الشركات الثلاث حصلت على قروض بـ 25 مليار دولار وفشل المال في تعويمها يعرضها إلى إشهار إفلاسها

هل تستحق شركات السيارات الأميركية الإنقاذ؟

TT

* هل تستحق الشركات الثلاث الكبرى إنقاذها؟

* زاد معدل سرعة انهيار صناعة السيارات في الأسابيع الأخيرة. وفي محاولة يائسة للحل، تسعى شركة جنرال موتورز إلى الاندماج مع كرايسلر. وقد تحدثت كرايسلر مع رينو ونيسان حول عقد شراكات. والآن تضغط شركات فورد موتور وجي إم وكرايسلر، ويساندها مشرعون من ميشيغان، على واشنطن لتمنحهم أموالا، مما يشير ضمنا إلى أن الفشل في وضع خطة إنقاذ من الممكن أن يؤدي بالصناعة إلى إشهار إفلاسها.

وقد أقر الكونغرس الشهر الماضي ضمانات قروض بلغت 25 مليار دولار لشركات السيارات، وتتم الآن صياغة القواعد التي تحكم هذه القروض. ولكن تقول الشركات إنها تريد المزيد الآن. وتنفق جي إم وفورد وكرايسلر الأموال على نحو أسرع بكثير من معدل حصولها عليها، فقد انخفضت المبيعات كثيرا، ولم تستطع أي من الشركات اقتراض المال منذ شهور بسبب أزمة الائتمان.

وصرحت المتحدثة الرسمية دانا برينو يوم الاثنين أن المسؤولين في وزارة الخزانة، ووزارتي الطاقة والتجارة تناقشوا حول المساعدة التي ستقدم لشركات السيارات. ربما تتضمن الخيارات شراء أسهم في الشركات، أو منحها المزيد من القروض، أو ضمان قروضها، أو شراء قروضها المتعثرة. وأضافت أن المسؤولين في إدارة بوش «يعملون بأسرع ما يمكنهم» لمنح القروض.

قالت المتحدثة باسم «فورد كريدت» إن الشركة كانت قد قدمت طلبا للحصول على قروض جديدة قصيرة الأجل يمنحها الاحتياطي الفيدرالي للمشروعات التي تعاني من تعثر في الاقتراض. وتشير التقارير الإخبارية الأخيرة إلى أن جي إم وكرايسلر كانتا تسعيان إلى الحصول على 10 مليارات دولار من أموال الحكومة لدعم اندماجهما.

في الوقت نفسه، استمرت الأنباء السيئة في التوالى، حيث قللت شركة مودي لتصنيف الشركات من حجم ديون شركتي كرايسلر وجي إم، للمرة الثانية في خلال ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى حجم دين ذراع الإقراض في فورد، وأشارت إلى «سرعة انهيار قطاع صناعة السيارات الأميركية وخطورته»، ومنبهة إلى أن الشركات ربما تواجه صعوبة في الوفاء بالتزاماتها في عام 2009.

ومع وجود حوالي 200،000 موظف أميركي ومئات الآلاف في الخارج وعائد سنوي يبلغ 400 مليار دولار بين الشركات الثلاث الكبرى، يثير احتمال إفلاس أي منها الكثير من المخاوف. ولكن هناك نقاش كبير حول ما يمكن أن يحدث إذا أفلست. يتوقع بعض المحللين والاقتصاديين والعالمين ببواطن أمور هذه الصناعة تغيرا ماليا كبيرا بينما يرى آخرون ما هو أكبر بقليل من تحول الصناعة إلى الشركات الأجنبية مثل تويوتا موتور وهوندا موتور. ويقول البعض إنه على المدى الطويل، سيكون حال الاقتصاد الأميركي أفضل إذا تجاوز صناعة السيارات.

يقول دونالد غريمز، خبير الأبحاث في جامعة ميشيغان: «سيكون فشل أي من الشركات الثلاث الكبرى ضربة هائلة. ولكن هناك تساؤل حقيقي ما إذا كانت هناك مساحة كافية لها جميعا».

يفترض آخرون أن إفلاس واحدة فقط من الشركات الثلاث سيؤثر على قطاع الصناعة كله مما يسبب ضررا على الموردين ويجمد الشركتين الأخريين. وسيفقد مئات الآلاف وظائفهم.

