سوق السيارات الضحية الأخرى لأزمة لبنان السياسية

مبيعات السيارات المتوسطة والعائلية تراجعت.. والأزمة لم تؤثر في الفخمة والصغيرة

TT

سجلت المستوردات الإجمالية للسيارات الجديدة في لبنان، العام الماضي، تراجعا بنسبة 11% متأثرة بالظروف السياسية والاقتصادية والامنية التي مر بها لبنان، والتي لا تزال مستمرة حتى الان، في الوقت الذي سجلت فيه سائر دول المنطقة (دول الخليج والمشرق) زيادة بلغ معدلها نحو 20%.

وتدل الاحصاءات على ان فئات السيارات لم تتأثر بالازمة الراهنة، بل ان الاكثر تأثرا كانت السيارات المتوسطة والعائلية. "فالمشترون الذين يملكون قوة شرائية تتراوح بين 30 و40 الف دولار سنويا، والذين يمكن ان يدفعوا أقساطا شهرية لشراء سيارة جديدة تتراوح بين 800 و1000 دولار، غابوا تماما عن الساحة ما يعكس اتجاه المهنيين الشباب والكوادر المثقفة إلى تفضيل الهجرة من لبنان على البقاء فيه حين تتاح لهم فرصة عمل في الخارج"، على حد تفسير احد وكلاء السيارات الذي يضيف ان فئة السيارات الصغيرة، بخلاف ذلك، لم تتأثر، خصوصا في ظل العروض المالية المغرية لشرائها.

اما السيارات الفخمة، فلا يزال سوقها رائجا الى حد كبير، باعتبار ان الذين يشترون مثل هذه السيارات لا يفعلون ذلك بدافع الحاجة، وانما بدافع الترف وحب التغيير، وهو اتجاه تقدم شركات كثيرة ترتيبات مالية شتى لتعزيزه... وهذا النوع من المشترين، كما يقول احد مستوردي السيارات الفخمة، متطلب الى حد كبير في فترات الازمة والشدة، ويشير الى ان الاغنياء يشترون السيارة للاستمتاع بها فيما يسعى الفقراء إلى الاستفادة من فرص الشراء المتاحة. وربما كان اكبر الغائبين عن الساحة هو "المشتري العقلاني".

وفي ظل هذه الصورة غير الزاهية، تم تسجيل بعض الاستثناءات، كما حصل مع شركة "ريمكو" على سبيل المثال (وكلاء نيسان، وGMC، وانفينيتي)، التي سجلت زيادة في حجم مبيعاتها بنسبة 60% لغاية منتصف مايو (ايار) من السنة الحالية، مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي، علما ان "ريمكو" هي شركة السيارات الوحيدة التي يتم تداول اسهمها في بورصة بيروت منذ عام 1994.

ويعزو مدير العمليات في الشركة، عبدو سويدان، هذه الزيادة الى امرين: اولهما التحضيرات لموسم بيع السيارات الذي يقع بين مايو (ايار) ومنتصف اغسطس (اب)، بالإضافة الى الترتيبات المالية الجديدة التي اعتمدتها، ولا تزال تعتمدها الشركة، لاجتذاب الزبائن". ويؤكد سويدان "ان مبيعات السيارات لم تعد تتعلق بماركة السيارة، بقدر ما تتعلق بالتسهيلات التي تجعلها في متناول اليد"، ويشير الى تبني الشركة لاستراتيجية تسويق تتمحور حول تحسين المؤشرات المالية اكثر من العائدات، ويقول: "خلال السنوات الصعبة نستهدف الفعالية وتوفير السيولة والمرونة اكثر مما نستهدف الارباح. وهكذا حولت "ريمكو" مبيعاتها خلال السنوات الثلاث الماضية الى سيولة وظفتها في اطفاء قسم كبير من الديون المصرفية التي توازي اليوم 15% مما كانت عليه في نهاية مايو (ايار) 2006، مع ان كلفة الدين زادت بنسبة 30% في السنوات الثلاث الاخيرة، الامر الذي دفعنا الى اعتماد ميزانية هي الادنى في تاريخ الشركة لتخفيض هذه الكلفة." ويضيف أن هذه الخطة الجديدة "أثبتت فعاليتها من خلال تسجيل ارباح غير مدققة في الفصل الاول من العام الحالي بلغت 71.4% بالمقارنة مع الفترة المماثلة من عام 2006".

تجدر الاشارة الى ان "ريمكو" لم توزع انصبة ارباح على المساهمين منذ ثلاث سنوات "لكنها قررت هذه السنة توزيع ارباح على شكل اسهم وليس سيولة لضخ مزيد من الثقة بالشركة" على حد قول سويدان. الذي اشار الى ان الجمعية العمومية التي عقدت في 16 يوليو (تموز) قررت توزيع مليون سهم اضافية مما يرفع (رأسمال) الشركة من 25 مليارا الى 26 مليار ليرة لبنانية. وبحسب سويدان، "فان ريمكو يملكها نوعان من المساهمين هما المساهمون الاستراتيجيون والمؤسساتيون، الذين يؤمنون بمستقبل الشركة، ومن نسميهم الارامل والايتام الذين يتوسلون تحقيق ارباح سريعة".

وتتسابق المصارف اللبنانية اليوم على تقديم قروض لشراء السيارات يصل بعضها الى 70 الف دولار بالنسبة الى السيارة الجديدة و30 الف دولار بالنسبة للسيارة المستعملة. ولكن مدة القروض لا تتجاوز الخمس سنوات.