عودة «صنع في أميركا» إلى المنافسة وازدياد التفاؤل بمستقبل السيارات الكهربائية

ظاهرتان بارزتان في معرض جنيف للسيارات لعام 2012

منظر عام لمعرض جنيف للسيارات
TT

جاذبية معرض جنيف الدولي للسيارات لا تكمن فيما تعرضه شركات السيارات من طريف ومبتكر (وخارج عن المألوف أحيانا) بقدر ما تكمن في اعتباره «بوصلة» موثوقة لتوجهات المنتجين والمستهلكين معا، علما بأن تأثير الاستراتيجيات الإنتاجية للشركات الكبرى يحدد، إلى مدى بعيد، التوجهات المستقبلية للمستهلك.

إلا أن معرض عام 2012 تميّز بظاهرتين لافتتين؛ أولاهما عودة الشركات الأميركية التي أفلست عام 2009 (أو كادت لولا دعامة الـ50 مليار دولار التي منحتها لها الخزينة الأميركية) إلى ساحة المنافسة.. وبقوة.

وفي هذا السياق كان لافتا عودة شركة «جنرال موتورز» إلى منافسة «تويوتا و«فولكس فاغن» على موقع المنتج العالمي الأول للسيارات.

ولأن عودة «الصناعة الأميركية» إلى ساحة المنافسة لم تخلُ من إعادة تأهيل لمنتجاتها، ومن قدر من الابتكار التقني لم يكن مستغربا أن تفوز في مؤتمر جنيف، سيارة «شيفروليه» الأميركية (من صنع «جنرال موتورز»)، بلقب «سيارة العام». أما النسخة التي أمنت لها هذا الفوز، فقد كانت سيارتها الكهربائية الهجين «فولت».

سيارة «فولت»، التي تباع باسم «أوبل أمبيرا» في أوروبا، ثاني سيارة صديقة للبيئة تفوز بهذا الأوروبي المرموق بعد سيارة «ليف»، من إنتاج شركة «نيسان» اليابانية التي فازت بهذا اللقب عام 2011 الماضي.

دعامة الخزينة الأميركية المالية لـ«جنرال موتورز» وشركة «كرايسلر»، عام 2009، لا تكفي، بحد ذاتها، في تفسير عودة الشركات الأميركية، وخصوصا «جنرال موتورز»، إلى دائرة الربحية. فرغم أن ضخ مليارات الدولارات في خزينة «جنرال موتورز» أسهم، بشكل فعال في إنقاذها من الإفلاس، فإن لحماية «الفصل الحادي عشر» من قانون الإفلاس الأميركي فضلا كبيرا على الشركات الأميركية المتعثرة كون هذه «الحماية» سخية بقدر ما هي طويلة الأمد.

ولكن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الشركات الأميركية استفادت من «حماية» الفصل الحادي عشر، ومن السيولة التي وفرتها لها الخزينة الأميركية لإعادة ترتيب بناها الإنتاجية على مقاس مبيعاتها.

وعليه، يعود نجاح «جنرال موتورز» في العودة إلى صدارة الإنتاج العالمي إلى مواصلتها الاستثمار في موديلات جديدة، والتركيز على هذا الهدف على الرغم مما كانت تمر به من متاعب على صعيد إعادة ترتيب البنى التحتية للشركة، وقيادة مفاوضات صعبة مع الاتحاد العمالي، بشأن إعادة النظر في الأجور وعدد من التقديمات الاجتماعية. وقد أسهم في نجاح هذه المفاوضات تقديم اتحاد عمال السيارات إنقاذ وظائفهم من الزوال على مستويات أجورهم.

بالمقابل، كان عام 2011 عاما صعبا إن لم يكن كارثيا بالنسبة لصناعة السيارات اليابانية، التي تزامن مع الزلزال الذي ضرب شمال شرقي اليابان، وما تبعه من مد بحري جارف (تسونامي)، مع فيضانات تايلاند وارتفاع سعر صرف الين، على تباطؤ نموها الإنتاجي. على الرغم من هذه العراقيل خرجت شركة «نيسان» بأرباح ملموسة عام 2011 فأعلنت عن تحقيق أرباح تشغيلية بلغت 118.1 ين ياباني، أي نحو 1.53 مليار دولار أميركي في الربع الثالث من عام 2011.

