«بي إم دبليو» تمهد الطريق لسيارة الغد.. وتختبر «الميني» الكهربائية في بريطانيا

سرعتها القصوى حددت مرحليا بـ 95 ميلا في الساعة

ميني الكهربائية: نموذج لسيارة المستقبل («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت تجوب شوارع المدن البريطانية وطرقاتها سيارات كهربائية صغيرة معدة للاستخدام الخفيف داخل المدن المزدحمة، وهي سيارات كهربائية كاملة ـ أي غير هجين ـ وتعمل بواسطة بطارية ومحرك كهربائي لا محركين بترولي وكهربائي يساندان بعضهما البعض، كما هي الحال مع السيارات الهجين. ومع رواج هذه الظاهرة بدأنا نرى في العاصمة البريطانية، لندن، مقابس كهربائية في عدد متزايد من مواقف السيارات مخصصة لشحن بطاريات هذه السيارات بالتيار الكهربائي.

لكن من بين جميع السيارات الكهربائية المختلفة الأسماء والأشكال، تمكنت واحدة فقط، أكثر من غيرها، من استقطاب اهتمام خبراء السيارات وصحافتها، وهي «ميني الكهربائية» التي تنتجها شركة «بي إم دبليو». وقد طرحت الشركة، في الآونة الخيرة، أعدادا محدودة منها في السوق البريطانية لاختبار مدى الاقبال عليها. «ميني الكهربائية»، بخلاف سائر مثيلاتها المتوفرة حاليا في الأسواق، مخصصة للسفر البعيد نسبيا أيضا، أي الانتقال من مدينة إلى أخرى. وهذه المزية لا تشاركها فيها، حتى الآن، سوى سيارة واحدة أو اثنتين الآن من إنتاج أميركي، علما بأن توصل الشركة إلى هذا الإنجاز كلفها سنوات من الأبحاث وملايين من الدولارات التي حولت السيارة إلى مركبة صديقة للبيئة تماما.

من الخارج تبدو «الميني» مشابهة تماما «للميني» العادية باستثناء السقف، فقد وضعت عليه صورة كبيرة لمقبس كهربائي لكي تشاهدها الشرطة البريطانية من طائرات الهيليكوبتر وتسهل أمورها، وذلك وفقا للاتفاق المعقود بين شركة «بي إم دبليو» والسلطات المحلية البريطانية بحيث يوضع عدد منها برسم الإيجار كفترة تجربة طويلة الأمد قبل طرحها في الأسواق كسيارة عادية برسم البيع. بغية اختبارها فترة كافية على مختلف الصعد.

والسيارة نشيطة للغاية، فهي في تسارعها تصل إلى سرعة 60 ميلا في الساعة، انطلاقا من سرعة الصفر خلال 8.5 ثانية فقط قبل أن تبلغ سرعة قصوى تصل إلى 95 ميلا في الساعة. ويقول المطلعون إن «بي إم دبليو» حددت السرعة القصوى بهذا الرقم بغية المحافظة على شحنة البطارية أطول فترة ممكنة، وبالتالي منح السيارة مدى أطول في الشحنة الواحدة. والمعروف أنه كلما زيدت السرعة، كلما جرى استهلاك قدر أكبر من الكهرباء. وإلى أن يجري تطوير بطارية مثالية كاملة الأوصاف في يوم من الأيام، فإن السيارات الكهربائية ستحقق عند ذاك سرعات أكبر تضاهي السيارات العادية، إن لم تتفوق عليها.

