«فورد» تقطع خطوات ملموسة في تكنولوجيا الاتصال والحفاظ على البيئة

في عملية تحول جذري من خفض الأسعار إلى تطوير التقنيات

سيارة «فوكس» الكهربائية، أحدث ما أنتجته الشركة وجرت تجربتها على المضمار في ديترويت
TT

الانطباع البدهي من زيارة مصانع شركة «فورد» في ديترويت والاستماع إلى مسؤوليها في مؤتمرها السنوي يوحي بأن الشركة تحولت جذريا في السنوات الأخيرة من التركيز على خفض الأسعار إلى الارتقاء بالتقنيات وخفض استهلاك الوقود وجهود المحافظة على البيئة، إلى جانب إتاحة مجال اقتناء سياراتها لأكبر قطاع ممكن من المستهلكين، وهو ما كان أحد الأهداف الأساسية لمؤسس الشركة، هنري فورد، قبل 100 عام.

عبر كثير من الندوات الفنية التي تحدث فيها مسؤولو الشركة، يلمس الزائر أن الشركة لا تواكب فقط تيار التقنيات المتاح حاليا في السوق، وإنما تحاول أيضا أن تسبق السوق بابتكارات خاصة بها؛ من هذه الابتكارات تقنية التوجيه الصوتي لأنظمة السيارة عبر تقنيات التعرف على الصوت. وفي العام الأخير تقدمت هذه التقنية إلى درجة التعامل مع اللهجات المختلفة ضمن اللغة الإنجليزية، والتعامل الفوري مع اللغة حتى ولو كان السائق يعاني من الرشح أو الزكام.

وابتكرت «فورد» منصة معلومات مفتوحة اسمها «سينك» (SYNC) يمكن لها التواصل مع جميع أنظمة الاتصالات من شركات مثل «مايكروسوفت» و«سوني» و«تيليناف».. وغيرها. وشارك في تطوير هذه المنصة أكثر من 2500 باحث ومطور برامج مستقل. وجمعت الشركة كثيرا من الوظائف في منظومة واحدة سهل التعامل معها وأطلقت عليها اسم «ماي فورد توتش». ويمكن التعامل مع المنظومة عبر أزرار التحكم أو عبر الأوامر الصوتية. ولا يعد نظام «سينك» جديدا لأنه موجود بالفعل في 4 ملايين سيارة «فورد»، وسيكون في 9 ملايين سيارة بحلول عام 2015. وشرح المهندس هوتاي تانغ، نائب الرئيس لقطاع الهندسة، أن هذه الأنظمة يمكن تركيبها والتعامل معها بسهولة في سيارات «فورد». وأوضح أن الشركة دخلت في شراكة مع «مايكروسوفت» من أجل تحميل وتحديث هذه الأنظمة.

وقال مايكل كين، المشرف على أنظمة الأمان في الشركة، إن هناك كثيرا من التقنيات الحديثة التي توفرها الشركة للمستهلك، مثل الحماية من النقاط العمياء بتحذير السائق والمساعدة على صف السيارة، و«نظام كروز الذكي» الذي يحافظ على مسافة آمنة أمام السيارة، وأيضا التحذيرات من حالة المرور لتجنب الزحام في ساعات الذروة أو عند وقوع حوادث.

وتسعى «فورد» ضمن استراتيجية متكاملة إلى إتاحة الخيار إلى المستهلك من بين كثير من التقنيات التي تهدف لخفض استهلاك الوقود، من بينها محركات «إيكوبوست» إلى السيارات الكهربائية. وتقول الشركة إنها ستقدم بنهاية العام الحالي 8 سيارات تقطع أكثر من 40 ميلا بكل غالون من الوقود. وستحقق الشركة ذلك عبر عدة تقنيات بينها خفض وزن السيارات بواسطة استخدام مواد جديدة مثل الكربون والمنغنيز. وتزيد الشركة من كفاءة وانسيابية سيارات «فورد» بالتحكم في فتحات التبريد الأمامية وإغلاقها في حال انتفاء الحاجة إليها على الطرق السريعة مثلا، من أجل زيادة انسيابية السيارات ورفع كفاءة استهلاك الوقود. وتعمل الشركة على خفض الاحتكاك وتحسين الانسيابية إلى درجة أن سياراتها أصبحت تتبوأ مراكز متقدمة في الانسيابية في كل القطاعات التي تنافس فيها.

وتتيح سيارات «فورد» الجديدة للسائق معرفة تأثير قيادته على استهلاك الوقود عبر مؤشرات في لوحة القيادة تقيس له نسب الاستهلاك. ويسهم في هذا التوجه نظام «ماي فورد توتش» لأنه يوفر للسائق معلومات عن كفاءة استهلاك الوقود في السيارة. ويختار نظام الملاحة خرائط الطرق الأكثر توفيرا للوقود.

