«سوزوكي جيمي».. قدرات كبيرة يلخصها حجمها الصغير

سر نجاحها: بساطتها وشكلها المتواضع الذي لم يتغير منذ 39 سنة

TT

قد يقع نظر المتجول في الشوارع والطرق الأوروبية، أحيانا، على سيارة صغيرة تشبه الجيب العسكرية التي كانت تستخدم إبان الحرب العالمية الثانية، أو كالتي يعود تاريخها يعود إلى أجدادنا، يوم كانت السيارات نادرة الوجود، ولا نشاهد منها سوى قلة تجوب الطرق بين الآونة والأخرى.

إنها سيارة «سوزوكي جيمي» التي نالت، رغم شكلها المتواضع جدا، أو العادي جدا، لشهرة واسعة.

الناظر إلى داخلها يفاجأ بخلوها من كافة التجهيزات الإضافية التي تميز سيارات اليوم، كنظام الستيريو الموسيقي مثلا، أو الراديو، أو غيرهما من التجهيزات التي باتت من الأمور العادية في المركبات العصرية، بل إن بعضها يفتقر حتى إلى وجود الساعة التي كانت من التجهيزات الأولى للسيارات. ورغم ذلك يقبل الناس، وخاصة الشباب إلى اقتنائها بحماس متواصل.

يعود تاريخ هذه المركبة إلى 39 سنة انقضت، يوم عمدت الشركة الصانعة «سوزوكي»، إلى تجريد السيارة الأولى التي أنتجتها بدفع رباعي من جميع تجهيزاتها الإضافية، لتبيعها معراة بغية خفض ثمن تكلفتها قدر الإمكان، وجعلها في متناول الجميع من مزارعين وعمال، أو شباب يطمحون إلى اقتناء سيارتهم الأولى. ومنذ ذلك الحين و«سوزوكي جيمي» تطرح في الأسواق بهذا الشكل «البدائي»، لتصبح واحدة من أكثر الطرز استمرارا في كل الأوقات وكل الأسواق. وقد يحدث أحيانا أن تجري بعض التغييرات والتعديلات الطفيفة عليها، مثل تغيير الاسم أو تعديل قوة المحرك أو وضع بساط على أرضيتها، لكنها تبقى كما هي على صعيد المنصة التي شيدت عليها، والدفع على العجلات الأربع، وحجمها الصغير المدمج، بحيث يمكن القول إن من يشتريها كمن يشتري سيارة كلاسيكية قديمة، ولكن خالية من الصدأ الذي يعتليها عادة.

وتأتي «جيمي» اليوم بثلاث مجموعات أفضلها هي بمحرك سعة 1.3 لتر يولد 84 حصانا مكبحيا من القدرة بعزم دوران يبلغ 81 رطل قدم، مع لمسات إضافية من الفخامة هي عبارة عن عجلات بقضبان من الخلائط المعدنية قياس 15 بوصة، وزجاج خلفي داكن يحجب من في الداخل، وسكة في السقف لوضع الأغراض والحمولات باللونين الفضي والأسود. لكن مشكلتها هي في عدم قدرتها على استيعاب الأشخاص الطوال القامة براحة فيضطرون لأن «ينحشروا» داخلها وتحمل هذا الوضع الصعب والمزعج في الرحلات الطويلة. كما أن «سوزوكي» لم تركز كثيرا على جودة النوافذ التي تفتح وتغلق كهربائيا، وهذه خاصية أضافتها أخيرا، وحبذا لو اكتفت، كما في الماضي، بالنوافذ التي تعمل يدويا.

ولدى قيادة هذه المركبة في المناطق الوعرة ذات الهضاب والترع المائية والطرق المليئة بالحفر والمطبات استطاعت أن تنافس السيارات الأخرى، الأقوى والأكبر منها، كسيارة «ديفيندر» مثلا وغيرها، رغم صغر حجمها. وقد يعود ذلك إلى خفة وزنها ومرونتها، إذ كانت تبدو على الطرق الوعرية وكأنها كرة طافية على وجه الماء.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه السيارة مدرجة في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية العالمية بين جميع السيارات الوعرية الأخرى بعد أن توصلت، عام 2007، إلى الصعود إلى ارتفاع 6688 مترا (21942 قدما) بقيادة السائق أخوس ديلي سالادو، وذلك في سلسلة جبال «الانديز» في أميركا الجنوبية.

