«جنرال موتورز» تستعيد عافيتها ومكانتها السابقة.. وتدخل في اتفاقيات مع شركات هندية وصينية

مدير التسويق التنفيذي فادي غصن: «كاديلاك» موجودة وستعود إلى سابق عزها

«كمارو» المكشوفة استرعت اهتمام الحضور
TT

نشاطات شركة «جنرال موتورز» (جي إم) تثبت أنها عادت إلى الساحة العالمية بقوة وعزم، وأنها بدأت مسيرة العودة إلى تبوء مكانتها السابقة في قطاع صناعة السيارات، لا سيما الفخمة منها والرياضية، وبشكل خاص السيارات الوعرية الرياضية متعددة الأغراض (إس يو في) التي اشتهرت بها بنوع خاص.

ظهرت بوضوح ملامح عودة «جنرال موتورز» إلى موقعها السابق في معرض أبوظبي الدولي للسيارات الذي أغلق أبوابه الأسبوع الماضي، فقد عرضت «جي إم» 4 سيارات جديدة هي: «شيفروليه كمارو» المكشوفة والمرشحة لأن تحتل مكانها المناسب قرب شقيقتها الـ«كوبيه» التي سبق أن أدارت الرؤوس فعلا بالنظر إلى جمالها وخطوطها الانسيابية واللمسات الناعمة التي أضفيت عليها، إضافة إلى سيارة «جي إم سي تيراين»، وهي سيارة محولة (كروس أوفر) جميلة وتتميز بنسبة عالية من القوة بالنسبة إلى وزنها. كما عرض الطراز الجديد للعام الجديد من سيارة «كابتيفا» التي يراوح حجمها بين الصغير والمتوسط نسبيا، والتي تلاقي رواجا واسعا في منطقة الخليج، وبعض المناطق الأوروبية. وكذلك طرحت في صالة العرض سيارة مستقبلية نموذجية هي «كاديلاك إكس تي إس بلاتينيوم» المتوقع أن تبصر النور قريبا في تاريخ يقرره مصمموها وصانعوها. (وسوف تعرض «الشرق الأوسط» تفصيليا ميزات هذه الطرازات الجديدة).

بعيدا عن لغة الأرقام والإحصاءات حول مبيعات «جي إم» وإنجازاتها في الفترة الأخيرة، سواء على نطاق السوق العالمية، أو المحلية في منطقة الشرق الأوسط، كان لنا لقاء مع فادي غصن، مدير التسويق التنفيذي، الذي حدثنا عن رؤية «جي إم» ونظرتها المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بقطاع السيارات الفخمة مثل «كاديلاك».

يقول فادي غصن: «في عام 2000 أطلقنا عملية تنفيذية للنهوض بسيارات (كاديلاك) على صعيد التصميم. وفي عام 2005 أطلقنا (كاديلاك 16) التي كانت واجهة للسيارات النموذجية المستقبلية لغور الأبعاد الخاصة بسيارة (سيدان) فخمة وكبيرة، وكيفية تقرير خطوطها الانسيابية. وسيارة (إكس تي إس) النموذجية المعروضة في أبوظبي تعطينا فكرة عن التقنيات الجديدة التي ستتضمنها سيارات الغد على صعيد السائق، أو الراكب، والتي لن تكون متوافرة في أي سيارة أخرى في هذا القطاع. ولأنه لم يجر التقرير أو الإجماع على نوع المحرك الذي ستزود به، أكان بتروليا، أم كهربائيا، أم هجينا، أم حتى بمواصفات أخرى».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت «جي إم» تنوي نشر سيارات الهجين وتعميمها في الشرق الأوسط، خاصة منطقة الخليج مراعاة للبيئة، أجاب غصن: «طبعا جميع سياراتنا، تقريبا، مزودة اليوم بمحركات هجين، خاصة سيارات (إس يو في) الكبيرة مثل (كاديلاك إسكالايد). والسوق الأميركية تستوعب حاليا سيارات هجينا أكثر بكثير من الأسواق الأخرى. لكن على صعيد النظرة الاستراتيجية، فإن (جي إم) مهتمة جدا بسيارات الهجين، والتقنيات الأخرى، وأبلغ مثال على ذلك سيارة (فولت) الكهربائية بعيدة المدى، وتقنيتها تتجاوز الهجين. وهي تلبي الاتجاه الذي خططنا له منذ أمد بعيد».

ويضيف غصن: «إضافة إلى الاهتمام بسيارات الهجين، أو الكهرباء كلية، جهزت جميع محركات (جنرال موتورز) الحديثة بتقنية (إس دي إس) التي توازي في فعاليتها تقنية الهجين والكهرباء، وتساعد الاقتصاد في استهلاك الوقود. وإذا أخذنا سيارة (تيراين) التي أطلقناها مؤخرا، المعروضة هنا، والمجهزة بمحرك اقتصادي سعة 3 لترات، لوجدنا أنها على صعيد استهلاك الوقود تنافس أصغر السيارات».

