«فورد» تدلو بدلوها في إنتاج سيارة فخمة.. وتعيد تأهيل «لنكولن» لتنافس مثيلاتها بـ«التفاصيل الدقيقة»

بعد أن تخلت عن ملكية الطرز الأجنبية الفاخرة

«لنكولن» 2012.. مرشحة لتعديلات جذرية
TT

ليس سرا أن كل سيارة فخمة وناجحة تحتاج إلى «هوية» مميزة تبرر تحمل الراغب في شرائها سعرها المرتفع عادة. هذه «الهوية» يمكن تلمسها في إطلالة «مرسيدس» الكلاسيكية وفي تركيز «ليكزس» على مستلزمات الراحة، وفي تقديم «بي إم دبليو» الأداء على أي اعتبار آخر في سياراتها.

ربما كانت هذه الخلفية وراء تفكير القسم المسؤول عن إنتاج سيارة «لنكولن» في شركة «فورد موتورز»، فمسؤولو هذا القسم يأملون في أن تمزج «فورد» بين التكنولوجيا المتقدمة والأناقة في التصميم لتنتج سيارة فخمة بهوية مميزة.

مروّج هذه الفكرة هو المصمم الأسترالي ماكس وولف (39 عاما) الذي انتقل العام الماضي من شركة «كاديلاك» إلى «فورد» الذي يعتقد أن الفرصة لا تزال متاحة لأن يحول «لنكولن» إلى «سيارة مميزة لا مثيل لها في السوق».

شركة «فورد» أطلقت يد المصمم وولف للبدء بمشروع طموح يهدف إلى إضفاء حلة جديدة على سيارة «لنكولن» تطال تغيير الحجم المتوسط لطرازها السيدان «إم كيه زد» الذي سيزاح الستار عنه في معرض ديترويت للسيارات هذه الشهر. وكما ظهرت السيارة في استوديو التصميم بالشركة مؤخرا بدت متميزة بهيكل انسيابي رقيق وسطح زجاجي قابل للطي وعلبة وسطية بين المقعدين الأماميين تعلو إلى مستوى لوحة القيادة. حتى الخطوط الرأسية التقليدية للشعرية الأمامية أصبحت أفقية.

عودة «ديترويت» إلى موقع العاصمة الدولية للسيارات تقوم، حتى هذه اللحظة، على الانتقال من تصنيع الشاحنات الكبيرة والسيارات الرياضية إلى تصنيع السيارات الأصغر حجما قليلة الاستهلاك للطاقة. ولدعم هذا التحول، تحتاج الشركات الأميركية المصنعة للسيارات إلى هامش الربح والمكانة الرفيعة التي يمكن أن توفرهما التصميمات الفخمة الأعلى سعرا.

على سبيل المثال تستثمر شركة «جنرال موتورز» بقوة في موديل الـ«كاديلاك». وقد قدمت الشهر الماضي سيارة سيدان جديدة هي «إكس تي إس» في معرض لوس أنجليس للسيارات.

من جهة أخرى لا تُعرف «كرايسلر» كمنتج للسيارات الفاخرة ولكنها حققت قدرا ملموسا من النجاح في الترويج لموديلها «300» كسيارة شبه فخمة تقل سعرا عن السيارات الأوروبية المنافسة لفئتها.

إلا أن «لنكولن» بلغت وضعا لا تحسد عليه، إذ أصبحت مبتغى الزبائن الأكبر سنا والأقل ثراء للطرز المشتقة من موديلات «فورد» الشائعة.

هل تمثل هذه السيارات القيمة المطلوبة من الزبائن؟

ليس بالضرورة باستثناء الزبائن المغرمين بالمقصورة الداخلية الرحبة وطبقة الكروم اللامعة لطرازي «تاون كار» و«كونتيننتال» اللذين توقف إنتاجهما واللذين كانا يستعملان كسيارتين مريحتين لنقل المسافرين إلى المطارات. عصر «لنكولن» الذهبي كان قبل عقدين من اليوم. ولكن شركة «فورد» تحتاج اليوم إلى «لنكولن» لكي توفر لزبائنها البديل الفخم حين يرغبون في شراء سيارة أعلى مرتبة من السيارة العادية، لذلك تبدو «لنكولن» في غاية الأهمية بالنسبة لسمعة «فورد» ونتائجها المالية في المستقبل. لكن حجم المبيعات في الولايات المتحدة، الذي لم يتجاوز الـ77 ألف سيارة عام 2011 يضع سيارة «لنكولن» في المرتبة الثامنة بين الشركات المنتجة للسيارات الفخمة، فمبيعات «لنكولن» تأتي بعد مبيعات أسماء بارزة في عالم السيارات مثل «بي إم دبليو» و«مرسيدس» وحتى موديل «أكور» من «هوندا» و«إنفينيتي» من «نيسان». إذ استأثرت «لنكولن» بـ4 في المائة فقط من مبيعات «فورد» في الولايات المتحدة عام 2011، بينما بلغت مبيعات «كاديلاك» نحو 6 في المائة من مبيعات «جنرال موتورز»، و«أكور» 10 في المائة من مبيعات «هوندا» مبيعات و«ليكزس» 12 في المائة من مبيعات «تويوتا».

