«فاربيو» البريطانية تنافس «البورشه» و«الفيراري» و«أستون مارتن» عن جدارة

شركة سيارات صغيرة تدخل حلبة المنافسة على السيارة الرياضية المتفوقة السرعة

وجها فاربيو الرياضيان («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها شركات السيارات نتيجة الركود العالمي، الا ان ذلك لم يمنع شركة بريطانية صغيرة من بناء سيارة رياضية متفوقة جديدة هي «فاربيو جي تي إس 400» مصنوعة، او بالأحرى تجميع اجزائها باليد.

واللافت على هذا الصعيد انها سيارة صرف بريطانية تنتج في المملكة المتحدة في وقت يتضاءل فيه عدد الشركات البريطانية المصنعة للسيارات، بعدما كانت في فترة من الفترات تقف في المصاف الاول بين الصانعين العالميين.

وكان عدد العمال القليل لهذه الشركة الذين كرسوا أنفسهم لصنع افضل السيارات الرياضية قد انتجوا في السابق سيارة «تي في آر» القوية التي حازت شهرة كبيرة قبل ان تتحول ملكيتها الى شركة اجنبية منذ فترة غير قصيرة، وليصبح ما بقي منها من صنع بريطاني اشبه بقطع اثرية ثمينة، يحرص اصحابها عليها حرصهم على مقتنياتهم الثمينة. وهناك انتاجان للشركة هما «ماركوس» و«نوبل» اللذان توقف انتاجهما ايضا حتى إشعار آخر.

المهم ان «فاربيو» هي السيارة الجديدة التي لفتت الانظار، والتي يقول النقاد انها قد تكون افضل سيارة بريطانية صنعت حتى الان.

وكان النموذج الاولي منها قد ظهر في نهاية العام الفائت ولفت الانظار حينها، رغم ان محركه كان، آنذاك، ضعيفا نسبيا ولا ينتج سوى 262 حصانا مكبحيا من ست اسطوانات بسعة 3 لترات. اما الطراز الذي يطرح اليوم في الاسواق فقد عززت قوته الى 410 احصنة مكبحية بفضل المؤازرة التوربينية من المحرك، ما يعني انه اقل قوة من محرك «أستون مارتن في8 فانتاج» بنحو 10 احصنة فقط. لكن «فاربيو» عوضت هذا النقص الضئيل جدا بخفة وزنها الذي يقل حتى عن وزن سيارة «فورد فياستا» الصغيرة كون هيكلها مصنوعا بأكمله من الالياف الكاربونية المتينة جدا. لذلك لا سبيل الى مقارنتها بسيارة «استون مارتن»، او أي سيارة اخرى من هذه الفئة الاثقل كثيرا منها. وحتى سيارات «فيراري» الشهيرة على صعيد نسبة القوة الى الوزن، لا تستطيع مجاراة هذه المركبة التي استطاعت تسجيل تسارع بلغ 3.7 ثانية للوصول الى سرعة 60 ميلا (100 كيلومتر) انطلاقا من سرعة الصفر. ويقول بعض السائقين الذين جربوها في اختبارات على الحلبات السريعة انهم حققوا تسارعا افضل في بعض الحالات، ما يعني انها صنعت وفقا لمقاييس الجودة العالية التي كانت تتصف بها السيارات الانجليزية القديمة.

ولكن كيف استطاعت «فاربيو» ان تحقق هذه الخفة في وزنها، رغم انها مجهزة بالمعدات العادية التقليدية الثقيلة الوزن مثل مكيف الهواء، والنوافذ الكهربائية، والمقود الآلي، ونظام الاقفال المركزي. الجواب بسيط للغاية: لقد شيدت برمتها على طريقة سيارات «الفورمولا وان»، اي ان الهيكل برمته مصنوع كما ذكرنا آنفا من الالياف الكاربونية العالية الكلفة. حتى العجلات صنعت من هذه المادة المستمدة من صناعات عصر الفضاء. وهذا امر غير مألوف بتاتاً في عالم السيارات. ويبلغ وزن العجلة الواحدة 15 رطلا انجليزيا، اي نصف مثيله المصنوع من خلائط الالمنيوم التقليدية، وهذا احد الاسباب التي تجعل سعر السيارة يصل الى 94 ألف جنيه استرليني.

