صناعة السيارات الهندية أبرز المستفيدين من موجة الإقبال على السيارات الاقتصادية

تنتج نحو 1.5 مليون سيارة صغيرة سنويا

«سوزوكي ألتو».. حصة وافرة من الأسواق الأوروبية («الشرق الأوسط»)
TT

تزداد مكاسب الهند ـ كبرى أسواق تصنيع السيارات الصغيرة ـ نظرا إلى الطلب المتزايد على السيارات الصغيرة من شرق آسيا والدول الأوروبية.

وقد ازدادت فجأة شعبية السيارات الصغيرة في كثير من الدول الغربية الثرية عقب الاكتشافات الأخيرة المتعلقة بقضية الاحتباس الحراري. ففي دول مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكوريا الجنوبية، تشجع الحكومات المحلية استخدام السيارات الصغيرة، وذلك بتقديم خصومات ضريبية وحوافز مالية لمن يشترون السيارات الموفرة للوقود. وتقول مديرة شركة «سوزوكي ماروتي» في ناكانيشي الجنوبية: «يتزايد الطلب على السيارات المدمجة ذات الانبعاثات المنخفضة عالميا، فقد تلقينا طلبات كبيرة من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة، حيث يحصل المستهلك في تلك الدول على حوافز لشراء السيارات المدمجة».

وتصدّر حاليا «سوزوكي ماروتي» سيارتها «ألتو» و«إم800» و«أومني» و«واجون آر» و«زن استيلو» إلى الأسواق غير الأوروبية مثل شيلي والإمارات والجزائر وشرق إفريقيا. وقد تضاعفت طلبات تصدير الشركة من 53 ألف وحدة في السنة المالية 2007/2008 إلى 150 ألف سيارة في السنة المالية الحالية، وذلك على خلفية تنامي طلب أوروبا على سيارة «ألتو الهاتشباك» التي يطلقون عليها «إيه ستار» في السوق المحلية، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب إلى 200 ألف وحدة في 2010.

وكذلك تلقت الشركة مؤخرا طلبات كبيرة من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة حيث يحصل المستهلك في تلك الدول على حوافز مالية لشراء تلك السيارات.

ولم تشجع تلك الدول المستهلكين فقط على شراء السيارات الصغيرة الموفرة للوقود، بل ابتكرت طرقا للتخلص من الموديلات القديمة ذات الاستهلاك العالي للوقود، فتدفع ألمانيا 2500 يورو لمن يبدل بسياراته القديمة سيارة جديدة. ووفقا لخبراء في مجال صناعة السيارات فإنه من المتوقع أن يتم استبدال نحو 200 ألف سيارة في ألمانيا وحدها بحوافز تلك الخطة.

وتقدم المملكة المتحدة خصما مقداره 2000 جنيه إسترليني على السيارات الجديدة مقابل استبدالها بالقديمة، وتسعى الحكومة كذلك لاستبدال سيارات كهربائية حديثة بالسيارات القديمة، ومن المتوقع أن يتم استبدال نحو 100 ألف سيارة في لندن وحدها.

وتنتج الهند نحو 1.5 مليون سيارة صغيرة سنويا. وتأمل شركة «هيونداي موتور» كبرى مصدّري السيارات في الهند أن يتجاوز معدل نمو صادراتها نسبة 10% خلال السنة المالية الحالية في ظل الطلب العالمي المتزايد على السيارات الصغيرة، فقد باعت 253 ألف سيارة في الأسواق الخارجية خلال السنة المالية الماضية. ويقول مدير تنفيذي كبير بشركة «هيونداي موتورز» إن « قوائم حجز طلبات التصدير لدينا مكتظة حتى يوليو (تموز) لأن سيارتنا الصغيرة (آي 10) تقابل المعايير الصارمة لانبعاث العادم في إيطاليا وألمانيا وفرنسا. ونتوقع معدلات نمو متسارعة هذا العام».

وإلى جانب إطلاق «هيونداي» لخط إنتاج سيارات جديد في تيلجاون، في ماهاراشترا، مخصص للسيارات الصغيرة، فقد أعلنت مؤخرا عن اختيار الهند مركزا عالميا لصناعة السيارات الصغيرة وزيادة عدد العاملين في أقسامها الأربعة للبحث والتطوير لذلك الغرض.

كما أن الشركة قررت أن يتم إنتاج كل السيارات الصغيرة في الهند في المستقبل وكذلك عمليات البحوث والتطوير كافة المتعلقة بتلك السيارات.

وقد صدرت شركة «ريفا للسيارات الكهربائية»، ومقرها بانجالور، وهي الشركة المشتركة بين مجموعة «مايني» الهندية وشركة «إيه إي في» الأميركية، نحو 1500 سيارة كهربائية إلى النرويج وألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة.

وعلى الرغم من أن الشركة كانت تصدر منتجاتها إلى أوروبا منذ 2004 فإنها ترغب الآن في استكشاف السوق الأميركية. و يقول نائب رئيس شركة «مايني» ومدير قسم التكنولوجيا بشركة «ريفا»: «لم نكن قد فكرنا في السوق الأميركية قبل خمسة شهور، ولكن بعد تعهد الرئيس أوباما بأن يصبح في الشوارع الأميركية مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2015 أصبح لدينا فرصة كبيرة هناك».