وفيما أكد كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي لـ«نيسان»، أن شركته «استجابت بشكل حاسم» لتحديات العام 2011 بفضل قوة منتجاتها وفريقها العالمي وتنفيذها لخطة «نيسان باور 88» متوسطة الأمد، أظهرت بيانات الشركة أنها باعت 1.205 مليون مركبة في الربع الثالث من 2011 (من أكتوبر «تشرين الأول» إلى ديسمبر «كانون الأول») وهو رقم يشكل زيادة نسبتها 19.5 في المائة عن مبيعات الفترة نفسها من عام 2010.

ولا تقل سيارة «نيسان» المنعدمة الانبعاثات (ليف)، شعبية عن سيارة «فولت» الأميركية إذ باعت «نيسان» 22 ألف نسخة منها خلال الربع الثالث من عام 2011، مما يجعلها السيارة الكهربائية الأكثر مبيعا على الإطلاق.

وتواصل «نيسان» سياسة تنويع إنتاجها التي كانت أساس النجاحات التي حققتها. وبمناسبة معرض جنيف، كشفت «نيسان» للمرة الأولى عن أربع سيارات اختبارية جديدة هي:

- «إنفيتيشين»، التي تجسد الجيل المقبل من سيارات «هاتش باك» المدمجة.

- نموذج احتياطي «هاي كروس» يمهد لـ«كروس أوفر» محتمل في المستقبل يتسع لسبعة ركاب على الرغم من أنه سيارة مدمجة.

- «إي إن في 200» وهو تصميم نموذجي يستبق جيل سيارات «نيسان» الكهربائية مائة في المائة وضعته الشركة في أعقاب النجاح الذي لاقته سيارة «ليف»، وهو سيارة عائلية تتسع لسبعة ركاب.

- وبالمناسبة أعلنت «جوك» عن أنها ستبدأ بإنتاج الطراز الذي يحمل بصمات «نيسمو» وذلك في مصانعها في بريطانيا (ساندرلاند) على أن يطرح في الأسواق الأوروبية بنهاية السنة الحالية.

وفي إطار معرض جنيف، أعلنت علامة «نيسان» الفاخرة، «إنفينيتي»، بلسان بيرنارد لوار، نائب رئيس الشركة لمنطقة الشرق الأوسط وأوروبا، عن إنتاجها عددا محدودا لا يزيد على 200 وحدة من سيارة «إف إكس» نسخة «سيبستيان فيتيل» التي تبلغ قوتها 420 حصانا. كما كشفت «إنفينيتي» النقاب خلال المعرض عن سيارتها الرياضية التجريبية «إيميرج - إي» التي تعتبر أول سيارة من إنتاجها تتبع تصميم الوضعية المتوسطة للمحرك.

وستكون قوة سيارة الإنتاج مطابقة تماما لقوة السيارة التجريبية، التي تبلغ 420 حصانا، لتكون بذلك أقوى سيارة من «إنفينيتي» يتم بيعها حتى الآن.

وقد جرى تصميم هذه السيارة بالتعاون بين سيبستيان فيتيل، بطل السباقات وسائق فريق «ريد بول ريسنغ» والسفير العالمي لعلامة «إنفينيتي»، وشيرو ناكامورا، مسؤول الإبداع في «إنفينيتي». وتتميز السيارة بتقنيات متطورة ومكونات خفيفة الوزن والكثير من الخصائص، مثل نظام عجلة القيادة الخلفي النشط لتحقيق أقصى درجات الرشاقة، وشملت التغييرات التي أدخلت على السيارة زيادة قوة المحرك وتخفيض الوزن وزيادة فترة التبديل بين مستويات السرعة وزيادة قوة الشد للأسفل، ونظام تعليق أكثر انخفاضا وصلابة، مما يجعل سيارة «كروس أوفر» الرياضية بالأساس سيارة «كروس أوفر» فائقة.

