لبنان يستكشف تقنية الحفر الأفقي لتسريع الورش وحل أزمة السير

TT

يشهد لبنان منذ انطلاق مشاريع البنية التحتية بعد الحرب الأهلية، موجات متتابعة من قطع الطرق والتحويلات نتيجة بناء الجسور أو الأنفاق أو إقامة تمديدات مياه الشفة أو الصرف الصحي، أو التمديدات الكهربائية أو الهاتفية وغيرها من المشاريع التي تزيد من حدة أزمة السير، وتذمر المواطنين من الوقت المهدور انتظارا على الطرق، وتأخيرا عن العمل، وصدامات مع رجال الشرطة وقوى الأمن.

وما يعزز التذمر لدى اللبنانيين الفترات الطويلة التي تحتاجها الورش، والتي ينجم قسم منها عن استخدام التقنيات التقليدية، وتتسبب في انتشار الغبار وتضرر التمديدات المائية والصحية وتحولها أنهارا في الطرق.

وفي محاولة لتجاوز هذه المأساة المتمادية، استعانت الجهات المعنية في لبنان بالسفارة الإيطالية في بيروت التي نظمت حلقة دراسية على مدى يومين أشرفت عليها البعثة التجارية الإيطالية حول استخدام تكنولوجيا جديدة في الحفريات يطلق عليها اسم «no dig» أي الحفر من دون خنادق، التي تعتمدها إيطاليا منذ عام 1994، والولايات المتحدة منذ 25 سنة. ويقول رئيس البعثة الإيطالية سيباستيانو دل مونتي: «إن أسلوب الحفر الجديد يعني جملة تقنيات من الحفر الموجه، والجيورادار، والميكرو-أنفاق، والميكرو-خنادق، والتلبيس تحت الأرض. ومن شأن كل هذه الأساليب أن تهتم بكل أشغال باطن الأرض وباطن الطرق وتحول دون إعاقة حركة سير السيارات وتنقل المشاة، وتخفف من الضجيج الناجم عن آلات الحفر التقليدية والشاحنات، وتحد من التلوث المتمادي للجو والمنازل».

ويعتبر دل مونتي أن « تقنية الحفر من دون خنادق لا تقتصر منافعها على منع التلوث وتسهيل حركة السير والمرور، وتخفيف الضجة عن العائلات التي تقطن في جوار الورش، بل إنها تساهم في توفير الانفاق على هذه الورش بنسبة تراوح بين 20 و25%». أما رئيس الجمعية الايطالية للتكنولوجيا باولو ترومبيتي فيقول: «إن تقنية الحفر الموجه يمكن استخدامها في الورش الحكومية من كل نوع، سواء في قطاع الاتصالات أو التنقيب عن الغاز والنفط، أو حماية المحميات الطبيعية والمناطق المكتظة، والأماكن الأثرية والتاريخية». وكشف أن جامعة «بيروز» الإيطالية تدرس فكرة إيجاد إجازة جامعية حول تكنولوجيات الحفر من دون خنادق. لكن رئيس مجلس الإنماء والإعمار اللبناني، الذي شارك في الحلقة الدراسية، نبيل الجسر، أوضح لـ «الشرق الأوسط» أن «لبنان لم يهمل هذه التكنولوجيات التي استخدمها في بعض الورش، ولا سيما خلال بناء نفق حارة حريك إحدى ضواحي بيروت الجنوبية، وتنفيذ بعض المشاريع المائية في مدينة طرابلس، ومنطقة كسروان». وفي المجال نفسه، يقول أحد المقاولين اللبنانيين إنه «ليس من الصعب استخدام هذه التقنية في لبنان، لكنها تحتاج إلى شراء معدات مرتفعة الثمن. والدولة ليست في وارد تحمل مثل هذه الأعباء طالما أن المواطن اعتاد على اقفال الطرق وخندقتها، والوقوف في صفوف السير الطويلة، وهذه الأمور غير مقبولة في الدول الأوروبية».

ويضيف المقاول أن هناك عقبة أخرى أمام استخدام التقنية الحديثة تتمثل في إجراء مسح جيولوجي للمناطق المطلوب تنفيذ الأعمال فيها للتأكد من عدم وجود آثار قد تتعرض للأذى نتيجة الحفر الأفقي الموجه. وفي نهاية الحلقة، أكد السفير الايطالي في لبنان غبريال كيكيا أن «شركاتنا تطمح إلى تسويق تقنياتنا ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة كلها. وقد اعتمدنا لبنان لكونه يلعب دور المنصة في تجاه كل منطقة الشرق الأوسط».

يذكر أن بعض ما خلصت إليه الحلقة الدراسية هو أن الحفر بلا خنادق أقل ضرراً على البيئة بنسبة 80% وأقل حوادث عمل بنسبة 67%.