الصناعة الألمانية لا تزال السباقة.. في حلبة سيارات السباق

«مرسيدس إس إل آر ماكلارين» و«بورشه كاريرا جي تي».. سيارتان تتنافسان على موقع مميز واحد

بورشه «جي تي» («الشرق الأوسط»)
TT

يعتبر مراقبو صناعة السيارات ان اغلبية الشركات المتخصصة في انتاج السيارات الرياضية السريعة ـ الاوروبية في الدرجة الاولى والاميركية في الدرجة الثانية ـ تنتج عادة سيارات رائعة مخصصة لشريحة معينة ممن يهوى القوة والسرعة ولا يهمه كثيرا سعرها المرتفع نظرا الى التقنيات العالية التي تنطوي عليها. ولكن هؤلاء يعتبرون سيارتين أوروبيتين من هذه الفئة من السيارات الرياضية بانهما متميزتان فعلا عن السيارات الاخرى التي قد يتفوق البعض منها بالقوة والسعر عليهما. انهما «بورشه كاريرا جي تي» و«مرسيدس ـ بنز إس إل آر»... وهذا التميز قد يكون ناجما عن أن كلا المركبتين من صنع الماني صميم، وان كلتيهما متقاربتان في المواصفات والاسعار، علما انه عندما أخضعتا لاختبارات قاسية تساويتا في الانجاز، حتى انهما وصلتا الى خط النهاية معا عندما قام سائقو التجارب باختبار سرعتاهما على حلبة التجارب. تعتبر سيارة «بورشه كاريرا جي تي» من اكثر المركبات قوة وتطورا، خاصة على صعيد التصميم التقني والهندسي. ولدى طرحها في الاسواق لاول مرة منذ سنوات (الطرازات الاولى منها)، اثارت اهتماما واسعا في أوساط عشاق السيارات الرياضية السريعة، حتى ان عدة شركات لصناعة السيارات اقتنت نماذج منها للاطلاع على تفاصيلها. وهي كسيارة «أودي آر 8» (راجع ملحق السيارات الاسبوع الماضي)، المركبة الالمانية الجديدة الاخرى، يقع محركها وسط الهيكل تعزيزا للتوازن والثبات لدى التعاطي مع المنعطفات الحادة بالسرعات العالية.

وكان محرك بورشه «في 10» سعة 5.5 ليتر الذي يولد 612 حصانا من القوة المكبحية قد صمم اصلا ليستخدم في مؤخرة سيارة سباق خاصة ببورشه تشترك في سباق لومان السنوي للتحمل الذي يدوم عادة نحو 24 ساعة على مدار النهار والليل. لكن في الدقيقة الاخيرة ارتأت ادارة قسم السباقات في هذه الشركة الالمانية العريقة، استخدام محرك اصغر مشحون توربينيا واستغنت عن هذا المحرك الثوري. غير انه سرعان ما قام قسم السباقات بتسليم المحرك الى الاقسام الاخرى المعنية بانتاج مركبات «بورشه» الرياضية التي تسير على الطرقات العادية، والتي عليها ان تتقيد بانظمة التلوث الصارمة، والاقلال من بث عوادمها لغاز ثاني أوكسيد الكربون مما يعني اضافة المزيد من القطع الى هذا المحرك للتحكم بالانبعاثات الضارة ، فكانت النتيجة ان ازداد حجم المحرك الى سعة 5.7 ليتر، مع ما يعنيه ذلك من ازدياد قوته ايضا.

يقول سائقو الاختبار الذين قادوا هذه السيارة بمحركها المتطور انها تنطلق كالصاروخ على الطرقات المستقيمة وتلتف وتناور كالطائرة لدى اجتيازها المنعطفات. وهي دائما جاهزة لتقديم المزيد من القوة والتسارع لسائقها عندما يطلب ذلك، مصحوبا «بزئير يهدر مع تنامي قوة المحرك وسرعته»، كما جاء في وصف احد هؤلاء السائقين. الا ان المأخذ الوحيد على السيارة كان تباطؤ قوة المحرك لدى التغيير من سرعة ترسية الى اخرى، والسبب ان القابض (كلتش) المصنوع من الخزف (السيراميك) من الكفاءة وخفة الوزن بحيث كان لا يستطيع الاستمرار في التدويم. ومثل هذه الخاصية تتصف بها ايضا سيارات الفورميلا واحد.

