«بورشه» تتحول الى أحدث إمبراطورية سيارات وتتطلع لمنافسة «تويوتا»

الحفيد يحيي تراث الجد ويشكل أكبر شركة أوروبية لإنتاج السيارات والشاحنات

«بورشة» 987 بوكستر موديل 2008
TT

لم تقتصر انجازات شركة «بورشة» الالمانية للسيارات على ارتفاع أرباحها الصافية، خلال النصف الأول من العام المالي الحالي (2007/2008 ) من 897 مليون يورو إلى 1.29 مليار يورو، بل على إنجاز أعمق تأثيرا على مستقبل شركة، فبعد ستين سنة على اطلاق جده، فرديناند بورشة، لاول سيارة تحمل اسمه، عاد الحفيد، فرديناند بييخ Piech)) الى «مسقط رأس» سيارة جده: مصانع «فولكسفاغن»، ليجدد ابوته للشركة التي ولدت «بورشة» في رحمها وذلك عبر زيادة حصته في الشركة الام (فولكسفاغن) من 31 % الى 50 %. مجموعة «فولكسفاغن» الألمانية رحبت بإعلان شركة «بورشة» الألمانية للسيارات الرياضية زيادة حصتها في «فولكسفاغن» في ملكيتها وكأنها ترحب بعودة «الاب البار» الى العائلة.. بعد طول غياب.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: من عاد الى من؟ فرديناند بييخ إلى «فولكسفاغن» أم «فولكسفاغن» إلى فرديناند بييخ؟

كائنا من كان العائد تعتبر زيادة حصة «بورشة» في «فولكسفاغن»، كبرى شركات إنتاج السيارات في أوروبا، بداية لعملية اعادة صياغة لصناعة السيارات الاوروبية.

من المعروف ان بورشة كان مخترع سيارة «فولكسفاغن» الشهيرة، «البيتل»، والمؤسس الاول للسيارة الرياضية التي اطلق عليها اسمه. وعلى مدى سنوات طويلة احتفظت الشركتان («فولكسفاغن» و«بورشة») بعلاقات وثيقة. وبالفعل كانت أول سيارة انتجها فرديناند بورشة الجد، أي «بورشة 356» مصنوعة بدرجة كبيرة من قطع غيار سيارة «فولكسفاغن».

ولكن طموح فرديناند بييخ كان دائما ادارة شركة «أكبر من شركة جده»، كما اكد في السابق. و«فولكسفاغن» واسم العائلة والسيولة المالية كانت طريقه لبلوغ هذا الهدف. وقد لا تكون مجرد صدفة ان يرفع بييخ حصة «بورشة» في «فولكسفاغن» الى 50 % بعد ساعات قليلة على إعلانها الاستحواذ على حصة مسيطرة في شركة «سكانيا» السويدية للشاحنات الثقيلة تبلغ نحو 70% من أسهم «سكانيا».. فبدا وكأن «فولكسفاغن» وفرديناند بييخ حققا، في يوم واحد، حلما راود طويلا كلا منهما، على اعتبار أن شركة «فولكسفاغن» كانت تتطلع منذ زمن غير قصير إلى إدماج الشركة السويدية مع شركة «مان» الألمانية لخلق أكبر شركة لإنتاج السيارات والشاحنات في أوروبا.

وكان رئيس «فولكسفاغن» مارتين فينتركورن قد ابلغ الصحافيين في ستوكهولم أن المبلغ الذي دفعته «فولكسفاغن» وهو 4.38 مليار دولار لشراء أكثر قليلا من ثلاثين بالمائة من حقوق التصويت في «سكانيا» هو «سعر عادل لهذه الشركة الفريدة.. الفائقة الأداء».

إلا ان الرابح الاخير من تحقيق الحلمين يبقى فرديناند بييخ، فباستحواذه على أكثرية أسهم «فولكسفاغن» وبصفته عضو مجلس ادارة الشركة المشرف على شركتي «فولكسفاغن» و«مان» ومالك الحصة المسيطرة في شركة «بورشة» ضَمن امتلاك القرار النهائي في المجموعة العملاقة الجديدة، ونجح في توحيد شركتي جده، مؤسسا بذلك امبراطورية السيارات والشاحنات الاكبر في اوروبا إذ تبلغ عائداتها السنوية ـ بما فيها ارباح مبيعات الشركات المملوكة من «فولكسفاغن» ـ مثل «سيات» و«سكودا» و«لامبورغيني» و«بوغاتي» و«بنتلي» ـ 150 مليار يورو.

