«ديملر» تبدأ بتنفيذ خطة تقشف تشمل خفض كلفة الإنتاج وإغلاق مصانع وتسريح عمال

أقرت خطة لخفض إنتاج «سمارت» والتركيز على طراز المقعدين فقط

TT

عام 2007 هو العام الذي حددته شركة دايملر كرايسلر لتجاوز الخسائر التي يتسسب بها فرعان من فروعها هما: فرع سيارة «سمارت» الصغيرة الحجم والمستجدة نسبيا على الاسواق، وفرع سيارة كرايسلر العريقة في السوق الاميركية.

نزيف الخسائر في شركة السيارات الصغيرة التي تتبع «سمارت» لها انطلق علاجه من اقرار خطة لخفض إنتاج هذه الشركة، اولا، وثانيا التركيز فقط على الموديلات التي تحقق بالفعل مبيعات جيدة، الامر الذي حمل مجموعة «مرسيدس كار» على وقف إنتاج سيارتها «سمارت» ذات الاربعة مقاعد والتركيز فقط على إنتاج السيارة ذات المقعدين «سمارت فور توو» التي تسجل مبيعات جيدة وإخضاعها لسيطرة كاملة من مرسيدس.

وتتوقع مجموعة مرسيدس اقبالا ملحوظا على «سمارت فور توو» في الولايات المتحدة في ظل الارتفاع الحاد في اسعار الوقود الذي يجعل اقتناء السيارات الفارهة، خصوصا الوعرية ذات الدفع الرباعي (SUV)، مكلفا.

وقد تعهد الرئيس التنفيذي لشركة دايملر ـ كرايسلر، دايتر تسيتشه، للمساهمين بعودة شركة «سمارت» إلى تحقيق أرباح خلال العام المقبل.

أما شركة «كرايلسر» الاميركية فقد وضعت الخطوط العريضة لخطط اصلاح وإعادة هيكلة سوف تباشر في تنفيذها ابتداء من منتصف فبراير (شباط) المقبل، حيث تخطط الشركة لالغاء العديد من الوظائف وإغلاق مصنعين تابعين لها في الولايات المتحدة.

وكانت صحيفة «ديترويت نيوز» قد كشفت عن هذه الخطة التي أكدها أحد مديري الشركة (رافض الافصاح عن اسمه).

وتهدف الشركة من خلال هذا المخطط إلى إعادة هيكلة انتاجها بحيث تخفض كلفة انتاج كل سيارة من طراز كرايسلر بنحو ألف دولار.

وكان رئيس الشركة، توم لاسوردا، قد أطلع مجلس الاشراف والرقابة بدايملر ـ كرايسلر على خطوات تنفيذ خطط الاصلاح وإعادة الهيكلة على اعتبار ان الشركة تواجه حاليا عدة مشكلات من بينها تراجع مبيعات سياراتها، خاصة من طراز الدفع الرباعي، وكذلك مركبات النقل الصغيرة نظرا لارتفاع أسعار البنزين، حيث تحول عدد كبير من زبائن الشركة في الولايات المتحدة الى السيارات المقتصدة في الوقود.

علاوة على ذلك فإن كرايسلر تواجه منافسة شرسة في سوق السيارات الاميركية من قبل شركتي «جنرال موتورز» و«فورد». وخلال الربع الثالث من العام 2006 تكبدت الشركة خسائر بلغت نحو 1.2مليار يورو.

من ناحية أخرى انخفض حجم مبيعات الشركة، خلال الاشهر التسعة الاولى من العام 2006، بنسبة ثمانية بالمائة ليصل إلى 1.952 مليون سيارة كما بلغ مخزون السيارات الجديدة لدى التجار خلال الفترة نفسها نحو نصف مليون سيارة.

