرى في حالة ما إذا فشل كل من التحالف التقدمي المتحد والتحالف الديمقراطي الوطني في الحصول على أغلبية في البرلمان. دعم زعيم حزب «ساماج وادي»، مولايام سسينغ ياداف، من قبل تصنيفات رئيس وزراء ولاية بيهار المنتمي للحزب الشيوعي الهندي، نيتيش كومار، مرشحا محتملا لمنصب رئيس الوزراء ليحقق تقدما بشكل ملحوظ بين لاعبين آخرين غير منتمين لحزب «بهارتيا جاناتا».

ربما تكون الهند أكبر الدول الديمقراطية في تعداد السكان في العالم، غير أن الحملات الانتخابية عادة ما تذكيها مشاعر الكراهية وتسفك فيها الدماء. وباختيار مودي، الخطيب العنيف الذي ملأ خطبه بعبارات معادية للمسلمين، أثار حزب «بهارتيا جاناتا» احتمال أن تكون هذه الانتخابات الأكثر دموية منذ عقود.

ويشكل الهندوس نسبة 80% من سكان الهند، فيما يمثل المسلمون نسبة 13%. ويقول وزير الداخلية الهندي سوشيل كومار شندي إنه كانت هناك بالفعل 451 قضية عنف طائفي العام الحالي، لتتخطى إجمالي قضايا العنف التي رفعت العام الماضي والتي بلغ عددها 410 قضايا. وحذر من احتدام العنف مع اقتراب الانتخابات.

تعتري الطبقة المتوسطة الهندية حالة من الغضب من حزب التحالف التقدمي المتحد الحاكم، وأصبح مودي حبيب الجماهير. ومع عدم وجود إنجازات تنسب للحزب (لم يفشل فقط في مخاطبة الأزمة الزراعية أو إنعاش اقتصاد راكد؛ بل وصفت هذه الحكومة أيضا بأنها الأكثر فسادا في الهند منذ استقلالها) باتت احتمالات فوزه في الانتخابات العامة 2014 ضئيلة على أفضل تقدير.

إذا لم يفز مانموهان سينغ بفترة ثالثة وعجز «سحر» مودي الشهير عن مد يد العون لحزب «بهارتيا جاناتا» عبر 180 مقعدا في البرلمان، فمن سيقود الهند؟ نيتيش كومار، أم مولايام سينغ ياداف، أم قائد غير ملحوظ ينتظر في الصفوف الجانبية ليشكل ائتلافا جديدا من الأحزاب؟

يشير استبيان إعلامي آخر إلى أن ثلاثة في المائة فقط من شعب دلهي يوافق على مانموهان سينغ رئيسا للوزراء، في مقابل نسبة 55 في المائة مؤيدة لمودي. ويحظى راؤول غاندي بتأييد 18 في المائة.

وبعد اختيار ناريندرا مودي مرشحا لشغل منصب رئيس الوزراء عن حزب التحالف الديمقراطي الوطني، تطرح تساؤلات حول سبب خجل الكونغرس من الإفصاح عن اسم راؤول غاندي لخوض معركة من طراز رئاسي. إن تقديم القوة الساحقة لمودي لرايزينا هيل سوف يعتمد على ولايتين هما أوتار براديش وبيهار، اللتين يحكمهما خصوم متصلبون لمودي. تملك الولايتان معا مقاعد عددها 120، ويمتلك حزب «بهارتيا جاناتا» 22 مقعدا منها فقط.

وحتى بعد أن ظهر رئيس الوزراء مانموهان سينغ ووزير الشؤون البرلمانية كمال ناث رسميا للإعلان عن أن راؤول غاندي هو مرشحهما المثالي لمنصب رئيس الوزراء، سارع أعضاء حزب المؤتمر بالإعلان خلال الأيام القليلة الماضية عن أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم للإعلان عن مرشح الحزب لمنصب رئيس الوزراء. عادة ما يهدف التفسير اللاحق إلى إهانة حزب «بهارتيا جاناتا»؛ «نحن نقاتل مع جبهة حزبية موحدة».. «نحن لا نخوض معركة انتخابات رئاسية».

