لوائح السلامة تؤخر تسويق السيارات الأميركية الاقتصادية المصنعة في أوروبا

توحيد مقاييس متطلبات الأمان ضريبة أخرى تدفعها ديترويت

سمارت الأميركية: حجم معدل ليتناسب مع معايير السلامة الأميركية («الشرق الأوسط»)
TT

في وقت يبحث فيه الأميركيون عن سيارات مقتصدة في استهلاك الوقود تخطط شركة فورد لصناعة السيارات لإنزال عدد من السيارات الصغيرة الموفرة للوقود التي كانت تسوقها في الدول الأوروبية منذ أعوام عديدة.

ورغم أن هذا القرار يبدو منطقيا وسهل التطبيق فهو يواجه تعقيدات «أميركية» لا بد من تجاوزها وأبرزها ضرورة أن توفق شركة فورد بين لوائح السلامة الأميركية والأوروبية، في كل شيء بدءا من لون إشارات الدوران الخلفية إلى دُمى اختبار الارتطام، وهو الأمر الذي سيؤخر نزول السيارات إلى الطرق الأميركية السريعة في وقت قريب.

تعوق المصالح المتنافسة بين شركات السيارات والحكومات وصناعة التأمين جهود توحيد مقاييس متطلبات الأمان حول العالم. هذا يعني المزيد من المجهود الهندسي بغية صنع نسخ مختلفة من أجل الأسواق المختلفة.

مديرية سلامة السيارات في الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة في الولايات المتحدة تؤكد رغبتها في عدم التقليل من معايير السلامة وفي الوقت نفسه اهتمامها بخفض تكلفة الإنتاج.. ولكن الهدفين يتناقضان على الصعيد التطبيقي، فعلى سبيل المثال هناك بعض المعايير الأساسية المختلفة بين أوروبا والولايات المتحدة مثل القانون الأميركي الذي يوجب توفير الحماية للركاب الذين لا يرتدون أحزمة الأمان، وهو ما لا يجد له مقابلاً في القوانين الأوروبية، إضافة إلى اختلافات أخرى صغيرة مثل الشرط الأميركي الذي ينص على وجود أضواء جانبية في السيارات، وهو أمر اختياري في أوروبا.

شركة فورد ليست الوحيدة التي تواجه هذا الأمر، ففيما تواصل شركة ديملر تسويق سيارة سمارت صغيرة الحجم في الخارج منذ تسعة أعوام، كان عليها قبل أن تتمكن من طرحها في الولايات المتحدة، تعديل حجمها بحيث تفي بمعايير السلامة الأميركية. ولكن قرار فورد إحضار ست سيارات صغيرة موفرة للوقود من انتاج مصانعها في أوروبا لتصنيعها في أميركا الشمالية عام 2010 يمثل تحدياً جديداً على صعيد الوفاء بشروط الحكومات المختلفة، فهذه الموديلات العالمية هي حجر الزاوية في خطة فورد للعودة إلى تحقيق الأرباح بعد تكبدها خسارة بلغت 8.7 مليار دولار في الربع الماضي من هذا العام. وتقول الشركة ان سياراتها الأوروبية الصغيرة تحقق مبيعات جيدة وتتفوق بذلك على المبيعات في الولايات المتحدة. وتخطط فورد أيضا لتوفير المليارات من الدولارات التي تنفقها على تصميم السيارات المعدة للاسواق العالمية، وزيادة أرباح السيارات الصغيرة، وتلك التي لا تحقق عائد الشاحنات والسيارات الرياضية. وتؤكد شركة فورد ان شركات السيارات تعرف كيفية تزويد سياراتها بما يلزمها، ولكن المسألة تكمن في الوقت والتكلفة التي يتطلبها هذا الأمر إذا لم تجعل التغييرات هذه السيارات أكثر سلامة، خصوصا ان التغييرات المطلوبة تطال الهيكل، أو المكونات، ولكنها لا تغير كثيرا من مستويات سلامة السيارات. وقد درست فورد مؤخرا 43 لائحة في أوروبا والولايات المتحدة، ووجدت أن هناك 11 لائحة فقط متكافئة مقابل 14 لائحة تتضمن اختلافات أساسية وتستوجب إدخال تغييرات كبيرة. وبدورها تضيف الدول الآسيوية - الأقرب إلى الاشتراطات الأوروبية - المزيد من التعقيدات.