وقال: «من هنا نرى أن (جي إم) تعمل على التقنيات المتوافرة حاليا لتحسينها، وعلى التقنيات الأخرى لاعتمادها مستقبلا في مركباتها؛ بحيث إننا لن نترك أي وجه للتحسين من دون أن نطرقه ونستطلع أبعاده».

على صعيد منافسة «كاديلاك» في قطاع سيارات السيدان الفخمة، كمنافسة سيارات «مرسيدس» مثلا، أو «بي إم دبليو»، أو «أودي»، أو «ليكسيس»، يقول غصن: «كل صنف له مقوماته، ونقاط ضعفه وقوته، وكانت سيارتنا السابقة في هذا القطاع مثل (دي تي إس) عاجزة عن المنافسة، على الرغم من قوتها وحجمها الكبير، لكن نعتقد أن (إكس تي إس) الجديدة التي نراها هنا ستستطيع المنافسة في هذا المجال، حال تحولها إلى مركبة تطبيقية، فهي مهيأة لأن تأخذنا في هذا الطريق حتى نهايته».

من المعروف أن سيارة «كاديلاك» كانت تعتبر في الماضي، لفترة طويلة، سيارة الملوك والرؤساء والشخصيات البارزة، فهل ستعود هذه المركبة الشهيرة إلى سابق مجدها ومكانتها؟ يجيب غصن مؤكدا أن «الخطة موجودة طبعا، لكنها لكي تستطيع العودة إلى المنافسة في هذا القطاع عليها أن تبرهن عن ذاتها، وتثبت وجودها كمركبة فاخرة فاعلة، وأن تقنع العالم والشخصيات البارزة أنها السيارة الجديرة بهذا الدور؛ لذلك نحن نعمل في هذا السبيل وباستراتيجية مختلفة تماما. واليوم بعد إعادة هيكلة (كاديلاك)، أي النهضة الجديدة لها، وإعادة إطلاقها بوجوه وحلل جديدة، يتبين لنا أن كل شريحة منها شرعت توفر لنا ما نريد. فسيارة (سي تي إس) مثلا أخذت تقدم نتائج باهرة، وكذلك بالنسبة إلى سيارة (إس آر إكس). ونأمل أن نطبق المبدأ ذاته على قطاع سيارات الصالون الكبيرة. وبالتأكيد لدينا خطة لإعادة (كاديلاك) إلى مكانها السابق الذي تستحقه، كما بدأنا في إحياء، أو إعادة شعار (كاديلاك) القديم The New Standard of the World لنبرهن للعالم أن (كاديلاك) موجودة، وستعود إلى العالم بقوة وبسابق عزها».

من جهتها، أكدت سوزان دوكرتي، نائب رئيس المبيعات والتسويق، وخدمات ما بعد البيع في «جنرال موتورز» لـ«الشرق الأوسط» ما ذكره فادي غصن. وعلى صعيد ما ذكر مؤخرا عن أن «تويوتا» تنوي إنتاج نحو 11.5 مليون مركبة عام 2011، ذكرت دوكرتي أن «جي إم» قد تصل ربما في إنتاجها في العام المقبل إلى رقم 8.5 مليون وحدة تقريبا. «لكن هذا ليس مهما، المهم هو أن (جنرال موتورز) أعادت إطلاق شركتها مجددا في يوليو (تموز) 2009، واضعة نصب عينيها الرؤية الجديدة في بناء أفضل السيارات العالمية». و«هذه الرؤية» كما تقول «لا تنطوي على ما يتعلق بالحصص العالمية، أو نصيب (جنرال موتورز) منها، والعدد الذي ستنتجه، أو تسوقه من الوحدات، أو ما يتعلق بمرتبتها العالمية في صناعة السيارات، بل على تأكيد أن نظرتنا الجديدة ستركز على أن تكون مهمتنا إنتاج سيارات أفضل، وأن نجني أرباحا أكثر، وأن تكون ميزانية الشركة في الرقم الآمن والصحيح».