ولكن دايتر تسيتشه، الرئيس التنفيذي لشركة ديملر ـ كرايسلر قد توقع ان تسجل كرايسلر، الفرع الاميركي للشركة، خسائر تصل إلى مليار يورو (1.33 مليار دولار) خلال العام 2006 ككل. وهذا التوقع لم يكن مجرد كشف مسبق عن حجم الخسائر بقدر ما كان مؤشرا إلى فشل محاولات إنقاذ كرايسلرمن مأزقها وإخراجها من عثرتها على يد تسيتشه عندما كان رئيسا لها عام 2005، ففي العام 2005 نجح تسيتشه في وقف تدهور مبيعات كرايسلر والحد من خسائرها بصورة جعلت الكثيرين يعتقدون أن الشركة الاميركية تجاوزت «الأيام الصعاب» ولكن عام 2006 جاء حاملا رسالة مختلفة تماما.

وفي الوقت الذي اثيرت فيه شكوك حول نتائج كرايسلر نجح تسيتشه في إنعاش شركة «مرسيدس كار غروب»، التابعة لمجموعة ديملر كرايسلر والتي تنتج السيارات الفارهة مرسيدس بنز، ففي حين عانت «مرسيدس كار غروب» من خسائر بلغت 506 ملايين يورو خلال الاشهر التسعة الاولى من العام 2006 حققت الشركة أرباحا بلغت 1.12 مليار يورو خلال الفترة نفسها من العام الحالي. ومن المتوقع أن تجني «مرسيدس كار غروب» أرباحا كبيرة من طرح موديلاتها الجديدة من الفئة «سي» وهذا التوقع حمل المحللين في مؤسسة «بي أند دي فوركاست» للدراسات الاقتصادية على القول بأن «مرسيدس تستعيد قوتها السابقة ببطء».

ولكن هذه الانباء السارة لم تكن بلا ثمن. فقد دفع حوالي 6000 عامل وموظف ثمن عودة مرسيدس إلى دائرة الربحية بعد أن فقدوا وظائفهم في إطار خطة إعادة هيكلة الشركة وخفض النفقات. وكان أكثر من نصف هؤلاء العمال والموظفين من فئة المديرين وموظفي الادارة في ألمانيا.

وفي الوقت نفسه وافق حوالي 8500 عامل في مصانع مرسيدس على خفض مستحقاتهم طواعية، مقابل استمرار عمل مصانع الشركة في ألمانيا وعدم نقلها إلى مناطق آخرى في آسيا وشرق ووسط أوروبا، حيث العمالة أقل تكلفة.

ويقول الخبراء إن برنامج إعادة هيكلة مرسيدس، الذي شمل أيضا تطوير خطة طرح طرز جديدة، ساعدها على استعادة جزء من الارضية التي خسرتها لصالح منافستها الالمانية أيضا في سوق السيارات الفارهة، بي إم دبليو.

ويحاول رئيس كرايسلر، توم لازوردا، وضع برنامج جديد لإعادة الهكيلة من المنتظر الكشف عنه في مارس (آذار) المقبل.

ويعتقد المحللون أن البرنامج الجديد يتضمن توصية بإغلاق مصنع آخر للشركة في الولايات المتحدة، إضافة إلى المصانع التي كان قد سبق لتسيتشه ان امر بإغلاقها في إطار السعي إلى خفض النفقات والتركيز على مراكز الانتاج ذات العمالة الرخيصة.

ويقول الخبراء إن لازوردا، وهو مقرب جدا من تسيتشه، يملك فرصة واحدة للبقاء في منصبه المرموق هي أن يحقق النجاح في إعادة هيكلة كرايسلر ونشلها من دائرة الخسائر، فإذا لم يحقق النجاح المطلوب فإن بقاءه على رأس كرايسلر سيصبح موضع شك.

ومما يشجع مجموعة ديملر ـ كرايسلرعلى المضي قدما في خطط اعادة الهيكلة أن مشكلات كرايسلر تبدو بسيطة إذا ما قورنت بالمشكلات التي تواجهها زميلتاها الاميركيتان، جنرال موتورز وفورد، فجنرال موتورز وفورد تعانيان من نزيف خسائر مستمر منذ أكثر من عامين ومازالتا تحاولان البحث عن مخرج من هذا الوضع. وإذا كان البعض في ديملر كرايسلر ينظر إلى العام 2006 باعتباره عام «مراوحة» الشركة في مكانها فإن البعض الآخر لا يزال يشكك في أن يكون العام الحالي أفضل منه.