مبيعات سوق السيارات المستعملة تتجاوز الجديدة في الهند

في حصيلة جانبية لحالة التباطؤ الاقتصادي

معرض للسيارات المستعملة في نيودلهي
TT

رغم أن مبيعات السيارات الجديدة في الهند في تناقص مستمر، فإن سوق السيارات تبقى منتعشة في جزء منها هو مبيعات السيارات المستعملة.

تبعا لأحدث الإحصاءات المتوفرة من وكالة كريسيل (Crisil) الهندية للأبحاث، زادت مبيعات السيارات المستعملة في الهند بمعدل نمو سنوي وصل إلى 24% في عامي 2012 - 2013. فقد بلغت مبيعات هذه السيارات ما مجموعه 3.22 مليون سيارة متخطية بذلك مبيعات السيارات الجديدة التي بلغت 2.5 مليون سيارة فقط.

وقد أثر الاقتصاد الهندي سلبا على مبيعات السيارات الجديدة في تطور صب في صالح تجار السيارات المستعملة وبالفعل شهد العام المالي الماضي رواجا ملحوظا في وقت تبدو فيه الحصة السوقية للسيارات المستعملة بديلا متاحا في مواجهة التباطؤ الاقتصادي.

لسنوات عدة، تخطى نمو سوق السيارات في الهند نظيرتها في دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية وساعد على ذلك توفر القروض الميسرة وزيادة دخل المواطنين. بيد أن مبيعات السيارات شهدت تراجعا في الآونة الأخيرة بسبب النمو الاقتصادي المتباطئ أضف إلى ذلك أن تكاليف الاقتراض ارتفعت بنسب عالية بسبب معدلات التضخم المتسارعة ما دفع البنك المركزي الهندي إلى رفع أسعار الفائدة على الاقتراض مرات متتالية خلال السنوات القليلة الماضية. وإضافة إلى ذلك زادت أسعار الوقود بشكل كبير أيضا مع اتخاذ الحكومة الهندية قرارات برفع الرقابة عن أسعار البنزين وتحرير أسعار الديزل.

وعليه شهد عام 2013 انخفاض مبيعات السيارات في الهند إلى أدنى معدلاتها خلال عشرة أعوام، وقد كشفت تقديرات جمعية مصنعي السيارات الهندية أن حجم سوق السيارات المستعملة سوف يصل إلى ضعف حجم سوق السيارات الجديدة بحلول عام 2018.

وتتوقع وكالة «كريسيل» الهندية للأبحاث أن تنمو سوق السيارات المستعملة بمعدل 22 إلى 24% ليصل عدد السيارات المتداولة في تلك السوق إلى 7.7 مليون وحدة خلال السنوات المالية 2012 - 2017. في الوقت الذي سيبلغ فيه عدد السيارات الجديدة المتداولة في السوق نحو 4.3 مليون وحدة.

وقد باعت شركة ماروتي سوزوكي، المحرك واللاعب الرئيسي لسوق السيارات المستعملة، 231.000 وحدة خلال 2012 - 2013، معتبرة أن معدل تداول السيارات مؤشر على زيادة نسبة المبيعات الإجمالية لديها. وقد زادت نسبة السيارات المستعملة التي باعتها ماروتي سوزوكي من 12% منذ عام مضى إلى 18% خلال السنة المالية 2013 - 2014. والملاحظ أن مبيعات ماروتي سوزوكي من السيارات الجديدة خلال نفس الفترة شهدت تراجعا نسبته 7%.

وهناك إقبال كبير من مستهلكي السيارات المستعملة على طرز ماروتي سوزوكي المعروفة مثل «واجن أر» و«سويفت» و«التو»، بالإضافة إلى طرز هيونداي مثل «سانترو» و«هيونداي أي 10» و«أي 20».

يقول كومار كانداسوامي، كبير المديرين ومسؤول التصنيع في فرع شركة «ديلويت توش توهماتسو» في الهند، بأن «الكثيرين من الذين يشترون السيارات لأول مرة يلجأون إلى شراء السيارات المستعملة».

وتضيف سلسلة الاختيار الأول للسيارات التابعة لشركة «ماهيندرا آند ماهيندرا» لتصنيع السيارات 100 منفذ بيع سيارات مستعملة سنويا كي تتوصل إلى مجاراة الطلب المتزايد على السيارات المستعملة.