وعرضت «إنفينيتي» للمرة الأولى في معرض جنيف «إيميرج - إي» التجريبية، وهي سيارة رياضية متطورة جدا تتبع تصميم الوضعية المتوسطة للمحرك.

وتعد سيارة «إنفينيتي إيميرج - إي» مثالا ملموسا عن اهتمام «إنفينيتي» بإنتاج سيارة جديدة وجريئة، وهي أيضا أول سيارة لـ«إنفينيتي» يتم تطويرها في أوروبا. وهي مجهزة بمحركين كهربائيين، وتبلغ قوتها 402 حصان (300 كيلوواط) مما يعني قدرتها على الانتقال من نقطة الثبات إلى السرعة 60 ميلا/ ساعة في أربع ثوان فقط، ومن نقطة الثبات إلى 130 ميلا/ ساعة في 30 ثانية، وذلك بسلاسة وبضغطة كاملة على دواسة الوقود. وبالإضافة إلى ذلك، فهي قادرة على قطع مسافة 30 ميلا منعدم الانبعاثات، في حال استخدامها للتنقل داخل المدينة. وعند تناغم وظائف موسّع المجال لمحرك البنزين مع المحركين الكهربائيين، تولد السيارة كمية صغيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون تبلغ 55 غراما/ كلم فقط.

ولم تقصر الشركات الأخرى في كشف النقاب عن جديدها في المعرض وكان أبرزها إزاحة شركة «فولكس فاغن» الستار عن نسخة بسقف قابل للطي من «غولف جي تي آي»، بعد الكشف عن نسخة تجريبية للطراز العام الماضي في سياق معرض أقيم في النمسا.

والطراز الجديد يستمد قوته من محرك تربو بأربع أسطوانات، سعة لترين، وبقوة 210 أحصنة، ويتيح للعملاء خيارا بين وحدة نقل يدوية بست سرعات أو وحدة نقل شبه آلية ذات خانق مزدوج بست سرعات أيضا. وتستطيع السيارة الجديدة بلوغ سرعة مائة كلم/ ساعة من الثبات في غضون سبع ثوان، فيما تبلغ سرعتها القصوى 240 كلم/ ساعة.

وبالمقارنة بالنسخة القياسية من «جي تي آي»، تحمل النسخة ذات السقف القابل للطي نفس الشبكة الأمامية الحمراء والإطارات قياس 17 بوصة والمقاعد الرياضية. ومن المتوقع أن يبلغ سعر النسخة الجديدة 32500 يورو (42800 دولار) بزيادة تبلغ نحو خمسة آلاف يورو (6584 دولار) مقارنة بالنسخة القياسية من «جي تي آي».

وبدورها أطلقت شركة «رينو» نسخة «آر إس» عالية الكفاءة من طرازها «توينجو» لعملائها الذين يميلون إلى اقتناء السيارات الرياضية.

والنسخة الجديدة ستطرح مزودة بمحرك سعة 1.6 لتر بقوة 133 حصانا وبمعدل استهلاك للبنزين يبلغ 6.5 لتر لكل مائة كيلومتر.

وبالإضافة إلى المحرك الأضخم، زودت «توينجو آر إس» بمكابح أقوى وهيكل رياضي. ويكشف الهيكل الخارجي للنسخة الرياضية عن حواجز أمامية ومشتت هواء وجناح خلفي وأقواس أوسع للإطارات الخلفية. وتشمل الإضافات الاختيارية هيكلا أكثر انخفاضا، مما يمنح السيارة مزيدا من الثبات ونظام قياس مسافات.

ويمكن للراغبين في شراء هذه السيارة أن يطلبوا حزمة التصميم الإضافية التي تشمل مرايا خارجية داكنة ومصابيح ذات حواف من الكروم، بالإضافة إلى إطارات قياس 16 بوصة، كما يمكن طلب نسخة من إنتاج شركة «جورديني» التابعة لـ«رينو».

