الجزائر تنقذ مجموعة «بيجو ـ سيتروين»

وسط الانكماش الحاد لمبيعات السيارات الأوروبية

مصنع أولني.. أول مصنع أغلقت «بيجو» أبوابه
TT

كان شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الشهر الرابع عشر، على التوالي، لتراجع مبيعات السيارات الأوروبية، إذ انخفضت هذه المبيعات بنسبة 10.3 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، متأثرة بإجراءات التقشف المالي ومعدلات البطالة المرتفعة بشكل قياسي على أسواق السيارات في منطقة اليورو.

استنادا إلى بيانات اتحاد منتجي السيارات الأوروبي، ومقره بروكسل، تراجع إجمالي تراخيص السيارات الجديدة في الاتحاد الأوروبي إلى 926 ألفا و486 ترخيصا مقارنة مع أكثر من مليون سيارة بقليل قبل عام. وبينما انكمشت سوق السيارات الجديدة في فرنسا بنسبة 19.2 في المائة، قال اتحاد منتجي السيارات الأوروبي إن أكبر سوق للسيارات في المنطقة، وهي ألمانيا، شهدت تراجعا في التراخيص بنسبة 3.5 في المائة الشهر الماضي.

وكانت الشركات الأكبر إنتاجا للسيارات الجهة التي تحملت أكثر من غيرها ضغوط أجواء عدم اليقين الاقتصادي الذي سيطر على أوروبا، وفي مقدمتها مجموعة «بيجو – سيتروين» الفرنسية التي تراجعت مبيعاتها بنسبة 15.6 في المائة.

والواقع أن «بيجو - ستروين»، ثاني أكبر منتج للسيارات في أوروبا بعد «فولكسفاغن»، تكافح منذ مطلع عام 2012 للتغلب على تراجع المبيعات والزيادة المفرطة في الإنتاج.

وقد عانت «بيجو – سيتروين» من الإنتاج الأوروبي الفائض عن احتياجات أسواقها من السيارات ومن قدرتها المحدودة على المنافسة في الأسواق العالمية خارج أوروبا في وقت برزت فيه الحاجة إلى خفض حجم إنتاج الشركات الأوروبية الكبرى تجنبا لاضطرارها إلى إقفال أبواب عدد من مصانعها وبالتالي الحد من وطأة التنافس المتصاعدة على أسواق منطقة اليورو في ظل ظروف اقتصادية غير مواتية.

وكانت شركة «بيجو» قد تحملت، في النصف الثاني من عام 2011، خسائر تشغيل بلغت 500 مليون يورو على مبيعات بلغت قيمتها الإجمالية 20 مليار يورو.

وبينما تسببت هذه الخسارة بالإطاحة بأرباحها عن النصف الأول من السنة المذكورة، ساهمت وفرة الإنتاج في رفع مخزونها من السيارات غير المبيعة، بينما ارتفع صافي ديونها، بنهاية العام الماضي، إلى 3.4 مليار يورو مقارنة بديون بلغت 1.2 مليار يورو بنهاية عام 2010، أي إلى 23 في المائة من قيمة موجوداتها.

إدارة مجموعة «بيجو – سيتروين» لم تقف مكتوفة الأيدي حيال هذه النتائج وسعت إلى تنفيذ إجراءات تحد من خسائرها فأعلنت في يوليو (تموز) الماضي عن نيتها إغلاق مصنع لها في إحدى ضواحي باريس والاستغناء عن نحو 8 آلاف وظيفة، بينما يقدر المراقبون أن عدد الوظائف التي ستضطر الشركة إلى إلغائها سيكون أكبر من ذلك. وقد أبلغت الشركة النقابات العمالية أن العدد لا يشمل نحو 1500 عامل سيتركون العمل بحلول منتصف عام 2014 لأسباب أخرى منها التقاعد، ولن يتم إحلال عمالة جديدة محل بعضهم.

ولكن «بيجو»، خلافا لوضعها في الأسواق الأوروبية، تحقق أداء تجاريا طيبا في الجزائر التي تعتبر واحدة من أكبر أسواق السيارات في أفريقيا، فقد تضاعفت، تقريبا، مبيعات «بيجو» في الجزائر في الأشهر العشرة الأولى من عام 2012 لتصل إلى 54.5 ألف سيارة.. الأمر الذي حمل الشركة، والحكومة الفرنسية، على اعتبار الجزائر «خشبة الخلاص» لمتاعب «بيجو – سيتروين» الأوروبية. وبالفعل كشف موقع «لا تريبيون» الفرنسي للأنباء الاقتصادية على الإنترنت أن مبعوثا للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بحث إمكانية بيع حصة من ملكية شركة «بيجو - سيتروين» إلى الدولة الجزائرية، وذلك خلال زيارة للجزائر في نوفمبر الماضي.

بدوره، نقل موقع جزائري للأنباء عن جان بيير رافارين ترحيب باريس بالاستثمار الجزائري في الشركات الفرنسية «الكبيرة والصغيرة»، بينما ذكرت تقارير أخرى أنه من المتوقع بحث خطط لإنشاء مصنع لشركة «رينو» في الجزائر لخدمة سوق السيارات المحلية، دون الإشارة إلى ما إذا كان المشروع المقترح سيكون بديلا أم لا لاقتراح شراء الجزائر لحصة في الشركة.