فولغا أوقفت إنتاجها العام الماضي .. ولادا تخفضه سنة بعد أخرى

السيارات الروسية لم تتخلص بعد من السمعة الموروثة من العهد السوفياتي

TT

رغم ان الصين تعتبر على ناطق واسع السوق الواعدة للسيارات في العالم، بدأت روسيا باللحاق بها كاكثر سوق مرشحة لنمو سريع في مبيعات السيارات فيها، فعهد السيارات «السوفياتية» السيئة السمعة، كالموسكوفيتش واللادا، شارف على الزوال والسوق التي كانت مغلقة في وجه السيارات الاوروبية والاميركية اصبحت تستوعب اليوم أكثر من 1.5 مليون سيارة في السنة من أصلها 500 ألف سيارة مستوردة... ما يعني أنها أصبحت تاسع اكبر سوق للسيارات في العالم.

ويقدر محللون إقتصاديون ان سوق السيارات الروسية سوف تنمو بمعدل 7% سنويا لغاية العام 2010 على الاقل، وذلك نتيجة ارتفاع الدخل الفردي بمعدل 12% على مدى السنوات الخمس الماضية في ظل مؤشرات إقتصادية واعدة تشير بان روسيا ستكون واحدة من الدول الاكثر استفادة من الارتفاع الحاد في اسعار النفط والغاز كونها مصدّرا رئيسيا للمادتين. رغم ذلك، إذا أردت اليوم أن تشتري سيارة جديدة في روسيا فأنت أشبه بمن يلعب اليانصيب وستكون محظوظا عندما يسفر بحثك المضني لدى باعة السيارات عن سيارة سليمة المكبح بها علبة تروس (ناقل السرعات) سليمة.

أما غير المحظوظين فما زالوا مضطرين لشراء سيارتهم من تاجر السيارات وأخذها رأسا إلى ورشة الاصلاح.

هذا الواقع المعروف في روسيا دفع الحكومة الى شن حملة من أجل تحسين الجودة وحماية شركة «أفتوفاز» (المعروفة باسم «لادا») وشركات روسية أخرى من المنافسة الاجنبية وذلك بضمها تحت سقف واحد، كما أعلن منذ فترة غير بعيدة.

ومن المنتظر أن تتولى شركة «روسوبورون اكسبورت» الروسية التي تعمل في تصدير الاسلحة الروسية قيادة هذا الاتحاد للشركات.

وكان الرئيس الروسي فلادمير بوتين قد أعلن في بداية شهر فبراير (شباط) الماضي أن روسيا مستعدة لدعم اتحاد الشركات الذي سيضم شركة «أفتوفاز» للسيارات وشركة «جاز» وشركة كاماز للشاحنات.

وربما كانت رغبة شركة «روسوبورون اكسبورت» في شراء أسهم الدولة في شركة «كاماز» إشارة البدء في الاندماج الكبير بين هذه الشركات بعد أن كانت قد حصلت على أكبر نسبة في أسهم شركة أفتوفاز بنهاية عام 2005.

ولكن الانتاج الروسي لا يزال يعاني من السمعة السيئة التي اكتسبها ابان العصر السوفياتي، والحصيلة الاولى لفتح السوق الروسية امام الانتاج الاجنبي كانت اتاحت المجال لمقارنة «حية» بين السيارة الروسية ومثيلتها الاوروبية أو الاميركية فلم يكن مستغربا أن تضطر الشركة الروسية المنتجة لسيارة «فولغا» إلى وقف إنتاجها العام الماضي بعد أن ازداد إعراض المستهلك الروسي عنها.أما شركة كاماز للشاحنات فلا تعرف في الغرب إلا بأنها فازت ست مرات على التوالي بسباق رالي داكار الشهير. منذ تسعينيات القرن الماضي وصناعة السيارات الروسية لم تتخلص من سمعتها الميكانيكية السيئة. ولا يزيد عدد السيارات التي تنتجها »لادا« سنويا عن 700 ألف سيارة مع استمرار انخفاض هذا العدد عاما بعد عام.

