تقرير: المستقبل للسيارات المحابية للبيئة.. وإنتاج السيارات التقليدية سيستمر مع تحسن كفاءة المحركات

سوق الصين مرشحة لترجيح كفة تقنية الغد

TT

ماذا يحمل المستقبل للسيارات؟ سؤال قد يرغب الملايين من الناس، بدءا من أصحاب السيارات العاديين إلى الحكومات وشركات صناعة السيارات العالمية، في معرفة الإجابة عنه.

يعتقد الكثيرون أن السيارات أصبحت بحاجة لأن تكون أكثر مراعاة للبيئة، لكن الإجماع حول كيفية تأثير هذا التوجه على قطاع صناعة السيارات ليس بالأمر السهل.

لذا كيف يمكننا أن نخرج بنتيجة معقولة من هذا كله؟ السبيل الوحيد لذلك هو اللجوء إلى نصيحة خبير.

لعل الأفضل نصحا في هذا المجال هو الدكتور إيكهارد سكولز، رئيس قسم التطوير التقني في شركة «سكودا»، التي تصنع بعض أفضل السيارات كفاءة في استهلاك الوقود بين السيارات المطروحة حاليا في المملكة المتحدة، والذي زود دليل الـ«ماسنجر كارز» للسيارات الصديقة للبيئة بسلسلة من الرؤى الشيقة لمستقبل السيارات الصديقة للبيئة من وجهة نظر واحدة من كبريات شركات صناعة السيارات في العالم.

* محركات الاحتراق الداخلي

* لغاية اليوم، تركزت مساعي «سكودا» الرامية إلى صناعة نموذج ذي انبعاثات منخفضة على تحسين التكنولوجيا المعمول بها وتطويرها، وتحديدا محرك الاحتراق الداخلي. ويبدو أن الدكتور سكولز مقتنع بأن المزيد من التحسينات سوف يتم إدخالها في المستقبل على المحركات. ويقول سكولز: «قدمنا في (سكودا) الكثير من المحركات الجديدة، التي كان من بينها تكنولوجيا صمام الضخ الموحد الذي يسمح (لفابيا غرين لاين تو) ببث 89 غراما/كيلومتر، ومحرك صمام الضخ الموحد سعة 1.6 لتر الذي يبث 114 غراما/كيلومتر في الضواحي و99 غراما/كيلومتر في سيارة (أوكتافيا). وأعتقد أن هذا سيكون هو مسار المستقبل، لكنه ليس كافيا، إذن يجب علينا أن ندخل المزيد من التطورات على المحركات ونحن نعمل جاهدين على تحقيق ذلك». ويوضح أنه «في هذا الإطار قمنا بتصغير حجم المحرك، فلدينا الكثير من التكنولوجيا الجديدة المتعلقة بأنظمة ضخ الوقود والاحتراق الداخلي، وأعتقد أننا سنتمكن من تطوير اقتصاد الوقود بنسبة تتراوح ما بين 20 و30 في المائة خلال الأعوام القليلة المقبلة».

يعد ذلك تطورا رئيسيا في كفاءة السيارات العاملة بمحركات تقليدية، إضافة إلى التطورات الكبيرة التي تم تحقيقها بالفعل. وإذا ما عدنا إلى عام 2000 سنجد أن أكثر سيارات «سكودا» صداقة للبيئة في تلك الفترة كانت تبث 140 غراما/كيلومتر من ثاني أكسيد الكربون واليوم باتت «أوكتافيا» قادرة على الوصول إلى ما دون الـ100غرام/كيلومتر.

ويعتقد الخبير التشيكي أن بالإمكان التوصل إلى خفض 30 في المائة إضافية من انبعاثات سيارات «أوكتافيا» العائلية خلال السنوات المقبلة. لكنه يؤكد في الوقت ذاته التحديات الصعبة المطلوب التغلب عليها إذا ما كانت السيارات العاملة بالوقود البديل قادرة على منافستها، وفي النهاية تحل محل السيارات التي تسير بمحركات تقليدية. بيد أن تكلفة الوقود البديل لا تزال تشكل عائقا لتحول هكذا.