وأوضح راتان سينغ، المحرر السياسي رفيع المستوى، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حزب المؤتمر بصفته حزبا، ظل في السلطة لفترتين متعاقبتين بعد أن فتح الباب للتحالف الديمقراطي الوطني، ويشكك في قدرة مودي وحزب (بهارتيا جاناتا) على إدارة دولة». إذا أصبحت المعركة الانتخابية مواجهة بين مودي وراؤول أو مواجهة بين مودي ومرشح لمنصب رئيس الوزراء عن حزب المؤتمر، فسيكون ذلك انتحارا سياسيا لحزب المؤتمر.. فأيا كان قدر مساهمته في الحزب، لم يحقق راؤول غاندي أي إنجازات ملموسة لإظهار أن له حقا عادلا في شغل المنصب. ليس ثمة دليل على أن غاندي الصغير يلعب دورا فعليا في وضع السياسات وتنفيذها. حتى في البرلمان، فيما دفعت سونيا غاندي بمشروع قانون الأمن الغذائي من خلال خطاب سريع، لم تجرِ مشاهدة أو سماع راؤول غاندي في أي مكان. وفي النهاية، لا يمكن لراؤول ادعاء أنه أدار أي شيء بنجاح.

ومن ثم، من الواضح أن راؤول غاندي سيسدي لحزب المؤتمر جميلا بعدم الإعلان عن نفسه بوصفه مرشحا لمنصب رئيس الوزراء.

وجاذبا الانتباه إلى شخصياتهم، يقول الصحافي البارز، ديليب بادغاونكار، الذي ينظر إليه بوصفه متعاطفا مع الكونغرس: «كل من مودي وراؤول متحفظ. وفيما ينطوي تحفظ مودي على مسحة من العجرفة، فإن تحفظ راؤول ينم عن خجل. يجسد سلوك مودي حس ثقة بالذات مسيطرا؛ أما سلوك راؤول، فيكشف عن درجات من سرعة التأثر.. أحدهما متسلط وصارم وعدواني وحاسم ومسيطر، أما الآخر، فمتواضع وواقعي ومتردد، وفوق كل هذا، تواق للعب دور السامري اللطيف».

بين شباب الحضر في الدولة، يحظى مودي بجاذبية نجم لموسيقى الروك. نصف سكان الهند تحت سن الخامسة والعشرين، والسواد الأعظم منهم لم يشهد من قادته أكثر من همسات هادئة من أشخاص في الثمانينات من أعمارهم على شاكلة رئيس الوزراء مانموهان سينغ. وبالمقارنة، يعد مودي خطيبا يتمتع بشخصية جذابة بدولة الهند الناهضة، وهي رؤية يجدها ملايين من المتورطين في اقتصاد متعثر مثيرة.. بالنسبة لكثير من الهندوس، يعد جيدا على نحو مدهش، لكن بالنسبة لكثير من المسلمين، يعتبر بغيضا. في عام 2002. بعد مرور أقل من عام على تعيينه رئيسا لوزراء الحكومة في الولاية، اندلعت أعمال الشغب في غوجارات وراح ضحيتها أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المسلمين. وجرى تعذيب الأمهات وحرق الأطفال وتمزيق أجساد الآباء إربا إربا.

كيف سيدعم حزب المؤتمر ناريندرا مودي؛ مرشح حزب «بهارتيا جاناتا» لمنصب رئيس الوزراء، الذي يعتقد كثيرون أنه ربما يسطر عودة الحزب إلى السلطة في عام 2014؟

يتركز الحشد السياسي حول ائتلاف المؤتمر وليس ائتلاف «بهارتيا جاناتا». بالنسبة للمعركة حامية الوطيس التي يخوضها حزب المؤتمر، فتمثل أفضل الخيارات المتاحة في سلسلة من ائتلافات ما قبل الانتخابات عبر الولايات، جنبا إلى جنب مع حملة دعاية شعواء مستندة إلى وظائف قائمة على الحقوق والطعام والتعليم والتمتع بإنتاج الغابات في الريف.

هناك بالفعل 20 حزبا سياسيا مختلفا في التحالف التقدمي المتحد الحاكم، وحصة التصويت 28 في المائة، ولكن بالنسبة للتحالف الديمقراطي الوطني الذي ليس لديه سوى حليفين سياسيين فقط، تبلغ حصة التصويت 32 في المائة.

