نيسان تطرح أول سيارة تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني في 2010

نظام تخزين غاز الهيدروجين لا يزال عقدتها التقنية الأبرز

نيسان «إكس تريل» تعمم بحلول 2015 («الشرق الأوسط»)
TT

تمثل سيارة «إكس ـ ترايل» الجديدة العاملة بخلايا الوقود الهيدروجيني الوجه المستقبلي لشركة «نيسان» اليابانية. وكان النموذج الأولي لهذه السيارة ، الذي بلغ سعره 1.3 مليون يورو، قد سجل لأول مرة في المملكة المتحدة تسهيلا لتجربته على طرقاتها وخاصة طرقات العاصمة لندن، المتوقع أن تصبح المدينة الأولى في العالم التي تستخدم السيارات الكهربائية على نطاق واسع.

وهذه المركبة خماسية المقاعد، التي لا تنفث أي عوادم سامة ضارة بالبيئة والإنسان، هي كهربائية تماما، وتعمل بصمت تام ومن دون أي ضجيج يذكر. وهي تندفع بفعل التيار الكهربائي الذي يولد داخلها بواسطة رزم مستفة فوق بعضها بعضا من خلايا الوقود العاملة بالهيدروجين. ويتم توليد الكهرباء عن طريق التفاعل الكيماوي للهيدروجين المخزن تحت ضغط 700 بار في خزانات مصممة خصيصا لهذا الغرض، بحيث تستطيع تحمل ضغط كبير. أما الناتج أو العادم فهو كناية عن بخار ماء صاف ونقي جدا، يصلح للشرب في حال تكثيفه.

ويجري توجيه التيار الكهربائي المتولد بهذه الطريقة عبر محول لتشغيل المحرك القوي الموضوع في مقدمة السيارة. وكان النموذج الأولي للسيارة قد خضع لتجارب عملية قاسية في اليابان وفي ولاية كاليفورنيا الأميركية منذ عام 2006، وخلال هذه التجارب حقق سرعة قصوى بلغت 150 كيلومترا في الساعة، في حين بلغ عزم الدوران الأقصى 280 نيوتن/ متر. واستطاعت السيارة قطع مسافة 500 كيلومتر في الشحنة الواحدة من غاز الهيدروجين بواسطة محرك كهربائي بلغت قوته 90 كيلو واتا (120 حصانا). وتميز النموذج الأول لهذه السيارة بالاعتماد على أحدث تقنيات البطاريات بعدما تمكنت «نيسان» من تصميم بطارية صغيرة مدمجة ذات كفاءة عالية من «الليثيوم ـ أيون» بخلايا رقيقة وبراقة. وتستخدم هذه البطارية للبدء بتشغيل المحرك وتعزيز انطلاقة السيارة، خاصة لدى تسارعها، أو لدى محاولة تجاوز المركبات الأخرى على الطريق. أما الطاقة الحركية التي يجري توليدها بفعل الطاقة فيجري التقاطها وتخزينها في البطارية بغية استخدمها عند الحاجة.

بالنسبة للسائق لا تختلف قيادة هذه السيارة عن قيادة أي سيارة «إكس ـ ترايل» عادية تعمل بمحرك بترولي أو محرك ديزل، ولكنها تعمل بصمت تام، كما هو الحال مع جميع السيارات الكهربائية، مما يعني أنها تشكل خطرا على المشاة السارحين على الطرقات مع أفكارهم ومشاكلهم. وهي مزودة طبعا بنظام أوتوماتيكي لنقل الحركة، كما أن النموذج الأولي من هذه السيارة مزود بمقود أكثر خفة من السيارة العادية. كما أن المقاعد الخلفية أكثر ارتفاعا لكونها مركبة على خزان الهيدروجين.

لا تزال هذه السيارة في مراحل تطويرها الأولى، إذ تنصرف «نيسان» حاليا إلى تحسين استمرارية متانة أجزائها وقطعها، وبالتالي إلى محاولة تحقيق اختراق على صعيد نظام تخزين غاز الهيدروجين، الذي لا يزال يشكل مشكلة كبيرة. والأهم من ذلك كله محاولة تخفيض الكلفة العالية لمثل هذه التقنية المتطورة. وتأمل شركة «نيسان» أن ترى مثل هذه التقنية مطبقة على جميع فئاتها من السيارات في حلول 2015.