وقال ديفيد كول، رئيس مجلس إدارة مركز أبحاث السيارات: «إذا هبطت شركة فورد أو شركة جي إم، فسيخسر سوق العمل مليوني وظيفة»، وهذا سيضيف مئات الآلاف من المتقاعدين إلى الشركة الفيدرالية لضمان المعاشات. وتتحمل كرايسلر وجي إم مسؤولية دفع 90 مليار دولار في تأمينات المعاشات والتأمين الصحي بحلول عام 2017.

في الشهر الحالي، بدأ المركز في إجراء ما يسميه دراسات الكارثة لتوقع نتائج إحدى شركات السيارات. تقدر الدراسات نسبة تصل إلى 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ويقول كول: «إنها تجلب للاقتصاد من 200 إلى 300 مليار دولار».

وقد تسارعت خسائر الشركات الثلاث الكبرى لأسهمها في السوق أمام الماركات الأجنبية في التسعينات. في السبعينات، كانت «جي إم» تستحوذ على أكثر من 40 في المائة من السوق الأميركية، أما اليوم، يبلغ حجم السيارات الأجنبية في المبيعات الأميركية 51 في المائة.

وعلاوة على ذلك، أقامت معظم شركات السيارات الأجنبية مصانع لها في الولايات المتحدة؛ وحتى العام الحالي، كانت نسبة 27 في المائة من مبيعات السيارات في الولايات المتحدة من السيارات المصنعة في مصانع في أميركا تملكها شركات سيارات أجنبية.

ويقول ديفيد غريغوري، أستاذ القانون في جامعة سانت جونز وممثل العمال السابق في فورد، إن هذا يشير بوضوح إلى أين تتجه الصناعة، لأن شركات مثل نيسان موتور، التي تقوم بعمليات كبيرة في تينيسي، وبي إم دبيلو، التي تصنع سياراتها في كارولاينا الجنوبية، أقامت مصانع في مناطق تقل فيها مرتبات العمال ويصعب القانون المحلي من عملية إنشاء اتحادات، وهذا يجعل منطقة دترويت لها ميزة كبرى.

في الخريف الماضي، أعادت الشركات الثلاث الكبرى التفاوض في عقودها مع اتحاد عمال السيارات الأميركي، لتفرض هيكلا للمرتبات على درجتين يجعلها أكثر قدرة على المنافسة مع شركات السيارات الأجنبية. ولكنهم لن يروا أية منافع حتى عام 2010.

يقول غريغوري: «في الحقيقة، شركات السيارات اليابانية والأوروبية موجودة بالفعل في الولايات المتحدة وعلى نحو كبير. ويمكنها أن تفعل أكثر من مجرد تعويض المساحة التي خلفتها الشركات الثلاث الكبرى. أقول إنها من الممكن أن تحقق هذا في خلال خمسة أعوام أو أقل».

ويؤكد هو وآخرون أن شركات مثل تويوتا ستملأ الفراغ سريعا لشركات التوريد الكبرى مثل لير وجونسون كونرولز، وخاصة إذا ما تحسن وضع الاقتصاد بما يكفي لتعزيز المبيعات إلى المستوى الذي كانت عليه قبل عام 2008. وبالنسبة للعمالة المسرحة التي تريد العودة إلى العمل، ربما توفر لها فرصا. وبالضرورة، كما تقتضي النظرية لن يكون هناك تأثير على العمالة.

يقول غريمز من جامعة ميشيغان: «بعد فترة من الضبط، لن تكون هناك خسارة أو مكسب في هذه العملية».

ويزيد رومان واكزيارغ، أستاذ الاقتصاد في كلية أندرسن للإدارة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، على هذا الافتراض المنطقي، فيشير إلى أن صناعة أية سيارة، سواء كانت تويوتا أو شيفروليه، في الولايات المتحدة، لن تكون منطقية، طالما أن من الممكن صناعتها بفاعلية أكثر في أسواق عمالة شبه ماهرة مثل المكسيك.

ويشبه واكزيارغ صناعة السيارات ببناء السفن وصناعة الحديد والصلب، وقد كانت صناعات كبرى في الولايات المتحدة منذ عقود، ولكنها في النهاية انتقلت إلى الخارج، مما دفع إلى تنمية صناعات أخرى أو بقايا متخصصة للصناعات المغادرة.

