الصين تنافس ألمانيا على مرتبة المنتج العالمي الثالث للسيارات.. والهند تتجه لاحتلال موقع السوق الفرنسية بحلول 2015

فيما تعزز الشركات الألمانية مبيعاتها في اليابان.. واليابانية مبيعاتها في ألمانيا

TT

تتحول الصين والهند الى اكثر الأسواق العالمية نموا بالنسبة لمبيعات السيارات. وفيما يتوقع المراقبون أن تزيح الصين ألمانيا، العام الحالي، من موقعها كثالث أكبر منتج للسيارات بعد الولايات المتحدة واليابان، تدخل الهند الحسابات المستقبلية لصناعة السيارات كأسرع الأسواق الكبرى للسيارات نموا في العالم. ويتوقع خبراء صناعة السيارات أن ترتفع المبيعات في هذين البلدين، الأكثر اكتظاظا بالسكان على سطح الأرض، بنسبة تتراوح بين 8 و10 في المائة سنويا.

وفي غضون ذلك تلعب اليابان وألمانيا لعبة «الكراسي الموسيقية» في غزو أسواق بعضهما بعضا. واستنادا الى تقرير ياباني عن مبيعات السيارات في شهر أغسطس (آب) في السوق اليابانية يتضح أن مبيعات السيارات المستوردة من الخارج، بما فيها السيارات التي تنتجها الشركات اليابانية في الخارج، ارتفعت بنسبة 2.8 بالمائة مقارنة بشهر أغسطس من العام الماضي فيما تراجعت مبيعات السيارات التي تصنعها اليابان، في سوقها »الوطنية»، بنسبة 30.4 بالمائة. الا ان اللافت في هذه الاحصاءات ان السيارات الألمانية كانت الأكثر مبيعا في السوق اليابانية فيما توصلت الشركات اليابانية، في المقابل، إلى رفع حصتها من السوق الألمانية خلال الأشهر الثمانية الاولى من العام الحالي إلى 12.5 في المائة مقابل 3.1 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، استنادا الى أرقام اتحاد منتجي السيارات اليابانية. وبالتفصيل تبوأت شركة بي. إم. دبليو الالمانية المرتبة الأولى في مبيعات السيارات المستوردة في اليابان إذ ارتفعت مبيعاتها في أغسطس الماضي بنسبة 63 بالمائة مما رفع حصة شركات السيارات الألمانية من السوق اليابانية بنسبة 20 بالمائة.

وكانت شركة بي. ام. دبليو قد اعلنت أن مبيعاتها من سياراتها وسيارتي رولزرويس وميني ارتفعت في شهر أغسطس الماضي إلى 99193 سيارة محققة زيادة قدرها 23 بالمائة، مما يعني أن مبيعاتها من السيارات خلال الاشهر التسعة الأولى من العام الحالي ارتفعت بنسبة 11 بالمائة إلى 856731 سيارة.

واحتلت سيارات مرسيدس بينز المركز الثاني في مبيعات السيارات الالمانية في اليابان إذ ارتفعت مبيعاتها 22 بالمائة مقارنة بالعام الماضي عندما كانت تحتل المركز الثالث الذي احتلته هذه السنة شركة فولكسفاغن بعد أن كانت تتبوأ المركز الأول، مسجلة بذلك تراجعا في مبيعاتها مقداره 20 بالمائة.

ويبدو ان الاداء الجيد لمبيعات السيارات اليابانية في المانيا شجع الشركات اليابانية على زيادة تركيزها على السوق الالمانية الواعدة بعد ان بلغ عدد السيارات اليابانية المباعة في ألمانيا 262500 سيارة خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام الحالي، في وقت ارتفعت فيه مبيعات السيارات في ألمانيا، بشكل عام، خلال الفترة نفسها، بنسبة 3.3 في المائة لتصل إلى 2.2 مليون سيارة.

تجدر الاشارة الى ان التحسن في مبيعات السيارات اليابانية في المانيا مستمر منذ عامين وذلك بعد فترة ركود امتدت من عام 1995 إلى 2002. ويعود جزء وافر من هذا التحسن الى أن منتجي السيارات اليابانيين أصبحوا أكثر اهتماما برغبات العملاء الاوروبيين عن ذي قبل.

وتتمتع السيارات اليابانية في ألمانيا حاليا بسمعة طيبة من حيث الجودة والكفاءة. كما أن نجاح اليابانيين في تطوير سيارات تعمل بمحركات سولار بكفاءة عالية نجح في اجتذاب المزيد من العملاء في المانيا.

