تقليد السيارات الغربية يواجه الشركات الصينية بعقبة الالتزام بقواعد شهادات البراءة في الهند

صناعة السيارات الصينية تغرق الهند مدفوعة برخص تكلفة اليد العاملة

سيارة «سيل» في السوق الهندية هذا الأسبوع
TT

كان للمنتجات الصينية على الدوام تأثير كبير على الهند في نطاق يتنوع بشكل كبير، سواء على صعيد منتجات الألعاب أو ألعاب الفيديو أو الهواتف الجوالة أو الكومبيوترات.. والآن تغرق الصين الأسواق الهندية بسياراتها. ألقت الشركات الصينية مثل «سايك» و«فوتون» و«فاو» و«غريت» و«ول» بثقلها في سوق الهند وطرحت جميع أنواع السيارات التي تنتجها بدءا بالـ«ميني فان» إلى السيارات والشاحنات والحافلات. وفي حين دخل البعض منها، مثل «سايك»، سوق الهند من خلال شركاء عالميين، فإن شركات صينية أخرى تبحث حاليا عن شركاء. تعتبر «سايك» واحدة من كبريات شركات السيارات في الصين، فقد تمكنت من خلال حصتها في شركة «جنرال موتورز إنديا» من طرح أول سيارة بتصميم صيني خالص، هي سيارة «سيل»، في السوق الهندية هذا الأسبوع، وهو ما اعتبرته خطوة تمهيدية للدخول إلى السوق الأميركية. وتحاول شركات صناعة السيارات الأخرى زيادة حصتها في سوق تعاني فيها الشركات الأجنبية من مصاعب جمة.

ويتوقع أن تطرح السيارة الصينية «سيل»، التي ستباع بطرازي «سيدان» و«هاتش باك»، بوصفها أول نموذج يصممه بالكامل الشريك الصيني «سايك موتور كورب» لشركة «جنرال موتورز». وتمتلك «سايك» 50 في المائة من أسهم شركة «جنرال موتورز إنديا». ويتم تصنيع سيارة «شيفروليه سيل» السيدان والهاتشباك بشكل أساسي بهدف واحد هو طرح سيارات رخيصة في أسواق متنامية مثل الصين والهند. وتباع كلتا السيارتين في الصين، فيما لقيتا استجابة واسعة في الهند. لم يعلن عن تفاصيل أسعار كل من «شيفروليه سيل» السيدان أو الهاتشباك في الهند حتى الآن، لكن أسعار السوق تشير إلى احتمال طرح «شيفروليه سيل» هاتشباك بسعر يبلغ 450.000 روبية وسيارة السيدان بـ550.000 روبية. وستطرح «جنرال موتورز إنديا» سيارة بمحرك ديزل مع إمكانية الحصول على محرك بنزين سعة 1.3 لتر. وستجهز السيارتان بناقل يدوي بخمس سرعات كما أنها ستكون بغطاء متقدم في الأجزاء الداخلية للاعتماد على مساحة الكابينة.

كانت سوق السيارات الهندية السوق الوحيدة التي لم تدخلها السيارات الصينية، لكن ذلك سيتغير هذا العام. وقريبا سيقود الهنود سيارات صينية صنعت في الهند عبر طرق مولتها وأنشأتها الشركات الصينية.

وتفكر شركة «غريت وول موتورز»، التي تنتج السيارات الرياضية والـ«بيك أب» في دخول سوق السيارات الهندية؛ إذ لا تحظى «غريت وول»، التي تبيع السيارات الرياضية وشاحنات الـ«بيك أب» في الأسواق الناشئة الأخرى مثل روسيا وجنوب أفريقيا بموطئ قدم في السوق الهندية. وتتطلع الشركة، التي تعتبر ثامن أكبر شركة سيارات صينية ولا تقيم أي شراكة مع شركات أجنبية، إلى إنشاء مصنع في إحدى الولايات الثلاث غوجوارات أو تاميل نادو وماهاراشترا ويتوقع أن تحسم أمرها قريبا. وبعد بدء إنشاء المصنع بداية العام المقبل تخطط شركة «غريت وول موتور» لطرح أول سيارة رياضية لها في الهند بنهاية عام 2015. وقد التقى مسؤولون في الشركة بأصحاب شركات السيارات الهندية للاتفاق على التفاصيل. وبهذه المناسبة قال فيشنو ماثور، المدير العام لاتحاد مصنعي السيارات الهندية: «الصين دولة التقاء، وقادرة على تلبية طلبات الأسواق».

في الوقت الحالي، هناك منتجون صينيون فقط في سوق السيارات الهندية، التي تم تجديدها وبيعها تحت أسماء هندية. وهذان المنتجان يتألفان من السيارة «زوتي نوماد» المدمجة «1» و«2» التي أعيد تعديلها وبيعها تحت اسم «برمبير ريو» و«غواندونغ فوداي إكسبلورر» الرياضية التي أعيد تصميمها وبيعها السوق الهندية تحت اسم «فورس وان». وفي قطاع السيارات التجارية في السوق الهندية، تم إنتاج «هندوستان وينر»، التي تم بناؤها وتطويرها في الأساس من قبل شركة السيارات الصينية «شاندونغ شيفنغ». واستغلالا للقدرات التي تتحلى بها سوق السيارات الناشئة، استثمرت شركة السيارات الصينية «بيكي فوتون موتورز»، مؤخرا، مبلغا ضخما في الهند (380 مليون دولار) وحصلت على أرض لبناء مصنع في ولاية ماهارشترا غرب الهند. وتنتج «فوتون» سيارات تجارية تضم شاحنات وحافلات. وتقوم أيضا بتصنيع حافلات وسيارات رياضية. وتقيم شراكة مع شركة «ديملر إيه جي» لصنع سيارات تجارية.