وكشفت شركة «كيا» الكورية الجنوبية النقاب عن الرسوم التصميمية لسيارة ليموزين فاخرة جديدة، حملت اسما مؤقتا هو «كيه إتش». وتقول الشركة إنها ستشرع في إنتاجها هذا العام.

وتنطوي خطوط تصميم مقدمة السيارة الجديدة على عناصر من تصميم «كيا أوبتيما» الجديدة، بينما تستقي مؤخرة السيارة خطوطها من تصميم «بي إم دبليو» المدمجة.

ومن المتوقع أن تخرج باكورة طرازات «كيه إتش» للأسواق في كوريا الجنوبية خلال النصف الأول من هذا العام.

وكذلك كشفت شركة «كيا» النقاب في معرض جنيف عن الجيل الثاني من «كيا سيد»، وهي تتميز بهيكل رياضي ومعدة لدخول قطاع سوق تهيمن عليها طرازات مثل «فولكس فاغن غولف» و«أوبل أسترا» و«فورد فوكس».

وبحسب «كيا»، فإن الجيل الثاني سيخرج في شكل سيارة كوبيه رياضية، تتمتع في الوقت ذاته بنفس مساحة السيارة المدمجة القياسية، وسوف تكون متاحة للبيع في أوروبا اعتبارا من يونيو (حزيران) هذا العام. وهذه السيارة شبيهة بشقيقتها «هيونداي آي 30»، حيث تتمتع بأبعاد أوسع وأرحب مقارنة بالنموذج السابق. ولكن «كيا» عززت مستوى الجودة فيها، فزودتها بتقنية شاشة اللمس، مما يسهل التعامل مع نظم السيارة.

وتتمتع «سيد» الجديدة بصمامات ثنائية باعثة للضوء في النهار، ومصابيح ضباب ومرايا خارجية معدلة.

وفي إطار معرض جنيف أيضا، قدمت شركة «بورشه» الألمانية الجيل الجديد من «بورشه بوكستر». وضمت منصّة عرض الشركة طرازين جديدين سجّلا إطلالتهما الأولى على الساحة الأوروبية.

وتطرح «بورشه» الجيل الجديد من «بوكستر» بمقاربة تقنية لافتة تتمحور حول هيكل معدل بالكامل ووزن أقل بكثير من السابق، نتيجة اعتماد تصميم خفيف الوزن للجسم. كما تتضح التعديلات الجذرية التي طرأت على هذه الرودستر وسطية المحرك بتصميمها الخارجي أيضا، إذ باتت قاعدة العجلات أطول والمحور أعرض والعجلات أكبر. ولم تنحصر نتائج هذه التعديلات في تعزيز ديناميكية القيادة بشكل كبير فحسب، مما يضمن متعة قيادة رياضية صافية لا تشوبها شائبة، بل أيضا بالحد من استهلاك الوقود بنسبة 15 في المائة في كلا نسختي «بوكستر»، ليتدنى بالتالي مصروفهما للوقود عن مستوى 8 لترات/ 100 كلم بفارق كبير.

وضمت منصة «بورشه» في معرض جنيف طرازين سجّلا حضورهما للمرة الأولى على الساحة الأوروبية، وهما «باناميرا جي تي إس» و«911 كاريرا كابريوليه» المكشوفة. وتتميز هذه السيارة بتصميمها خفيف الوزن نتيجة استخدامها مادة الماغنسيوم في السقف القماشي، مما وفر وزنا وأداء رياضيا أفضل مع اقتصاد في استهلاك الوقود.

أما طراز «بورشه» الآخر، الذي سجّل إطلالته الأولى أوروبيا في معرض جنيف، فقد كان «باناميرا جي تي إس» الرياضية الأداء. وتمتاز هذه الـ«غران توريزمو» ذات الأبواب الأربعة بأنها الطراز الأكثر ديناميكية في مجموعة باناميرا، مع أداء رياضي استثنائي يتيح لها خوض غمار حلبات السباق والتسارع من صفر إلى 100 كلم/ س في غضون 4.5 ثانية فحسب، وصولا إلى سرعة قصوى تبلغ 288 كلم/ س.