تيسلا «إس» الكهربائية هل تصبح نموذجا لسيارة المستقبل؟

المنافسة الأميركية الأبرز في قطاعها للشركات الألمانية

TT

إلون ماسك أميركي يهوى التقنيات على أنواعها، الرقمية منها والإلكترونية، مرورا بجميع ما يمت إليهما من كهربائيات واتصالات ومركبات... ولكن هوايته الأولى هي صناعة الصواريخ والمركبات الفضائية، سواء كانت لحساب الوكالة الأميركية للفضاء والطيران (ناسا)، أو الشركات العالمية الخاصة التي بدأت تغزو، بدورها، هذا المجال.

وفي الآونة الأخيرة إلون ماسك أضاف إلى هوايته توجها آخر هو صناعة السيارات الكهربائية بالكامل والعاملة على البطاريات فحسب. ماسك يعتبر هذه التقنية عماد سيارات المستقبل وعمودها الفقري، ويؤكد أن السيارات التي تعمل على الوقود العادي، وحتى على غاز الهيدروجين، لن تستطيع مستقبلا منافسة الكهرباء بعد أن تنضج تماما هذه التقنية.

وفي سياق هذا التوجه أطلق ماسك سيارة كهربائية جديدة سماها «تيسلا»، وهذه السيارة ولدت فكرتها في «هاوثرون»، إحدى ضواحي مدينة لوس أنجليس الأميركية، حيث مقر شركة «سبايس إكس» التي يصمم فيها ماسك صواريخه الكبيرة، ومركباته الفضائية ويشرف على بنائها.

تجميع سيارات «تيسلا» الكهربائية تجري حاليا في منطقة «فريمونت» في ولاية كاليفورنيا الأميركية وذلك في مصنع يعد من أكبر مصانع السيارات في العالم، فعندما كادت شركة «جنرال موتورز» (جي إم) تعلن إفلاسها في عام 2009. تم إغلاق هذا المعمل الذي كانت «جي إم» تتشارك شركات أخرى في ملكيته، فسارع ماسك إلى شرائه بمبلغ 42 مليون دولار فقط. أما مقر الشركة الرسمي فيقع في مدينة «بالو التو» وسط ما يعرف «بوادي السليكون» في كاليفورنيا.

آنذاك بدت الأمور مواتية لتطوير ماسك سيارته الجديدة تيسلا «موديل إس»، فقد كانت أحدث إنتاجات السيارات العاملة بالكهرباء إضافة إلى كونها سيارة تختلف عن مثيلاتها بالمواصفات النوعية والقوة ومدى سيرها... وسعرها أيضا. ولأنها اعتمدت سيارة رائدة لعائلة سيارات «تيسلا»، منحت خاصية مختلفة تماما عن سائر خاصيات السيارات الكهربائية الأخرى، سواء على صعيد القوة، أو السرعة، أو المدى، أو التسارع، أو الجودة... إلى آخر ما هنالك من أوصاف، فهي، على سبيل المثال، أسرع في مجال التسارع حتى من سيارة «بورشه 911 كاريرا» إذ تنطلق من نقطة الثبات إلى سرعة 62 ميلا في 1.7 ثانية.

يقول الخبراء بأن السيارة الكهربائية الكاملة - أي غير الهجين - فشلت حتى الآن في إقناع المستهلك بشرائها لسبب بسيط، هو إثبات أفضلية التقنية الجديدة على التقنية التقليدية، فالسيارة الكهربائية بدأت مسيرتها منذ عام 1909 أي مع تصميم شركة «بايكر إلكتريك» لسيارة كهربائية في مرأب صغير في أميركا يدعى «لينو». وكان مداها - بين شحنة بطارية وأخرى – نحو 100 ميل أو أكثر بقليل. مع ذلك فشلت في إقناع المستهلك بحسناتها. إلا أن «موديل إس» استطاع إقناع الكثيرين بالتخلي عن السيارات التقليدية لمصلحة السيارة الكهربائية على اعتبار أنها تمثل قفزة نوعية ملموسة على كافة الصعد بعد أن توصلت إلى تذليل الكثير من المشكلات والعقبات القديمة، سواء على صعيد إقامة شبكة واسعة من محطات شحن البطاريات على غرار محطات الوقود الحالية، وكانت الخطوة الأولى، على هذا الصعيد جاءت الخطوة الأولى من ماسك نفسه الذي أقام شبكة من هذه المحطات على طول الساحل الغربي للولايات المتحدة، على أن تبدأ من حدود المكسيك في الجنوب لتنتهي شمالا عند الحدود الكندية، وربما إلى ما بعدها أيضا. ويمكن لكل نقطة شحن أن تزود «تيسلا» بشحنة لمسافة 130 ميلا خلال 20 دقيقة فقط، المدة الكافية لتناول فنجان قهوة.