ورغم ان العديد من الاخصائيين في قطاع السيارات يشككون في قدرة بييخ على تحقيق المزيد من التوسع في امبراطوريته، فان المقربين منه يؤكدون انه ينوي تحويل شركته الى مؤسسة أضخم من شركة «تويوتا» اليابانية، ويذهب بعضهم الى حد القول بانه يرغب في دخول تاريخ صناعة السيارات على قدم المساواة مع هنري فورد، وربما اكثر. وعلى ضوء تخطيط «فولكسفاغن» وحدها لزيادة مبيعاتها إلى ثمانية ملايين سيارة (مقابل 6.2 مليون سيارة باعتها خلال العام 2007) بحلول عام 2011، لا يبدو حلم بييخ بعيد التحقيق.

إلا ان خبير صناعة السيارات الألمانية، فيرديناند دودينهوفير، اعتبر أن «بورشة» اضطرت لشراء الحصة المرجحة بحكم توجه «فولكسفاغن» الى إقامة تحالف صناعي في قطاع الشاحنات.

ولد فرديناند بييخ، البالغ 71 من العمر، في فيينا (النمسا) وانضم الى صناعة السيارات فور تخرجه من معهد الهندسة. ومنذ الستينات حقق نجاحات ملحوظة في «بورشة» و«فولكسفاغن» و«أودي» استحق عليها، عام 1999، لقب مسؤول السيارات التنفيذي الاول في القرن العشرين من قبل مؤسسة دولية للسيارات. وفي شركة «بورشة» ساهم بييخ في تطوير سيارة السباق الشهيرة «بورشة 917»، احدى أفضل السيارات الرياضية أداء.

عام 1948، وبعد انتهاء الحرب العالمية بثلاث سنوات، انتقلت شركة «بورشة» الى غموند (النمسا) لتكون أقرب الى مصادر تموينها بالقطع والتجهيزات، وانتجت مجموعة من السيارات والمركبات الزراعية والمحركات لاوروبا الغربية التي كانت تفتقد الى هذه المعدات. وفي هذه السنة صمم وانتج فيري «بورشة»، ابن المهندس فردييناند بورشة مؤسس شركة سيارات «بورشة»، النموذج الاولي لسيارة «بورشة 356» التي تميزت، آنذاك، بخفة وزنها وسرعتها.

بنيت في غموند نحو 50 سيارة من طراز «بورشة 356» بيع معظمها في النمسا والمانيا. ولا تزال بعض هذه السيارات موجودة لدى مقتني السيارات القديمة في الولايات المتحدة والمانيا.

وفي عام 1949 بنيت أول سيارة «بورشة» كابريوليه من طراز 356. وفي عام 1950 انتقل مصنع «بورشة» الى زوفنهاوزن وبدأ بانتاج طراز 356 واستمر في هذا الانتاج لغاية العام 1965 بحيث بلغ مجموع ما انتجه من هذا الطراز حوالي الثمانين الف سيارة. وفي عام 1951 انتجت «بورشة» طراز «356 إ س» الكابريوليه المزود بمحرك بسيلندرات من الالمنيوم المغطى بمادة الكروم. وفي السنة نفسها كسب طراز «بورشة 356 ـ 002» سباق لومونس الشهير وتوفي فرديناند بورشة (الجد)، عن 75 عاما فتولى ابنه فيري إدارة الشركة.

عام 1952 ادخلت الشركة على سياراتها المحرك «السوبر» (سعة 1488 سنتمترا مكعبا وقدرة 70 حصانا). وفي عام 1953 طرحت «بورشة» للمرة الاولى طراز 356 للبيع في الولايات المتحدة. عام 1955 انتجت «بورشة» نسخة أرخص من سياراتها للسوق الاميركية هي الـ«سبيدستر» التي باعت أكثر من 4100 وحدة منها في خمس سنوات. وفي عام 1955 أنتجت «بورشة» المحرك 1600 وطورت طراز «كاريرا ـ جي إس 547» المعد لسباقات السيارات. عام 1956 انتج مصنع «بورشة» السيارة الرقم 10 آلاف من طراز 356. وفي عام 1957 أدخلت تحسينات واسعة على طراز 356A مطلقة بذلك طرازا جديدا عرف باسم فئة «تي2». وفي عام 1958 بدأت بانتاج الطراز المكشوف المعروف باسم Convertible D كبديل للـ«سبيدستر».

عام 1959 كان آخر عام لانتاج الـ«سبيدستر»، ففي خريف ذلك العام طرحت الشركة طراز «تي 5» وحولت طراز Convertible D الى «رودستر» في هيكل من طراز «تي 5». وفي عام 1961 كلفت شركة «كرمان» بصناعة سقف صلب وثابت لسيارة «بورشة» كابريوليه فانتجت حوالي 1750 وحدة من هذا الطراز على مدى سنتين. وفي عام 1962 انتجت «كرمان» 2170 سيارة «بورشة» كوبيه.

وفي عام 1963 انزلت الى الاسواق طراز C356 المعروف بفئة «تي 6» الى جانب تطوير محرك بقدرة 95 حصانا. وفي عام 1964 طرحت مصانع «بورشة» طراز 911 مؤشرة بذلك نهاية انتاج الطراز 356.