نيسان تعزز «لونها» الأخضر بسيارتين كهربائيتين

حطمت إحداهما الرقم القياسي للسرعة في فئتها

«إكس ترايل»... تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني
TT

لان شركة «نيسان» تنظر نظرة خضراء الى المستقبل، لم تتردد في تخصيص 1.3 مليون يورو لتطوير سيارة «إكس ـ ترايل» التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني. وهذه السيارة التي يشار اليها، اختصارا، بالاحرف FCF هي الاولى من نوعها تسجل في المملكة المتحدة وتوضع بتصرف من يريد تجربتها على الطرقات البريطانية.. علما بأن صفا طويلا من الراغبين ينتظر هذه الفرصة الرائعة.

ميزة هذه المركبة الخماسية المقاعد انها سيارة كهربائية بالكامل وبالتالي تعمل من دون ان يصدر عنها أي صوت ومن دون أي انبعاثات غازية من العادم، اذ تتولى الخلايا الهيدروجينية توليد الطاقة الكهربائية التي تسيّر المركبة نتيجة التفاعل الكيماوي بين غاز الهيدروجين - الذي يجري حفظه تحت ضغط 700 بار في خزان خاص محكم الاغلاق - وبين غاز الاوكسجين المتوفر في الجو الخارجي. اما الناتج الجانبي لهذا التفاعل فهو بخار ماء صرف وصاف جدا.

ويتولى التيار الكهربائي، عبر محول خاص، تشغيل محرك كهربائي قوي مثبت في مقدمة السيارة. ويبلغ مدى سير هذه السيارة، قبل اعادة شحنها مجددا بالهيدروجين500 كيلومتر. اما سرعتها القصوى المسجلة رسميا فتبلغ 150 كيلومترا في الساعة، إذ إن محركها الكهربائي يولد 120 حصانا (90 كيلووات) من القدرة، في حين يصل عزم الدوران الاقصى الى 280 نيوتن متر.

وهذه السيارة الرائدة تتميز ايضا باحتوائها على اخر ما توصلت اليه تقنيات البطاريات، فقد نجحت «نيسان» في تصميم بطارية «ليثيوم ـ أيون» مدمجة بخلايا رقيقة لماعة. وهي تستخدم فقط للشروع في تشغيل محرك السيارة الكهربائي، ولتعزيز انطلاقتها لدى تسارعها من سرعة الصفر. وتقوم الطاقة الحركية، لدى تباطؤ السيارة ولدى استخدام المكابح، بتوليد طاقة كهربائية اضافية وتخزينها في البطارية لاستخدامها عند الحاجة. كما ان من شأن سير السيارة في المنحدرات أن يفعل الامر ذاته في تخزين الطاقة الكهربائية.

ولكن ما هو شعور السائق لدى قيادتها؟ انه نفس شعور قائد سيارة «إكس – ترايل» العادية، والفارق الابرز ان سيارته الكهربائية تسير بهدوء ودون اي ضجة تذكر. وانتفاء صدور أي صوت عن السيارة قد يشكل خطرا للمشاة السارحين في افكارهم وخواطرهم. وسيارة نيسان الكهربائية مجهزة بناقل حركة اوتوماتيكي علما ان المحركات الكهربائية لا تحتاج اليه عادة، الا ان وجوده يعزز من قوتها. ويبدو ان مقود النموذج الاولي منها أخف وزنا من مقود السيارة العادية، كما ان المقاعد الخلفية أعلى من المقاعد العادية لكونها تقع فوق خزان الهيدروجين الكبير نسبيا.

وما تزال هذه السيارة في المراحل الاولى من التطوير، ولكن «نيسان» تعمل على تحسين جودة أجزائها ومكوناتها، فضلا عن محاولة ايجاد اختراق علمي في ما يتعلق بطريقة تخزين الهيدروجين، وبالتالي خفض التكلفة التقنية للسيارة. وتأمل الشركة ان يبدأ الانتاج التجاري للمركبات العاملة بخلايا الوقود بحلول عام 2015.

وبعد موافقة وزير النقل والبنية الاساسية في اليابان على هذه السيارة، في عام 2002، خضع نموذجها الاول لاختبارات ميدانية على طرقات اليابان قبل ان تدخل «نيسان» المزيد من التحسينات على النموذج الاساسي عام 2003. وأعقب ذلك تأجير عدد محدود منها للشركات اليابانية. وهي متوفرة اليوم مع سائقها لمن يريد استئجارها ولو لساعات قليلة في العاصمة طوكيو حيث توجد حاليا 10 محطات للتزود بوقود الهيدروجين.