أما العقبة الأخرى التي حل عقدتها ماسك فقد كانت عقدة المدى، فـ«موديل إس» يمكنه أن يقطع مسافة 260 ميلا بعملية شحن تدوم 6.75 ساعة، علما بأن بعض الذين جربوها يعتبرون أن الرقم الرسمي، أو الأكثر دقة، هو 240 ميلا. وفي كل الأحوال تعتبر هذه الأرقام كبيرة لم يعهدها عالم السيارات من قبل.

ومن التجهيزات التقنية الحديثة في هذه السيارة شاشة مثبتة في لوحة القيادة تعمل باللمس تؤمن التواصل مع الإنترنت، وخرائط «غوغل»، وملاحة بالأقمار الصناعية، فضلا عن أجهزة تحكم بكل الأمور الأخرى في السيارة بلمسة إصبع. كما أن الكثير من المرافق الأخرى، كنظام الموسيقى مثلا أو البحث عن المطاعم والمقاهي، يعمل بالأوامر الصوتية. إذ يكفي أن يطلب السائق من السيارة أن تبحث عن مطعم أو مقهى ما حتى تظهر خريطة تبين له أقرب هذه المواقع له.

إلا أن مشكلة هذه السيارة بالنسبة للكثير من المستهلكين يبقى سعرها المرتفع البالغ اليوم 100 ألف دولار. ولكن هذه السيارة التي تعمل بسلاسة ومرونة كبيرتين من دون أن يصدر عنها أي صوت أو هدير ستتوفر منها أنواع أخرى أرخص سعرا، أي بحدود الـ50 ألف دولار، بحلول عام 2015، ولكن مواصفاتها ستكون دون مواصفات «موديل إس».

تجدر الإشارة إلى أن تيسلا تعتبر المساهمة الأميركية الأبرز قي قطاع السيارات الكهربائية بالكامل في وقت تتسابق فيه شركات السيارات الألمانية على إنتاج سيارات تلبي متطلبات الاتحاد الأوروبي بالنسبة لمعدل بث عوادمها لغاز ثاني أكسيد الكربون.

وعلى هذا الصعيد تبدو الحكومة الألمانية أكثر الحكومات الأوروبية التزاما بمستقبل السيارة الكهربائية بالكامل بعد أن كشف وزير النقل الألماني، ألكسندر دوبرينت، عن عزم حكومته التوسع في إنتاج السيارة الكهربائية في ألمانيا على أسس قانونية معربا عن اعتقاده بأن السيارات الكهربائية «الناضجة تكنولوجيا قادرة تماما على أداء وظيفتها وقيادتها تمثل متعة».

وتخطط الحكومة الألمانية أن تشغل في شوارع ألمانيا قبل عام 2020 مليون سيارة كهربائية «بجميع أنواعها المختلفة».

* تيسلا موديل إس في سطور:

* مركبة هاتشباك فخمة بخمسة أبواب

* مدى السير بشحنة واحدة: 240 ميلا

* كفاءة البطارية: ثماني سنوات أو 125 ألف ميل

* التسارع من صفر إلى سرعة 62 ميلا/ 6.2 ثانية

* السرعة القصوى: 120 ميلا في الساعة