السيارات المستعملة في لبنان سوق رائجة ومزدهرة

ضعف الدولار يحصر استيرادها بأميركا

مشهد مألوف لسيارات مستعملة برسم البيع (تصوير: جوزف ابي رعد)
TT

تشكل السيارات المستعملة في لبنان سوقاً قائمة بذاتها. فأنى اتجهت على الاوتوسترادات الدولية وعلى الطرقات الرئيسية من الجنوب الى الشمال الى البقاع، تجد صفوفاً من معارض بيع السيارات التي تضم كل انواع السيارات المتعددة المنشأ والحجم والعمر، بعضها في صالات في الطبقات الارضية من الابنية، والبعض الآخر في الهواء الطلق مع مكتب جاهز ولافتة وعدد من الموظفين الذين يستقبلون ويشرحون ويعقدون الصفقات. واذا صادف ان ركنت سيارتك في مكان ما فقد تعود لتجد على زجاجك الامامي بطاقة تحمل اسم صاحب معرض وعبارة «اذا كانت للبيع نحن نشتري»، ويذيلها برقم الهاتف. حتى اذا كنت متوقفاً امام اشارة السير الحمراء فقد تجد احدهم يخرج رأسه من شباك سيارته ليسألك ما اذا كنت تنوي بيع السيارة. ومثل هذه الاساليب يستخدمها عادة اصحاب المعارض الذين يعتمدون على السوق المحلية في البيع والشراء.

أما المعارض الرئيسية فهي التي تعتمد على استيراد السيارات المستعملة من الخارج، والذي ينتظم بعضها في نقابة جديدة تسعى الى حماية هذا القطاع وتوفير شروط نموه، وتصحيح ما يعتوره من شوائب، «من دون ان تحقق نجاحاً كبيراً حتى الآن»، كما يقول نقيب اصحاب معارض السيارات المستعملة سمير مبارك لـ «الشرق الأوسط». ويضيف:«ما نطلبه من الدولة هو ان تعاملنا على صعيد الرسوم الجمركية كما تعامل اصحاب السيارات الجديدة. فلو اخذت جيب برادو على سبيل المثال، فإن طراز السنة تبلغ رسومه الجمركية 10 آلاف دولار، اما طراز عام 2007 فتبلغ رسومه 33 الف دولار. اضف الى ذلك اننا ندفع 5 آلاف دولار اقل رسم، مما يجعلنا نمتنع عن استيراد السيارات الصغيرة. كما نبذل جهوداً متواصلة لدى المسؤولين من اجل محاربة الطارئين على المهنة الذين يستوردون السيارات «المضروبة»، فيصلحونها كيفما كان ويطرحونها في السوق، ولا نزال نذكر الحادث الذي تعرض له النائب المرحوم علي الخليل، حيث انشطرت سيارته الى قسمين وتسببت بمقتله».

ويؤكد مبارك «ان موجة السيارات الفخمة المسروقة التي اجتاحت لبنان في الستينات لم تعد تتكرر ويستحيل ان يحصل مثلها اليوم بفعل الاجراءات والتدابير المتخذة سواء في بلدان المنشأ او في لبنان، وفي مختلف المرافىء. غير ان ما يشكو منه بعض اصحاب المعارض هو من اقدام بعض البواخر التي تحمل مستوعبات السيارات المستعملة من بلاد المنشأ، اذا ما تعرضت لعاصفة بحرية، على الالقاء بهذه المستوعبات في البحر من دون اي تعويض، باعتبار ان الباخرة هي وحدها الخاضعة للتأمين. وقد حصلت بضعة حوادث من هذا النوع خلال السنوات القليلة الماضية».

اما ميلاد نعمة، احد اصحاب معرض «اوتو كينو» للسيارات المستعملة، والذي فاز مع شقيقيه زياد وحبيب بجائزة «المقود الذهبي» من «بنك بيبلوس» باعتبارهم افضل فريق لمبيعات السيارات المستعملة، فيقول لـ «الشرق الأوسط»:«قبل كل شيء نحن ملزمون قانونا» ان نستورد السيارات التي لا يتجاوز عمرها 8 سنوات. في السابق كنا نستورد من اوروبا، واميركا، اما اليوم فأغلبية مستورداتنا تتم من الولايات المتحدة، بسبب ضعف الدولار من جهة وارتفاع سعر اليورو من جهة اخرى. حتى ان البعض لم يعد يقصد اوروبا إلا اذا تعذر الحصول على مرامه في الولايات المتحدة، مع العلم ان المانيا وبلجيكا وسويسرا كانت تشهد زيارات مكوكية لها من قبل اصحاب المعارض اللبنانية او من قبل من يخصونهم من المقيمين في تلك البلدان».

ويضيف نعمة:«نحن لا نتكل على اي كان بأن يشتري لنا في اميركا، بل نذهب بأنفسنا، ونحرص على الشراء من المزادات العلنية الموجودة بكثرة في الولايات المتحدة. وتحتاج فترة الشحن الى ما لا يقل عن ثلاثة اشهر، ولم تعد الشحنات تتعرض في مرفأ بيروت لما كانت تتعرض له في خلال الاحداث».

ويؤكد ان اللبناني لا يزال يسعى وراء السيارة الفخمة غير عابئ بانخفاض القدرة الشرائية، وبارتفاع سعر الوقود. وخير دليل على ذلك الطلب المتزايد على جيبات الدفع الرباعي التي تقوى على مجابهة كل صعوبات السير من طرقات محفرة، وتزحيط، وصعود قاس، وثلوج.

ويرى «ان الاستيراد من اليابان مستحيل لان المقود هناك الى اليمين، ولذلك ينحصر الاستيراد بالسيارات اليابانية الجديدة المصنوعة خصيصا للاسواق الخارجية». اما بالنسبة الى السيارات الكورية فيشير نعمة الى انه «من غير المجدي استيراد السيارات المستعملة الكورية من منشأها، لان السيارة الجديدة لا يتجاوز سعرها 10 - 12 الف دولار، فكيف بالسيارة المستعملة، علما ان الرسم الجمركي الذي ندفعه على كل سيارة لا يقل عن 5 آلاف دولار كما اسلفنا».

وتقتضي الاشارة الى ان بعض اصحاب وكالات السيارات الجديدة افتتحوا صالات خاصة لشراء السيارات المستعملة من الزبائن واعادة بيعها من دون الزام البائع بشراء سيارة جديدة بديلا عنها، ومع تسهيلات بالدفع لمدة خمس سنوات. ويعمد اصحاب هذه المعارض الرديفة لمعارضهم الاساسية الى نشر قائمة بما لديهم من سيارات مستعملة مع اسعارها. وفي هذا المجال، يقول مسؤول المبيعات لدى «شركة بسول وحنينه»:«كل فترة ننشر اعلانا بما لدينا من سيارات مستعملة مع اسعارها. فسيارة BMW 735 تطرح بـ 39900 دولار، وBMW 328IA بـ 16900 دولار، واودي A4 بـ 20900 دولار، ومرسيدس 5320 بـ 25900، وبيجو 306 بـ 5900 دولار وقس على ذلك».