كرايسلر تستفيد من متاعب جنرال موتورز و فورد: وتخطط لرفع انتاجها

معرض ديترويت يعيد البريق إلى السيارات الأميركية ولكن التوقعات المستقبلية لا تزال متضاربة

TT

لم يستطع معرض سيارات ديترويت هذه السنة، وهو الذي يحدد تلقائيا الوضع العام للصناعة، اخفاء حقيقة مؤداها أن شركات صناعة السيارات الأميركية الكبرى تواجه أسوأ أزمة تتعرض لها على الاطلاق.

وتعد شركة كرايسلر الوحيدة بين «الثلاثة الكبار» في صناعة السيارات الأميركية التي حققت أرباحا بينما تصدرت انباء اغلاق جنرال موتورز وفورد المصانع وتكدس انتاجهما وتراجع نصيبهما في السوق عناوين الصحف ووسائل الاعلام، فيما اعتبر بعض المحللين أن كلا من جنرال موتورز وفورد تواجهان «معركة بقاء» بعد أن بدأ المستهلكون الأميركيون في التخلي عن المركبات كبيرة الحجم والنهمة في استهلاكها للوقود لشراء السيارات اليابانية المقتصدة في استهلاك الوقود.

وكانت شركة تويوتا قد وضعت اتجاها مع طرازاتها بريوس ولكزس الدفع الرباعي وهي سيارة تعمل بمحرك خليط من الوقود والقوة الكهربائية، فيما قد تتجه الشركات الالمانية الى تعزيز انتاجها من السيارات الصغيرة والاقتصادية في استهلاك الوقود بعد ان حققت شركة بي إم دبليو التي تمتلك سيارة الـ «ميني» رقما قياسيا جديدا في المبيعات في الولايات المتحدة إذ بيع منها 300 ألف وحدة.

ولا يتوقع العديدون أن تتغلب جنرال موتورز وفورد على أزمتهما قريبا. ولدى فورد خطط قد تتضمن إغلاق حوالي عشرة من منشآتها على مدى السنوات الخمس المقبلة وتسريح ما يقرب من ثلث عدد عمالها البالغ عددهم 100ألف عامل طبقا لتقارير غير مؤكدة.

وتخطط جنرال موتورز لبيع جزء من شركة معاملات مالية رابحة تابعة لها وهي «جي إم أيه سي» من أجل الحصول على سيولة نقدية لاعادة الهيكلة بعد خسارة أربعة مليارات دولار خلال الشهور التسعة الاولى من عام 2005.

وسوف يسمح تحويل مصانع السيارات الى أنظمة انتاج مرنة لشركة كرايسلر ـ الذراع الاميركي لشركة ديملر ـ كرايسلر الالمانية ـ بزيادة انتاجها من السيارات بنسبة 40 في المائة عما تنتج اليوم، حسب ما اعلنه المدير التنفيذي للشركة، توم لاسوردا، في مقابلة مع الطبعة الالمانية لصحيفة «فايننشال تايمز». وأوضح لاسوردا ان انظمة الانتاج المرنة سوف تتيح لشركة كرايسلر انتاج المزيد من السيارات بأسعار أرخص من السابق. ومن المعروف ان انظمة الانتاج المرنة تسمح بصنع موديلات مختلفة في المصنع الواحد الامر الذي يسمح لشركات السيارات بتحويل انتاج هذه المصانع من موديل ما الى آخر تبعا لتطور الطلب على منتجاتها.

وفي تقدير لاسوردا ان الحجم الاقصى لانتاج كرايسلر سيبلغ حوالي الاربعة ملايين مركبة مع انتهاء الشركة من استثمار مبلغ الثلاثة مليارات دولار المخصص لذلك في بحر السنتين المقبلتين.

تجدر الاشارة الى ان انتاج كرايسلر من السيارات والشاحنات الخفيفة بلغ، العام الماضي 2.8 مليون مركبة، الامر الذي يوحي بأن شركة كرايسلر تخطط للتوسع في انتاجها، خلافا لما تخطط له الشركتان الاميركيتان المنافستان، جنرال موتورز وفورد، اللتان بدأتا بخفض الانتاج وصرف اعداد وافرة من عمالهما.

وكانت جنرال موتورز قد اعلنت انها تنوي خفض حجم انتاج مصانعها بنحو مليون سيارة وصرف حوالي الثلاثين الف عامل على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

أما شركة فورد فقد انجزت اللمسات الاخيرة لمصنع سوف تفتتحه بنهاية يناير(كانون الثاني) الحالي يستتبع خفضا في عدد عمالها يصل الى الثلاثين الفا ايضا.