كما أن الشركة تعمل على تعزيز معايير السلامة في السيارات قبل أن تطرحها في السوق الأميركية، ويقتضي ذلك إحداث تغييرات هيكلية في الموديلات الموجودة حاليا. وتقدر شركة «مايني» حجم سوق السيارات الكهربائية بنحو 200 ألف وحدة سنويا في الولايات المتحدة.

وقد تطلق شركة السيارات الهندية الكبيرة «تاتا» النسخة الكهربائية من سيارة «إنديكا فيستا» في النرويج خلال العام الحالي بعد أن اشترت شركة «ميلغو جي»، شركة السيارات الكهربائية النرويجية، العام الفائت كجزء من خططها لاكتساب تكنولوجيا الجيل المقبل. ودخلت الشركة الجديدة في شراكة مع «إليكتوفايا» الكندية لكي تحصل على تكنولوجيا بطاريات «الليثيوم أيون» لسيارتها الكهربائية. إذ طورت شركة «إليكتوفايا» بطاريات يمكن أن توفر للسيارة السير لمسافة 200 كيلومتر بشحن البطارية مرة واحدة، ويمكن أن يتم شحن تلك البطاريات لمدة ساعة تستطيع بعدها السفر مسافات طويلة.

وقد أعلنت شركة «راتان تاتا» عن طرح نسختها الأوروبية من «النانو» ،التي أطلقت عليها اسم «نانو أوروبا»، بسعر خمسة آلاف يورو.

وبالنسبة إلى الأسواق الأوروبية، فإن الإطار الخارجي لجسم السيارة يُصنع في الهند ويتم شحنه إلى أوروبا لتوفير النفقات، وبالتالي تسويق السيارة بسعر أدنى. ويعد السعر المنخفض أحد عوامل الجذب التي يوفرها المصنعون الهنود، إذ يصل سعر بيع التجزئة لسيارة «ريفا جي ويز» في المملكة المتحدة إلى سعر يقل بنسبة من 40% إلى 50% عن سعر السيارات المشابهة والمصنوعة داخل البلد. ويتمتع المصنعون الهنود بميزة البيع منخفض التكلفة حتى إذا كان بعض أجزاء السيارة يتم تجميعه في الولايات المتحدة أو أوروبا.

وقد اتحدت شركة «باجاج» كبرى الشركات الهندية لتصنيع الدراجات البخارية ومقرها في بيون، مع شركة الدراجات البخارية الأوروبية «كيه تي إم» (التي تمتلك 31% منها) لإطلاق خط إنتاج للسيارات الكهربائية.

وتخطط كذلك شركة السيارات «باجاج المحدودة» للبدء في خط إنتاج للسيارات الصغيرة في 2011، والتي وعدت بأن تكون أكثر سيارة تسير بالبنزين توفيرا للوقود وأن يكون سعرها في متناول الجميع. وقد عقدت شركة «باجاج» شراكة مع «نيسان» و«رينو» في إطار سعيها للتنافس مع شركة «تاتا نانو» التي أُنشئت حديثا.

ويقول راجيف باجاج المدير الإداري بشركة «باجاج» إن المشروع كان مخططا له سلفا وأنه لم يكن يواجه أي عقبات مالية. كما يؤكد أن الشركة تحشد كل خبراتها في تصنيع الدراجات البخارية في ذلك المشروع مما يجعل المشروع إلى حد كبير قليل التكلفة. كما أن انضمام «رينو» الفرنسية إلى المشروع يجعل دخول شركة «باجاج» إلى السوق الأوروبية أكثر سهولة، مضيفا: «هدفنا ليس إنتاج أرخص سيارة ممكنة، ولكننا نسعى لإنتاج سيارة صغيرة تقابل المعايير العالمية لاقتصاد الوقود وانبعاث العادم، وأستطيع أن أؤكد أننا استهدفنا منذ بداياتنا المبكرة زيادة اقتصاد الوقود بنسبة 30 كيلومترا لكل لتر (70.56 ميل لكل غالون)، وأعتقد أننا على الطريق لتحقيق ذلك الهدف».

وتؤكد كلتا الشركتين أنهما قطعتا شوطا طويلا، ولكن في الوقت الذي ستطرح فيه سيارات «تاتا نانو» في الشارع الهندي ـ على الأرجح خلال الأسبوع الأول من يوليو (تموز) المقبل ـ فإن شركة «باجاج» ما زال أمامها نحو عامين قبل أن تعلن عن السيارة الجديدة، ويمكن أن تستغل شركة «باجاج» تلك الفرصة لتلاحظ وتتعلم من أخطاء «تاتا».

وقد زادت صادرات الهند من السيارات بنسبة 54% لتصل إلى 335.000 سيارة في السنة المالية الأخيرة. وما زالت الصادرات الهندية التي تقدر بنحو 6 مليارات دولار أميركي متأخرة عن عدة أسواق صغيرة مثل تايلاند التي تقدر صادراتها السنوية بنحو 15.6 مليار دولار أميركي والبرازيل التي تقدر صادراتها السنوية بنحو 20.5 مليار دولار.