حرب العراق تدخل عاملا جديدا في تقنية السيارات

تحيي مشروعا أميركيا لمركبة عسكرية يقودها «روبوت»

TT

بعد ان طورت «حرب النجوم» الاقمار الصناعية والكومبيوتر والهاتف الجوال... جاء دور حرب العراق لتساهم في المزيد من التطوير للتقنيات الاميركية، لكن في قطاع السيارات هذه المرة.

قبل سنوات معدودة كانت فكرة انتاج سيارات «تقود نفسها بنفسها»، مجرد حلم من احلام مخرجي الافلام العلمية الخرافية في هوليوود.

أما اليوم فقد تحقق هذا الحلم على بعد كيلومترات معدودة من هوليوود، وتحديدا في صحراء ولاية نيفادا، حيث تسابقت، بنهاية الاسبوع الاول من أكتوبر (تشرين الاول) الحالي، خمس مركبات أميركية يقود كل واحدة منها رجل آلي (روبوت)، طمعا في جائزة قيمتها مليونا دولار، وتحقيقاً لتطلع وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) الى تطوير مركبة ميدانية قادرة على خوض الحروب من دون التضحية بحياة قائدها أو ركابها من الجنود.

فكرة المركبة الخالية من قائد بشري راودت «وكالة المشاريع الدفاعية المتقدمة» في البنتاغون منذ فترة غير وجيزة، لكن هذه الفكرة اختمرت واكتسبت المزيد من الالحاحية في حرب العراق وعززتها تجربة استعمال القوات الاميركية في العراق لطائرات بدون طيار ليس فقط في مهام استطلاعية، بل ايضا لقصف بعض المواقع الميدانية، ففي العام الماضي نظم البنتاغون مسابقة بلغ مجموع جوائزها مليون دولار للسيارات التي يقودها إنسان آلي (روبوت)، لكن نتائجها لم تدخل بثقة في قائمة النجاحات العسكرية الأميركية، إذ لم تتجاوز أي من السيارات الموجهة بواسطة الكومبيوتر خط انطلاق السباق في الصحراء الى مسافة طويلة، وسرعان ما اصطدمت بعوائق وتعرضت لاعطال أو مالت بشكل حاد خارجة عن نطاق السيطرة.

لكن عاما كاملا انقضى على تلك التجربة، وشهدت فيه الولايات المتحدة المزيد من الخسائر البشرية في صفوف قواتها العاملة في العراق معظمها كانت بين قادة وركاب سيارات هامر العسكرية التي توزعها جنرال موتورز.

من هنا كان اهتمام البنتاغون في التوصل الى نتائج عاجلة في برنامج وكالة مشروعات الابحاث المتقدمة بالبنتاغون المعروف باسم «دي. ايه. ار. بي. ايه جراند تشالنج»، فعبر جولات مؤهلة استمرت ثلاثة أيام تمكن نحو 12 فريقا من تخطي طريق مليء بالعوائق يمتد بطول 4 كيلومترات داخل مضمار فونتانا السريع بجنوب كاليفورنيا، حيث تأهلوا لسباق الجوائز الذي جرى في 8 اكتوبر (تشرين الاول) الحالي، كما أبلت عدة فرق أخرى بلاء حسنا مما أهلها للانضمام الى المتسابقين ليرتفع بذلك عددهم إلى 20 متسابقا.

نظمت سباق صحراء نيفادا وكالة البحوث العسكرية المتقدمة بالبنتاجون (داربا) للتشجيع على تطوير سيارات تعمل بلا سائق ويمكن استخدامها في المعارك وعمليات امداد القوات. ويأتي المشروع في إطار جهود البنتاجون لانتاج ثالث مركبة عسكرية برية بلا قائد بشري بحلول عام 2015 تنفيذا لتكليف من الكونجرس الأميركي. بدأ السباق «التكنولوجي» من بريما (صحراء نيفادا) باستخدام معدات مزودة بها المركبات للاستشعار والملاحة وأجهزة كومبيوتر لمعرفة الطريق والسير عليه وتحاشي المعوقات.

وفي اليوم التالي للسباق، تبين أن أربع سيارات بلا سائق، من اصل العشرين، أكملت مضمارا وعرا بطول 120 كيلومترا للتأهل لجائزة المليوني دولار التي وعد البنتاجون بمنحها، ولدخول كتب التاريخ بوصفها أول مركبات تثبت قدرتها على العمل بشكل مستقل في مناطق ذات تضاريس مختلفة.

واستخدمت السيارات نظم تحديد المواقع بواسطة الاقمار الصناعية وأجهزة رادار تعمل بالليزر وكاميرات وأجهزة كومبيوتر حديثة للسير في المضمار الذي اشتمل على معوقات مثل جسور ضيقة وأماكن شديدة الانحدار وكثبان رملية. واختيرت صحراء نيفادا لتشابه تضاريسها الجافة مع مثيلاتها من الصحاري في الشرق الاوسط.

وكانت أولى السيارات التي عبرت الخط يوم السباق سيارة من طراز فولكسفاغن ـ طوارق معدلة وفق تصميم من فريق جامعة ستانفورد (كاليفورنيا)، وتلتها سيارتا هامر من تصميم جامعة كارنيجي ميللون، ثم سيارة «فورد اسكايب» معدلة تسير بمحرك هجين يعمل على الوقود والكهرباء صممها طلاب من ضاحية مدينة نيو أورليونز الذين تأهلوا للسباق رغم الصعوبات التي خلفها اعصار كاترينا لمدينتهم، وقد جاء ترتيب مركبتهم الرابع في السباق.

ولم يعلن عن فائز رسمي، لان السيارات بدأت السباق بالتعاقب، لكن موقع داربا على الإنترنت ذكر أن فريق ستانفورد أكمل السباق في أقصر وقت وأنه الفائز بالجائزة. وتأهلت 23 سيارة للسباق، علما بانه لم تتمكن أي سيارة من استكمال السباق في السباق الافتتاحي العام الماضي.

وكأي انتاج طور اصلا للاستعمال العسكري، لن يقتصر استعمال تقنيات «السيارات الروبوت» على الاستعمال العسكري فقط، وتؤكد جامعة ستانفورد ـ المساهمة بقوة في هذه التجربة ـ أن هذه التقنية يمكن أن تستخدم في المستقبل القريب في مساعدة قادة السيارات العادية على اكتشاف الحوادث المحتملة.. قبل حدوثها.