والجميل في السيارة أنك لا تشعر بتقطع السرعة، كما يحصل عادة لدى تغيير السرعة عن طريق ناقل الحركة، لأنها لا تملك مثل هذا النظام، كما هو الحال مع السيارات العادية. لذلك فإن سيرها يكون متناسقا حتى لدى الانتقال إلى السرعات الأعلى، أو الأدنى. فما عليك سوى إدارة مفتاح التشغيل والكبس على دواسة السرعة لكي تندفع منطلقة بسرعة عالية. وهذا الأمر قد يفاجئ من يحاول قيادتها لأول مرة. ولكن حال رفع القدم عن الدواسة هذه، تبدأ سرعة السيارة بالتباطؤ بشكل كبير، كما لو أنك ضغطت على المكابح، بينما كل الذي فعلته هو تخفيف القدرة لتعديل السرعة قليلا. أي أنها لا تحتاج في معظم الأوقات إلى الضغط على المكابح، ما لم يرغب سائقها في التوقف فورا عند نقطة محددة. ومثل هذا التباطؤ السريع يستخدم كزخم لشحن البطارية، لا سيما أنها مزودة بدينامو كبير مرتبط بعجلات السيارة مهمته استغلال هذه الطاقة المفقودة. ومثل هذا النظام يعمل أيضا لدى الهبوط في المنحدرات، إذ تتولى العجلات تشغيل هذا الدينامو لشحن البطارية بطاقة إضافية. وهي خلاف السيارات العادية التي تتباطأ تدريجيا حال رفع القدم عن دواسة البنزين، فإن رفع القدم عن الدواسة هنا، يعني قطع التيار الكهربائي فورا وبالكامل عنها، مثل إطفاء مصباح كهربائي بنقرة إصبع. فالسيارة الكهربائية، إما أن تكون عاملة ووقادة كهربائيا كالمصباح المتوهج، أو مطفأة، أي لا توجد مرحلة وسط كسيارة البترول، أو الديزل مثلا، التي تكون واقفة ومحركها يعمل عادة.

وكما ذكرنا آنفا تتوفر هذه السيارات القليلة العدد الآن على طرق المملكة المتحدة وبعض البلدان الأوروبية كجزء من الاختبارات التي تدعمها السلطات المحلية والاتحاد الأوروبي لمعرفة إذا كانت مثل هذه المركبات تنفع للاستخدامات اليومية والسفرات الطويلة نسبيا. لكن بالنسبة إلى سيارة «ميني»، احتلت البطاريات المصنوعة من الليثيوم المؤين مكان المقعدين الخلفيين. كما أن صندوق الأمتعة الخلفي بات ضيق السعة خلافا لما تقوله «بي إم دبليو». ولدى شحن السيارة تمتص الكثير من الطاقة بحيث تعرض «علبة الفيوزات» في المنزل إلى التحميل الزائد على الحد، خاصة إذا كان المنزل يستعمل نظام التدفئة الكهربائية، الأمر الواجب أخذه بعين الاعتبار في منازل الغد التي سيستخدم أصحابها سيارات كهربائية.

والواقع أن قيادة مثل هذه السيارات التجريبية ليست أمرا مناسبا للبيئة فحسب، بل إنها متعة حقيقية بحد ذاتها أيضا. ولكن ليست بالنسبة إلى المشاة وراكبي الدراجات الهوائية، والسبب أنها هادئة جدا حتى في السرعات العالية، ولا يصدر عنها أي صوت أو ضجيج بتاتا بحيث أنهم لا يشعرون أنها تقترب منهم.

ومن الأمور الغريبة في هذه السيارة أيضا، أنه بدلا من مقياس السرعة، هناك عرض لمقدار ما تستنفده من التيار المشحون داخل البطارية، بالنسب المئوية. وهذا لا يدل بتاتا على السرعة الفعلية على الطريق. كما أنه يستحسن أيضا عدم فتح غطاء المحرك الواقع في الأمام، والعبث به، خشية التكهرب. ولكن مع كل هذه العيوب الطفيفة فقد أفاد القلائل الذين تسنى لهم تجربتها حتى الآن أنهم لا يمانعون في شرائها أبدا، خاصة أن قيادتها، كما قلنا، أمر في غاية المتعة. أما موضوع سعرها فلا يزال عقدة تنتظر الحل. ولكن مقابل كل هذه المميزات الفريدة، كالكفاءة في الطاقة، والصداقة للبيئة، والتخلص من الضجيج، والنظافة المطلقة، قد يكون مقبولا تحمل سعرها المرتفع قليلا خصوصا أنها تطرح كنموذج لسيارة المستقبل باستحقاق.

أما قوة السيارة فتعادل 200 حصان مكبحي، وعزم الدوران يبلغ 162 رطل قدم، وناقل السرعة أوتوماتيكي بنسبة ثابتة. كما أنها تقطع مسافة 100 إلى 120 ميلا في الشحنة الواحدة. أما سعر الاستئجار كما هو الواقع حاليا ولفئة محدودة من الناس، فهو 330 جنيها إسترلينيا في الشهر( في بريطانيا طبعا). أمر أخير يجب ذكره: فترة الشحن الكاملة هي في حدود خمس إلى سبع ساعات.