وعلى مر السنين غيرت السيارة اسمها مرارا، فمرة أطلق عليها اسم «إل جاي»، ومرة «إس جاي»، ومرة ثالثة اسم «ساموراي» المقاتل الياباني، تيمنا بشدة بأسه، لكنها ظلت «جيمي» ذاتها المبسطة عبر السنوات، وهو الاسم الجديد الذي أطلق عليها عام 1998.

أطلقت «سوزوكي» عليها الاسم الأول «إل جاي»، ويعني سيارة الجيب الخفيفة، عام 1970 بعد شرائها من شركة «هوب موتور»، وهي شركة يابانية أيضا، عام 1970، وكانت الصانعة الأولى للسيارة التي كانت آنذاك وعرية ذات طابع مختلف. ومنذ ذلك الحين قامت «سوزوكي» بدراسة سيارة الجيب «ويليس» الأميركية التي حازت على شهرة كبيرة، لا سيما في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما لعبت دورا عسكريا أساسيا على المسرحين الأوروبي والباسفيكي. كما درست عن كثب سيارة «لاند روفر» البريطانية وقتذاك بغية تحسين نوعية مركبتها. وقد أبقت على حجم السيارة الصغير لأغراض المنافسة، لأنه لا فرصة لها بالنجاح، إذا ما أرادت تكبير حجمها، أمام منافسيها البريطاني والأميركي، وحتى الياباني على اعتبار أن اليابان تنتج سيارات وعرية كبيرة ورياضية متعددة الأغراض مشهود لها بالكفاءة والأداء، مثل «تويوتا» و«نيسان» وغيرها.

وظلت السيارة على حالها حتى عام 1984 حين زودتها الشركة بمحرك سعة 103 لترات اعتبرته آنذاك تعزيزا كبيرا لقوة المحرك. ومنذ ذلك الحين بقيت قوة المحرك على وضعها، مع التأكيد دائما على البساطة وخفة الوزن.

ويعيب بعض الخبراء على السيارة أنها قابلة للانقلاب بسهولة، لكن «سوزوكي» ترد على ذلك بالنفي، خاصة أثناء القيادة العادية، وتستشهد بذلك بتجارب كثيرة أجريت عليها. فقصر قاعدة عجلاتها، وضيق عرضها مقارنة بالسيارات الوعرية الأخرى الأكبر منها، يساعدانها على التوازن والثبات. كما جرى تعديل نظام تعليقها ليصبح أكثر صلابة خاصة أن السيارة تتمتع أصلا بهيكل سفلي (شاسي) صلب جدا.

و«جيمي» متعددة الأغراض والاستخدامات فعلا. فهي تصلح لنقل الصغار إلى مدارسهم في الصباح، والعمل وسط المدن ذات الطرق المكتظة، كما أنها خير رفيق للمزارعين وتشكل «حصان» شغل ثقيل لهم لا يصيبه التعب والإعياء، فهي رغم صغر حجمها قادرة على نقل حمولات يبلغ وزنها 1300 كيلوغرام بسرعة قصوى تبلغ 87 ميلا في الساعة. كما يمكنها الانتقال من الدفع على العجلتين، إلى الأربع بكبسة زر فقط. وهي تنوي المحافظة على صورتها، بل أيقونتها المتواضعة هذه، لبضع سنوات مقبلة، من دون إجراء أي تغيير جذري فيها، فهذا سر نجاحها، بحيث عندما تركنها أمام المنزل بكل قدراتها الكبيرة التي تفوق حجمها، لا ينظر أحد إليها بحسد، لأنها حتى عندما تكون خارجة من المصنع لتوها لا تبدو جديدة لماعة، بل مركبة عادية بكل ما في الكلمة من معنى. وهذا ما جعل المراقبون يصفونها بأنها تبدو كسيارة من صنع العهد السوفياتي البائد، ولكن إذا رغبت في السير عبر الطرق الموحلة الضيقة التي لا تستطيع السيارات الوعرية التقليدية الأكبر حجما المرور فيها، أو السير فوق الكثبان الرملية لإنقاذ شاة ضائعة، فما عليك سوى بـ«جيمي».

تبقى الإشارة إلى أنها مزودة بناقل حركة يدوي خماسي السرعات بتسارع يبلغ 14.1 ثانية لدى الانطلاق من سرعة الصفر إلى سرعة 62 ميلا، أما سعرها فهو 10.990 جنيها إسترلينيا في بريطانيا، أما في سائر البلدان فيتوقف على الضرائب المحلية طبعا.