«الريكشو» تعود إلى شوارع المدن الهندية.. متطورة وصديقة للبيئة

مركبة جديدة تعمل بالطاقة الشمسية والكهربية

«سوليكشو»... الحل الهندي للازدحام («الشرق الأوسط»)
TT

غالبا ما تتسبب فوضى السير في العديد من المدن الكبرى في العالم في تحويل الانتقال من مكان لآخر إلى مهمة شاقة. والعاصمة الهندية نيودلهي مثال يضرب على هذا الصعيد. على امتداد عقود عدة، شكلت العربات التي يقودها أفراد من خلال استخدام الدواسة (البدال) وسيلة النقل الأكثر شيوعا في المدينة الهندية المكتظة بالسكان، خاصة داخل الأحياء المزدحمة في دلهي القديمة والأسواق التجارية. لكن المركبة، المعروفة باسم «ريكشو»، شكلت عبئا ثقيلا على عافية الأفراد البائسين الذين يقودونها.. لذلك، طرح المجلس الهندي للأبحاث العلمية والصناعية نسخة جديدة من الـ«ريكشو» تتميز بتقنية متطورة، علاوة على كونها صديقة للبيئة.

تعتمد المركبة الجديدة في سيرها على الطاقتين الكهربية والشمسية، ولذلك باتت تعرف باسم «سوليكشو». وتعتمد دورة الوقود بالمركبة على بطارية يجري شحنها بالطاقة الشمسية وطاقة الدواسة (البدال). وينتج عن ذلك التخفيف إلى حد كبير من عبء تسييرها الذي يتحمله كليا سائق العربة. تعمل هذه المركبة ببطارية شمسية بقوة 36 فولت، 240-350 وات تنقل الطاقة إلى نظام من التروس يعمل بسرعة كبيرة تبلغ حوالي 15 كيلومترا (9.3 ميل) في الساعة. وبمجرد شحنها على نحو كامل، يمكن للبطارية الاستمرار في العمل لمسافة تتراوح بين 50 و70 كيلومترا (من 30 إلى 42 ميلا). علاوة على ذلك، لا تبث المركبة أي انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون، أي أنها لا تشكل أي ضرر كان على البيئة.

وتتميز المركبة الجديدة بسهولة قيادتها على الأراضي المنبسطة، وكذلك الطرق الصاعدة، إضافة إلى تجهيزها بهيكل خارجي أقوى، ومقاعد تتسع لثلاثة أشخاص. ومن الممكن إيداع البطاريات المستهلكة في محطة شحن مركزية خاصة بالطاقة الشمسية واستبدالها بأخرى مقابل أجر رمزي. ورغم أن مسألة تحريك الدواسة (البدال) غير ضرورية، فإن القيام بذلك يُكسب «سوليكشو» المزيد من الطاقة.

والجدير بالذكر أن تصميم «سوليكشو» يحمل بعض أوجه التشابه مع مركبة «سولاركاب» التي جرى تطويرها في لندن والمقرر طرحها في الأسواق العام الحالي، من بينها الألواح الشمسية المكبة على سطحها. ولكن «سوليكشو» تتمتع بلمسة جمالية فريدة، إذ تحمل على جانبيها صورا لميكي ماوس ودونالد دك. ومن بين مميزات «سوليكشو» الإضافية إمكانية إعادة شحن الهواتف الجوالة العائدة لركابها أثناء انتقالهم من مكان لآخر، بواسطة بطاريتها. وإضافة إلى ذلك، تتمتع «سوليكشو» بسرعة أكبر من «الريشكو» وتحافظ على وضعها كمركبة صديقة للبيئة، مما دفع الكثيرين للنظر إليها كوسيلة جديدة للنقل داخل المناطق المزدحمة خصوصا بالنسبة للرحلات القصيرة من المنزل إلى المدرسة مثلا أو إلى محطة المترو، وكحل لمشكلة المرور المتفاقمة في مدن الهند، وازدياد التلوث والاعتماد على الوقود الحفري، علاوة على أنها تجنب تحميل سائقي هذا النمط من المركبات أعباء ينوؤون بحملها. ومن المعروف أن في الهند نحو ثمانية ملايين مركبة «ريكشو»، وفي دلهي وحدها 500.000 شخص يقودون هذه المركبات. من ناحية أخرى، لاقت «سوليكشو» استقبالا عاما إيجابيا ليس فقط من جانب سائقي مركبات «ريكشو» التقليدية، وإنما أيضا من قبل زبائنها، فعلى سبيل المثال، قال موهد رضوان ( 40 عاما)، الذي يقود مركبة «ريكشو» تعمل بقوة الدواسة فيما بين منطقتي ريد فورت وتشاندي تشوك في دلهي القديمة: «إن تحريك الريكشو باستخدام الدواسة أمر عسير للغاية بالنسبة لي، حيث أعاني آلاما في الصدر وضيقا في التنفس عند التحرك نحو الأعلى على الطرق المنحدرة. إنني أتطلع بشدة نحو طرح ريكشو الشمسية في الأسواق التجارية». يذكر أن أحد أقدم وأهم الأسواق بالمدينة موجود في تشاندي تشوك، ويعود إلى الحقبة المغولية، ويتألف من شبكة معقدة من الشوارع الضيقة والملتوية تتسبب الحافلات والسيارات والدراجات المارة فيها، بل والمشاة أيضا في اختناقات مرورية حادة. وفيما يخص «سوليكشو»، جرى تطويرها على مدار ثمانية أشهر في معهد دوراغبور المركزي للأبحاث الميكانيكية والهندسية. وتم طرحها في سوق في إطار مشروع رائد يهدف إلى اختبار مدى جدواها العملية واستطلاع وجهات نظر الركاب والسائقين بها. ويعتبر محمد ماتن واحدا من السائقين الشجعان الذين يتولون قيادة واحدة من مركبات «سوليكشو» العاملة حاليا. وأشار إلى صندوق تحت مقعده يضم البطارية الشمسية، بينما كان الجهاز القائم بجانبه أكثر إثارة، جهاز راديو يعمل على موجة إف إم. من ناحيته، قال وزير العلوم والتقنية الهندي، قابيل سيبال: «هناك حاجة لإيجاد وسيلة مواصلات حضرية مريحة وبأسعار في متناول الفقراء». وأعرب سيبال عن أمله في أن يشارك القطاع الخاص في تصنيع المركبات الجديدة بأسعار منخفضة وتقنية صديقة للبيئة، مضيفا أن: «بعد إضافة ميزات شحن بطارية الهاتف الجوال وراديو بموجة إف إم، تصل تكلفة هذا النمط من ريكشو إلى 7.000 روبية هندية (ما يعادل 150 دولارا أميركيا) - وهو ذات سعر المركبة القديمة. وتخضع مركبة «سوليكشو» حاليا إلى مرحلة تجربة أولية. وتدير منظمة غير حكومية في دلهي، تعرف باسم مركز التنمية القروية، مشروعا رائدا يعتمد على أربعة «ريكشو» تعمل بين ريد فورت ومحطة قطار أولد دلهي، وتتكلف الرحلة 15 روبية تُدفع مقدما. من جهته، قال سمير كيه. براهمشاري، المدير العام لمركز التنمية القروية إن النسخ الأكثر تقدما من سوليكشو سوف تتميز بطابع جمالي أفضل وسوف تكون حاضرة لأن تطرح بشكل كامل في الأسواق قبل دورة ألعاب الكومنولث المقررة في عام 2010. كما يدرس المركز إمكانية تعديل الأشكال القديمة من «الريكشو» المستعملة حاليا بحيث يجري تشغيلها باستخدام بطاريات.