وهكذا مع كل هذه المواصفات، لا بد ان تخرج الى النور سيارة فريدة من نوعها تجمع بين سيارة «لوتس إكسايج» الناعمة و«مكلارين إف1» الشهيرة التي سلبت انظار العالم لدى ظهورها قبل اكثر من عشر سنوات، وكانت في حينها اقوى واسرع سيارة في العالم. وهي تخلو من اي زوائد جمالية لكون التركيز كله انصب على وضع جنيحات واضافات في اسفلها تخص انسياب الهواء لجعله يضغط عليها لكي تلتصق بالارض لدى انطلاقها بالسرعات العالية التي تصل في حدها الاقصى الى 185 ميلا في الساعة.

وجرى اخفاء مقابض البابين بشكل ذكي جدا داخل فجوات صغيرة، ولدى فتحهما ينكشف داخل السيارة الفسيح مما يعني انه حتى الراكبان الطويلا القامة لن يجدا صعوبة في الجلوس والاستمتاع بالمقصورة الرحبة، بل ان المقعدين يستوعبهما ويلفهما براحة تامة، في حين يمكن تعديل وضع المقود للحصول على الوضع الملائم للقيادة، خاصة في مثل هذه السيارة السريعة.

والامر الاخر اللافت في هذه السيارة هو صف الازرار الخاصة بالتحكم بكل الامور ابتداء من الملاحة عبر الاقمار الصناعية، وانتهاء بتكييف الهواء والراديو و«بلوتوث» والتي تدار كلها من شاشة تعمل باللمس في وسط لوحة القيادة الامامية. والنظام هذا هو سهل الاستيعاب مما يثير التساؤل عن عدم تقليده من قبل صانعي السيارات الفخمة الاخرى للتخفيف من ازدحام لوحة القيادة الامامية التي تتصف بها عادة.

ويبدأ المحرك العمل عادة بهدير معقول، مما يعطي في بداية الامر دلالة ضعيفة عن امكانياته الاستثنائية الكبيرة، خاصة وان سير السيارة ناعم وهادئ ودواسة المكابح خفيفة، كما ان اختراق الريح بالسرعات الكبيرة لا يسبب ضجة عالية. واذا ما جرى ابقاء دوران المحرك دون الـ 4000 دورة في الدقيقة، لا يصدر عن السيارة اي صوت عال، مما يعني قيادة سلسة ناعمة ومريحة جدا. ولكن ما يكاد السائق يضغط على دواسة البنزين ويساويها بارضية السيارة بحيث يتجاوز المحرك سرعة الـ4000 دورة في الدقيقة حتى يشعر وكأن نمرا انطلق من عقاله نتيجة انطلاق عمل التوربين المؤازر، وان شخصا ما يضغط على ظهره نتيجة التسارع السريع. ووجود توربين مؤازر يعمل من المحرك، وليس مشحونا يعمل بغازات العادم، يعني انه لا يوجد تأخير بين لحظة الكبس على دواسة البنزين، وشروع الطاقة الكبيرة بعملها. وتساعد العجلات الكبيرة قياس 20 بوصة في موازنة السيارة وثباتها في السرعات الكبيرة، كما وان الهيكل السفلي (الشاسي) قد صمم لاستيعاب المزيد من القوة. وعندما يقرر السائق ان الوقت قد حان لتغيير طابع القيادة العادي على الطرقات، الى العدواني، أو الطابع الذي تتصف به حلبات السباق، يمكنه عند ذلك تعديل صلابة نظام التعليق ومخمدات الصدمات.

يبقى القول ان عزم الدوران يبلغ 354 رطل قدم، وناقل الحركة هو يدوي سداسي السرعات، وسعرها 94 ألف جنيه استرليني يقارب بعض طرازات «بورشة» و«فيراري» و«استون مارتن»، أي انها سيارة غالية الثمن لانها عالية الجودة والقوة.