السيارة الأرخص في صالات العرض .. الأكثر تكلفة على الطرقات

فيما الهند تتحول إلى المنتج الأكبر للسيارة الشعبية في العالم

نانو تاتا.. السيارة الأرخص عام 2008 («الشرق الأوسط»)
TT

تسير الهند بخطى ثابتة على طريق التحول إلى البلد المنتج لأرخص السيارات ثمنا في العالم، فبعد أشهر معدودة ستطرح شركة تاتا موتور الهندية، سيارتها الشعبية الجديدة «نانو تاتا» في الأسواق بسعر لن يتجاوز الـ 2500 دولار. وإذا كانت حملة الترويج لهذه السيارة تركز على أنها ستكون ـ بين السيارات ذات الأربعة أبواب التي تتسع لخمسة ركاب ـ الأرخص في العالم، فإن العديد من الشركات الأخرى يعمل، وفي الهند أيضا، على إنتاج سيارات رخيصة قادرة على منافستها سعريا. وفي مقدمة هذه الشركات تويوتا اليابانية ورينو ـ نيسان الفرنسية ـ اليابانية.

وبعد أن كانت شركة تاتا موتورز وهيونداي انديا وماروتي سوزوكي، تسيطر على سوق السيارات الصغيرة في الهند، بدأت شركات السيارات الأجنبية تدخل في هذا المجال، مما زاد الضغوط على الشركات لصناعة سيارات ارخص، لكنها جذابة. فمن شهر يونيو (حزيران) حتى شهر سبتمبر (أيلول)، أعلنت شركة سكودا المملوكة لفولكسفاغن، أنها ستبدأ في صناعة وبيع سيارة فابيا، وهي سيارتها الصغيرة في الهند. كما أعلنت شركة تويوتا أنها قد تطرح قريبا سيارة صغيرة في الأسواق. فيما تجري شركة رينو ـ نيسان، محادثات مع شركة بجاج لصناعة دراجات «سكوتر»، بشأن مشروع لبناء سيارة رخيصة لا يزيد سعرها على 3 آلاف دولار.

وبدورها أعلنت شركة سوزوكي اليابانية، أنها تخطط لإنتاج السيارة الصغيرة المخصصة للسوق الأوروبية في الهند. وأضافت مصادر الشركة أن إنتاج السيارة الصغيرة ايه ستار سعة 1000 سي سي والمجهزة بخمسة أبواب، سيبدأ اعتبارا من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2008، وستطرح أولا في أوروبا والهند وبعدها إلى باقي الأسواق.

وفيما لم تحدد سوزوكي، بعد، سعر السيارة المنتظرة، حرصت على التأكيد بأن سعرها سيجعلها في كل الأحوال «قادرة على المنافسة».

قد تؤدي المنافسة على السعر الأرخص للسيارات إلى تحويل الهند إلى مركز للأبحاث الخاصة بالسيارة الرخيصة.. لكن السؤال يبقى: إلى متى تدوم شعبية السيارة الرخيصة؟.

العديد من المحللين يشككون في جدوى إنتاج السيارة الرخيصة وحتى في استحقاقها لهذا الوصف بعد أن أظهرت دراسة واختبارات أجراها اتحاد السيارات الألماني، أن السيارات الرخيصة في صالات العرض ليست بالضرورة الأقل تكلفة على الطريق، خصوصا على المدى البعيد، نظرا لتكاليف التشغيل والثمن الذي تباع به كسيارة مستعملة لمشتر آخر.

لذلك، ومع تسليمهم بأن ثمن السيارة عامل حاسم في قرار الشراء، ينصح الخبراء أن يولي المشتري اهتماما أكبر بتكاليف تشغيل السيارة عند الشراء.

ويقول اتحاد السيارات الألماني في مرجع أعده عن 1600 طراز من السيارات الحديثة، انه لا يكفي، أيضا، الأخذ في الاعتبار استهلاك السيارة من الوقود وقيمة الضرائب والتأمينات المتوجبة عليها فحسب، بل كلفة الصيانة والإصلاحات المتوقعة وثمن قطع الغيار وتهالك الإطارات، إضافة إلى أن أحد العوامل الرئيسية في تحديد السعر النهائي للسيارة هو معدل انخفاض قيمتها بمرور الزمن.