وردا على سؤال حول ازدياد التركيز على السيارات الهجين، كما ظهر من معرض أبوظبي وغيره، أشارت دوكرتي إلى أنه لا توجد «رصاصة فضية واحدة» تعالج الأمور كلها «بل ينبغي علينا اتباع عدد من الخيارات في وقت واحد. أحد هذه الخيارات تحسين محركات الاحتراق الحالية، وأن تكون هذه المحركات، سواء أكانت من فئة الأسطوانات الأربع، أم الست، أم الثماني، هي الأفضل على صعيد الاقتصاد والتوفير، كما نقوم حاليا بتجارب على السيارات العاملة بخلايا الوقود، ولدينا حاليا أسطول منها يعمل في نيويورك وكاليفورنيا وهي من طراز (شيفروليه إيكونوكس) وغيره؛ لأن بعض البلدان والحكومات مهتمة بهذه التقنية الجديدة، كذلك علينا ألا نقلل من أهمية السيارات الكهربائية، مثل سيارة (شيفروليه فولت) التي سنطلقها حاليا. ونحن راغبون فعلا في تخفيض معدلات استهلاك الوقود وتقليل البصمة الكربونية إلى أقصى الحدود، والتقليل من اعتمادنا على البترول في المدى البعيد، خاصة في بلدان تنمو سريعا، كالهند والبرازيل وروسيا والصين والشرق الأوسط؛ حيث يوجد مشترون للسيارات من الشباب في سن الثلاثين، أو أقل، يهتمون بعالم نظيف أخضر وخال تماما من التلوث».

وأضافت: «كنت أتحدث مع فتى في سن الـ11 أكد لي بطفولة بريئة جدا أنه لن يشتري مطلقا سيارة عندما يصبح شابا ما لم تكن كهربائية بالكامل. من هنا على شركة (جنرال موتورز) أن تنظر إلى المستقبل بعيون هؤلاء الصغار والشباب المهتمين جدا بقضايا البيئة». وتابعت: «من هنا علينا أن نسلك خيارات متعددة. وحتى في منطقة الشرق الأوسط، حيث البترول رخيص السعر مقارنة بمناطق أخرى من العالم، نرى كيف أن السكان هنا بدأوا يفضلون سياراتنا المتوسطة وصغيرة الحجم نسبيا كـ(كابتيفا) التي نعرض الطراز الجديد منها في معرض أبوظبي، وغيرها من المركبات الصغيرة؛ لأنها اقتصادية وأكثر صداقة للبيئة، مما عزز مبيعاتنا كثيرا في هذا القطاع».

وفيما يخص سيارة «كاديلاك إكس تي إس» المستقبلية النموذجية التي تعول عليها «جي إم» كثيرا، قالت دوكرتي عنها: «إنها حال تحولها مستقبلا إلى مركبة عملية، فإنها إضافة إلى فخامتها، فهي مصممة للأسر كبيرة العدد والأحمال الراغبة في التنقل بترف أعلى وبمقصورة داخلية مريحة عالية التقنية، شرط أن تكون اقتصادية موفرة للوقود وصديقة جدا للبيئة».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت «جنرال موتورز»، على غرار ما قامت به في الصين والهند، راغبة في الدخول باتفاقيات للتعاون المشترك مع شركات عربية في المنطقة لإنتاج سيارات محليا، أو على الأقل إنشاء مصانع تجميع، أجابت دوكرتي: «نجاحنا في الصين لم يكن ممكنا لولا تعاوننا الوثيق مع شركات صينية محلية مثل (إس آي سي)، أو (إف إيه دبليو آجيا) ذات الاتصالات الواسعة، والملمة جدا بأحوال السوق وبالقوانين المرعية وبأبعاد السوق وإمكاناتها، مع الأخذ بالاعتبار أن يكون تعاوننا معها مثمرا للغاية، كما أن نجاحنا هناك لا يعود إلى تحول السكان من المركبات الثنائية وثلاثية العجلات فحسب، بل أيضا إلى نجاح تعاوننا مع هذه الشركات. فقد دخلنا لتونا في شراكة مع (إس آي سي) لإنتاج سيارات في الهند، وأعتقد أننا سنحقق نجاحا كبيرا من جراء هذا التعاون المشترك، نظرا إلى بروز سوق نامية واسعة هناك تنبئ بإمكانات واسعة، لكنني لا أستطيع أن أتحدث بهذا المنظور عن منطقة الشرق الأوسط، باستثناء الإشارة إلى إمكانية النمو المتوقع هناك على الصعيد الصناعي، الذي قد يصل إلى 55% في عام 2020؛ حيث ستكون أغلبية السكان من شريحة عمرية تقل عن الثلاثين، مما يمثل فرصة كبيرة لنا. وهذا هو السبب الذي حدا بي إلى زيارة المنطقة الآن والتعرف على الوكلاء المحليين، ومعرفة الماركات الأخرى التي تنافسنا، وفهم واستيعاب ما يجري هنا، وتفهم نفسية الزبون؛ لأننا نعتقد أنه مكان مناسب لنا للاستثمار الصحي. المهم بالنسبة لنا، وهذا ما أود توضيحه بلا مواربة، هو أن نكون قادرين على البيع في المكان ذاته الذي نصنع فيه السيارات وننتجها».