السيارة بايجاز جوهرة ميكانيكية تجمع بين التصميم الهندسي والفن الرفيع بحيث لا يمكنك بأي شكل من الاشكال رسم خط رفيع يفرق بينهما، كما لو ان السيارة نحتها الفنان هنري مور، وهندسها فيرنر فون براون مهندس الصواريخ الالماني الاصل ايضا الذي، بجهوده، وصل الاميركيون الى القمر.

وتفيد مصادر مطلعة على قطاع السيارات الالماني ان سيارة بورشه القادمة ستكون افضل منها ايضا وستستخدم تقنية مختلفة تماما. ويبقى القول ايضا ان السرعة القصوى لهذه السيارة المدهشة تصل الى 205 اميال (330 كيلومترا في الساعة) بتسارع يبلغ 3.9 ثانية لدى الانطلاق من سرعة الصفر الى سرعة 100 كيلومتر في الساعة. وهو تسارع يقارب تسارع سيارات سباق الفورميولا واحد. وناقل سرعتها يدوي سداسي السرعات امعانا في اضفاء الصفة الرياضية عليها، وعزم دورانها هو 435 رطل قدم لدى دوران المحرك بسرعة 5750 لفة في الدقيقة الواحدة. اما سعرها فلا تسل، لأنه يبدأ من 330 الف جنيه استرليني فقط وصاعدا.

أما المركبة الاخرى من الفئة ذاتها التي توازيها بالمميزات التقنية فهي «مرسيدس ـ بنز إس إل آر». وكما ذكرنا انفا فان السيارتين ظلتا على حلبة السباق منذ البداية حتى النهاية ندا للند بحيث اجتازا خط النهاية معا. ويقول أحد سائقي الاختبار انه خلال 15 سنة من تجربته لانواع محتلفة من السيارات على الطرق العامة لم يجد سيارتين متشابهتين الى هذا الحد مثل سيارتي بورشه «كاريرا جي تي» ومرسيدس «اس ال آرماكلارين» وعندما صممت «ماكلارين» طراز «إس إل آر» حاولت جهدها ان تجعلها قوية وخفيفة الوزن قدر المستطاع. ولكن اصرار «مرسيدس» على ان السيارة مصممة اصلا للاستخدام اليومي، وينبغي ان تلبي هذا الهدف، اضطر مهندسو شركة «ماكلارين» لان يضيفوا اليها العديد من المكملات التجميلية، مثل السجاد في صندوق الامتعة، واجهزة السلامة الالكترونية، فضلا عن الاضافات الاخرى الخاصة براحة الركاب التي تضفي رونقا خاصا على المقصورة الداخلية، مع لمسات تتعلق بتجميل المظهر الخارجي. وبالفعل جاء هذا الطراز من مرسيدس الفخمة مركبة معدة للاستخدام اليومي، مريحة لركابها وسهلة القيادة، وغير متطلبة، ولا تشترط مهارة عالية في القيادة ـ الامر المطلوب دائما من سائقي السيارات القوية السريعة، وان كانت مكابحها تشعرك احيانا انها تقصر قليلا على السرعات العالية، رغم ان الواقع غير ذلك بتاتا. تستطيع هذه التحفة الميكانيكية الالمانية الثانية، بمحركها «في8» سعة 5439 سنتيمترا مكعبا بقوة 626 حصانا مكبحيا، الانطلاق من سرعة الصفر الى سرعة 100 كيلومتر في الساعة في غضون 3.8 ثانية بعزم دوران يبلغ 575 رطل قدم لدى دوران المحرك بسرعة 3250 لفة في الدقيقة. أما سرعتها القصوى فتصل الى 208 أميال في الساعة. وهي مجهزة بناقل حركة اوتوماتيكي خماسي السرعات. أما سعرها فيبدأ بـ 317.700 جنيه استرليني ويرتفع مع الزيادات المطلوبة.