الصين توسع قاعدة صناعتها المحلية لمكونات السيارات.. وتخوض حربا تجارية باردة مع قطاع السيارات الأميركي

TT

هل هي مؤشرات حرب تجارية باردة أم مجرد صدفة، أن تعلن بكين عن استراتيجية توسعية في صناعة مكونات السيارات، في وقت تفرض فيه على استيراد السيارات الأميركية رسوما مرتفعة؛ إلى حد حمل الرئيس الأميركي باراك أوباما على التنديد بها، في حملته الانتخابية الراهنة؟

تدشين الصين، قبل أيام معدودة، لمنطقة صناعية جديدة مخصصة لصناعة مكونات السيارات في إقليم جيانجسو شرقي الصين، يندرج دون شك في خانة التوسع في الاعتماد على المصادر المحلية في تعزيز الفورة الصناعية التي يشهدها حاليا قطاع السيارات. وتظهر أهمية هذه المنطقة الجديدة في استعانة سلطات مدينة دانيانج الصينية بهيئة التجارة الخارجية اليابانية (جيترو) في تنفيذها (وهي منظمة شبه حكومية يابانية تستهدف تعزيز التجارة والاستثمار بين اليابان وباقي دول العالم)، ومن حجم استثمارات هذه المنطقة التي ذكرت سلطات المدينة أنها تبلغ نحو 600 مليون دولار، وأنها ستقام على مساحة 100 هكتار.

وبالفعل قررت 30 شركة إقامة قواعد إنتاجية لها في المنطقة، وهي تشمل مشروعات لمعالجة المعادن وإنتاج الإلكترونيات والمطاط إلى جانب الألياف.

والجدير بالذكر أن 10 في المائة من مكونات السيارات في السوق الصينية تأتي من مدينة دانيانج، التي تضم نحو 800 مصنع للسيارات ومكونات السيارات، بلغت قيمة مبيعاتها العام الماضي نحو 20 مليار يوان (3.16 مليار دولار).

إلا أن تزامن الإعلان عن إنشاء المنطقة الصناعية الجديدة، مع رفع بكين الرسوم الجمركية على السيارات الأميركية الصنع، أوحى بأن بكين تتصدى للمنافسة الأميركية في قطاع السيارات، قبل غيرها من السيارات الأخرى، رغم أن بكين فرضت الرسوم العقابية على السيارات الأميركية والسيارات الرياضية متعددة الأغراض، بعد أن اتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما إجراءات للحد من إغراق الإطارات الصينية الصنع السوق الأميركية، فعمدت الصين، بالمقابل، إلى فرض رسوم تتراوح بين 6.2 في المائة و12.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وخلال جولة انتخابية حافلة في ولايتي أوهايو وبنسلفانيا، وللتدليل على جهود إدارته المتواصلة لحماية صناعة السيارات الأميركية، حرص الرئيس أوباما - الذي يسعى إلى الفوز بفترة رئاسية جديدة - على إبلاغ الأميركيين أنه تقدم بشكوى ضد الصين أمام منظمة التجارة العالمية، وقال إن إدارته تعمل على «محاسبة الصين على ممارساتها التجارية غير النزيهة التي تضر بمنتجي السيارات الأميركيين».

وقد اعتبر الرئيس الأميركي إجراءات الحماية الصينية مجحفة بحق قطاع السيارات الأميركي، وقال أمام حشد من مؤيديه في تجمع انتخابي بمدينة ماومي بولاية أوهايو إن «الأميركيين لا يخشون المنافسة، ونحن نؤمن بالمنافسة كما نؤمن بالتجارة.. مادمنا نتنافس على أساس العدالة، وليس وفقا لأسس غير نزيهة». وتقول الولايات المتحدة إن الرسوم الصينية لا تلتزم بقواعد منظمة التجارة العالمية.

ورغم أن الصين وضعت إجراءها الضريبي في إطار الرد على ما اعتبرته «إغراق» السوق الصينية بالسيارات الأميركية؛ التي تحصل على دعم «غير قانوني» في الولايات المتحدة؛ فقد أعلن الممثل التجاري الأميركي في منظمة التجارة العالمية، رون كيرك، أن الولايات المتحدة تعارض الرسوم التي فرضتها الصين على السيارات أميركية الصنع، تحقيقا لضمان نزاهة المنافسة، واتهمتها أيضا «بإساءة استغلال الإصلاحات التجارية».

من ناحيته قال غاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن الرسوم تؤثر على نحو 80 في المائة من إجمالي صادرات السيارات الأميركية إلى الصين، وخصوصا صادرات شركتي جنرال موتورز وكرايسلر.

واستنادا إلى الإحصاءات الرسمية، صدرت الولايات المتحدة إلى الصين، العام الماضي، سيارات بقيمة تتجاوز ثلاثة مليارات دولار.

ويعتبر الصينيون أن السيارات الأميركية «تغرق» السوق الصينية، وتحصل على دعم غير عادل من حكومتها، ولذلك بدأت بكين في فرض رسوم تتراوح من 6.2 و12.9 في المائة، في ديسمبر الماضي.

وبدورها عززت إدارة أوباما من إجراءاتها التجارية ضد الصين؛ فانضمت مؤخرا إلى مساعي الاتحاد الأوروبي واليابان لمواجهة قيودها التجارية على عناصر التربة النادرة الرئيسية في إنتاج السلع الإلكترونية والمنتجات الأخرى.