وعن الحروب بين الحزبين المتنافسين، «المؤتمر» و«بهارتيا جاناتا»، أشار بانكاج باشوري، مستشار الاتصالات لرئيس الوزراء، لدى حديثه إلى «الشرق الأوسط» قائلا: «السياسات والبرامج هي حجر الأساس لحكومة منتخبة ديمقراطيا. نحن نركز على السياسات، لا الشخصيات».

وفي مواجهة ذلك، يقول نائب رئيس حزب «بهارتيا جاناتا»، إم إيه ناكفي، الوجه المسلم بالحزب: «لا يملك حزب المؤتمر أي حق في الحديث عن الهوس بالشخصية. خلال الخمسين عاما الماضية، ظل الحزب بأكمله مرتبطا بأسرة واحدة، وأصبح الناس رؤساء للحزب ورؤساء وزارات على أساس الميلاد، فيما يعتبر مودي زعيما شعبيا من أصل متواضع ووصل إلى القمة بكفاءته».

وعلى الرغم من ذلك، فإن الآخرين أكثر حذرا. يقول قيادي رفيع المستوى بحزب «بهارتيا جاناتا»: «الأمر مرتبط بالحلفاء، وسيتمثل أكبر تحديات مودي في النظر فيما وراء حزب (بهارتيا جاناتا) وزيادة نصيب التحالف الديمقراطي الوطني للاستحواذ على مزيد من مقاعد الحلفاء».

وبالنسبة لمودي، الشخصية الاستقطابية، يبدو احتمال اجتذاب حلفاء سياسيين أكثر ضآلة مما كان بالنسبة لرئيس الوزراء السابق أتال بيهاري فاجبايي في عام 1998.

وبحسب ريخا شوداري، «إذا استطاع مودي الآن أن يقود حزب (بهارتيا جاناتا) نحو الفوز بعدد 170 إلى 180 مقعدا، فلن يكون العثور على حلفاء بالمهمة العسيرة. ففي السياسات الهندية، تلعب الانتهازية دورا أكبر من الآيديولوجية، ويمكن أن نرى القوى المناهضة لحزب المؤتمر تتخذ أقرب المسالك لمساعدة مودي في نيل قسط من السلطة، حتى وإن كان ذلك ليوم واحد. ربما ننظر لهذه القوى السياسية، التي تستهدف مودي بوصفه سياسيا حصينا، باعتبارها تتخذ منعطفا، إذا ما اتضح أن فرصهم في الانتخابات مماثلة للتوقعات. الآن، سوف يعتمد الأمر على قدرة مودي الإدارية على توحيد ائتلاف هش، بحيث لا تلزم الدولة بانتخابات في وسط المدة في أعقاب حدوث كارثة. ومن ثم، سيتعين على مودي بالأساس أن ينظر للخلافات داخل الحزب، وفي التحالف المحتمل، وأيضا لتلك الخلافات مع أحزاب المعارضة. لن تكون لعبة سهلة بأية صورة، لكن مودي أيضا سياسي مختبر شق الطريق. ستكون رحلة ممتعة للرجل وحزبه والأمة بشكل عام من الآن فصاعدا».

أخيرا وليس آخرا، لنفهم ذلك بوضوح: أصحاب السلطة والنفوذ في السياسات الهندية لم يعدوا الساسة الذكور. في واقع الأمر، إنها ثلاثية من السيدات السياسيات، مايا (رئيسة الوزراء السابقة لولاية أوتار براديش، أكبر الولايات الهندية) وجايا (رئيسة وزراء تاميل نادو) وماماتا (رئيسة وزراء البنغال الغربية).

فيما بينهن، قد يستحوذن على قرابة 100 مقعد في برلمان، وسوف يقررن شكل الحكومة المقبلة، سواء أكانت الحكومة المقبلة من حزب التحالف التقدمي المتحد، أم التحالف الديمقراطي الوطني، أم حزب المؤتمر، أم حزب «بهارتيا جاناتا»، أم جبهة ثالثة، أم جبهة رابعة، أم جبهة خامسة، أم أية جبهة أخرى.

إذا استطاع مودي تحقيق الفوز في الانتخابات بنفسه، أو حتى بفوزه على تحالفات جديدة، فسيكون قد فاق التوقعات وأعاد تسطير التاريخ السياسي للهند.