لبنان: 1.25 مليون سيارة تتخطى جهود الدولة لضبط أزمة السير

عناصر الشرطة يتحولون إلى مرافقين للنافذين

الازدحام اليومي في شوارع بيروت («الشرق الأوسط»)
TT

ما زالت أزمة السير الحادة في لبنان، وتحديداً في العاصمة بيروت أكبر بكثير من الجهود التي يبذلها وزير الداخلية الشاب المحامي زياد بارود، وإن كانت هذه الجهود أعطت بعض النتائج، لا سيما على صعيد استعمال حزام الأمان، والالتزام الى حد ما بإشارات السير التي ما زالت نادرة الوجود منذ بداية الحرب اللبنانية.

ويكفي للتدليل على حدة أزمة السير الإشارة الى أن عدد السيارات في لبنان ارتفع من 55 ألف سيارة عام 1960 الى مليون و250 ألفاً عام 2004، كما نشير الى ان عدد السيارات الجديدة المباعة في النصف الأول من العام الحالي ارتفع بنسبة تفوق 80% عن الفترة نفسها من العام الماضي، على الرغم من الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة في البلاد. ونشير كذلك إلى ارتفاع متصاعد في ضحايا السير والدراجات النارية المتأتي عن التراخي في تطبيق القانون.

وأمام هذه المعضلة المتنامية يعترف المسؤولون عن السير بقصور القوانين المرعية الاجراء، سواء قانون السير، أو مشروع النقل الحضري الذي يعالج السير في العاصمة وضواحيها فقط، لذلك تنكب اللجان النيابية حالياً على دراسة مشروع قانون جديد للسير، ومشروع تطوير لمشروع النقل الحضري أعدتهما جمعية «يازا» اللبنانية التي تنشط في مجال توعية الشباب على اخطار السرعة وسائر الاخطار التي تحصل على الطرقات اللبنانية.

وحول المشروع الأول يقول رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل النيابية محمد قباني لـ«الشرق الأوسط»: «إن قانون السير صادر عام 1967. ولم تتطرق مختلف التعديلات التي أجريت عليه إلا لماماً للجوهر، وبقيت بعيدة عن الحاجات الضرورية لإعادة تنظيم قطاع السير، ولتأمين العناصر الأساسية لأمن الطرقات وحماية البيئة، في الوقت الذي كان قطاع النقل في لبنان يسجل نمواً كبيراً ناجماً عن تطور شبكة الطرقات والزيادة المطردة في عدد السيارات».

يضيف: «وفي ضوء التجارب الناجحة التي عاشتها بعض البلدان وجدنا ان العديد من بنود قانون السير التي تشكل القاعدة الشرعية للزجر لم تعد ملائمة، لذلك وجدنا أنفسنا مضطرين لإعادة النظر او إعادة صياغة قانون للسير يتكيف مع التقدم على المستويات التكنولوجية والمدينية والاجتماعية والبيئية».

ويعتبر قباني انه «مهما كان القانون متطوراً تبقى العبرة في التنفيذ. وعلى سبيل المثال، فعندما تم التشدد في تطبيق القانون الحالي ارتفعت نسبة استخدام حزام الأمان الى 80%، وعندما تم التراخي في التطبيق هبطت النسبة الى 10%».

وفي ما يتعلق بالمشروع الثاني فهو لا يزال أيضاً في أدراج، أو على طاولة لجنة الاشغال والنقل في ضوء المعوقات التي تواجه مشروع النقل الحضري الذي بدأ التخطيط له في منتصف التسعينات الماضية، وبدأ تنفيذه قبل سنوات قليلة، «وحقق الكثير من الإنشاءات التي نستطيع ان نرعاها، خصوصاً في المحولات في مداخل العاصمة»، على حد قول رئيس لجنة الاشغال والنقل، الذي اتفق وأعضاء اللجنة على جملة أمور تضمنها مشروع تطوير النقل الحضري في العاصمة وضواحيها وأهمها تـأكيد أهمية إنشاء شعبة مركزية للمرور ذات هيكلية واحدة ورأس واحد وعلى اتصال بهيئة إدارة السير أو تكون ضمنها. بالإضافة الى إنشاء مواقف عامة للسيارات في مبان خاصة فوق الأرض أو تحت الساحات العامة والحدائق، والإسراع في إقرار خطة للنقل العام، خصوصاً في بيروت الكبرى، وإنشاء لجنة من بلدية بيروت وشرطة السير ومجلس الإنماء والاعمار لدرس العوائق المنتشرة بكثرة في بيروت أمام سكن السياسيين والنافذين والسفارات والمطارات، وأحياناً أمام التجار ورجال الأعمال، وإلغاء ما ليس هناك حاجة أمنية له، فضلاً عن إنشاء اجازات سكنية تعطى لأصحاب المساكن في الأسواق التي يخضع توقيف السيارات فيها للعدادات، وتحريك الاستملاكات المجمدة بفعل شغور منصب رئيس لجنة الاستملاك في بيروت منذ فترة.

وشددت لجنة الاشغال والنقل على أهمية تعزيز وتدريب شرطة السير وعدم نقلهم من مهماتهم في السير الى مهمات أخرى، خصوصاً مرافقة النافذين، وسيكون بيننا قريباً خبير فرنسي لتحضير دورة لمدة شهرين لتدريب 70 ضابطاً ورتيباً من شرطة السير كي يكون هؤلاء لاحقاً مدربين لافواج جديدة. ويكفي، كدليل على تفاقم أزمة السير، أن نشير الى ان لبنان يحتاج الى 1530 عنصراً من شرطة السير، لا يتوفر منهم اليوم سوى 671 عنصراً، ومن هؤلاء 160 فقط في بيروت، ينقسمون على دوامين في اليوم، بحيث لا تعرف بيروت سوى 80 عنصراً في أحسن الحالات لضبط السير في العاصمة.

ويعطي مؤسس الـ«يازا» زياد عقل لـ«الشرق الأوسط»، صورة عن مشروع التطوير، فيشير الى انه يتألف من ثلاث مراحل: الأولى تتضمن بناء الجسور والانفاق (19 مشروعاً في بيروت الكبرى). والثانية تتضمن إقامة أجهزة الاشارة على الطرقات ونظام المراقبة بواسطة الرادارات والشاشات (122 جهاز إشارة في بيروت و100 في الضواحي). والثالثة تتضمن تركيب عدادات الكترونية لتنظيم المواقف على جوانب الطرقات. وتعمل هذه العدادات بواسطة بطاقات الاعتماد (يبلغ عددها 730 جهازاً سيتم تركيبها خلال سنتين وبكلفة 8 ملايين دولار).

أما المشروع الإجمالي فيحتاج تنفيذه الى 6 سنوات، وتقدر تكاليفه بـ163 مليون دولار تقريباً يساهم في تأمينها البنك الدولي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية، وصندوق ابوظبي للإنماء، بالإضافة الى الدولة اللبنانية.