«فورد فيستا».. مؤشر تحول في الذهنية الاستهلاكية الأميركية من السيارات الكبيرة إلى الصغيرة والمقتصدة

يونيو المقبل موعد طرح طراز عام 2011 في صالات العرض

«فورد فيستا».. طراز 2011
TT

تراهن شركات تصنيع السيارات العالمية حاليا على أن الولايات المتحدة، التي عانت من تبعات الركود الاقتصادي وأقلقتها أسعار الوقود غير المتوقعة وصدمها الانهيار المكلف لشركات تعتبر أكبر من أن تفشل.. أصبحت الآن مستعدة للإقبال على السيارات الصغيرة الموفرة للوقود وعالية الجودة بأسعار من شأنها أن تعيد تعريف كلمة «اقتصادية» في قطاع السيارات.

إنه رهان بمليارات الدولارات ومحفوف بالمخاطر في سوق دائما ما أقبلت بشغف على المركبات كبيرة الحجم، ولم تتقبل الصغيرة منها، والمجدية، إلا بعد أن جعلت أسعار الوقود المرتفعة من وجودها أمرا ضروريا.

تشعر شركات السيارات العالمية في الوقت الراهن بتحول ثقافي في الذهنية الأميركية، وهذا التحول ناجم، إلى حد كبير، عن المشكلات البيئية والاقتصادية التي تؤثر على الأميركيين كما تؤثر على المستهلك في بقية العالم. وبالفعل، يدفع الطلب العالمي المتنامي للسيارات صديقة البيئة، سواء من جانب الحكومات أو المستهلكين، شركات تصنيع السيارات إلى إعادة التفكير في أسلوب تصميم وتطوير وإنتاج السيارات في صناعة تتمتع برؤوس أموال وافرة.

لم تعد شركات السيارات الأميركية قادرة على تطوير طراز معين من السيارات لأوروبا وآخر لآسيا وطراز ثالث لأميركا الشمالية. استنادا إلى التطورات السريعة في التكنولوجيا والاتصالات الإلكترونية، بدأت هذه الشركات تتحدث الآن عن «السيارات العالمية» و«المنصات العالمية». فبعد أن كان حديثا افتراضيا في السابق، أصبح الآن بمثابة واقع يومي.

واللافت أن هذا التطور رافقه انهيار التقسيمات الوهمية للشركات مثل «جي إم - أوروبا» و«فورد - أميركا الشمالية». فهناك الآن «جي إم» واحدة و«فورد» واحدة. وفي هذا السياق أصبحت «كرايسلر» فرعا لشركة «فيات» الإيطالية.

أفرزت هذه التغيرات التي لا تعد ولا تحصى صيغة تسمح - حسبما يعتقد المسؤولون التنفيذيون في شركات السيارات الكبرى - بتصنيع سيارات صغيرة أسهل مبيعا وأكثر تحقيقا للأرباح في الولايات المتحدة.. ودليل ذلك، على سبيل المثال، سيارة «فورد فيستا 2011».

سيارة «فيستا»، التي ظهرت لأول مرة عام 1976، استجابة للطلب الأوروبي المتنامي على السيارات الصغيرة الناجم عن الخوف من نقص الوقود والضرائب المتزايدة عليها، شقت طريقها في أميركا الشمالية عام 1978، حيث ظهر أحد هذين العاملين، أي نقص الوقود. دخلت «فيستا» إلى الولايات المتحدة كسيارة ضعيفة الجاذبية للمستهلك الأميركي وغادرتها عام 1980 بالطريقة نفسها التي جاءت بها. إلا أنها واصلت مبيعاتها في أوروبا وفي الكثير من المناطق الأخرى في العالم التي رفض المستهلكون فيها الفكرة القائلة بأن السيارة «الصغيرة» تعني «الضعيفة». مطلب هؤلاء المستهلكين كان الأمان والأداء الجيد على الطرقات والمزيد من التكنولوجيا المساعدة لصغر حجم السيارة.

وعلى الجانب الآخر، في الاقتصادات التي يتوقع أن يتحمل المستهلكون فيها بعضا من تكاليف السيارات الأكثر نظافة والأكثر فاعلية، أظهر الناس استعدادهم لدفع أموال مقابل الحصول على كل هذه المطالب في سيارة صغيرة. «فورد» و«جي إم» منحتا هؤلاء المستهلكين ومنافسيهما الأوروبيين والآسيويين ما أرادوا.

ومع ذلك، رفضت معظم شركات السيارات، ولفترة طويلة، العمل بهذه الذهنية في الولايات المتحدة، إذ خشوا أن يشكل ذلك نوعا من إهدار الوقت والجهد والأموال في محاولة لبيع سيارات صغيرة عالية الجودة في دولة مشبعة بالبنزين الرخيص وتعشق إلى حد كبير العجلات والمنازل الكبيرة.

شركة «بي إم دبليو» الألمانية فكرت بخلاف ذلك الاتجاه فقدمت لسوق الولايات المتحدة، عام 2000، سيارتها الصغيرة «ميني كوبر»، التي لا تزال تحقق مبيعات عالية.

وفطِن المسؤولون التنفيذيون في شركات السيارات العالمية إلى هذا الأمر. وكان من بينهم المسؤولون في «فورد»، الذين رأوا أن بإمكانهم بيع ملايين السيارات من طراز «فيستا» خارج الولايات المتحدة (وحسب التقديرات، تم بيع 12 مليون سيارة منذ تقديم الجيل الأول من فيستا عام 1976). والآن يرون نجاحهم في ترويج الجيل السادس المحدث من «فيستا» في الولايات المتحدة.

أي قيادة لأي من نسخ «فيستا» الجديدة التي ستعرض داخل قاعات المعارض الأميركية في يونيو (حزيران) تؤكد أنهم على صواب.. لأسباب غاية في البساطة: لقد منحوا «فيستا» الجديدة القدر نفسه من الاهتمام الذي عادة ما يولونه للسيارات الفاخرة والشاحنات الضخمة التي ينتجونها. وكانت النتيجة إنتاج سيارة تعمل بنظام الدفع الأمامي طرحتها الشركة في أربع صور تمثل مستويات مختلفة من الفخامة.

قد لا تتفوق «فيستا» الجديدة على «ميني كوبر» أو الطرز الأخرى الشهيرة القادمة من ألمانيا أو كوريا الجنوبية أو اليابان، ولكنها تؤكد، وللمرة الأولى منذ 30 عاما، تحول «فورد» إلى منافس حقيقي وبطل محتمل في المنافسات القائمة حاليا في سوق السيارات الصغيرة داخل سوقها الأميركية المحلية.

ويعزز هذا التوقع مستوى الجودة العام للتصميم، من حيث اللمسات النهائية وجودة المواد المستخدمة في التصميم الداخلي والذي ينتمي إلى المستويات المثلى في هذه الفئة، المستوى فائق من حيث السلامة العامة، والـتصميم الخارجي المميز والجذاب.

تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن محركها البالغ سعته 1.6 لتر ويعتمد على أربعة سليندرات لن يجذب المولعين بالسرعة، تظل قيادة هذه السيارة تجربة ممتعة بالنسبة للراغبين في قيادة آمنة لا تخلو من بعض الإثارة والمتعة.