قطاع السيارات في لبنان مرشح لثلاث موجات ارتفاع

تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج تعزز الطلب

TT

كان عام 2008 متميزاً في لبنان عن سواه من بلدان العالم المتقدم والنامي، فلا شظايا أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة، التي امتدت إلى أوروبا، أصابت منه مكاناً موجعاً، ولا انعكاسات الأزمة المالية العالمية أثرت على قطاعه المصرفي والمالي. وعلى صعيد قطاع السيارات، شهد العام نفسه رقماً قياسياً في المبيعات، في الوقت الذي شهدت فيه الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما من دول العالم صدمة كبرى، سواء على مستوى المصانع، أو على مستوى المبيعات. ويمكن القول، استناداً إلى الإحصاءات شبه الرسمية، إن مبيعات السيارات الجديدة في لبنان سجلت في العام الماضي زيادة بنسبة 78.88% (33428 سيارة) عما كانت عليه في عام 2007، علماً بأن المبيعات السنوية لم تتعد 19 ألف سيارة خلال السنوات العشر الماضية. ويعزو رئيس جمعية مستوردي السيارات في لبنان، سمير حمصي، هذه الطفرة إلى «تفتُّح شهية المستهلكين حيال السيارات الجديدة الصغيرة، وتسهيلات الدفع المعتمدة، والعروض المحفزة التي تلجأ إليها وكالات السيارات».

والسؤال المطروح حاليا هو: هل يبقى لبنان في مأمنٍ من ركود قطاع السيارات في عام 2009؟.

يقول حمصي «لم نشعر بانعكاسات الأزمة العالمية إلا ابتداء من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الذي سجل انخفاضاً في المبيعات بلغت نسبتها 13%، مقارنة مع الشهر السابق. والحقيقة أن الأزمة تهدد بفقدان التحويلات التي يرسلها العاملون اللبنانيون في الخارج، نتيجة فقدانهم وظائفهم، ولا سيما في دول الخليج، وانضمامهم إلى كتلة العاطلين عن العمل في لبنان».

ويؤكد حمصي أن تحويلات العاملين في الخارج هي التي تعزز الطلب على السيارات، وبالأخص الجديدة منها، إلا أنه يتوقع أن يتحسن الوضع في الأشهر المقبلة. ويقول «أما إذا تفاقمت الأزمة، ولا سيما في المنطقة، فإن السوق يمكن أن يتعرض للتدهور بسرعة، وتتراجع مبيعات السيارات الجديدة بين 30 و40% في عام 2009».

وثمة عوامل أخرى ساهمت وتسهم في بلبلة السوق، ومنها تفاعلات أحداث غزة، والتحضيرات الجارية للانتخابات النيابية، مع كل ما يرافقها من حدة وتشنج. ويعتبر حمصي أن تحديد إجراء هذه الانتخابات في شهر يونيو (حزيران)، وتحديداً في السابع منه، هو «إجراء سيئ»، لأن هذا التاريخ هو الأمثل بالنسبة إلى السياح واللبنانيين العاملين في الخارج، الراغبين في تمضية إجازاتهم أو سياحتهم في لبنان.

وفي اعتقاد رئيس جمعية المستوردين أن انخفاض المبيعات لا يعني بالضرورة انخفاض الأسعار، لا بل ارتفاعها في عام 2009، باعتبار أن إنتاج السيارات يرتبط بحجم الطلبات.. «ففي جو الركود السائد ستعمد مصانع السيارات إلى خفض إنتاجها وزيادة أسعارها، من أجل المحافظة على مستوى مقبول من العائدات». ويتوقع حمصي أن تشهد أسعار السيارات ثلاث موجات من الارتفاع خلال عام 2009، بدأت أولاها في مطلع السنة، إذ ارتفعت أسعار الطرازات الجديدة فعلياً بين 4 و10%.

والواقع، أن المستوردين ليس في واردهم الاكتفاء بالهوامش القليلة من أجل تعزيز المبيعات، لأنهم يعتبرون أنهم استطاعوا امتصاص الموجة الأولى بفضل الأرباح المحققة العام الماضي، وهذا ما استفاد منه المستهلكون، «لكن هوامش أرباح المستوردين، كما يقول حمصي، منخفضة جداً في لبنان منذ عام 2005 بفعل التنافس الحاد في السوق، كما تشهد على ذلك حملات الترويج المكثفة والعروض المغرية. والأرباح تتأتى أساساً من حجم المبيعات، ولكن إذا انخفضت هذه المبيعات؛ سنجد أنفسنا مجبرين على زيادة الأسعار من الآن حتى ثلاثة أشهر على أبعد تقدير».

ويأمل مستوردو السيارات في أن تمد الحكومة يد المساعدة إليهم وإلى المستهلكين على السواء، من خلال الخطة التي تقدمت بها إلى الجهات المعنية، والتي تنص على خفض نفقات تسجيل السيارات، من أجل التحفيز على استبدال «أسطول» السيارات القديمة بسيارات أخرى جديدة، باعتبار أن السيارات القديمة تمثل نسبة 60% من السيارات حالياً.