بعد عام 2006، تخلصت فورد من علامات السيارات الأجنبية الفخمة التي كانت تنتجها، مثل «جاغوار» و«لاند روفر» و«فولفو»، وركزت على تحسين نوعية ومظهر السيارات التي تصنعها تحت علامتها، وخصوصا السيارات الرياضية متعددة الأغراض وشاحنات «البيك أب».

ويبدو أن هذه الاستراتيجية أعطت ثمارها، إذ أدت إلى زيادة مطردة في المبيعات والأرباح. أما الخطوة التالية في مسيرة تطور «فورد» فهي ضخ شكل من أشكال الحيوية في طراز «لنكولن»، وعليه تعتزم الشركة طرح 7 موديلات جديدة أو مطورة على مدى السنوات الـ4 المقبلة، وأول موديل منها سيعرض في معرض لوس أنجليس للسيارات بعد كشف النقاب عن «إم كيه إس سيدان» و«إم كيه تي كروس أوفر» بمقدمتيهما الجديدتين والتصميم الداخلي الرشيق وأنظمة التعليق التي تتعدل ذاتيا بحسب الأوضاع المختلفة.

مع ذلك تبقى التعديلات الأهم هي التي سيتم إدخالها في استوديو ولف على تصميم طراز «لنكولن». وبالفعل لطف فريق تصميم وولف بعض الملامح والسمات الأساسية للموديلات القديمة مثل شكل الصندوق والشبكة الأمامية الصارخة في الطرز التي ستطرح في السوق العام المقبل، ولكن «لنكولن» لا تزال تحتاج إلى المزيد من الجهد.

صورة السيارة المنافسة، «كاديلاك»، تبدلت جذريا خلال السنوات القليلة الماضية. وبينما استقطبت الثنيات الحادة والزوايا في التصميم الجديد اهتمام بعض العملاء، فإن التصاميم البارزة الحواف ساعدت «كاديلاك» على التميز عن غيرها من السيارات الفخمة المتزايدة الأعداد. وتسعى «فورد» إلى وضع تصميم أكثر نعومة وترفا لطراز «لنكولن» يجذب الأنظار كما فعل تصميم الـ«كاديلاك».

تصميم «إم كيه زد» يعكس الاتجاه الذي تأخذه «لنكولن» اليوم، فرئيس فريق إعادة تصميمها يتوخى إضفاء لمسات جمالية على شكلها من خلال مقابض الأبواب المجوفة والمصابيح الخلفية التي تمد من عرض السيارة والمرايا الجانبية المميزة المثبتة على سطح مستوٍ. ويؤكد المصمم أن هدفه تحويل السيارة إلى «قطعة جميلة صغيرة» تستهوي العملاء الذين يقدرون الاهتمام غير العادي بالتفاصيل، علما بأن الترشيد في استهلاك الوقود سوف يكون من الأهداف الأساسية في تطوير الطراز الجديد، إضافة إلى تحسين الأداء ونظام المكابح والدفع على جميع العجلات وخيارات لنسخ هجين.

والواقع أن هذه التغييرات استحقت منذ فترة طويلة، فالمشتري العادي لسيارة «لنكولن» ينتمي إلى شريحة عمرية لا تقل عن 65 عاما مقارنة بمشتري السيارات الفخمة يكون عمره عادة في حدود 53 عاما. وتزداد المنافسة شراسة في هذا القطاع، وبينما لا تقل أسعار الموديلات الجديدة عن 40 ألف دولار ويتوقع العميل أن يحصل، لقاء هذا السعر، على تصميم مميز ومستوى تكنولوجي متقدم.

وسوف تحدد أسعار سيارات «لنكولن» الجديدة ابتداء من مستويات أقل أسعار السيارات المنافسة الرئيسية. على سبيل المثال، يبلغ سعر «إم كيه إس سيدان» نحو 42 ألف دولار، بينما يبلغ سعر «إي كلاس» من «مرسيدس» 50 ألف دولار، و«ليكزس جي إس» 47 ألف دولار. ولكن السيارات المنافسة تعمل بنظام دفع على العجلات الخلفية - وهي موديلات يفضلها مشترو السيارات الفخمة - بينما تعمل «إم كيه إس» بنظام دفع على العجلات الأمامية، إضافة إلى تمتعها بسمعة قد يصعب على سيارة «لنكولن» اكتسابها في فترة وجيزة.

المشترون الشبان لا يعتقدون أن «لنكولن» ستكون جذابة لشريحتهم العمرية. حيث اشتروا مؤخرا «إنفينيتي». وعادة ما ينظر كبار السن إلى «لنكولن» كبديل أقل تكلفة من أحدث موديلات السيارات الأوروبية.

مسؤولون تنفيذيون في شركة «فورد» يعتقدون أن تغيير مفهوم المستهلك الأميركي لسيارة «لنكولن» قد يستغرق بعض الوقت، ولكن الشركة لن تتحمل المزيد الانتظار، بينما تستحوذ السيارات المنافسة مثل «أودي» و«كاديلاك» على حصة كبيرة من السوق، لذلك تشعر الشركة بأن عليها أن تخطو خطوة أخرى لتقدم ما هو جديد ومختلف كي تجذب الباحثين عن السيارات الفخمة في أسواق اليوم.