وبدءا من شهر مارس (آذار) المقبل، سوف تزيد الشركة عدد منافذ بيع السيارات المستعملة من 350 لتصل إلى 1.200 بحلول عام 2019. مما يرفع عدد السيارات المستعملة المخصصة للبيع من 65.000 وحدة هذا العام إلى 100.000 وحدة بحلول عام 2015 يوفرها 500 منفذ.

يقول راجيف دباي، المسؤول بشركة «ماهيندرا آند ماهيندرا» بأن «جودة السيارة وسعرها يمثلان المحركين الرئيسيين لدى الراغبين في شراء السيارات المستعملة. ولا يعني رغبة بعض الأشخاص في شراء سيارة مستعملة أنهم عملاء من الدرجة الثانية في سوق السيارات، فربما تكون المرة الأولى التي يشتري فيها ذلك الشخص سيارة. لكن تبقى حقيقة أن سوق السيارات المستعملة في الهند أضحت سوقا ضخمة».

وقد باعت شركة تاتا موتورز 96.827 وحدة بعد تفعيل برنامجها لبيع السيارات المستعملة. كما تبنت شركة «هيونداي موتور ليمتد الهند»، ثاني أكبر مصنع للسيارات من حيث عمليات البيع، نفس الاتجاه.

ويقول جاغديش ختتار، رئيس والعضو المنتدب لشركة «كارنيشن أوتو» بأن «عدد الأشخاص الذين يقبلون على شراء السيارات المستعملة يفوق عدد الذين يبيعون سياراتهم القديمة، ففي مقابل بيع سيارة جديدة واحدة يوميا يباع 1.2 سيارة مستعملة». وتخطط «كارنيشن أوتو»، التي تدير شبكة ضخمة من السيارات المستعملة للكثير من العلامات التجارية، لفتح 200 معرض سيارات بحلول 2013 - 2015. كما تخطط شركة «تويوتا كيرلوسكار أوتو»، الفرع الهندي لشركة تويوتا موتورز اليابانية، لتوسيع شبكتها من صالات بيع السيارات المستعملة إذ تنوي زيادتها من 50 إلى 65 صالة بنهاية 2013. ويتوقع فرع هوندا اليابانية في الهند: «هوندا انديا»، أن تبيع الشركة نحو 1.000 سيارة مستعملة في العام المالي الحالي من خلال تفعيل برنامجها «هوندا أتوا تراس» (Honda Auto Terrace). كما تطرح الكثير من شركات السيارات المستقلة خدمة بيع السيارات المستعملة عن طريق مواقعها على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى أن الشركات الكبرى تستعد لفتح صالات بيع جديدة مثل «كارنيشن أوتو» التي تخطط لفتح 50 صالة بيع للسيارات المستعملة بحلول مارس 2014.

ويقول سوفاجاتي كارماكار، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه إل دي أوتوموتيف» العاملة في مجال تأجير سيارات الكثير من العلامات التجارية، بأن «تكلفة شراء سيارة جديدة ارتفعت مؤخرا بشكل كبير بسبب زيادة الرسوم المفروضة على الإنتاج وضرائب الطرق. بينما يبدو شراء سيارة مستعملة خيارا جيدا لدى الكثيرين. وتتزايد أعداد الأسر الهندية التي تسعى لشراء سيارة مستعملة».

كما اتجه عدد من مصنعي السيارات الفارهة، من بينها أودي ومرسيدس بنز، إلى دخول سوق السيارات المستعملة لتقديم تلك الخدمة لقطاع عريض من المشترين الذين يشكل سعر السيارة مصدر قلق لهم. وتفرض الهند رسوما جمركية بنسبة 100% على السيارات الفارهة فيما يتسبب التناقص السريع في قيمة العملة الهندية إلى زيادة مستمرة في سعر السيارة فارهة. كما يؤدي تزايد أعداد الأشخاص الذين يبدلون سياراتهم القديمة بأخرى جديدة بمعدل عامين في المتوسط إلى تزايد حجم المعروض من السيارات المستعملة، وهذا ما يجعل سعر السيارة الفارهة المستعملة لا يتجاوز نصف سعر نظيرتها الجديدة.

وتتوقع أودي الهندية، التي دشنت برنامجها للسيارات المستعملة في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2012. أن تبيع نحو 700 مركبة بحلول نهاية عام 2013. أما مرسيدس بنز الهندية فتبيع نحو 100 وحدة شهريا، كما تمتلك بي إم دبليو الهندية 10 معارض مخصصة لبيع السيارات المستعملة في شتى أنحاء البلاد.