شركات ديترويت تحصل على إعانات حكومية ضخمة.. والأوروبية تطالب بقروض تبلغ 40 مليار يورو

هل تصبح صناعة السيارات في العالم صناعة مدعومة؟

TT

طالبت شركات صناعة السيارات الأوروبية حكومات بلادها، بتوفير قروض بقيمة 40 مليار يورو (54 مليار دولار) لصناعة السيارات وتقديم خطة حوافز لتشجيع الشركات على التخلص من السيارات القديمة ومساعدتها في تطوير سيارات جديدة صديقة للبيئة في ظل الظروف المالية والاقتصادية الصعبة الحالية.

ويعتبر رئيس اتحاد صناعة السيارات الأوروبي، كريستيان سترايف، أن «هذه هي الحالة الوحيدة التي تتيح للمستهلكين الوسائل والثقة اللتين يحتاجون إليهما للاستثمار في سيارات جديدة».

يأتي طلب سترايف، الذي يرأس مجموعة بيجو ستروين الفرنسية العملاقة لصناعة السيارات، في الوقت الذي أقر فيه الكونغرس الأميركي خطة لدعم صناعة السيارات الأميركية بمبلغ 25 مليار دولار.

وتطالب المفوضية الأوروبية شركات صناعة السيارات بخفض متوسط العوادم الغازية للسيارات التي تبيعها إلى ما لا يزيد على 120 غراما لكل كيلومتر بحلول عام 2012. لكن اتحاد صناعة السيارات الأوروبي قال إنه في الوقت الذي نجحت فيه الشركات الأوروبية في خفض العوادم الغازية بنسبة 14% خلال السنوات العشر الماضية، فإنها تجد من الصعوبة تحقيق المعدلات المستهدفة من جانب المفوضية الأوروبية دون مساعدة حكومية.

وقال سترايف: إن القروض منخفضة الفائدة التي تطالب بها شركات صناعة السيارات «ستساعد (هذه الشركات) على ضمان سوق مستدامة للتقنيات الحالية والجديدة الاقتصادية في استهلاك الوقود».

أما على الشاطئ الغربي للمحيط الأطلسي، فقد سرعت أزمة «وول ستريت» المالية في حصول مصانع السيارات في ديترويت على مساعدة حكومية سخية. وكانت ديترويت قد توقعت بأن تتسبب أزمة الائتمان بانخفاض أرقام مبيعات السيارات بحوالي 40.000 سيارة في أغسطس (آب) الماضي، أي ما يعادل حوالي مليار دولار. وقد ظهرت آثار بوادر الأزمة على شركات السيارات الأميركية الثلاث الكبرى ـ جنرال موتورز وفورد وكرايسلر ـ إذ عانت الشركات الثلاث، هذا العام، من تحول المستهلكين إلى شراء السيارات الصغيرة التي تصنعها الشركات اليابانية في المصانع المقامة على الأراضي الأميركية، نتيجة لارتفاع أسعار البنزين.

لكن مبيعات السيارات الخفيفة انخفضت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بنسبة 27% مقارنة بالعام الماضي بسبب صعوبات التمويل. وقال مايك جاكسون، المدير التنفيذي لسلسلة أوتو ناشن، التي تعد من أكبر شركات تجارة السيارات في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي»: «يوجد لدينا الكثير من العملاء، لكن ما لا نملكه هو التمويل الذي يساعدنا على الوفاء بمتطلبات العملاء». وأشار إلى أن الأزمة الائتمانية والقيود على التمويل كلفت شركته خمس مبيعاتها لهذا العام.

كانت الشركات الثلاث قد اصطدمت بارتفاع أسعار النفط الذي وصل إلى أربعة دولارات للغالون الواحد، وقوانين ترشيد استهلاك الوقود الفيدرالية وأزمة الائتمان الخانقة، إلا ان الحكومة الفيدرالية سعت لمساعدتهم، ووقع الرئيس جورج بوش على قانون الطاقة الذي يتضمن قرضًا بـ25 مليار دولار، في صورة ضمانات قروض، لتخفيف معاناة تلك الشركات. ومن المفترض أن تسمح هذه القروض للشركات الأميركية بتحديث مصانعها لإنتاج سيارات أكثر اقتصادا في استهلاك الوقود. وبحسب تقديرات ديفيد كول، مدير مركز أبحاث السيارات، فإن إعادة تحديث مصانع الشركات الثلاث سوف يتكلف على الأقل 100 مليار دولار، وسوف يساعد الائتمان الرخيص على أن تسدد تلك الشركات ديونها في بحر العام المقبل. لكن جو فيليبي من شركة «أوتو تريندس للاستشارات»، يعتقد انه بالنظر إلى موقف الشركات الثلاث «ستزداد الأمور سوءا في منتصف 2009، وسوف تضطر الشركات الثلاث إلى الإنفاق على البرامج الجديدة».

ولا تزال تتم دراسة القواعد المنظمة لذلك، لكن الاتفاق يعني أن تلك الشركات التي ستحصل على المساعدات الحكومية بفائدة 5% بدلاً من 15% ستواجه السوق المفتوحة في ظل الظروف الحالية. والشرط الذي وضع بحصر التمويل بالشركات التي تملك مصانع مر على إنشائها 20 عاما على الأقل يستبعد كل المصانع التي بناها مصنعو السيارات الأجانب في أميركا للتحايل على الرسوم الجمركية. وإن حدث أن أحد المصانع اليابانية مؤهل للحصول على قروض حكومية، فمن غير المتوقع أن يسعى للحصول عليها.

لذا فإن ذلك المبلغ الذي بدا صعب المنال منذ أشهر قلائل حاز تأييد أغلبية جارفة من السياسيين مقارنة بمبلغ الـ700 مليار دولار لإنقاذ النظام المالي.. فأي أميركي بإمكانه أن يمتعض من تقديم 25 مليار دولار لصناع السيارات الأميركية؟، واستعمال المال الحكومي لحماية وظائف عمال صناعة السيارات المجدين سيكون، بالنسبة للسياسيين، أسهل تبريره من تسليمه لأصحاب البنوك «الجشعة» في وول ستريت.

وما إن يبدأ صرف الإعانات هذه لن تقوم هناك عقبات لتوقفها، والدراسة الحديثة التي أجراها معهد «كاتو» وهو مؤسسة بحثية يمينية، وجدت أن الحكومة الفيدرالية أنفقت 92 مليار دولار كإعانات للأعمال في عام 2006 فقط، ذهب منها 21 مليار للمزارعين وذهب معظم الباقي إلى شركات مثل بوينغ وآي بي إم وجي إي في صورة دعم ائتمان الصادرات والإعانات البحثية المختلفة.

وتشكو الشركات الكبرى من أن إعادة تسديد ديونها سيستغرق منها وقتا طويلا، كما أنها ترغب في تسريع عملية صرف هذه الإعانات، إضافة إلى 25 مليارا أخرى مصاحبة للنسخة الثانية من قانون إنقاذ وول ستريت.

وتقضي خطة إنقاذ وول ستريت بأن يؤدي التمويل إلى مساعدة النظام المالي على النهوض مرة أخرى. لكن هل بإمكان ديترويت، التي نجحت في حشد دعم كبير، أن تتقدم على كل شركات تجارة التجزئة والطيران المتضررة من الأزمة المالية التي التحقت بطابور الإعانات الحكومية؟.