وكانت هذه السيارة بعد الموافقة عليها من قبل السلطات المختصة في اليابان، ولا سيما وزارة المواصلات، قد أخضعت إلى سلسة من التجارب على الطرقات اليابانية العامة، قبل أن تخرج بطراز أولي في عام 2003، وقبل أن تخرج بالطراز الحالي الأكثر تطورا. وهو الآن متوفر في اليابان بحيث يمكن لمن يرغب أن يستأجر المركبة لفترة محددة من الزمن كونها لم تطرح بعد للاستخدام العادي أو العام، أولا بسبب ارتفاع سعرها، وثانيا لأن اليابان لا تملك بعد شبكة محطات وقود لتزويد هذه السيارات بغاز الهيدروجين، إذ توجد حاليا، في طوكيو، عشر محطات فقط مجهزة بمثل هذا الغاز. وهناك خدمة أخرى تؤمنها «نيسان»، وهي تأمين سيارات منها يقودها سائقون لنقل الشخصيات ورجال الأعمال إلى مكاتبهم أو لقضاء حاجاتهم الخاصة، لقاء رسم، أو عقد اتفاق خاص.

وكان الحدث الأبرز في مسيرة تطوير هذه السيارة أنه بتاريخ 23 يوليو (تموز) من العام الماضي تمكنت سيارة «نيسان إكس ـ ترايل» من هذا النوع أن تسجل أسرع دورة على حلبة سباق نوربيرغرينغ في ألمانيا، مقارنة مع السيارات الكهربائية الأخرى مسجلة زمنا قدره 11 دقيقة و58 ثانية، من دون انبعاث أي غازات أو عوادم سامة، على الرغم من أن هذه التجربة حصلت خلال تساقط المطر. وهكذا سجلت «نيسان» أول رقم قياسي بالنسبة إلى السيارات الكهربائية على مثل هذه الحلبة الشهيرة.

وتعتبر سيارة «إكس ـ ترايل» التي تعمل بخلايا الوقود جزءا من برنامج «نيسان» الخاص بالإستراتيجية الخضراء الصديقة للبيئة، التي ترمي إلى خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تشجيع عملية تدوير السيارات المستهلكة وقطعها للحد من النفايات الملوثة، وعدم المساس بالثروات الطبيعية للأرض، التي تشهد تناقصا ملحوظا.

وتعتبر كلية «إمبريال كوليج» في لندن مهد هذه التقنية حيث تجري أبحاثا مكثفة في هذا الحقل منذ 30 سنة، ومع ذلك لم يشهد العالم حتى الآن استخداما موسعا للسيارات الهيدروجينية، فمن المعروف أن تحضير الهيدروجين بشكل دائم وبكلفة معقولة أمر صعب للغاية، خاصة أنه لا توجد بنية أساسية بعد لمحطات وقود هيدروجيني. كما أن صنع السيارات الكهربائية بخلايا الوقود تقنية ليست بسيطة وهي مكلفة أيضا. لكن «إمبريال كوليج» تسعى جاهدة لتذليل جميع العقبات، ولا سيما عن طريق استغلال الأشعة الشمسية لتحضير الهيدروجين، وحتى إلى إنتاجه من الطحالب البحرية. وهي تأمل خلال عشر سنوات من الآن أن تكون بريطانيا مكتفية ذاتيا على صعيد إنتاج الهيدروجين بكميات تجارية ما هو متوفر حاليا من الوقود الكربوني العادي.

في هذا الوقت أكدت «نيسان» أنها ستطلق سيارتها الكهربائية هذه في العام المقبل وفقا لتصورات وسيناريوهات عديدة، منها مثلا تأجير البطاريات، أو خلايا الوقود لمقتني هذه السيارات لتحريرهم من مشاكل صيانتها وشحنها، التي ستكون عملية معقدة بعض الشيء في بداية الأمر.