انخفاض مبيعات جنرال موتورز وفورد يدفعهما إلى التعاون.. وكرايسلر تسعى إلى شراكة مع «تاتا» الهندية

الطلب على السيارات في السوق الأميركية يتراجع إلى أدنى مستوياته منذ 1993

كرايسلر «فاير باور».. هل تلحق بالجاغوار البريطانية؟ («الشرق الأوسط»)
TT

هل تجمع أسعار الوقود ما فرقته المنافسة التجارية؟ الارتفاع القياسي في اسعار النفط والشعور المتنامي بانه ارتفاع مرشح للاستمرار طويلا، بدأ يبدل مفهوم المستهلك الاميركي الذي اعتاد على اسعار وقود رخيصة، بالمقارنة مع معظم الدول الغربية وهذا الواقع الجديد انعكس معاناة لشركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى في الولايات المتحدة، جنرال موتورز وفورد موتورز وكرايسلر، من التراجع الحاد في مبيعات السيارات الكبيرة الشرهة في استهلاك الوقود ومن اتجاه المستهلكين إلى شراء السيارات الآسيوية والأوروبية الأصغر حجما والأقل استهلاكا للوقود. ولأن جنرال موتورز وشركتي فورد وكرايسلر الاميركيتين المنافستين لها تأثرتا من عامل واحد هو انخفاض مبيعات سيارات الدفع الرباعي متعددة الاستخدامات ذات التجهيزات الرياضية (إس.يو.في)، تحاول الشركات الثلاث الآن التحول إلى إنتاج سيارات أصغر واقتصادية بقدر أكبر.

ويبدو ان الخشية من استمرار هذا التحول الجذري في قطاع السيارات وأسواقها شكل دافعا قويا للشركات الاميركية الثلاث الكبرى الى تجاوز اعتبارات التنافس التجاري بينها والبدء بصيغة تعاون تقني، تضمن تجاوبها السريع مع التحولات المستجدة على سوقها، خصوصا ان الاوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة لا تبدو واعدة على المدى القريب، الأمر الذي عكسه تراجع الطلب على السيارات في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياته منذ عام 1993.

استنادا الى تقارير صحافية سربتها اخيرا اوساط صناعة السيارات الاميركية في ديترويت، تدرس أكبر شركتين لإنتاج السيارات في الولايات المتحدة، اي جنرال موتورز وفورد، التعاون معا في تطوير محركات جديدة لسياراتهما أقل استهلاكا للوقود وفي الوقت نفسه أكثر مراعاة للبيئة.

صحيفة «ديترويت نيوز» الأميركية نقلت عن مصادر في جنرال موتورز وفورد تأكيدها بأن مسؤولين من الشركتين اجتمعوا عدة مرات لمناقشة إمكانية التعاون بينهما، وذلك في سعي مشترك بينهما لخفض نفقات الأبحاث والتطوير بعد الخسائر الباهظة التي تعرضتا لها خلال السنوات القليلة الماضية.

وذكرت الصحيفة أن جنرال موتورز قدمت إلى فورد منذ شهر تقريبا اقتراحا لتعاون واسع النطاق بينهما وأن فورد وافقت على الاقتراح.

ورغم ان فورد وجنرال موتورز لم تعلقا على تقارير الصحيفة، فقد وصفت مصادر الشركتين الاجتماعات بأنها كانت «واعدة»، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاقات بالفعل.

وكانت جنرال موتورز قد أعلنت قبل اسبوعين عن تكبدها خسائر بلغت قيمتها 15.5 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي.

وفي الوقت نفسه تراجعت قيمة المبيعات خلال الربع الثاني بنسبة 18% إلى 38.2 مليار دولار في أعقاب الغاء العديد من الوظائف وتحويل الإنتاج من السيارات الكبيرة ذات الدفع الرباعي إلى سيارات صغيرة موفرة للوقود بعد الارتفاع الكبير في سعر الوقود. الجدير بالذكر ان جنرال موتورز تملك شركة أوبل الألمانية التي بدأت خلال العامين الماضيين في العودة لدائرة الأرباح.

وكانت خسائر جنرال موتورز خلال الأعوام الثلاثة الماضية قد تجاوزت مبلغ 50 مليار دولار، يضاف إليها مبلغ 3.3 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي.

وفي ظل هذه الظروف أعلنت جنرال موتورز عن إغلاق مصنعها لتجميع السيارات بعد نشاط دام 34 عاما في مدينة أريكا شمال العاصمة الشيلية سانتياغو.

وذكرت الصحف المحلية اليوم أن مصنع تجميع السيارات، الذي أغلق أمس، كانت شركة جنرال موتورز قد أعلنت عنه مسبقا وأرجعت إغلاقه إلى «انعدام القدرة التنافسية» في البلاد.

وكانت الشركة التي تعتبر حتى الآن الوحيدة التي تعمل في مجال تجميع السيارات في شيلي قد أنتجت 300 ألف سيارة منذ بدء تشغيل المصنع عام 1974.

وتوظف جنرال موتورز التي منيت بخسائر إجمالية بلغت 38 مليارا و700 مليون دولار عام 2007، مما يعد أكبر خسائر في تاريخ شركة مصنعة للسيارات بشكل مباشر في شيلي أكثر من 400 شخص عن طريق مصنعها في أريكا ومكاتبها الإدارية الواقعة في العاصمة سانتياغو، بالإضافة إلى 300 عامل مؤقت إلى جانب شركات التوريد.

وكانت آخر سيارة قام العاملون بالمصنع بتجميعها هي آخر موديل للسيارة شيفروليه «دي ماكس»، من بين 24 ألف سيارة تم إنتاجها في الأشهر الأخيرة.

ولم تكن نتائج شركتي فورد وكرايسلر أفضل حالا، ففيما سجلت فورد خسارة بلغت خلال الربع الثاني من العام الجاري 8.7 مليار دولار، تراجعت مبيعات كرايسلر في يوليو (تموز) بنسبة 29% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي مما اضطرها الشهر الماضي، الى الاعلان عن عزمها، الاستغناء عن ألف وظيفة، نظرا لانخفاض مبيعاتها بنسبة 22 في المائة في النصف الاول من العام الحالي. ومن شأن خفض الوظائف تقليص العمالة التي تتقاضى راتبا بنسبة 5.4 في المائة. وتتفاوض كرايسلر حاليا مع شركتي تاتا الهندية وفيات الإيطالية للتوصل إلى مجالات جديدة للتعاون. وقد ذكر تقرير أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال» الاسبوع الماضي، ان المباحثات الأولية دارت حول اقتراح بناء مصانع كرايسلر سيارات لشركة فيات، وأن مشروع تعاون كرايسلر مع تاتا يشمل تولي الشركة الهندية بيع سيارات الجيب التي تنتجها كرايسلر ومجالات المشاركة في تصنيعها. وأوضح التقرير ان كرايسلر تراجع في الوقت الحالي نفقات مشروعات تطوير الانتاج وأنها تبحث سبل التعاون مع شركات سيارات أخرى بعد التوصل لاتفاق شراكة مع نيسان اليابانية.

يذكر أن شركة دايملر الالمانية لا تزال تمتلك 20 في المائة من أسهم شركة كرايسلر بعد أن باعت حصة الاغلبية في الشركة الاميركية إلى شركة سيربيروس الاستثمارية البريطانية.