تظهر أرقام مبيعات السيارات خلال عام 2012 المنصرم بداية افتراق بين أذواق المستهلك الأميركي والألماني، من جهة، والمستهلك الأوروبي (خارج ألمانيا) ومستهلكي الدول النامية عامة، من جهة أخرى. ورغم أن هذا الافتراق لا يخلو من خلفية اقتصادية تعكس معدلات القوة الشرائية، واستطرادا مستوى الدخل القومي في هذين البلدين، فإن المفارقة اللافتة على هذا الصعيد أن تصبح الصين عضوا جديدا في نادي الشعوب الثرية وينافس الصينيون الأميركيين والألمان على اقتناء السيارات الفخمة وبالتالي تعزيز مبيعاتها العالمية.
يظهر مستوى الإقبال المتنامي على السيارات الفخمة في كل من الولايات المتحدة وألمانيا والصين، أكثر ما يبدو، من أرقام مبيعات شركة «مرسيدس بنز» لهذه الفئة من السيارات عام 2012 إذ إن الطلب القوي على السيارات الفارهة، وبينها سيارة مايباخ عالية الرفاهية، وعلى الشاحنات، أتاح للشركة الألمانية تحقيق قفزة ملموسة في أرباح الربع الأخير من العام الماضي، فقد قفز صافي أرباحها في هذه الفترة بنسبة 57 في المائة على أساس سنوي ليبلغ 1.79 مليار يورو (2.4 مليار دولار).
وتظهر أرقام مبيعات السيارات في ألمانيا (أضخم سوق للسيارات في أوروبا) توجها واضحا لتنامي سوق السيارات الفخمة إذ إن مبيعات السيارات متعددة الاستخدام (إس يو في) الكبيرة الحجم والسيارات الفارهة زادت بمعدل ثلاثين في المائة العام الماضي، فيما تراجعت مبيعات السيارات الصغيرة بنسبة عشرة في المائة.
ورغم الغموض المحيط بوضع الاقتصاد العالمي هذا العام أعلنت الشركة أنها تتوقع ارتفاع مبيعات السيارات «بشكل كبير» في الأشهر الاثني عشر المقبلة.
وكذلك الأمر بالنسبة لمنافستيها الألمانيتين «بي إم دبليو» و«أودي» اللتين شهدتا نموا كبيرا في مبيعاتهما من السيارات الفخمة عام 2012.
ولكن المستهلك العادي في دول العالم الأخرى لا يشارك، كما يبدو، المستهلك الأميركي والألماني والصيني تفاؤله باستمرار قوة الطلب على السيارات الفارهة فازدياد الطلب في أسواقها على السيارات الأرخص والاقتصادية في استهلاكها للوقود أطلق سباقا محموما بين شركات السيارات على إنتاج السيارة الصغرى «المثالية» بالنسبة لهذا المشتري. وحتى الشركات المتخصصة في إنتاج السيارات الفارهة وجدت مزايا في إنتاج السيارات الصغيرة زهيدة الثمن.
وبالفعل خرجت مجموعة متنوعة من الطرازات الجديدة من السيارات الصغيرة خرجت للنور هذا العام، مع تصدر فولكس فاغن للمشهد بسيارتها «أب» التي تعتبر باكورة فئة جديدة من السيارات الصغيرة.
النسخة الأساسية من «أب» تباع في ألمانيا بسعر يقل عن العشرة آلاف يورو (13180 دولارا). ويبلغ طول هذه السيارة 3.54 مترا وهي مطروحة حاليا بمحرك قدرة 44 كيلووات/ 60 حصانا، وآخر قدرته 55 كيلووات/ 75 حصانا سرعتها القصوى 171 كلم/ ساعة.
وتخطط «فولكس فاغن» لإنتاج نسخة كهربائية من هذه السيارة ونسخة أخرى تعمل بالغاز الطبيعي وأخرى من خمسة أبواب وربما «كروس أب» أيضا.
وبدورها تطلق شركة «سكودا» التشيكية التابعة لمجموعة «فولكس فاغن»، طرازها من السيارة الصغيرة «سيتيجو» في يونيو (حزيران) هذا العام والتي تتطابق من الناحية التقنية مع «أب» لكن مع بعض التعديلات في التصميم تجعلها أرخص من «أب». وكذلك تعتزم «سيات» الشركة الإسبانية الأخرى التابعة لمجموعة «فولكس فاغن» طرح سيارتها الصغيرة «مي» في الأسواق في مايو (أيار) المقبل.
ورغم أن «فيات باندا» احتفظت بتصميمها الشبيه بالصندوق فقد أدلت هي أيضا بدلوها في المنافسة ولكن طولها زاد إلى 3.56 متر ومحركاتها باتت أكثر وفرا في استهلاك الوقود مقارنة بالنسخة السابقة. وتبلغ قدرة المحرك ذي الاسطوانتين 63 كيلووات/ 85 حصانا، مقترنا بوحدة نقل سرعة آلية، ليصل معدل استهلاكها إلى 4.1 لتر لكل مائة كيلومتر. ومن المتوقع أن تطرح النسخة الجديدة من «فيات باندا» بسعر يقل عن العشرة آلاف يورو.
وفي الوقت نفسه تسعى كبرى شركات إنتاج السيارات لإضفاء بريق على طرازاتها الموجودة بالفعل، فقد منحت شراكة التعاون بين كل من ستروين وبيجو وتويوتا طرازات «سي 1» و«107» و«آيغو» تعديلات طفيفة، فيما نفذت سمارت بعض التعديلات في تصميم «فورتو» وتستعد لإطلاق نسخة كهربائية هذا العام. أما تويوتا فقد طرحت نسخة جديدة من «ياريس» في أوروبا سوف تتبعها، قريبا، بنسخة أخرى هجين فيما أضفت رينو شكلا جديدا على طرازها «توين جو».
وفي ألمانيا تخطط أوبل لإنتاج سيارة أصغر حجما من «كورسا» ومن المحتمل لهذه السيارة الجديدة التي لا تزال تحمل اسما رمزيا هو «جونيور» أن تظهر في معرض باريس الدولي في أكتوبر ( تشرين الأول) المقبل.
ويتوقع محللون أن تستأثر «فولكس فاغن أب» مع شقيقتيها من «سكودا» و«سيات» بحصة وافرة من سوق السيارات.
يذكر أن هذا القطاع كانت تهيمن عليه في الماضي سيارات مثل «فيات باندا» و«فيات 500» و«رينو توين جو» و«فورد كا» و«ستروين سي 1» و«تويوتا آي جو» و«بيجو 107» و«هيونداي آي 10» و«كيا بيكانتو».