ويقول تحليل أعده معهد ألماني متخصص أنه، على سبيل المثال، لا تساوي السيارات الفاخرة سوى 65.6 في المائة من سعرها الأصلي بعد مرور عامين على تشغيلها، في حين أن السيارة المكشوفة تفقد نحو 27 في المائة من قيمتها في نفس الفترة.

إلا أن اتحاد السيارات الألماني يعتبر أنه حصل ما يصفه «انفجار في التكاليف» نتيجة لارتفاع أسعار الوقود في السنوات الأخيرة بصفة رئيسية، فبين عامي 1995 و2006، ارتفعت تكاليف الإصلاحات بنسبة 23 في المائة، في حين ارتفعت أسعار الوقود بنسبة كبيرة بلغت 67 في المائة، علما بأنها عوامل لا يمكن للشركات المصنعة التحكم بها أو التأثير فيها.

لكن هناك عدة سبل يمكن من خلالها للشركات المنتجة للسيارات التأثير في كلفة تشغيل السيارة تبدأ بإطالة فترات الصيانة التي تختلف كثيرا بين شركة وأخرى، فبعض شركات السيارات توصي بالصيانة عند 18 ألف كيلومتر، في حين أن هناك شركات أخرى لا تطلب الصيانة إلا بعد أن تقطع السيارة 30 ألف كيلومتر. وفي هذا السياق تحذر الدراسة الألمانية أصحاب السيارات من السعي لتوفير النقود عن طريق تجنب الصيانة الدورية، فذلك لا يمثل فقط خطرا على السلامة، بل من شأنه أن يزيد من تكاليف الإصلاح نتيجة لإهمال صيانة السيارة.

كما أن أسلوب هندسة أو تركيب السيارة يلعب دورا مهما فالأجزاء التي يمكن فكها وتركيب بديل لها أفضل بكثير من الأجزاء التي يتم لحامها لأنها أرخص سعرا.

خلال السنة المنصرمة كان أكبر عامل مؤثر في زيادة كلفة تشغيل السيارة هو معدل استهلاكها للوقود، فمالك السيارة يمكنه أن يوفر الكثير في استهلاك الوقود في حال اهتمامه بطريقة قيادة سيارته، فبإمكانه، مثلا، أن يخفض هذا المعدل بنسبة تصل إلى 30 في المائة في حال تبنيه لأساليب اقتصادية في القيادة.

من ناحية أخرى، أثبتت الدراسة أن الفارق في الثمن يظهر بنسبة اكبر في فئة السيارات الرياضية، فبنتيجة مقارنة أجرتها بين سيارة بي إم دبليو «إكس 3» وسيارة هوندا «راف»، تبين انه فيما كانت بي إم دبليو أغلى بـ 8800 يورو (12843 دولارا) من هوندا «راف» ـ التي يبلغ سعرها 37400 يورو (54575 دولارا) ـ كان إجمالي تكاليف التشغيل على مسافة تزيد على 60 ألف كيلومتر، نحو 3 آلاف يورو فقط (4378 دولارا)، وتكاليف التشغيل هذه أعلى من تكاليف تشغيل السيارة اليابانية التي يبلغ سعرها، جديدة، 28600 يورو (41740 دولارا).

وفي قطاع السيارات الصغيرة أجريت مقارنة بين سيارة فولكسفاغن «غولف» وسيارة «أوبل أسترا توين بورت». وتباع سيارة «أسترا» في ألمانيا بسعر 18220 يورو (26580 دولارا)، في حين يبلغ ثمن «الغولف» 18545 يورو (27054 دولارا).، وكانت تكاليف تشغيل «أسترا» في مسافة 60 ألف كيلومتر، نحو 37.7 سنت للكيلومتر، في حين بلغت تكاليف تشغيل «الغولف» 38 سنتا للكيلومتر، وسيارة «أسترا» أقل بمقدار 180 يورو فقط (262 دولارا) من الغولف.