وكان خبير اقتصادات السيارات،فرديناند دودنهوفر، قد ذكر إن كرايسلر تقف بمفردها تغرد خارج سرب الخاسرين حيث مازالت قادرة على تحقيق أرباح في حين تخوض جنرال موتورز وفورد معركة من أجل البقاء بعد استمرار نزيف الخسائر العام الماضي.

وعلى خلفية هذه الاوضاع اتخذ معرض ديترويت الاخير أهمية خاصة إذ بدا وكأنه فرصة قد تكون الاخيرة لكي يودع قطاع السيارات الاميركي هذا العام سنوات الخسائر التي عانى منها.

ولكن رغم محاولات شركات السيارات الأميركية الكبرى اضفاء شيء من البريق على أوضاعها من خلال سياراتها المشاركة في المعرض فإن استمرار تراجع حصتها في أسواق السيارات، سواء في الخارج أو حتى داخل الولايات المتحدة، كان المناخ المسيطر على المعرض.

وفي الوقت نفسه شارك منتجو السيارات الالمان في معرض ديترويت بتوقعات متضاربة فمعهد «بي. دي. فوركاست إنستيتيوت» توقع إعلان تراجع حصة السيارات الالمانية في السوق الأميركية من 5.2 في المائة عام 2004 إلى 5 في المائة فقط خلال 2005 بسبب تراجع أداء سيارات فولكسفاغن، أكبر منتج للسيارات في أوروبا بشكل أساسي.

وتواجه فولكسفاغن أزمة حقيقية في السوق الأميركية بعد تراجع مبيعاتها فيها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي لغاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بنسبة 15.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق عليه حيث بلغ إجمالي مبيعاتها حوالي 198ألف سيارة.

ورغم أن فولكسفاغن تستعد لطرح سيارتها الفخمة الجديدة، فايتون، في السوق الأميركية الصيف المقبل فإنها تتوقع أن تتراجع مبيعاتها في الولايات المتحدة بمقدار مليار يورو (1.18 مليار دولار) كما حدث العام الماضي.

وربما تبدو الصورة أفضل بالنسبة لشركة بي. أم. دبليو الالمانية المتخصصة في صناعة السيارات الفخمة إذ أنها تتجه، مع تابعتها الاصغر ميني،إلى تحقيق مبيعات تصل الى 300 ألف سيارة وهو رقم قياسي جديد بالنسبة لها.

وقد طرحت شركات السيارات الالمانية في معرض ديترويت مجموعة من السيارات الجديدة التي تثير اهتمام العملاء، فرفعت شركة ديملر كرايسلر الستار عن سيارتها الجديدة مرسيدس بنز «جي. إل » الفخمة والرحبة السعة.

وفيما تبدو شركات السيارات الالمانية وقد استنفدت طاقتها في السوق الأميركية تتحرك شركات السيارات اليابانية بحيوية مفرطة في هذه السوق حيث تكسب حصة جديدة هناك كل يوم. وأصبحت السيارات اليابانية أكثر جاذبية في السوق الأميركية خلال الفترة الاخيرة بفضل استهلاكها المنخفض للوقود وهو العامل الذي لم يكن الأميركيون يتوقفون عنده في السابق عندما كانت أسعار الوقود منخفضة نسبيا. ولكن الوضع تبدل بعد الارتفاع الحاد في أسعار الوقود في الولايات المتحدة،العام الماضي، الامر الذي دفع العديد من الأميركيين إلى التخلي عن سياراتهم الأميركية التقليدية ذات الاستهلاك المرتفع للوقود والاتجاه نحو السيارات اليابانية.

ولذلك حققت شركة تويوتا موتورز اليابانية نجاحا كبيرا في السوق الأميركية بفضل سياراتها الهجين التي تعمل بالوقود والكهرباء الامر الذي يعني أنها أقل استهلاكا للوقود من السيارات التقليدية بنسبة كبيرة.

والجدير بالذكر ان معرض ديترويت شهد منافسة قوية في قطاع السيارات الهجين بعد أن تزايد الاقبال عليها. ويتوقع خبراء وصول مبيعات السيارات الهجين إلى 400 ألف سيارة العام المقبل بالمقارنة مع 190ألف سيارة بيعت خلال11شهرا الاولى من العام الماضي.