السيارات البيئية تعاني من أعباء تقنيتها.. وإعراض المشترين عن تحمل كلفتها

شروط الاتحاد الأوروبي «للسيارة الخضراء» بين سندان الإنتاج ومطرقة التسويق

«بي إم دبليو X6» هل ترى النور هذا العام؟
TT

لم تعد مخططات إنتاج السيارات صديقة للبيئة تواجه معارضة الشركات المصنعة للسيارات الفارهة والمتعددة الاغراض SUV، بل أيضا بلامبالاة المستهلك الاوروبي بهذا التحول النوعي في الانتاج. وكان تهديد رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بفرض غرامات مالية باهظة على شركات صناعة السيارات، إذا تجاوز معدل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون من عوادم سياراتها النسب المسموح بها، ولو بعدة غرامات، قد أبرز ضرورة تسريع مسيرة تأقلم انتاج شركات السيارات الاوروبية مع القيود البيئية للاتحاد الاوروبي.

ورغم ان معارض السيارات التي اقيمت العام الماضي تميزت بظاهرة إبراز العديد من الشركات اهتمامها بسياسة الحفاظ على البيئة عبر عرض طرازات صديقة للبيئة، فقد كان اللافت في هذه المعارض برودة اهتمام روادها بالسيارات البيئية لسبب رئيسي، كما يبدو، هو ثمنها الباهظ مقارنة بثمن السيارات العادية.

تعتبر المؤسسات الاستشارية للعديد من شركات السيارات، ان صداقة البيئة تطور يتوقعه مشترو السيارات «كأمر طبيعي» في سياق الانتاج الجديد، لذلك يأنفون دفع المزيد من الاموال على السيارات المحابية للبيئة. ويقول عدد كبير من تجار السيارات، إن الكلفة العالية للسيارات صديقة البيئة تدفع عددا كبيرا من المشترين المحتملين للاحجام عن الشراء، خصوصا ان «سيولة» المشترين لم تعد بالوفرة التي كانت عليها في السنوات القليلة الماضية، فيما ترتفع باطراد اسعار السيارات، لا سيما الهجين منها.

وكان استطلاع أجراه فريق أبحاث تسويق في المانيا قد أظهر أن 11 في المائة فقط من المشترين الجدد للسيارات يفكرون بشراء سيارة هجين فيما تعزف الغالبية عن الشراء بسبب ارتفاع السعر، إذ أعرب ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع عن استعدادهم لشراء أكثر المحركات صداقة للبيئة شريطة ألا يكلفهم هذا أكثر من سعر الطرازات العادية. وقد أكد هذه الظاهرة «اتحاد السيارات الألماني» في اعلانه، في منتصف ديسمبر (كانون الاول) الماضي، إنه «من غير المستغرب أن تكون مبيعات السيارات الموفرة للوقود منخفضة» بعد أن اثبتت نتائج اختبارات أجراها على 11 سيارة مقتصدة في استهلاك الوقود، ان السيارات المزودة بتكنولوجيا توفير الوقود ما زال ثمنها مرتفعا للغاية، ففي حالة السيارة «فورد فوكس إيكونيتك» يتعين على صاحب السيارة أن يقطع 185 ألف كيلومتر لكي يعوض الفارق الإضافي في السعر الذي دفعه مقابل التكنولوجيا الموفرة للوقود، كما يتعين على صاحب سيارة «فولكسفاغن بولو بلوموشن»، الأغلى بـ 850 يورو عن سيارة «بولو ترندلياين» العادية، أن يقودها لمسافة تصل إلى نحو 100 ألف كيلومتر قبل أن يعوض فارق الثمن.

أما الاستثناء الوحيد الذي ذكره الاتحاد، على هذا الصعيد، فيعود الى سيارة «سيات أيبزا 1.4 تي دي إي» الأرخص بنحو 800 يورو من النسخة الديزل منها.

وتتحدث اوساط صناعة السيارات عن العديد من الطرازات الجديدة، خصوصا تلك التي تعمل بمحركات الديزل والكهرباء، مثل بورشه كايين، والكثير من السيارات صديقة البيئة من انتاج الشركات التي تصنع السيارات الفارهة، مثل فورد واوبل، لم تطرح للبيع بعد. وثمة أنواع أخرى مثل «اكس 6» التي كشفت النقاب عنها شركة «بي إم دبليو» العام الماضي على أمل ان تطرح هذا العام في الاسواق، قد لا تصل إلى مرحلة الانتاج التجاري.

وعلى صعيد آخر تظهر استطلاعات حديثة للرأي أجريت في المانيا، أن الشركات التي تنتج سيارات رخيصة الثمن تعمل إما بالديزل أو بالغاز، والسيارات الهجين المزودة بمحركات تعمل بالبنزين وبمحرك كهربائي احتياطي، تثير قدرا كبيرا من اهتمام المشترين، لا سيما في أوروبا. لكن هذه الشركات غير مستعدة لتقديم تخفيضات على أسعار السيارات صديقة البيئة التي تنتجها.

ورغم ان الراغبين باقتناء سيارات جديدة بدأوا، في الآونة الاخيرة، يأخذون في الحسبان الآثار البيئية للسيارة أكثر بكثير من ذي قبل، فهم يشعرون بالحيرة حيال الكم الكبير المعروض عليهم من تكنولوجيا خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، ويترددون في اتخاذ قرار الشراء قبل التأكد من حصولهم على أفضل العروض لسيارة تجمع بين الجدوى المالية والتقنية.

وقد ظهر هذا الاتجاه بوضوح في استطلاع أجرته العام الماضي مؤسسة المانية شمل 3600 مشتر محتمل للسيارات من أوروبا والولايات المتحدة، فقد أظهر الاستطلاع ان الزبائن يلحون في طلب المعلومات التي تساعدهم على اتخاذ قرار الشراء بين مجموعة من التقنيات الجديدة عليهم والمربكة احيانا. وبحسب تقرير يستشرف سوق السيارات الهجين أصدرته شركة «رنكوس»، ومقرها الهند، فإن مبيعات السيارات الهجين في اوروبا بلغت نحو 39800 وحدة عام 2006، استأثرت تويوتا بـ 90 في المائة منها. وتتوقع «رنكوس» أن تتجاوز مبيعات السيارات الاوروبية الهجين الرقم 49500 وحدة عام 2012.