واليوم تواجه صناعة السيارات الروسية منافسة متزايدة من قبل السيارات الاجنبية داخل روسيا نفسها والتي اصبحت تاسع سوق للسيارات على مستوى العالم في ظل الزيادة السنوية في عدد السيارات المباعة في سوقها. وبالنظر الى الطلب الهائل على السيارات المستوردة درج البعض على انتظار شهور عديدة من أجل الحصول على سيارتهم المستوردة.

وتعتبر السيارات الرخيصة المستوردة على رأس السيارات التي يفضلها المشتري الروسي وهي السيارات التي يقل سعرها عن 7500 يورو مثل سيارة هيونداي التي بيع منها 90 ألف سيارة في روسيا العام الماضي مما يجعلها اكثر الشركات الاجنبية مبيعا في السوق الروسية.وتنتج الشركة الكورية الجنوبية 50 ألف سيارة سنويا بالتعاون مع شركة «تاغاز» الروسية.

وكذلك تملك شركات رينو (الفرنسية) وبي أم دبليو (الالمانية) وفورد (الاميركية) شركاء محليين لمعامل تجميع صغيرة، فيما تعتزم شركة فولكسفاغن بناء مصنع لها جنوب موسكو وذلك بعد جولة طويلة من المفاوضات الصعبة. وسوف تنتج الشركة ما يصل إلى 250 ألف سيارة سنويا ابتداء من عام 2010. الا ان المشروع مازال ينتظر موافقة مجلس رقابة الشركة.

ورغم تردد انباء عن احتمال عزوف الشركة الالمانية عن اتمام هذا المشروع فقد عاد رئيس فولكسفاغن الى التأكيد، قبل مدة قصيرة، بان إقامة مصنع روسيا «غير مهدد». وقال بيرند بيشتشريدر، رئيس فولكسفاغن ،في تصريح اعطاه على هامش معرض جنيف الدولي للسيارات إن المشروع غير مهدد بالخطر. غير أنه أقر بوجود بعض الخلافات مشيرا إلى أن الموضوع سيحسم تماما خلال الاشهر الثلاثة المقبلة.

وكانت فولكسفاغن قد أعلنت في وقت سابق أنها سوف تؤسس مصنعها في مدينة ستوبينو، جنوب موسكو،خلال العام الحالي.ومن المخطط لهذا المصنع الجديد أن ينتج، خلال خمسة أعوام، نحو250 ألف سيارة سنويا إذ تسعى الشركة للاستئثار بنسبة عشرة بالمائة من مبيعات السيارات في السوق الروسية.

أما شركة دايملر ـ كرايسلر فقد أعلنت بنهاية العام الماضي، وبشكل مفاجئ، إلغاء خطتها التي كانت تنوي بموجبها إقامة مصنع لها في روسيا، وبررت هذا الالغاء بقوانين الضرائب في روسيا التي تعتبرها «غير ملائمة»، فيما هددت جنرال موتورز الاميركية بالانسحاب من قطاع السيارات في روسيا بعد ان اضطرت الشركة التي تملكها مع «افتوفاز» الروسية الى وقف انتاجها بنهاية الاسبوع الاول من فبراير (شباط) الماضي نتيجة توقف الشريك الروسي عن توريد مكونات السيارة رباعية الدفع (شيفروليه نيفا) التي تنتجها الشركة الاميركية ـ الروسية المشتركة، وفق ما ذكرته صحيفتا «كوميرسنت» و«فيدوموستي» الروسيتان.

ولا يبدي بعض المحللين الروس ثقة تذكر في أن شركة «أفتوفاز» الروسية قادرة على إنتاج مليون سيارة سنويا بعد أن تنضم لاتحاد الشركات الروسية المزمع إنشاؤه.