يقول واكزيارغ: «لدينا آثار خطيرة جدا قصيرة المدى على المجتمعات، ولكن على المدى البعيد، يتعلم الاقتصاد التخصص في مجالات جديدة لها قيمة أعلى. فأعادت بطرسبرغ اكتشاف نفسها بعد الحديد، وربما يكون على دترويت أن تفعل الشيء نفسه».

ومثلما تحولت معظم صناعة الصلب في الولايات المتحدة إلى نوع مميز من الصلب، من الممكن أن تركز صناعة السيارات الأميركية على إنتاج سيارات حديثة مثل السيارات المهجنة والكهربائية.

يقول إلون موسك، رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة تيلسا موتورز للسيارات الكهربائية في سان كارلوس: «أعتقد أن صناعة السيارات في الولايات المتحدة ستستمر بصورة ما، ولكن يجب أن تتم إعادة هيكلة أساسية».

وبالنسبة للعاملين في مجال صناعة السيارات، مثل هذه الفترة الانتقالية غير واردة. يقول غريغ مارتن، المتحدث الرسمي لجي إم: «إذا كنت تريد التعرف على جزء ضروري من الاقتصاد، فنحن نصر على أن هذه الصناعة ما زالت تلعب دورا كبيرا. وأية خطة لتحقيق استقرار اقتصادي سيكون عليها أن تشمل صناعة السيارات الأميركية».

وهذا يشغل تفكير النائب دالي كيلدي (الديمقراطي عن ولاية ميشيغان)، وقد انضم إلى سبعة أعضاء آخرين من وفد ميشيغان في الكونغرس في إرسال خطاب الأسبوع الماضي إلى وزير الخزانة هنري بولتون ورئيس بنك الاحتياط الفدرالي بين برنانك، ليطالبوا الاثنين «باستخدام سلطتهما التنظيمية الواسعة: من أجل «توفير السيولة» لشركات السيارات الأميركية.

يقول كيلدي، وهو ابن عضو اتحاد عمال السيارات الذي ساعد على تمرير 1.5 مليار دولار من خطة الإنقاذ إلى كرايسلر عام 1979: «لا توجد منطقة في هذه البلاد لم تتأثر بالشركات الثلاثة الكبرى. وأضاف أنه ضغط على الكونغرس من أجل سرعة إنفاق الـ 25 مليار دولار في قروض مضمونة وطلب منح 25 مليار دولار أخرى. «إننا لا نساعد صناعة السيارات فحسب، بل جميع صناعات هذه الدولة.» ستكون ميشيغان مركز انهيار شركات السيارات. وقد وصلت الولاية بالفعل إلى ثاني أعلى معدل للبطالة في الدولة، حيث بلغت 8,7 في المائة، مقارنة بـ6.1 في المائة في جميع أنحاء البلاد. وبعد أعوام من فقدان الوظائف، غادر الكثير من القوى العاملة إلى أماكن أخرى: فوصل عدد سكان دترويت إلى 900,000 بعد أن كان 1,8 مليون عام 1950. وتشير دراسات حديثة إلى أن الولاية من الممكن أن تفقد 60,000 وظيفة أخرى إذا أفلست أي من الشركات الثلاث الكبرى.

وفي أعقاب خطط الإنقاذ الفدرالية لوول ستريت وأميركان إنترناشونال غروب التأمينية، يشعر الخبراء ببعض الشك في أن مساعدة الحكومة لشركات السيارات تقترب. ومع إنفاق جي إم وفورد بمعدل مليار دولار في الشهر، يظل محل ترقب ما إذا كان نزف أموال دافعي الضرائب سيتوقف. وقال الخبير الاقتصادي غريغوري إن أية خطة إنقاذ قد تصب المال في حفرة عميقة.

وأضاف: «إن الضرر الذي سيلحق بالعامة بخسارة جي إم أو فورد أو كرايسلر لن يمكن إحصاؤه، وتأثيره على ما يتبقى من المنطقة الصناعية سيكون أسوأ. ولكن في الحقيقة، اقتصادنا لا يعتمد على السيارات، فلم يعد كذلك. السؤال الوحيد يدور حول مدى ضرر الفترة الانتقالية».

* خدمة لوس أنجلوس تايمز.

ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»