وتستخدم الشركة حبوب الصويا في إنتاج حشايا المقاعد وأقمشة الدينيم في بعض التجهيزات الداخلية، كما تعيد الشركة استخدام أنواع من البلاستيك المعاد إنتاجه ضمن المكونات السفلية للسيارة، وأنواع من المطاط المعاد تدويره في بطانة غطاء المحرك من أجل تعزيز هدوء التشغيل.

ولا تقتصر جهود «فورد» لاستدامة الموارد على السيارات التي تنتجها بل تتعداها إلى مراحل التصنيع أيضا، فالشركة حققت هدف خفض استهلاك الطاقة بنسبة 22 في المائة لكل سيارة بين عامي 2006 و2011، وأعلنت أنها بصدد توفير 25 في المائة إضافية بين عامي 2011 و2016. كما خفضت الشركة من نسبة الفضلات التي تدفن في الأرض بنحو 44 في المائة أو ما يوازي 100 مليون رطل. كذلك خفضت الشركة نسبة المياه التي تستهلكها في تصنيع كل سيارة بنسبة 49 في المائة ما بين عامي 2000 و2012.

من ناحيته شرح جون فييرا، خبير التقنية المستدامة في الشركة، ما تعنيه استراتيجية الاستدامة في «فورد»، فقال إنه لا يمكن الاستمرار في استهلاك الموارد لإنتاج منتجات، لأن الموارد في نهاية الأمر مواد ناضبة، فكان لا بد من إعادة النظر في سياسة الحفاظ على الموارد واستخدام طاقة أقل. وأضاف أن هذه الجهود لا بد أن تبدأ الآن. وتحاول الشركة خفض الاعتماد على البترول من ناحية وإعادة تدوير المواد في صناعة منتجاتها من ناحية أخرى.

ويريد فييرا إبلاغ المستهلك رسالة مفادها أن استخدام المواد والطاقة بكفاءة أعلى لا بد أن يصبح التوجه المستقبلي في كل المجالات وليس فقط في صناعة السيارات. ويشمل هذا أيضا تعليم المستهلك كفاءة القيادة من أجل خفض استهلاك الوقود. وهو يعتبر أن «سيكولوجية» الحفاظ على البيئة ليست فكرة مجردة، بل علينا أن نتعامل مع البيئة على أساس معالجتها والحفاظ عليها لمصلحة أجيال المستقبل. وهو يرى أن المستهلك بدأ يتحول فعلا إلى البحث عن المنتجات التي تحافظ على البيئة، وأن نسبة 75 في المائة من المستهلكين في الولايات المتحدة تفضل شراء المنتجات «الخضراء» التي تراعي البيئة في إنتاجها.

وتحاول الشركة خفض تأثيرها السلبي على البيئة ووضعت لنفسها هدف خفض انبعاثات الكربون بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2025، مقارنة بعام 2010. وكانت الشركة قد حققت انخفاضا في الانبعاثات الكربونية بالفعل بنسبة 31 في المائة بين عامي 2000 و2010.

ومن ضمن إنجازات الشركة في العام الأخير تقديم السيارة الكهربائية «فوكس» تليها هذا العام عدة سيارات هجين (هايبرد)، كما تعمل الشركة على مشروع بحثي لربط السيارات إلكترونيا بعضها ببعض للتواصل على الطريق بحيث يمكن الحؤول دون ازدحام الطرق عبر اختيار الطرق الأقل ازدحاما للرحلات. وتعتني الشركة بما تسميه «حقوق الإنسان» في مصانعها بحيث توفر الفرص المتكافئة للجميع. وتفخر الشركة بأن مقتني سياراتها لن يضطر بعد الآن إلى الاختيار بين قدرة السيارة ومواصفاتها البيئية، كونها تجمع العاملين معا.

وفي توزيع القوى البشرية حول العالم تعد منطقة آسيا وأفريقيا والمحيط الهادي، التي تشمل منطقة الشرق الأوسط، أسرع المناطق نموا. ويعمل في المنطقة 19 ألف عامل، بينما يباع فيها ما يقرب من مليون سيارة سنويا. وهي نسبة عددية أفضل من أي موقع آخر في العالم، حيث يعمل في أوروبا مثلا 47 ألف عامل بينما لا يباع فيها أكثر من 1.6 مليون سيارة. وتأمل الشركة أن تصل المبيعات في منطقة آسيا وأفريقيا والمحيط الهادي إلى 2.5 مليون سيارة بحلول عام 2016.

وكانت آخر الإحصاءات الصادرة من الشركة تشير إلى أن المبيعات في دولة الإمارات ارتفعت في النصف الأول من هذا العام بنسبة 38 في المائة.