التحالفات العرقية تهيمن على الانتخابات الرئاسية في أفغانستان

شعارات ووعود انتخابية وانفجارات وهجمات في العاصمة كابل

TT

مع العد التنازلي للانتخابات الرئاسية في أفغانستان في الخامس من أبريل (نيسان) المقبل، يكثر الحديث عن التحالفات مع تنوع خريطة البلاد العرقية وسيطرة البشتون ومنافسة الطاجيك والهزارة، مع وجود مرشح أساسي مثل شيخ المجاهدين عبد رب الرسول سياف، الذي يتحدث العربية بطلاقة، وهو من خريجي الأزهر، وجليس رواق الأفغان بحي الحسين قبل احتلال الروس لأفغانستان، وربما في إتلاف ملصقاته الدعائية في العاصمة كابل ومدن باميان ومزار شريف التي تهيمن عليها أقلية الهزارة في أفغانستان، انعكاس للماضي الذي عاد ليطارده باعتباره أحد أمراء الحرب. فخلال الحرب الأهلية الأفغانية في مطلع التسعينات من القرن الماضي، قتلت ميليشيا سياف عشرات الآلاف من الهزارة الذين يعتنقون المذهب الشيعي ويعتبرهم المتشددون السنة من قوات سياف كفارا. أمراء الحرب الذين لهم ماض عنيف مثل سياف لعبوا دورا في التأثير في السياسة الأفغانية منذ أن ساعد التحالف بقيادة الولايات المتحدة في الإطاحة بحركة طالبان عام 2001.

لكنهم بدأوا يلعبون دورا سياسيا علنيا في الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، حيث يغادر الرئيس حميد كرزاي الساحة، رغم أنه من الواضح أنه يؤيد المرشح الرئاسي البشتوني زلماي رسول، وزير الخارجية الأسبق في حكومته، وهناك من يخوض الانتخابات للمرة الأولى مثل عبد رب الرسول سياف، وآخر تعود عليها وعلى إحباطاتها مثل عبد الله عبد الله، زعيم المعارضة الأفغانية، وزير الخارجية السابق، وهو من الطاجيك، والذي اختار مرشحا لمنصب نائب الرئيس من البشتون، أما مرشح زلماي رسول فهو من الطاجيك، ومرشح أشرف غاني أحمد زاي، المسؤول السابق في البنك الدولي، هو الجنرال رشيد دوستم، وهو من أبرز أمراء الحرب الأوزبكيين، ورغم ماضيه العنيف في الحرب الأهلية، برز دوستم بوصفه الزعيم الأوحد الذي يحتشد خلفه الأوزبك الأفغان، الذين يشكلون ما يقرب من تسعة في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 32 مليون نسمة، وللكثير من أمراء الحرب أتباع أقوياء، وبخاصة على أسس عرقية. والمرشحون يختارون الأقوياء المعروفين لمنصب نائب الرئيس بهدف كسب تأييد مجتمعاتهم رغم تاريخهم العنيف. حتى أكثر مرشحي الرئاسة تحضرا وذكاء مثل أشرف غني، وهو مسؤول سابق في البنك الدولي، علق آماله على أحد أمراء الحرب الذين نددت الحكومات الغربية بتاريخه العنيف. والنتيجة هي تأثير مختلط على السياسة في أفغانستان، فمغازلة أمراء الحرب يبين سطوتهم السياسية، لكنه من ناحية أخرى يظهر أيضا أن المرشحين، على عكس الماضي، يحاولون التواصل على أسس عرقية في هذا البلد المنقسم بعمق، وإيجاد توازن بين المجتمع وبالنسبة للأقليات العرقية، له تأثير متفاوت أيضا. فالمرشحون يحاولون مغازلتهم. لكن المجتمعات الآن منقسمة داخليا أكثر من أي وقت مضى حول من تدعم من المرشحين. وفي الانتخابات الرئاسية لعامي 2004 و2009، سيطرت إثنية واحدة على كل لائحة مرشحين. كانت لعرقية الطاجيك لائحة مرشحين، وكذلك كان لأقليات الهزارة والبشتون والأوزبك. ولكن ليس هذه المرة. فكل مرشح رئاسي يمكن أن يكون له مرشحان لمنصب نائب الرئاسة على لائحته الانتخابية، وسعى كل منهم إلى نشر التودد العرقي، والمرشحون الثلاثة الأوفر حظا في انتخابات الخامس من أبريل لهم مرشحون بارزون من أقلية الهزارة لمنصب نائب الرئيس. وفي الوقت الذي تواجه فيه البلاد تصعيدا أمنيا غير مسبوق عبر موجة من الهجمات والانفجارات المتنقلة على معظم المدن الأفغانية حتى أمس على مقر منزل أشرف غني القريب من مقر اللجنة العليا للانتخابات في العاصمة كابل، يستمر المرشحون للانتخابات الرئاسية بحملاتهم الانتخابية بزخم وحماس شديدين، وقد وسع المرشحون دائرة التنافس إلى خارج العاصمة كابل لتشمل باقي المدن والأقاليم، في محاولة لعرض برامجهم وكسب آراء أبناء تلك المناطق، ويقول خبراء في الشأن الأفغاني لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع المناخية الصعبة تحول دون ذهاب المرشحين إلى الكثير من المناطق، كما أن هناك مناطق يوجد فيها المسلحون ويستحيل توجه المرشحين إليها، واعتبر أن هذا يحرم المواطنين من الاطلاع على برامجهم.