ولا يتوقف الأمر عند المعايير الحكومية، إذ ينبغي على شركات صناعة السيارات أن تتعامل ايضا مع معهد التأمين لسلامة الطرق السريعة، ومقره في ارلنغتون في فيرجينيا، والذي يموله قطاع التأمين ويجري مجموعة من اختبارات الارتطام الخاصة به والمراقبة عن كثب.

ربما تبدو الاختبارات متشابهة في البداية، ولكنها تحتوي على اختلافات مهمة، ففي أوروبا يستخدم اختبار الارتطام الأمامي حاجزا معدلا، كنموذج لسيارة أخرى، ليصطدم بـ40 في المائة من واجهة السيارة. هذا يمثل تحديا للمهندسين لتوزيع الطاقة الناتجة عن الاصطدام إلى بقية أجزاء السيارة. أما الحاجز الثابت في الاختبار الأميركي فهو لا يمتص أية طاقة، مما يسبب ارتطاما عنيفا يقيّم إجمالي قوة السيارة. بالإضافة إلى تعقيد اختبار الارتطام الأمامي توضع دمى اختبار الارتطام في أميركا وأوروبا في أماكن جلوس مختلفة، مما يؤثر على كيفية انتشار وسائد الهواء.

وتختلف أهداف بعض الاختبارات الأخرى، ففيما يختبر المعهد مخفف الصدمات في ارتطام يقع أثناء السير بسرعة ثلاثة وستة أميال في الساعة، لمعرفة كيف يمكن لمخفف الصدمات أن يحمي السيارة في حادث الاصطدام تتكرر في أوروبا اختبارات إصابة المارة عند السير بسرعة 25 ميلاً في الساعة لمعرفة الضرر الذي يسببه مخفف الصدمات، علما بأن مخفف الصدمات مصنوع من أجل امتصاص الطاقة وتقليل احتمالات التسبب في خسائر وليس مصمما للمساعدة في حماية السيارة. وفي الولايات المتحدة تجري الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة اختبارات للتأكد من سلامة السيارات بالنسبة للركاب غير المرتدين لأحزمة الأمان على اعتبار أن نسبتهم تشكل 45 في المائة من ضحايا حوادث المرور.

وتبدي شركات السيارات تبرمها من أن شروط الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة التي تجعل السيارات أقل أمانا للركاب غير المرتدين لأحزمة الأمان، إذ ان حماية هؤلاء الركاب تتطلب وجود وسائد هوائية أكثر قوة وتغييرات أخرى.

تجدر الاشارة الى ان هناك 40 دولة، من بينها الولايات المتحدة، تشترك في جهود تبذل منذ 10 أعوام للتنسيق بين القوانين. وقد اتفقت هذه الدول على أطر للقوانين الدولية التي تحدد أقفال الأبواب، ومساند الرأس الخلفية، ونظام التحكم الإلكتروني في توازن السيارة. وبعد ذلك، ستنظر المجموعة في أمر حماية المارة.

ولكن بعد أن اعترضت اليابان على قانون يتطلب تشغيل الأنوار في النهار، ورفضت أوروبا السماح بتغيير لون إشارات الدوران الخلفية إلى اللون الأحمر بدلا من اللون الأصفر المائل إلى الحمرة، صرفت الدول النظر عن جهود التنسيق بين معايير الإضاءة بداعي أنه من الصعب للغاية على الحكومات التي تطبق قانونا محددا منذ أعوام عديدة أن تقرر فجأة تغييره.