وقد عقدت «بيكي فوتون موتورز» اتفاقا مع شركة «كومينز إنديا» لصنع محركات في الهند وتصديرها إلى الصين منذ عام 2009. وتعد شركة «فوتون كومينز إنجن» أضخم شركة في العالم لإنتاج المحركات، وهي شراكة بنسبة 50:50 بين الشركتين وتنتج محركات الخدمة الخفيفة للسوق الصينية.

ويتوقع أن يهز وصول شركات صناعة السيارات الصينية سوق السيارات الهندية التي تسيطر عليها شركات كبيرة مثل «ماهيندرا آند ماهيندرا» و«تاتا موتورز» وعدد من شركات السيارات الأجنبية مثل «سوزوكي» و«تويوتا» اليابانية و«جنرال موتورز» و«فورد» الأميركية و«هيونداي» الكورية و«بي إم دبليو» و«ديملر» الألمانيتين و«سكودا» التشيكية و«فيات» الإيطالية.

وتدرس الشركة الصينية «فيرست أوتوموتيف ووركس (إف إيه دابليو)»، التي دخلت حاليا في اتفاق شراكة مع إحدى الشركات الهندية التي تبيع أجزاء السيارات المستخدمة في تصنيع الحافلات والشاحنات وتقع في مدينة كلكتا؛ ولايتي البنغال الغربية وغوجورات الهنديتين باعتبارهما موقعين محتملين لإنشاء أول مصنع لها في الهند، الذي سيكون صيني الملكية بالكامل وليس مشروعا مشتركا، وذلك بحسب ما كشف عنه مؤخرا زانغ ليزونغ القنصل الصيني العام في كلكتا، الذي قال: «إن شركة (إف إيه دابليو) تفكر في بناء مصنع سيارات في الهند، وقد تم وضع كل من ولايتي البنغال وغوجورات قيد الدراسة».

ومن شأن الدخول إلى الهند أن يمكن شركتي «فوتون» و«غريت وول» من الاستفادة من سوق تمر حاليا بمرحلة تباطؤ، إلا أنه من المتوقع أن تصبح من أكبر الأسواق في العالم بنهاية العقد الحالي. وفي إطار التوسعات الجارية في أنظمة النقل بالمدن الهندية، قامت شركة «زوزو إلكتريك لوكوموتيف كومباني ليميتد»، التي تعد من كبريات شركات صناعة السيارات في الصين وهي إحدى الشركات التابعة لشركة «تشاينا ساوث لوكوموتيف آند رولينغ» (سي إس آر)، مؤخرا بتوقيع عقد لتوريد قطارات مترو الأنفاق إلى الهند.

ولكي لا تتخلف عن الركب، بدأت شركات تصنيع مكونات السيارات هي الأخرى في القدوم إلى الهند، مثل شركة «ياب زوم أوتوموتيف سيستمز»، وهي عبارة عن مشروع مشترك بنسبة 51 إلى 49 في المائة بين شركة «ياب لأجزاء السيارات» التي يقع مقرها في مدينة يانغ زو وشركة «زوم للتطوير» التي يقع مقرها في مدينة مومباي. وقد بدأت هذه الشركة في الإنتاج داخل وحدة تصنيع خزانات الوقود البلاستيكية التي تملكها في «منطقة فورد الصناعية للموردين الجدد». وقد أكدت شركة «ياب زوم أوتوموتيف» أنها حصلت على عقد تجاري لتصنيع الموديلين «فييستا» و«فيغو» من شركة «فورد»، بالإضافة إلى أنها المورد الوحيد للموديلين «فولكس بولو» و«سكودا فابيا»، كما وصلت إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات مع شركات أخرى لصناعة السيارات. غير أن الصينيين يواجهون عقبتين؛ هما الالتزام باللوائح، وحقوق براءة الاختراع المعمول بها في الهند، وفي حين أن الالتزام باللوائح الهندية كان أسهل، فإن قواعد براءات الاختراع قد تمثل عقبة كبرى في ظل تقليد كثير من شركات التصنيع الصينية أسلوب شركات التصنيع الناجحة مثل «بي إم دابليو» و«مرسيدس».

ويلاحظ المحللون في مجال السيارات أن الصينيين يتدفقون من أجل إقامة نشاط تجاري في الهند، ليس بهدف بيع سياراتهم هناك فحسب، بل إن خطتهم النهائية هي استغلال انخفاض تكاليف الإنتاج في الهند من أجل تصدير سياراتهم، على غرار ما حدث مع سيارة «سوزوكي ماروتي» وسيارات «هيونداي». ولا يتفوق على الهند سوى الصين في ما يتعلق بالنمو، وتود شركات التصنيع الصينية أن تستغل هذه الفرصة لتحقيق مكاسب ضخمة، ذلك أن الطلب في الصين دائما ما يكون أعلى من العرض، مما يعني أن شركات التصنيع الصينية تحتاج إلى مصانع ضخمة لتلبية الطلب المحلي وأكثر قليلا من أجل التصدير، وهو أمر بعيد المنال إلى حد بعيد. ومن المؤكد أن الصينيين يعرفون ما يفعلون، ويبدو أن موجة التصنيع الصينية التي تستعد لأن تصل إلى الهند قريبا جدا، ستشكل التحدي الأضخم لشركات التصنيع المحلية.