كسر حاجز المائة ميل في الغالون عنوان سباق خفي ومحموم بين شركات السيارات

بعد أن أصبح التقشف شعار المرحلة وحافز التسويق

بيجو HR.1.. تقترب من الهدف
TT

قبل 20 سنة كان حجم الهاتف الجوال بحجم بلاطة الآجر، كما أن فكرة التلفزيون ذي الشاشة المسطحة المستوية كان حلما أقرب إلى الخيال أيضا. لكن التقدم الحاصل في العلوم والتقنيات جعل هذه المعدات التي نستخدمها يوميا، أصغر حجما وأكثر فعالية.

... كذلك الحال بالنسبة إلى السيارات.

في عام 1975 حقق الطراز الأصلي من سيارة «فولكس فاغن بولو» الصغيرة توفيرا ملحوظا في استهلاك الوقود بعد أن بلغ معدل استهلاكها من البنزين 34.9 ميل في الغالون الواحد. واليوم سجلت نسخة الديزل منها (بعدما أصبحت محركات الديزل مرادفة للاقتصاد في الوقود) رقما رسميا مدهشا: 80.7 ميل للغالون الواحد.

بيد أن هذا الرقم ليس الأفضل بعد. الرقم الأفضل تحتفظ به حتى الآن سيارة «سمارت» الصغيرة التي تتسع لسائقها وراكب آخر بجانبه فقط. لكن في مكان آخر من العالم هنالك محاولات تجري على قدم وساق لجعل محرك الديزل العادي يحطم حاجز الـ100 ميل في الغالون الواحد من الوقود. إلا أن السؤال يكمن في كيف سيبدو هذا المحرك، ومن الشركة التي ستصنعه لتحصد إكليل الغار؟

سيارة «سمارت» الجديدة التي ستكون معدلة جذريا لا تزال بحاجة إلى ثلاث سنوات لكي تبصر النور، كما أن الجيل الجديد من «فولكس فاغن بولو» بحاجة إلى سنوات أطول. ويبدو أن وسام الشرف ذهب إلى إنتاج آخر من «فولكس فاغن» أصغر من «بولو»، عندما أطلقت عام 2007 طراز «أب» الذي كان عبارة عن سيارة نموذجية مستقبلية مخصصة للخدمة داخل المدن، التي لم يعرف إن كانت قد أبصرت النور على الطرقات أم لا. لكن الحديث يدور حاليا عن نسخة معدلة منها أخف وزنا وأكثر تقدما على صعيد التقنيات، ستكون جاهزة نهاية العام المقبل.

ومن السيارات الصغيرة الأخرى التي باتت ناضجة للحصول على لقب المائة ميل بالغالون الواحد، سيارة «ستروين سي 1» التي تباع أيضا باسم «بيجو 107»، وسيارة «تويوتا أيغو». ومنذ عام 2005 قدمت «ستروين» لفترة وجيزة نسخة ديزل قادرة على قطع 68.9 ميل في الغالون. وإذا واظبت على هذه المحاولات فقد يمكنها، بعد ثماني سنوات - أي في عام 2013 - الاقتراب من رقم الـ100 ميل إن لم يكن بلوغه.

لكن هنالك مسائل أخرى ينبغي أخذها بعين الاعتبار أيضا تجعل من الصعب على صانعي السيارات إنتاج المحركات التي يتوجب عليها مواجهة القوانين والأحكام الجديدة القاسية الخاصة بحماية البيئة، والتقليل من الانبعاثات الملوثة للجو. وهذا ما جعل بعض الخبراء يعتقدون أن محركات الديزل التي تسيّر السيارات الصغيرة المخصصة للمدن ستزول في نهاية المطاف لصالح محركات جديدة أكثر نظافة.

والوصول إلى كسر حاجز المائة ميل في الغالون الواحد وتحطيمه بشكل أسرع، قد يستدعي الاستعانة بتقنية المحركات الهجينة التي بدأت تُعتمد حاليا شرط تهذيبها وصقلها أكثر. ولكن حتى للوصول إلى أميال أكثر في الغالون الواحد قد يستدعي ربط محركات الديزل، لا البترولية، بالمحركات الكهربائية. وتقوم «بيجو» حاليا باستطلاع هذا الأمر، عندما كشفت النقاب في معرض باريس الأخير للسيارات عن سيارة «إتش آر 1» المستقبلية النموذجية، وهي سيارة متينة جدا مخصصة للمدن قادرة على قطع 81 ميلا في الغالون الواحد من الوقود. وحتى الآن لا توجد على الطرقات سيارة هجين تجمع بين محرك الديزل والمحرك الكهربائي. لكن من المتوقع أن تطرح «بيجو» في العام المقبل سيارة «إس يو في» المحولة (كروس أوفر) 3008، التي ستكون أكبر بكثير من «إتش آر 1»، لكنها مع ذلك ستكون قادرة على قطع 74.4 ميل في الغالون. وإذا ما نجح تطوير هذه المركبة يمكنها كسر حاجز الـ100 ميل بسهولة.

وكخطوة أبعد يفكر الباحثون بتزويد سيارات الهجين بمقبس كهربائي؛ بحيث يمكن لأصحاب هذه السيارات شحنها خلال الليل، وبالتالي يمكن بدء يومهم ببطارية مملوءة تماما. وستكون سيارة «بيرايوس» من «تويوتا» التي ستطرح للبيع في العام المقبل أول من سيعتمد هذا المبدأ الذي يعد بتجاوز حاجز الـ100 ميل بثمانية أميال إضافية ليصل الرقم إلى 108.6 ميل في الغالون الواحد.

الأهم من ذلك كله هو ما يسمى السيارات الكهربائية ذات «المدى الموسع»، أو «الأبعد»،المزودة بمحركات تقليدية وكهربائية أيضا، من دون أن تشبه على صعيد التشغيل، السيارات الهجين العادية. وأفضل مثال على ذلك سيارة «شيفروليه فولت» المزودة ببطارية يمكن شحنها خلال الليل عن طريق مقبس كهربائي عادي. وعندما تنتهي شحنة البطارية بعد قطع مسافة 40 ميلا، يقوم المحرك البترولي سعة 1.4 لتر المعار من سيارة «فوكسهول كورسا» بشحن البطارية من دون أن يقوم هذا الأخير بدفع عجلات السيارة، بل إنه يعمل فقط كمولد كهربائي ليس إلا.

يقول مصممو «فولت» إذا ما جرى اختبار هذه المركبة بشكل صحيح فقد تحصل على رقم 176 ميلا في الغالون الواحد من الوقود. والأكثر من ذلك إذا كنت تتجول داخل المدينة عبر مسافة لا تتعدى الـ40 ميلا، فإن المحرك البترولي لن يعمل بتاتا، وهذا من المميزات الكبيرة. وهذا يعني بإيجاز أن «فولت» ستعمل كسيارة كهربائية تماما، من دون استخدام محركها البترولي، أي أنها ستقطع مسافة طويلة من الأميال، من دون هدر نقطة واحدة من الوقود.

«فولت» ستطرح للبيع في المملكة المتحدة بنهاية العام المقبل بسعر 25 ألف جنيه إسترليني تقريبا، مما يعني أن حاجز الـ100 ميل قد تحطم.. وبهامش كبير.