وكان اللافت أنه، إلى جانب المنتجين اليابانيين الكبار، مثل تويوتا ومازدا ونيسان، نجحت الشركات اليابانية الاصغر مثل هوندا وسوزوكي وسوبارو ودايهاتسو في دخول السوق الأوروبية واقتطاع حصص متفاوتة الحجم فيها، علما أن شركات السيارات اليابانية لا تملك مصانع خاصة بها في ألمانيا في حين يملك عدد منها مصانع في بريطانيا. لكن احتدام التنافس، حاليا، على سوقي اليابان وألمانيا لا يخفي توقع الخبراء تحول سوقين ناميين، هما سوق الصين وسوق الهند، الى أكثر سوقين واعدين للسيارات في المستقبل القريب. ويعتقد المحللون أن السوق المحلية الضخمة لكل من الصين والهند ستوفر مستقبلا مزدهرا لمنتجي السيارات، فقد أصبح للسيارات الفخمة والمتوسطة نصيب وافر في شوارع الهند. ويبدو أن مجالات التوسع في مبيعات السيارات في الهند لا تقتصر على نمو الطبقة المتوسطة في البلاد بل أيضا على تطوير تسهيلات التمويل للراغبين في اقتناء سيارات جديدة. وفي العام الماضي بيع أكثر من مليون سيارة جديدة في الهند، اي بزيادة في المبيعات جاوزت 12 في المائة. وتعتقد «تويوتا» أن السوق في الهند ستكون واحدة من أكبر الأسواق في العالم هذا القرن.

وإلى جانب مصنعي السيارات المحليين في الهند من أمثال ماروتي وتاتا فإن المصنعين الأجانب يريدون أيضا الاستفادة من هذا النمو، فشركات كبرى مثل ديملر كرايسلر وهيونداي وميتسوبيشى وجنرال موتورز تنتج كلها سياراتها في شبه القارة في حين تفكر شركة فولكس فاغن في بناء مصنع لها في هذه المنطقة.

ويقول البروفسور فيرديناند دودينهويفر، أستاذ اقتصادات صناعة السيارات في جيلسينكيرشن «إن الهند منطقة نمو مزدهرة في صناعة السيارات». وبحلول عام 2015 من المتوقع أن تصبح السوق الهندية في مثل حجم السوق الفرنسية أو الايطالية.

وأما بالنسبة الى الصين فإن التقديرات تشير إلى أنه من المتوقع ان تنتج الصين ست ملايين مركبة هذا العام، مقابل 5.2 مليون مركبة في العام الماضي، فيما لم يكن هذا الرقم يتعدى المليونين فقط قبل خمس سنوات. لذلك بات من المتوقع أن تصبح الصين ثاني أكبر دولة مصنعة للسيارات في العالم بحلول عام 2010 والأكبر على الإطلاق بحلول عام 2020. وتنتج كل الشركات الكبرى المصنعة للسيارات في العالم سيارات في الصين من خلال مشروعات مشتركة مع شركاء صينيين. ومع هذا فإن سوق السيارات الصينية يصعب التنبؤ بها ولا تزال تعتبر عرضة للمخاطر. فضلا عن ذلك فإن الاستثمارات الضخمة في السوق الصينية أفرزت طاقة إنتاجية مفرطة يقابلها تراجع في الأرباح بسبب حرب الأسعار المستمرة.

وبالرغم من تبدد المخاوف الاميركية بشأن الصادرات الصينية من السيارات إلى الولايات المتحدة وأوروبا ـ بعد أن ثبت أن قيمتها مغالى فيها وانها غير قادرة بعد على منافسة الطرازات الأوروبية والاميركية ـ فإن رخص أسعارها يفتح لها أبوابا واسعة في السوقين الأوروبية والاميركية.

وقد نصح الخبراء الصينيون مصنعي السيارات مثل «جيلي» و«لاندويند» و«بريليانس» بمعالجة المشاكل المتعلقة بالجودة وخدمة ما بعد البيع، مشيرين إلى أن هذه الشركات ما زال أمامها «طريق طويل وصعب» حتى تحقق النجاح المنشود. وحتى يومنا هذا فإن عددا قليلا نسبيا من مصنعي السيارات الأجانب أنتجوا سيارات تحمل شعار »صنع في الصين» مثل «هوندا جاز»، التي يجري تجميعها في كانتون لصالح السوق الأوروبية أو السيارة «فولكس فاغن بولو»، التي تصنع في شانغهاي لصالح استراليا.