أوروبا تدرس فرض «رقابة» على واردات السيارات الكورية

في وقت بدأت فيه مبيعات السيارات الكورية الجنوبية بالتراجع

TT

في وقت يعلن فيه منتجان رئيسيان للسيارات في كوريا الجنوبية، هما «جي إم كوريا» و«رينو سامسونغ»، تراجع مبيعاتهما العالمية من السيارات، تلوح في الأفق بوادر مواجهة صناعية - تجارية بين أوروبا وكوريا الجنوبية حيال الصادرات الكورية من السيارات إلى أسواقها.

شركة «جي إم كوريا» التابعة لمجموعة «جنرال موتورز» الأميركية للسيارات أعلنت في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الحالي انخفاض حجم مبيعاتها في أغسطس (آب) الماضي بنسبة 17% مقارنة بمبيعات الشهر نفسه من العام الماضي، فيما ذكرت تقارير إخبارية أن مبيعات شركة «رينو سامسونغ» الكورية الجنوبية لصناعة السيارات والمملوكة لشركة «رينو» الفرنسية تراجعت خلال أغسطس الماضي تراجعت بنسبة 59.4% عن حجم مبيعات الشهر نفسه من العام الماضي.

بوادر المواجهة الأوروبية - الكورية الجنوبية بشأن واردات السيارات الكورية الجنوبية إلى الاتحاد الأوروبي برزت مع تأكيد المفوضية الأوروبية أنها تدرس شكوى فرنسية يمكن أن تقود إلى فرض رقابة أكثر صرامة على تلك الواردات.

وكانت الحكومة الفرنسية اتهمت علانية في يوليو (تموز) الماضي كوريا الجنوبية بانتهاجها «منافسة غير عادلة» في صناعة السيارات.

ولكن، رغم أن كوريا الجنوبية هي موطن شركتي «هيونداي» و«كيا» اللتين تنافسان شركتي السيارات الفرنسية «بيجو ستروين» و«رينو»، فإن مصالح فرنسا التجارية - وإلى حد ما مصالح الولايات المتحدة - لن تكون بمنأى عن التبعات السلبية لأي «رقابة» قد يفرضها الاتحاد الأوروبي على واردات السيارات الكورية؛ على اعتبار أن شركة «سامسونغ» الكورية للسيارات مشروع صناعي مشترك بين الكوريين والفرنسيين وأن شركة «جي إم كوريا» هي الفرع الكوري الجنوبي لمجموعة «جنرال موتورز»، أكبر منتج سيارات في الولايات المتحدة.

انطلقت الحملة الأوروبية على صناعة السيارات الكورية الجنوبية في أعقاب هجوم شنه مدير شركة «فيات - كرايسلر» الإيطالية - الأميركية، سيرجيو مارشيوني، الذي يرأس الاتحاد الأوروبي لمنتجي السيارات، على ما سماه التدفق «الخارق» للسيارات الكورية الجنوبية على أوروبا في أعقاب تطبيق اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية العام الماضي.

إلا أن فرنسا كانت الدولة التي طلبت بالفعل من المفوضية (الأوروبية) «تطبيق إجراءات رقابية مسبقة على واردات السيارات الكورية»، كما ذكرت كاثرين راي المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، وفقا لما هو منصوص عليه في اتفاقية التجارة الحرة بينهما. وأكدت المسؤولة الأوروبية أن «المفوضية تراجع بعناية هذا الطلب. ووفقا للمفوضية، زادت واردات الاتحاد الأوروبي من السيارات الكورية بنسبة 17% أو بقيمة 600 مليون يورو (752 مليون دولار) اعتبارا من يوليو (تموز) 2011، أي مع بدء تطبيق اتفاقية التجارة الحرة، وحتى مارس (آذار) 2012».

غير أن عدد السيارات الكورية المستوردة في عام 2011 بلغ فقط نصف ما تم استيراده في عام 2007، قبل بداية الأزمة المالية العالمية.

ومن شأن استعادة العمل الرقابي أن يسمح للاتحاد الأوروبي بأن يجمع معلومات من المستوردين عن عدد السيارات الكورية التي يعتزمون شراءها في المستقبل. ويمكن أن تستخدم فرنسا حينئذ البيانات للمطالبة بتفعيل فقرة الحماية في اتفاقية التجارة الحرة. وفي حال الموافقة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ازدياد مطرد في الرسوم على واردات السيارات الكورية، المجمدة مؤقتا، أو إعادتها إلى مستوى ما قبل تطبيق الاتفاقية التجارية عند 10%.

ووضعت الحكومة الفرنسية هذا الشهر خططا لـ«دبلوماسية اقتصادية» في إطار محاولات تنشيط النمو مع بذل وزير الخارجية لوران فابيوس جهودا من بين أمور أخرى لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في الاتفاقيات التجارية، معتبرا أن «أوروبا يجب أن تكون منفتحة، لكن ليس على مصراعيها».

ولكن توقيت الحملة الأوروبية على الصناعة الكورية يأتي في وقت بدأت تتراجع فيه مبيعات السيارات الكورية؛ فمبيعات «جي إم كوريا» (شركة (دايو) للسيارات سابقا) في السوق الكورية الجنوبية تراجعت بنسبة 14% إلى 9808 سيارات، في حين تراجعت الصادرات بنسبة 17.8% إلى 35359 سيارة خلال أغسطس الماضي.

وخلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي، بلغ إجمالي مبيعات «جي إم كوريا» 515037 سيارة، بانخفاض نسبته 3.7% عن الفترة نفسها من العام الماضي.

بدوره، ذكر بيان لشركة «رينو سامسونغ»، رابع أكبر منتج سيارات في كوريا، أنها باعت الشهر الماضي 11082 سيارة مقابل 27328 سيارة في الشهر نفسه من العام الماضي، وأن مبيعاتها في السوق الكورية الجنوبية تراجعت الشهر الماضي بنسبة 63.9% إلى 4001 سيارة في حين انخفضت الصادرات بنسبة 56.4% إلى 7081 سيارة خلال الفترة نفسها.

وبلغ إجمالي مبيعاتها خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي 105001 سيارة بانخفاض نسبته 40.4% عن الفترة نفسها من العام الماضي.

يذكر أن الشركات الكورية الجنوبية التي تعتمد على التصدير، خاصة في قطاع صناعة السيارات والإلكترونيات، تواجه صعوبات بالغة على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية وأزمة ديون منطقة اليورو، حيث تضررت بشدة صادرات كوريا الجنوبية نتيجة تباطؤ الأسواق الرئيسية لهذه الصادرات في أوروبا وأميركا الشمالية.