على قاعدة «رُب ضارة نافعة»، لم تنقضِِ العواصف الثلجية، التي غطت أوروبا مؤخرا وشملت أضرارها معظم المرافق الحياتية، من منافع. فقد شكلت حافزا لفريق من الباحثين الألمان لتطوير زجاج «مقاوم» للثلوج.
وبالفعل توصل فريق من العلماء في معهد فراونهوفر لتكنولوجيا الأسطح، بمساعدة فريق من الباحثين في شركتي سيارات «فولكس فاغن» و«أودي» من تطوير زجاج جديد للسيارات لا يسمح بتكاثف الضباب على سطحه أيضا.
وتقول وكالة الأنباء الألمانية، التي أوردت نبأ هذا الابتكار، إنه على خلاف زجاج السيارات المزود بخطوط تدفئة، تعتمد فكرة الزجاج الجديد على مبدأ فيزيائي لا يسمح بتكون طبقة الثلج مطلقا، حتى وإن كانت درجات الحرارة دون 18 درجة مئوية. وغير خافٍ ترحيب مالكي السيارات في أوروبا بهذا الابتكار الذي يوفر عليهم الاستيقاظ مبكرا في شتائهم القارس لإزالة الجليد المتراكم على الزجاج الأمامي والخلفي لسياراتهم.
أما سر هذا الزجاج فيكمن في طبقة طلاء شفافة ورقيقة من «إنديوم أوكسيد» القصدير تضاف إلى الزجاج.
ونقلت الوكالة عن توماس ديشر من إدارة البحوث والتطوير في شركة «فولكس فاغن» الألمانية قوله: «نطلق عليه طلاء لو اي (الإشعاع الحراري المنخفض).. (إنه طلاء) يضاف إلى الطبقة الزجاجية الخارجية وتمنعها من إشعاع الحرارة في الهواء.. إننا فخورون بهذا الابتكار وسوف ننشره في جميع (أفرع) مجموعة (فولكس فاغن)». وأوضح دريشر أن «الزجاج المانع لتراكم الثلوج يمثل وسيلة رفاهية مضافة بالنسبة لعملائنا».
واستنادا إلى معلومات الباحثين الألمان فإن «طلاء لو اي» يحمي الزجاج من البرودة ومن ثم لا تتكثف المياه على السطح الخارجي أو تتجمد، ولا تتكون طبقة الثلج لأن كمية الإشعاع الحراري التي يطردها الزجاج في الهواء تقل إلى الحد الأدنى، وهو ما يمنع أو يؤخر برودة سطح الزجاج لما دون درجة التكثف.
ومن المعروف أن الظروف الجوية في أوروبا، مثل الضباب والرطوبة النسبية والرياح، تلعب دورا مهمّا في سلوك التكثيف على الزجاج.
وقال دريشر في بيان إخباري: «لا يستطيع طلاء (لو اي) منع تكون أو تكاثف المياه بشكل كامل.. لكنه يقلل احتمال حدوثه بشكل كبير».
إلا أن هذا الابتكار لا يخلو من عقبة تواجه مرحلة تطويره في الوقت الراهن، هي تأثير هذا الطلاء الجديد على التقاط الإشارات اللاسلكية في السيارات، الأمر الذي قد يعوق التقاط إشارات الراديو والهواتف الجوالة.
ويتوقع دريشر أن يستغرق تطوير الطلاء للاستعمال التجاري «بعض الوقت» قبل أن يصبح جاهزا للأسواق. ولكن فريق الباحثين يكثف جهوده لتحقيق هذا الهدف.. وتؤكد مجموعة «فولكس فاغن» أن ما تسعى إليه هو أن يكون الزجاج الذي لا يتراكم الثلج فوقه «اختراعا ناجحا فريدا على مستوى العالم».