وفي 23 يوليو(تموز) الماضي حطمت هذه السيارة المدهشة الرقم القياسي في السرعة للسيارات العاملة على خلايا الوقود على حلبة «نوربيرغرينغ» الشهيرة في المانيا مسجلة 11 دقيقة و 58 ثانية بعادم صفر للغازات الملوثة. ولم يكن يصدر عنها اي صوت باستثناء صرير الاطارات على المنعطفات نتيجة السرعة العالية. وحصل كل ذلك والمطر يتساقط بشدة.

وهذه السيارة جزء من «برنامج نيسان الاخضر» الذي يشرف عليه شخصيا الرئيس التنفيذي كارلوس غصن، وذلك ضمن استراتيجية الشركة لتخفيض انبعاثات ثاني اوكسيد الكاربون، وتشجيع اعادة تدوير المنتجات المستهلكة.

ومن المؤسسات التي شاركت «نيسان» في ابحاثها في مضمار خلايا الوقود منذ اكثر من 30 عاما، كلية «إمبيريال كولدج» في لندن. ولكن مرحلة قيادة سيارات تسير على الهيدروجين لا تزال بعيدة بعض الوقت بسبب الكلفة الباهظة التي تترتب على تصنيع مثل هذه السيارات، خاصة ان تحضير الوقود الهيدروجيني وتخزينه عملية في غاية الصعوبة والتعقيد، ويزيد من صعوباتها عدم وجود بنية اساسية لمحطات توزع وقود الهيدروجين على غرار محطات الوقود الكاربوني. وتعمل «امبيريال كولدج» حاليا على مشروع لاستغلال الاشعة الشمسية في تحضير الهيدروجين وجمعه، الامر المفيد للعالم العربي الغني جدا باشعة الشمس المتوفرة على مدار السنة تقريبا وبقوة. وهذا الامر اشارت اليه في السابق شركة «بي إم دبليو» عندما عرضت سيارتها الهيدروجينية النموذجية في دبي، قبل اكثر من سبع سنوات. كما تبحث «امبيريال كولدج» ايضا في احتمال استخلاص الهيدروجين من الطحالب. وتتوقع هذه الكلية ان لا تعمم الطاقة الهيدروجينية قبل عشر سنوات من الان، أي بعد نضوج هذه التقنية وتوفرها بكلفة اقل.

في غضون ذلك ستطلق «نيسان» سيارتها الكهربائية في اليابان والولايات المتحدة في عام 2010، وفي سائر الاسواق العالمية عام 2012، مع مشروع لتأجيرها الى العامة والشركات قبل ان يصبح بامكان المرء شراؤها واقتناؤها. في هذا الوقت تتبع سيارة «نيوفيو» الكهربائية الصغيرة من انتاج «نيسان» المخصصة للتنقلات في المدن، خطى «تيوتا آي كيو» على صعيد الابتكارات الداخلية فيها، فسيارة «نيسان» الجديدة هذه يبلغ طولها 3 أمتار وهي بثلاثة مقاعد فقط اثنان في المقدمة، بما في ذلك واحد للسائق، والثالث القابل للطي في المؤخرة. والمساحة الخلفية تتسع، بعد طي المقعد، لحمل وافر من الحقائب والحاجيات. وسقف هذه السيارة مغطى بأكمله بلوحات شمسية على شكل اغصان الشجرة. ومهمة هذه الالواح شحن الطاقة التي تولدها لتغذية البطاريات. وتعتقد «نيسان» ان القوة التي تولدها هذه الخلايا الشمسية من شأنها توفير ليلة كاملة من الشحن في الشهر من المقبس الكهربائي الرئيسي في المرآب.

وأخيرا تقول «نيسان» انها أجرت ابحاثا خاصة حول كيفية استخدام الافراد لسياراتهم داخل المدن فوجدت انه في 90 في المائة من الحالات يكون السائق وحده في السيارة. وفي خمسة في المائة منها يكون معه شخص ثان. وفي اربعة في المائة من الحالات يكون معه شخصان.. وهذا ما يفسر المقاعد الثلاثة في السيارة الكهربائية الجديدة.