* «تويوتا»

* لم تكن «سكودا» الشركة الوحيدة التي ركزت جهودها على محركات الاحتراق الداخلي، فكل شركات صناعة السيارات الكبرى، وبينها الصانع العالمي الأول، «تويوتا»، تعكف على تطوير تكنولوجيات الوقود البديل أيضا. ورغم أن الخبير التشيكي سكولز يعترف بأن شركته تعمل على إنتاج سيارات هجين، وسيارات كهربائية فهذه السيارات لا تزال، في الوقت الحاضر، مرتفعة السعر. لذلك تعمل الشركة على صقل التكنولوجيا والتعلم منها، خصوصا أن معظم عملائها لا يزالون يرغبون في شراء محركات عادية. ومما يعزز من أهمية تطوير تكنولوجيا المحركات التقليدية أن معظم العملاء لا يرغبون في إنفاق المزيد من الأموال على سيارات هجين أو كهربائية.

هل انتهى عهد محركات الديزل في السيارات الصغيرة؟

ويعتقد الخبير التشيكي سكولز أنه قبل أن يتم التحول إلى السيارات الهجين والسيارات الكهربية بأسعار رخيصة قد تشهد الأسواق تحولا من محركات الديزل إلى محركات البنزين، وهو تحول قد تستوجبه معايير الانبعاثات الأوروبية (يورو 6) التي يتوقع أن يبدأ تطبيقها عام 2014. ولكن المشكلة ستكون في أن تشريعات انبعاثات «يورو 6» تتطلب إدخال الكثير من التكنولوجيا على السيارات وهذه التكنولوجيا ستتكلف الكثير. مع ذلك لا يعتبر سكولز أن المستقبل ليس للديزل، بل لمحركات البنزين، الأمر الذي يستوجب العمل على خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون من محركات البنزين.

تقف «سكودا» وحدها في هذا وتستخدم محركات البنزين الصغيرة، التي عادة ما تكون مزودة بشاحني هواء مزدوج لتعزيز الأداء، هو اتجاه جديد يبرز بين شركات السيارات. يتضح ذلك في السيارات المدمجة التي يعتبر عملاؤها أكثر حساسية لزيادة الأسعار التي قد يشترط أن تلتزم بها محركات الديزل.

السيارات الهجين والسيارات الكهربائية

* «فولكس فاغن»

* لا يبدو أن «سكودا» ستعمل على التحول إلى النموذج الكهربائي بشكل كامل في وقت قريب، لكن سكولز يشير إلى أن النموذج الأول للسيارة الهجين ليس بعيدا، نظرا لأن هذه التكنولوجيا مطروحة حاليا للبيع في سيارات «فولكس فاغن». ولكن التحول إلى السيارات الهجين والسيارات الكهربائية سيتم على المدى البعيد عندما تصبح أقل سعرا.

* الأنظار كلها تتركز على الصين

* يكمن التحدي الرئيسي بالنسبة للسيارات الكهربائية في هيمنة محركات الاحتراق الداخلي على السوق، وهو ما يؤكد الحاجة الواضحة إلى الاستثمار الضخم في البنية التحتية. لذا من سيمكنه اتخاذ زمام المبادرة وإثبات أن السيارات التي تسير بالبطارية قادرة فعلا على العمل على نطاق واسع مطلوب؟ هناك بعض الشكوك في ذلك، ولكن المرجح أن تقود الصين مسيرة هذه التكنولوجيا، فهي تواجه الكثير من المشكلات جراء التلوث وفيها أكثر من 100 مدينة يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة، كما أن لدى الصينيين مشكلات بيئية كبيرة ويمكن للسيارات الكهربائية أن تساهم في حل هذه المشكلات.

على هذا الصعيد، لا تبدو أوروبا مستعجلة بما فيه الكفاية ما يعزز احتمال أن تصبح الصين السوق الحاسمة، لأي تكنولوجيا ستكون الحل.

* توقعات كبرى

* يبدو التغير الرئيسي حتميا بالنسبة لصناعة السيارات خلال السنوات المقبلة من خلال ظهور تكنولوجيا محركات جديدة وزيادة التركيز على خفض التأثير البيئي للسيارات. ومن الطبيعي أن تكون المنافسة بين شركات صناعة السيارات الدافع الرئيسي وراء التغيير، والمستقبل القريب سيشهد ظهور الكثير من نماذج الأنواع المختلفة من السيارات المحابية للبيئة وسيكون هناك المزيد والمزيد من السيارات ذات الأغراض المتعددة والسيارات العائلية على منصات الإنتاج إلى جانب السيارات العادية. وسوف تدفع المنافسة بالتكنولوجيا إلى آفاق أبعد من التشريعات الحكومية، فلا بد لأي شركة تود أن تحافظ على الصدارة في السوق العمل على تطوير التكنولوجيا وخفض نسبة الانبعاثات وإنتاج أكثر السيارات كفاءة في استهلاك الوقود، ما يعني أن الأبحاث لن تتوقف.