اللبنانيون يكتشفون بفضل موقع إنترنت «مصائب» سياراتهم المستوردة من أميركا

الكشف عن الهوية الكاملة للسيارة المستعملة متاح ابتداء من طرازات 1981

TT

لم ينس اللبنانيون بعد الحادث المفجع الذي أودى بحياة النائب علي الخليل قبل عدة سنوات بسبب انشطار سيارته إلى نصفين على أثر اصطدام، وقد تبين نتيجة التحقيقات أن سيارة الخليل مستوردة كسيارة مستعملة وقد أخضعت في بلد المصدر لعملية تلحيم غير سليمة. وتعتبر سيارة النائب الراحل الخليل نموذجا لكثير من السيارات المستعملة في لبنان والمستوردة من الخارج والتي تنطوي على غش تقني وشكلي يعرض حياة أصحابها وحياة الآخرين لأخطار كبيرة، علما أن اللبنانيين يكادون يحصرون مستورداتهم من السيارات المستعملة في هذه المرحلة في الولايات المتحدة، بالنظر إلى ضعف قيمة الدولار الأميركي، من جهة، وارتفاع سعر صرف اليورو بشكل غير مسبوق، من جهة ثانية.

أحد تجار السيارات المستعملة في لبنان قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأميركيين أدركوا خطورة تصدير السيارات المستعملة المعاد تأهيلها بشكل مظهري، فقرروا التحرك على خطين؛ الخط الأول يقضي بتشديد القيود على المزادات العلنية للسيارات، باعتبار أن معظم السيارات المستعملة المصدرة من الولايات المتحدة يتم شراؤها في تلك المزادات، وغالبا ما تكون هذه السيارات غير صالحة للسير وحتى للتصليح فتخضع لعملية تصحيح لشكلها وترقيع لداخلها.. وترسل إلى لبنان.

أما الخط الثاني، وهذا هو الأهم، فهو وجود موقع على شبكة الإنترنت يطلق عليه اسم «Carfax.com»، بإمكان أي كان أن يدخل إليه ويسأل عن أصل وفصل سيارته الواردة من الولايات المتحدة مقابل اشتراك. حتى إن بعض تجار السيارات المستعملة المستوردة من أميركا باتوا يقدمون لكل مشتر لسيارة وارد أميركا تقريرا من الموقع نفسه، لكون التجار الذين يحترمون أنفسهم انخرطوا في الاشتراك في الموقع المذكور، بما يوفر لزبائنهم الثقة الكاملة في ما يشترونه.

والواقع أن الموقع الإلكتروني الأميركي يستخدمه ملايين الأشخاص عبر العالم، وهو يوفر الهوية الكاملة للسيارات المستعملة في الولايات المتحدة ابتداء من طرازات عام 1981، وذلك من خلال تزويد الموقع برقم هيكل السيارة الملصق على الهيكل أو المحفور على واقي الجليد. ولقاء مبلغ معين، وفقا لنوع الاشتراك، بإمكان الزبون قبل أن يدفع ثمن السيارة الحصول على التاريخ الكامل للسيارة: صيانتها، والحوادث التي تعرضت لها مهما كانت بسيطة، وكمية الكيلومترات التي قطعتها، والتصليحات التي أخضعت لها، وعدد المالكين الذين مروا عليها، ولائحة بمخالفات قانون السير، وانتماؤها إلى سرب من سيارات الوظيفة أو من سيارات التأجير.

ويقول أحد الزبائن إنه بعد أن أدخل رقم هيكل السيارة التي كان ينوي شراءها، وجد أن علامة «الكيلومترات» الحقيقية لا تنطبق أبدا على الرقم الذي أراد البائع إقناعه به. واكتشف أيضا، بانتقاله إلى سيارة أخرى واردة من أميركا أن هذه السيارة تعرضت لمشكلات متكررة في جهاز سرعتها على الرغم من أن البائع كان يتباهى بها.

ويروي زبون آخر كيف أنه أصبح مشتركا في الموقع الأميركي ليكشف عن هوية سيارة كان ينوي شراءها فيقول: «بعدما أدخلت رقم الهيكل صعقت بالمعلومات التي واجهني بها الموقع. فالسيارة تعرضت لحادث جعلها طعما للخردة، خاصة أن نصفها الأمامي كان غير قابل للإصلاح، الأمر الذي جعلني أقتنع بأن السيارة أخضعت لـ(عملية تجميل) شكلية ولكنها بالغة الخطورة بكل تأكيد، لأنها أعيدت بنصفين مختلفين».

والمهم هو أن موقع «كارفاكس» يتابع السيارة منذ خروجها من المصنع، حتى خروجها من الولايات المتحدة وتحديدا حتى الحدود الأميركية مع الخارج، وهذا ما يطمئن المشتركين ويدفعهم إلى الاشتراك في الموقع، أو الشراء من مكتب أو معرض لديه اشتراك في المعرض لا يكلف أكثر من 40 دولارا، وهو لا شيء أمام المعلومات المهمة التي يتيح الحصول عليها، والتي يمكن أن توفر الموت المحتم على الشاري ومن يستقل سيارته أو من يمر إلى جانبه.

ويبدو أن استخدام الموقع الأميركي آخذ في التوسع في لبنان لما يوحي به من ثقة ولما يقدمه من معلومات بالغة الأهمية، خاصة إذا علمنا أن هذا الموقع يملك قاعدة معطيات مثيرة تتمثل في وجود نحو 6 مليارات ملف سيارة لديه استقاها من أكثر من 20 ألف مصدر حكومي أو مهني كالشرطة الفيدرالية الأميركية، ورجال الإطفاء في أميركا الشمالية، ووكلاء السيارات، ومرائب الصيانة، ومكاتب التأجير وغيرها.

يذكر أن «Carfax» لا يتعاطى سوى في شؤون السيارات المصنعة في الولايات المتحدة، ولا توجد فروع له لا في أوروبا ولا في العالم العربي ولا في غيرهما.